من المرجَّح أن تواجه العديد من العقبات غير المتوقَعة، وللأسف، لا توجد طريقة للتغلُّب عليها؛ ولن تجد أي شيء سهلاً إذا كنت قليل الخبرة؛ ولكن لحسن الحظ، يمكنك التعامل مع هذه العوائق بسهولة بالغة إذا كنت مستعداً بما يكفي للتعلُّم؛ لذا تعلَّم من أخطائك، ومحيطك، ومن هذا المقال.
ستجد اليوم إجابة عن أحد أكثر الأسئلة التي يطرحها المفوِّضون الجدُد شيوعاً، ألا وهي: "ما الذي يجب وما لا يجب تفويضه؟"
المهام التي ينبغي عليك تفويضها دائماً:
عندما تبدأ عملية التفويض، من الشائع جداً أن تشعر أنَّك تفوِّض الكثير من المهام، وعادةً ما يشعر المديرون الذين يفتقرون إلى الخبرة أنَّهم يثقلون على موظفيهم، أو يتركون مهامهم الخاصة، أو يطلبون من مرؤوسيهم عمل ما ليس من وظائفهم.
ومع أنَّ كل هذه المخاوف صحيحة بنسبة 100٪ ويجب تجنُّبها دائماً، إلَّا أنَّها قد تمنعك من تفويض العمل الذي يجب توزيعه على فريقك؛ كما قد يتعارض هذا مع الغرض الأساسي من التفويض، حتى لو كنت على دراية جيدة بكيفية تفويض المهام بفاعلية.
لذلك نقدم إليك بعض المهام التي يجب تفويضها دائماً، ومع هذا، يجب عليك مراعاة بيئة العمل عند اتخاذ القرار النهائي:
1. المهام المتكررة:
يحتوي كل مكتب بضعة مشروعاتٍ وأعمال متكررة، هذه الأعمال قد تؤدَّى بالطريقة نفسها كل مرة أو بطريقةٍ مختلفةٍ قليلاً، إلَّا أنَّها تحتاج إلى العمليات والمهارات نفسها؛ على سبيل المثال: التدقيق، وإعداد الميزانيات، وتخطيط الأحداث، وما إلى ذلك.
يجب تأدية مثل هذه المهام كل يوم، أو أسبوع، أو كل أسبوعين، أو كل شهر؛ ولكن المشكلة هنا أنَّه حتى لو كانت هذه الوظائف سريعة وسهلة، يُضيِّع المدير الكثير من الوقت في القيام بها؛ لذا يجب عليك دائماً تفويض مثل هذه المشروعات لتتمكَّن من توفير الكثير من وقتك الثمين على المدى الطويل.
وفي الوقت نفسه، يمكنك تدريب مرؤوسيك على إتمام مثل هذه الوظائف، ومن خلال الممارسة المستمرة، يمكن لمرؤوسيك البدء في العمل على المستوى الخامس من التفويض؛ إذ يمكن للموظفين العمل بصورة مستقلة.
يعتمد ما إذا كنت تريد تصنيف المشاريع السنوية في هذه الفئة أم لا على عدد مرَّات ترقية الموظفين في مؤسستك أو استبدالهم، فإذا كان الأشخاص نفسهم موجودين للقيام بالمهمة لمدة 3 إلى 4 سنوات على الأقل، فمن الأفضل تدريبهم عليها.
2. العمل الذي يستغرق وقتاً طويلاً:
من أبرز سمات التفويض أنَّه يساعد على توفير الوقت؛ لذا من المناسب تفويض العمل الذي سيستغرق الكثير من وقتك؛ فبدلاً من قضاء أسبوع في مشروع واحد، يجب عليك أن تقضي بضع ساعات في شرح العمل لمرؤوسيك والسماح لهم بتولِّي المسؤولية.
وبهذه الطريقة، لن تخفف عبء العمل عن نفسك فحسب، بل ستنجز المهمة أيضاً بصورة أسرع أيضاً، ونظراً لأنَّ التفويض يدور حول توزيع العمل على الفريق، يمكن لعدد أكبر من الأشخاص العمل معاً في مشروع واحد في الوقت نفسه، ممَّا قد يؤدي إلى إنجاز جزء كبير من العمل.
