يُعَدُّ هذا الاعتقاد كذبةً، أو دعنا نُسمِّه وهماً على الأقل؛ إذ تفتقر شخصياتنا الحالية إلى التنظيم قليلاً، وقد ابتُليَت بترددٍ جعل أمواج الحياة المتلاطمة تتقاذفها يميناً ويساراً، وتعاني الأمرَّين غالباً في سبيل إنجاز المهام (بالمناسبة، الغرض من هذا الكلام ليس إحباطك، بل التحلي بالصدق والواقعية، وهو أمرٌ يُعَدُّ الخطوة الأولى في طريق الحصول على الشخصية التي تحلم بها مستقبلاً).
إذا كانت الشخصية التي تحلم بامتلاكها مستقبلاً تعكس شخصيتك في الواقع، فكيف تمتلك إذاً الشخصية التي تحلم بامتلاكها؟ ومن أين تأتي هذه الفجوة؟
لقد تبيَّن أنَّ طريقة التفكير هذه واسعة الانتشار، وأنَّ للائمة في ذلك تقع على عقولنا.
لقد وجد الباحثون أنَّنا نتعامل مع شخصياتنا المستقبلية مثلما نتعامل مع الغرباء - أشخاصٌ لا نعرفهم حقَّ المعرفة. توضح الكاتبة بيكي كين (Becky Kane) ذلك بقولها: "عمليَّاً، حينما نتخيَّل أنفسنا بعد شهرٍ، أو سنةٍ، أو عقد، فإنَّ عقولنا تتعامل مع هذا الشخص مثلما تتعامل مع أي شخصٍ غريب".
لهذا السبب، أضحى إنجاز مهامٍ تقدم الفائدة لشخصياتنا المستقبلية - مثل ادخار المال أو الذهاب إلى النادي الرياضي - صعباً إلى هذا الحد؛ لذا نقدم لك فيما يأتي بعض طرائق دفع ذاتك الحالية إلى القيام بأشياء تجعلك سعيداً للغاية في المستقبل:
1. تنظيم نقاط ضعفك:
بدلاً من حصر كل آمالك في المستقبل، يمكنك في الواقع القيام بخطوة الآن، وذلك من خلال تذكر أنَّ ذاتك المستقبلية هي أنت مع كل رغباتك وأهدافك والأشياء التي يجب القيام بها والصراعات التي تعدُّ أمراً أساسياً.
فكر في الأمر بهذه الطريقة: لن تكون ذاتك المستقبلية قادرة على تحقيق أهدافك إذا كانت لا تزال تتعامل مع نقاط الألم نفسها التي تواجهها ذاتك الحالية؛ لذا حدِّد ما هو الشعور الصعب المتعلق بهدفك، سواءً كان ذلك في الواقع ممارسة التمرينات الرياضية في الوقت المحدد، أم أخذ زمام المبادرة لوضع خطط لعطلة نهاية الأسبوع، أم تناول طعام صحي في المنزل بدلاً من تناول وجبة خفيفة.
يمكنك أن تفترض أنَّ ذاتك المستقبلية ستكافح على الأرجح مع هذه الأشياء ما لم تتخذ الإجراء المناسب الآن؛ إذ يمكن للتخطيط المسبق لطريقة معالجة هذه الأشياء أن يجلب إليك إحساساً بالسلام والتحكم، ويخلق البيئة المثالية لتزدهر ذاتك المستقبلية؛ وفيما يأتي بعض الطرائق التي يمكن لكل شخص تقريباً أن يكون أكثر لطفاً باستخدامها مع نفسه في المستقبل:
1. 1. حظر المواقع التي تشتت الانتباه:
إنَّه لمن السهل عليك أن تقول: "يجب أن أتوقف عن قضاء الكثير من الوقت على تطبيق أنستغرام (Instagram)"، ولكن ليس من السهل الإصغاء إلى ذلك فعلياً؛ لذا غيِّر الصيغة حول هذه الفكرة إلى: "إذا قضيت الكثير من الوقت على أنستغرام (Instagram) في الوقت الحالي، فلن أمتلك الوقت الكافي لإنجاز مشاريعي الإبداعية أو ممارسة الرياضة أو إعداد وجبة في المنزل في وقت لاحق"؛ إذ يمكن أن يجعلك ربط ما تفعله الآن مع ما ستشعر به لاحقاً أكثر إدراكاً لعواقب أفعالك؛ وإذا لم ينجح معك ذلك، فحمِّل بعض التطبيقات التي يمكن أن تساعدك في حظر المواقع التي تشتت الانتباه.
