في العمل، ليس لديك روابط الحب التي تحفزك على الانسجام مع الآخرين كما في المنزل، وليس لديك تاريخ مشترك مع الزملاء لتفهم ما يحفزهم، وهذا يزيد من أهمية إيجاد طريقة للتكيف مع ما يحتاج إليه زملاؤك، بالوعي والتعاطف الذي ينبع منه، تستطيع تحقيق النجاح وحل المشكلات في العمل، ولا ينبغي لسياسات المكتب، والمشكلات المعنوية، وقلة التعاون أن تدمر حياتك العملية إذا كنت قادراً على فهم مشاعر زملاء العمل والاستجابة لها.
العناصر الأربعة للذكاء العاطفي:
يتكوَّن الذكاء العاطفي من أربعة عناصر، هي الوعي الذاتي، والإدارة الذاتية، والوعي الاجتماعي، وإدارة العلاقات، وهي بالتفصيل كالآتي:
1. الوعي الذاتي:
الوعي الذاتي هو القدرة على فهم مشاعرك وتأثيرها مع استخدام حدسك لتوجيه قراراتك، فهل يمكنك الدخول إلى غرفة ما، ومقابلة شخص غريب، وحضور اجتماع، ثم الشعور فوراً بخطب ما؟ هذه المعرفة الغريزية، التي كانت تُعرف سابقاً باسم الحدس، تعتمد على الذكاء العاطفي.
2. الإدارة الذاتية:
تعني الإدارة الذاتية القدرة على ضبط عواطفك، وسلوكك، والتكيف مع الظروف المتغيرة، فهل يمكنك ضبط غضبك أو خيبة أملك أو خوفك حتى لا تؤثر عواطفك في قدرتك على الإصغاء أو حل المشكلات؟ هل تعرف متى تحتاج إلى المساعدة، وهل يمكنك طلبها؟
3. الوعي الاجتماعي:
الوعي الاجتماعي هو القدرة على الإحساس بعواطف الآخرين وفهمها والتجاوب معها، والشعور بالارتياح في المواقف الاجتماعية، فهل يمكنك معرفة متى تزعج شخصاً ما عن غير قصد أو متى يبتسم شخص ما في حين أنَّه منزعج؟
4. إدارة العلاقات:
إدارة العلاقات هي القدرة على إلهام الآخرين والتأثير فيهم والتقرب منهم، وإدارة الصراع، فهل يمكنك الحفاظ على هدوئك ونشاطك وتركيزك في المواقف المزعجة؟ هل يمكنك نزع فتيل الصراع بالفكاهة أو بالإصغاء لوجهة نظر الآخر؟
لدى جميع البشر العواطف نفسها:
تُصاب معظم المنظمات بالشلل عندما يكرس الموظفون وقتاً لحماية أنفسهم من التهديدات الحقيقية والمُتخيَلة أطول من الوقت الذي يخصصونه للعمل، وعندما يسود الخوف، تضيع ساعات الإنتاج في محاولات السيطرة على الآخرين، أو تفادي غضب المدير، أو التنافس على المنصب، والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أنَّ بعض الأشخاص يتمتعون بسلطة أكبر من غيرهم في أي منظمة، وهذه الحقيقة يجب ألَّا تغمرك بالخوف، ما دُمت تعلم أنَّنا جميعاً نتشارك العواطف نفسها.
- هل يتصرف مديرك بقسوة لأنَّه يخشى تفسير تعاطفه على أنَّه ضعف؟
- هل موظفيك متجهمون لأنَّهم يشعرون بالإحباط تماماً كما كنت ستفعل إذا لم يُظهر أحد تقديراً لعملهم؟
- هل يصرخ زميلك في وجهك بسبب قلقه بشأن شائعات تسريح العمال علماً أنَّك تشعر بالقلق مثله تماماً؟
عندما تعلم أنَّنا جميعاً نمتلك العواطف نفسها، يسهُل عليك التقرب من رئيسك، أو مطالبة الموظف بتقديم المزيد، أو فهم أنَّ انفعال زميلك في العمل ليس بسببك، فتتساوى العواطف بين الناس؛ لذا استخدمها لجمعكم معاً بدلاً من تفريقكم.
نحتاج جميعاً إلى الشعور بقيمتنا والحاجة إلينا:
كم ستبقى في وظيفة لا تشعر فيها بتقدير من حولك لك؟ بصرف النظر عن الوظيفة، عندما نتفاعل مع الأشخاص الذين يجعلوننا نشعر بالتقدير والاهتمام، فإنَّنا نشعر بالرضى عن أنفسنا ونعمل بجدية أكبر وبإبداع أكثر مدة أطول، وعندما نجعل الآخرين يشعرون بالتقدير والاهتمام، فإنَّنا نحصل على نوع الدعم الذي نحتاج إليه للقيام بعملنا بإتقان، سواء كنت تتعامل مع رب عمل، أم موظف، أم زميل عمل، فإنَّ إظهار التقدير يُحدث فرقاً كبيراً في علاقاتك معهم.
شاهد بالفيديو: 7 مهارات عملية لتحسين الذكاء العاطفي من دانييل جولمان
تعزيز العمل الجماعي والتعاون والتعاطف:
لقد عرف علماء النفس منذ سنوات أنَّ الأفراد الذين يعملون معاً أكثر كفاءة وإنتاجية من نفس العدد من الأفراد الذين يعملون كل على حدة، فيشجعنا التعاطف جميعاً على التعاون في العمل.