يعني هذا أنَّه إذا كانت هناك مهام تستغرق وقتاً طويلاً وموعدها النهائي قصير، فيجب عليك تفويضها مباشرةً. إنَّها طريقة سهلة ومضمونة لإنجاز المشروعات الكبيرة الموجودة على قائمة مهامك.
3. المشروعات التي تعزِّز المهارات الأساسية:
عندما تفوِّض الأعمال، لا يتعيَّن عليك أن تنسى أنَّك بوصفك قائداً أو مديراً، يجب عليك تعزيز مهارات مرؤوسيك.
تكون بعض المشاريع معقدة للغاية بالنسبة للأشخاص الذين لا يملكون المهارات اللازمة للقيام بهذه المهمة؛ ولكنَّ بعض التحديات بمنزلة طريقة جيدة لتشجيع فريقك على توسيع مجموعة مهاراتهم.
وإذا لم توفِّر لفريقك الفرص، لن يتقدَّم أبداً، ويُعدُّ هذا إخفاقاً كبيراً لك بوصفك قائداً يمارس الإدارة.
4. المهام غير المُدرَجة في وصفك الوظيفي:
يمتلك كل شخص يعمل في منظمة وصف وظيفي محدَّد، وهو الواجبات التي ينبغي على الشخص القيام بها.
وبوصفك قائداً، سيكون لديك أيضاً وصف وظيفي، ولن تضطر إلى فعل أي شيء يتجاوز وصفك الوظيفي ما لم يكن هناك شخص آخر يتحلَّى بالقدر الكافي من المهارة للقيام بذلك.
من الناحية المثالية، يجب تفويض أي شيء لا يشكِّل جزءاً من وصفك الوظيفي، ولا يحدث هذا بنوايا أنانية، بل من الهام فعل ذلك، وإلَّا فلن تمتلك الوقت الكافي لإنجاز المهام التي هي في الواقع جزء من وظيفتك.
تُعدُّ الأمور الخارجة عن الوصف الوظيفي عموماً مهام يمكن لفريقك إنجازها بسهولة، حتى إذا واجهوا صعوبات، ينبغي عليك تقديم المساعدة فحسب، بدلاً من تولي المهمة بالكامل.
5. المهام المثيرة للاهتمام:
يُعدُّ إبقاء الموظفين مهتمين بما يفعلونه عملاً صعباً يجب على المدير فعله.
ومن أجل مستويات تحفيز عالية، ينبغي عليك تفويض المزيد من العمل الممتع، فدَع موظفيك يعملون الأشياء التي يستمتعون بها.
لذا، إذا لاحظت أنَّ فريقك يستمتع بالمهام الخارجية على سبيل المثال، فأوكل لهم مهاماً تتطلب العمل خارج المكتب؛ إذ تشمل المهام الأخرى المثيرة للاهتمام البحث الميداني، وتخطيط الأحداث، وما إلى ذلك.
6. العمل الذي يكون فيه مرؤوسيك أكثر مهارة:
لا تعني قيادتك لمجموعة من الناس أنَّك تمتلك كل المهارات التي لا يمتلكونها، فقد يكون من مرؤوسيك من هم أكثر مهارة في مجال معيَّن. على سبيل المثال: قد لا تكون غزير المعرفة بالتكنولوجيا، ولكن يوجد شخص في فريقك كذلك.
لذا، يجب عليك دائماً تفويض الوظائف التي تتطلَّب مهارات يمتلكها أحد أعضاء فريقك بصورة أفضل، فلا تأخذ الأمر على محمل شخصي أو تجعل كبريائك يتحكَّم فيك.
المهام التي يجب ألا تفوضها أبداً:
بمجرد أن يشعر المدير بالارتياح إزاء تفويض العمل، تتلاشى جميع المخاوف التي كانت موجودة في السابق عموماً.