1. 2. التخطيط لممارسة التمرينات الرياضية:
إذا كان الخروج من المنزل هو أصعب جزء في تمرينك، فأسدِ معروفاً لشخصيتك التي تحلم أن تواظب مستقبلاً على ممارسة التمرينات الرياضية، وحضر ملابسك وحقيبتك الرياضية قبل ليلة؛ وإذا كانت ممارسة التمرينات في الواقع هي الأمر المزعج لك، فضع خطة لمقابلة صديق في صالة الألعاب الرياضية أو في أثناء الجري.
شاهد بالفيديو: فوائد المشي لمدة 20 دقيقة يومياً
1. 3. ملء البراد:
إنَّ عطلة نهاية الأسبوع مخصصة لمشاهدة الأفلام ورؤية الأصدقاء وعدم القيام بأشياء مملة، والمهمات هي آخر شيء نريد القيام به؛ ولكن تذكر أنَّك إذا كنت تنتهي من عملك في وقت متأخر أو لا تمتلك الوقت الكافي لشراء حاجياتك، فيجب عليك صرف ما لا يقل عن 20 دقيقة في شراء كل ما تحتاجه لعطلة نهاية الأسبوع، فهو الشيء اللطيف الذي يجب أن تفعله لذاتك المستقبلية، وستكون بذلك ممتنة لك دائماً.
1. 4. ادخار الأموال:
إنَّ مقولة "نظِّم وانسَ" فعالة حقاً؛ فإذا كان بوسعك إنفاق الأموال التي تملكها وتريد التخطيط لمستقبل ثري، فلا يمكنك توقُّع أنَّ ذاتك المستقبلية ستربح جائزة اليانصيب أو تجني ثروة طائلة؛ لكنَّ ذاتك الحالية يمكنها في الواقع تحقيق هذه الثروة من خلال التخطيط لها.
تساعدك البنوك في هذا الأمر وتجعله سهلاً للغاية، حيث يمكنك إنشاء ودائع شهرية متكررة من حسابك الجاري إلى حساب التوفير خاصتك، ويمكنك بهذه الحالة توفير أموالك في حال حدوث مشكلات خطيرة في المستقبل؛ إذ يمكن لادخار مبلغ من المال شهرياً أن يجعل ذاتك المستقبلية تشكرك عليه.
2. الإصغاء إلى ما تخبرك به ذاتك المستقبلية:
عندما تشعر بالإرهاق بعد يوم طويل، فإنَّ آخر ما تريد القيام به هو البحث عن الملابس واختيار ما الذي سترتديه في اليوم التالي، ولكن يهمس في أذنك فجأة صوت ما يخبرك أنَّ صباح الغد سيكون مشغولاً كما العادة، ويكون عليك الالتزام بمواعيدك النهائية؛ فلماذا إذاً لا تنجز ما يجب عليك القيام به الآن؟
أصغِ إلى هذا الصوت لمرة واحدة، وتأكد أنَّه سيقنعك ويكون صباح يومك التالي أكثر سلاسة؛ فكما تلاحظ، كلما حميت ذاتك المستقبلية من خلال إنهاء الأشياء التي يمكنك القيام بها اليوم، تشجع نفسك أكثر على مواصلة هذه الإجراءات الإيجابية.
3. التحلي بالواقعية فيما يتعلق بذاتك المستقبلية:
من الأسباب التي تُشعِرنا بأنَّ ذاتنا المستقبلية بعيدة عن متناول أيدينا وأنَّها تشبه أشخاصاً مختلفين عملياً، هو أنَّنا نعتقد أنَّه ليس لدينا أي فكرة عمَّا سيحدث بين الحين والآخر؛ إذ ربما ستتغير الأشياء أو تربح اليانصيب؛ ولكن قد تكون ذاتك الحالية هي التي تحصل على ذلك، وهذا شيء رائع أيضاً؛ لذلك يجب أن تكون لطيفاً مع ذاتك المستقبلية الآن وتساعدها على التطور، وكل ما يتطلبه الأمر هو القليل من الحكمة ومراقبة مستقبلك المشرق للغاية.
أضف تعليقاً