1. إذا كنت موظفاً:
يمكن للموظفين منع تشكيل جو سام عن طريق التعاطف مع زملائهم ومساعدتهم، والتنازل عن الفرص للزميل الذي يحتاج إليها أكثر من غيره، وببساطة إبداء الاهتمام بعملهم وحياتهم؛ لذا تجنَّب النميمة والانحياز إلى جماعة دون أخرى؛ فكلاهما يسبب التوتر وانعدام الثقة وانخفاض الروح المعنوية والإنتاجية.
2. إذا كنت مديراً:
شجِّع الموظفين على التعاون والاعتماد على بعضهم بعضاً، قدِّم مكافآت أو حوافز للإنجازات الجماعية وليس الفردية، على سبيل المثال، يمكنك دعوتهم لتناول الغداء، أو احتساء القهوة على حسابك، واطلب من الموظفين القدامى تقديم المنتورينغ للموظفين الجدد، استخدم قدراتك العاطفية لتعويض نقاط الضعف لدى شخص ما بنقاط القوة لدى شخص آخر، وسرعان ما تراهم يشجعون بعضهم بعضاً لبلوغ آفاق جديدة.
الثقة بحدسك:
مشاعرنا تسبق أفكارنا، ومع ذلك فقد تعلمنا ألَّا نثق بحدسنا في مكان العمل، فيشهد معظم المستثمرين والمسوقين والمصممين الأذكياء بأنَّ الأرباح الهائلة من الاستثمار في سوق الأوراق المالية والحملات الإعلامية الناجحة وابتكار منتجات جديدة غالباً ما يعتمد على الحدس، فلا يوجد دائماً وقت لجمع البيانات بطريقة منهجية، فلا حاجة دائماً إلى ذلك، وحدسك هو نتاج فهمك السريع للعواطف التي تخبرك بأكثر شيء يهمك في موقف ما وبالخطأ والصواب بناءً على تجاربك السابقة.
اتباع حدسك ليس مخاطرة جنونية كما يريد الآخرون إقناعك، بل هو في الغالب خطوة ذكية ومضمونة النتائج، قد تواجه معارضة شديدة، لكن اصمد واتبع حدسك، فمن دون الحدس تفقد القدرة على تغيير المسار وعلى اغتنام الفرص والتعامل مع الحالات الطارئة.
10 طرائق للعمل بذكاء:
1. استخدام الجسد لتنشيط العقل:
إلى جانب اتباع عادات صحية جيدة، مارس الرياض نحو عشرين دقيقة مرة أو مرتين يومياً لتحصل على الطاقة وتتعلم الصبر والمرونة وتنمِّي مهاراتك الإبداعية.
2. الاهتمام بالمشاعر، وليس الأفكار فقط:
وفِّر بيئة آمنة تشجع الموظفين على البوح بمشاعرهم، وسيعملون بجدية أكبر وأفضل، فيقول الناس الحقيقة لمن لا ينتقد، ويكتم الأسرار، ويحافظ على رباطة جأشه.
3. وضع حدود عاطفية:
قد تؤدي زيادة الأُلفة مع مدير أو موظف أو زميل عمل إلى إغراق مكان العمل بالذكريات العاطفية التي تتسبب في فقدان المهنيين العقلانيين لموضوعيتهم وإثارة الاستياء لدى زملاء العمل.
4. عدم اتخاذ أي قرار بناءً على البيانات وحدها:
قبل تسليم هذا التقرير المليء بالأرقام أو الاستشهاد بمرجع لدعم توصياتك، استخدم حدسك، وتمهَّل واسأل نفسك عن شعورك تجاه موقفك هذا، فتساعدك هذه العادة على الشعور بمزيد من الثقة وتضمن أنَّك تتصرف بنزاهة.
5. المرونة:
كن مستعداً لتعديل الأهداف طويلة الأمد بناءً على وعيك بكيفية سير الأهداف قصيرة الأمد، فيجعلك الإصرار على تحقيق الأهداف التي لم تعد تخدم المنظمة غافلاً عن المستجدات.
6. السخاء:
عندما تعني فرصة ما لزميلك أكثر مما تعنيه لك (المعلومات التي تحصل عليها بالوعي والتعاطف)، تنازل له عنها؛ سوف تكسب امتنان زميلك ودعمه.
7. التقدير قبل النقد:
من المُرجح أن يتعاطف معك الآخرون إذا سبق تقديرك نقدك، وسبقت نيتك في التعاون شكواك.
8. التعامل مع المشكلات فوراً:
عندما تواجه مشكلة ما، لا تنتظر حتى تتأجج العواطف، فعندما تتخذ إجراء، فإنَّك تغير مشاعرك تجاه المشكلة، ولهذا تأثير قوي في صحتك وعافيتك حتى لو لم تحصل على الاستجابة أو التغيير الذي تسعى إليه.
9. الإصغاء بتعاطف:
لن يصرفك استخدام عواطفك عن المهمة التي بين يديك، فيمنحك التعاطف فهماً فورياً لما يقوله شخص ما؛ لذا لا تحاول توفير الوقت بالتخطيط لما ستقوله بينما يتحدث شخص آخر، فهذا ليس إصغاءً صادقاً، والآخرون يعرفون ذلك.
10. الاعتراف بإمكاناتك المحدودة:
يطلب أصحاب الأداء العالي المساعدة عندما يحتاجون إليها ويعترفون بأخطائهم ثم يمضون قدماً.
في الختام:
لقد تحدَّثنا في هذا الجزء عن عناصر الذكاء العاطفي، وقدَّمنا 10 طرائق للعمل بذكاء، وسنقدم في الجزء الثاني والأخير نصائح للموظفين والمديرين.
أضف تعليقاً