ومع أنَّ هذا أمر جيد، فقد يبدأ بعض القادة في تجاهُل ما لا يجب تفويضه تماماً، فيفوضون الكثير من المهام، وأيضاً المهام التي ليست في الوصف الوظيفي للمرؤوسين، وأحياناً ما يفوِّض المديرون كل المهام ويقضون الكثير من وقت الفراغ.
لتجنُّب حدوث ذلك، لا ينبغي أبداً تفويض المهام ذات الطبيعة الآنية، ومع ذلك، يعتمد القرار النهائي على طبيعة المهمة وعلى مكان عملك.
1. المهام التي يستغرق شرحها وقتاً طويلاً:
تخيل أنَّك تقضي 3 ساعات في شرح شيء كان يمكنك القيام به بنفسك في غضون 30 دقيقة. يتخطَّى هذا الهدف من التفويض ككل، أليس كذلك؟ لذا إن كان هناك شيء ما يحتاج إلى شرح عميق ودليل تعليمات طويل مع أنَّ المهمة نفسها ليست معقدة إلى هذا الحد، فأفضل حل لك هو تجنُّب تفويضها.
وعلى نفس المنوال، إذا كنت تعتقد أنَّ بإمكانك القيام بعمل ما بصورة أسرع بنفسك، فافعل ذلك.
2. المهام السريَّة:
بعض الأمور لا يمكن وضعها في أيدي الموظفين؛ فلا يصِح أبداً تفويض الوظائف ذات الأولوية العالية والسريَّة؛ إذ تكون هذه المهام هامَّة للغاية ويجب أن تُنجَز بناءً على خبرتك أنت.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي إسناد مثل هذه الوظائف إلى فريق إلى انتهاك الخصوصية وغيرها من المشكلات المُماثلة (تندرج أيضاً مهام اتِّخاذ القرار مثل التقييمات، وتعيين الموظفين، وغير ذلك من الأمور المشابهة في الفئة نفسها.)
3. إدارة الأزمات:
يتعيَّن على كل منظمة أن تخطِّط لأسوأ السيناريوهات، فهذه القرارات هامَّة للغاية، ولا يمكنك المخاطرة بالسماح لفريقك، والذي هو أقل خبرة منك عموماً، بفعل هذه الخيارات.
يجب عليك التخطيط لمستقبل مؤسستك وتحسينه بنفسك؛ فالمرؤوسون ليسوا في وضع يسمح لهم بفعل هذه الوظائف نظراً لعدم خبرتهم الكافية.
4. المهام المملة:
كما ذكرنا سابقاً، يجب عليك إبقاء الموظفين متحمسين للغاية، وقد تثبط المهام المملة عزيمة الموظفين وتَسلبهم الحماس، ممَّا يؤدي في النهاية إلى ضعف جودة الإنتاج.
احتفظ بالمهام المملة لنفسك، هذه تضحية يجب عليك تقديمها للحفاظ على الروح المعنوية لفريقك.
5. المهام المحدَّدة للغاية:
ينطبق هذا فقط على العمل الذي قُسِّم بالفعل إلى مهام صغيرة، والذي لا يمنح الموظفين مجالاً للإبداع، وتكون تعليماته في غاية التفصيل والدقة، ويجب إنجازه كما يُطلَب تماماً، فنظراً لأنَّ هذه المهام محدَّدة للغاية، يجب أن ينجزها شخص واحد فقط.
فإذا فُوِّض مشروع كهذا، يكون هناك احتمال كبير لحدوث اختلاف طفيف في النتائج بسبب عمل كل مرؤوسٍ وحده؛ لذا، يكون الخيار الأفضل هو إنجاز مثل هذه المهام بنفسك.
في الختام:
في النهاية، يعود الأمر إليك في كيفية موازنة كل سيناريو. قد تكون هناك استثناءات؛ إذ يتعين عليك معارضة بعض الاقتراحات المذكورة أعلاه، ولكن في أغلب الأحوال، تُعدُّ هذه النصائح شائعة للغاية.
لذا، ابدأ رحلتك في تفويض العمل بنجاح باستخدام هذه النصائح بدءاً من اليوم!
أضف تعليقاً