هل تشعر بحاجة مُلِحَّة للتحدث عن جميع إنجازاتك أمام أصدقائك ومعارفك؟ هل ينتقدك أحبتك بسبب ميلك للتفاخر والتباهي؟ هل تشعر بحاجة مُلِحَّة لنيل إعجاب الآخرين وتقديرهم لإنجازاتك؟
تدل هذه الحاجات على سلوك يطلق عليه صانع المحتوى "كونور دي وولف" (Connor DeWolfe) اسم "التباهي بالإنجازات الشخصية" (confidence dumping)، ويبرز هذا السلوك في الأوقات التي يميل فيها الفرد للتباهي أو السعي إلى نيل تقدير الآخرين واحترامهم على الإنجازات التي يحققها نتيجة إصابته باضطراب معيَّن مثل "نقص الانتباه مع فرط النشاط" (ADHD).
أعراض سلوك التباهي بالإنجازات:
تبرز سلوكات التباهي بالإنجازات عندما يميل الفرد إلى "المبالغة في مشاركة وتعظيم إنجازاته الشخصية، ومساهمته في خدمة مجتمعه"، وفقاً "لأليكساندرا كرومر" (Alexandra Cromer) المستشارة المعتمدة والمختصة في اضطراب "نقص الانتباه مع فرط النشاط"، والتقدير الذاتي، ومهارات التأقلم.
يمكن أن تشمل ممارسات التباهي التحدث بالتفصيل الممل عن أحد الإنجازات دون أن تفسح المجال للآخرين لتغيير مجرى الحديث أو المشاركة فيه.
لا تنم هذه السلوكات عن الغرور أو الأنانية كما يعتقد بعض الأشخاص، وخاصة عندما تترافق مع اضطراب "نقص الانتباه مع فرط النشاط" بحسب "دي وولف".
تقول "كرومر": "يمارس المصابون باضطراب "نقص الانتباه مع فرط النشاط" هذا السلوك عند وجودهم في بيئة داعمة تتيح لهم إمكانية التعبير عن أنفسهم بحرية دون أن يتعرضوا للانتقاد".
كثيراً ما يترافق هذا السلوك مع اضطراب "نقص الانتباه مع فرط النشاط" لكنَّه يمكن أن يصدر عن الأشخاص الطبيعيين أيضاً.
تقول المعالِجة السريرية "ستيفاني كارنز" (Stephanie Carnes): "يصف مصطلح "التباهي بالإنجازات" كما يُستخدَم في مواقع التواصل الاجتماعي تجربةً إنسانيةً شائعةً بين المصابين باضطراب "نقص الانتباه مع فرط النشاط"، لكنَّها يمكن أن تصدر عن أي شخص يسعى إلى نيل التقدير والمديح على إمكاناته وإنجازاته".
تقول المعالجة "نيكوليت لينزا" (Nicholette Leanza) في هذا الصدد: "يترافق سلوك "التباهي بالإنجازات" مع مشاعر القلق، والاندفاع، وقلة الثقة بالنفس".
يترافق سلوك "التباهي بالإنجازات" بشكل خاص مع حالات الرفض أو الوصم الاجتماعي، وبين المصابين بالقلق وغيره من الاضطرابات النفسية عندما يشعرون بأنَّ نجاحاتهم لا تحظى بالتقدير والاهتمام المطلوب من الآخرين، وتضيف "كارنز": "يريد هذا الشخص أن يلفت انتباه الآخرين إلى الجهد الذي بذله لإنجاز مهمةٍ ما في ظل ظروف معينة".
تشرح "نيكوليت": "يلجأ بعض الأفراد لهذا السلوك بغية نيل إعجاب الآخرين، أو الشعور بالرضى تجاه أنفسهم".
أحسِن الظن بهؤلاء، فقد لا تكون سلوكاتهم مقصودة في كثير من الأحيان، فيلجأ العديد من الأفراد لهذه التصرفات بغية الاندماج مع المحيط، وإيجاد قواسم مشتركة مع أقرانهم، أو للفت انتباه الآخرين إلى إنجازاتهم ونجاحاتهم لأنَّهم لا ينالون التقدير الذي يستحقونه.
تقول "كرومر": "لا يتلقَّى المصاب باضطراب "نقص الانتباه مع فرط النشاط" ما يكفي من المديح على الإنجازات التي يحرزها مقارنةً مع نظيره الطبيعي، وغالباً ما يستخف الناس بإنجازات المصاب باضطراب "نقص الانتباه مع فرط النشاط" دون أن يقدموا له المديح والتقدير الذي يستحقه".
انتشرَت على مواقع التواصل الاجتماعي مصطلحات "التباهي بالإنجازات"، و"تفريغ المعلومات"، و"تفريغ الصدمات" وهي ليست معتمدة رسمياً في قطاع علم النفس، ويعود انتشار هذه المصطلحات بالفائدة على المصابين به.
تقول "كارنز" في هذا الصدد: "هذه المصطلحات شائعة على منصات التواصل الاجتماعي، ويساهم ابتكار وتداول المصطلحات والعبارات الخاصة بالتجارب الإنسانية المشتركة في زيادة شعور الفرد بالقبول والثقة بالنفس، فضلاً عن أنَّ توصيف أنماط الشخصيات والاضطرابات بناءً على التجارب الإنسانية يساهم في تغيير المعتقدات الشائعة عن السلوكات والسِّمات الموصومة بالعار من قبل الآخرين".

تحصيل القبول والتقدير:
لا يمكن الاعتماد على سلوكات "التباهي بالإنجازات" لتحصيل القبول والتقدير من الآخرين على الأمد الطويل، وقد حذَّرت "كرومر" من المخاطر التي يمكن أن تنجم عن الاعتماد عليها مثل تأزُّم العلاقات.
تشرح "كرومر": "يعتمد الشخص في هذه الحالة على أحد أحبته في تحقيق الاستقرار والانضباط العاطفي والتأقلم وتلبية الاحتياجات الشخصية".
فيما يأتي 5 طرائق لتقليل الاعتماد على الآخرين في تحصيل مشاعر التقدير:
1. تدوين اليوميات:
تشرح "كرومر" أنَّ تدوين اليوميات يساعد على إدراك الإنجازات والاحتفاء بها وتقليل الاعتماد على الآخرين في الحصول على التقدير، وهو ما يساهم بدوره في تخفيف الضغوطات عن العلاقات، ويمكنك أن تدوِّن إنجازاتك ونجاحاتك ضمن قائمة، وتستخدمها بوصفها مرجعاً عندما يستعلم الناس عن آخر المستجدات والتطورات في حياتك.
2. تجميع أشياء مادية ترمز إلى الإنجازات الشخصية:
تقتضي هذه الطريقة وضع حجر، أو عملة نقدية، أو أي شيء آخر في إناء عند إنجاز مهمة أو تحقيق نجاح ما، وتقترح "كرومر" إحصاء هذه النجاحات والإنجازات مع بعضها كل شهر بحضور أحد الأحبة.
3. القيام بالأعمال التطوعية:
تشرح "كرومر" أنَّ القيام بالأعمال التطوعية يُعد طريقة فعالة لنيل التقدير والمديح والحصول على تغذية راجعة إيجابية من الآخرين، ويمكن أن تشمل هذه الأعمال التطوعية تنظيف الأماكن العامة، أو التبرع بالطعام على سبيل المثال.
4. التخلص من المعتقدات السلبية:
تشرح "ليانزا" أنَّ الأفكار والمعتقدات السلبية المترسخة في عقل الفرد تتسبب في تقليل ثقته بنفسه، وزيادة شعوره بعدم الأمان؛ لذا يجب عليك أن تدحض هذه الأفكار وتتخلص منها ولا تسمح لها بتحديد هويتك.
5. تنمية شبكة الدعم الاجتماعي:
تقتضي هذه الطريقة مشاركة الإنجازات والنجاحات والأفراح مع مجموعة كبيرة من الأشخاص، دون أن تعتمد على شخص أو اثنين من معارفك، وتقترح "كارنز" الاعتماد على الأصدقاء، وأفراد العائلة، والمعالجين النفسيين في مشاركة الأفراح والنجاحات، فهي تؤمن بقيمة العلاقات والمشاركة بين الأحبة وتقول في هذا الصدد:
"تساعد هذه العلاقات على تجنب الأذى الناجم عن الانتقاد والوصم بالعار، والحصول على القبول والتقدير، وتقليل الاعتماد على سلوكات "التباهي بالإنجازات".
في الختام:
يمكنك أن تشارك أفراحك ونجاحاتك مع أحبتك لتشعر بالتقدير والأهمية، ولكن لا يجب أن تعتمد على الآخرين بشكل كامل لتحصيل مشاعر التقدير والاحتفاء في حياتك.
أضف تعليقاً