العلاج النفسي عن بعد: إيجابياته وسلبياته

أصبح العلاجُ النَّفسي عن بُعد مع ظهور التكنولوجيا الحديثة أحدَ أبرز هذه الحلول التي تُلبِّي احتياجات الأفراد في العصر الرَّقمي، فهو يجمعُ بين التقنيَّة الحديثة والرِّعاية النفسيَّة؛ ليفتحَ أبواب الأمل للكثيرين ممن يبحثون عن تحسين جودة حياتهم النفسيَّة بطرائق أكثر مرونة وسهولة.

سنتعرَّفُ معاً في هذا المقال إلى هذا المجال الناشِئ، وسنذكرُ إيجابيَّاته وسلبيَّاته، وكيف يمكنُ أن يكونَ أداةً فعَّالةً لمساعدة الأفراد في رحلتهم نحو العقل السَّليم والحياة المُتوازِنة.

ما هو العلاج النفسي عن بعد؟

العلاج النَّفسي عن بُعد هو نوعٌ من العلاج النفسي أو الاستشارة عبر الإنترنت (الخدمات النفسية) يُقدَّمُ عبر وسائل الاتِّصال عن بُعد، وهذا يسمحُ للمريض والمُعالِج بالتَّواصل دون الحاجة إلى لقاءٍ شخصي، ويعتمدُ هذا النَّوع من العلاج على التكنولوجيا؛ لتسهيل الاتِّصال، وتقديم الدَّعم النَّفسي والعلاج للأفراد في أماكنَ وأوقاتٍ مُختلِفة، وتشملُ وسائل الاتِّصال المُستخدَمة في العلاج النَّفسي عن بُعد: الهاتف، والبريد الإلكتروني ، والدَّردشة النصيَّة عبر تطبيقات الإنترنت، و"الفيديو كونفرانس"مثل "Skype" أو "Zoom" أو أي منصَّةٍ أخرى، وهذا يسمحُ للمريض والمُعالِج بالتَّفاعل والتَّواصُل بصريَّاً عبر الشَّاشة.

تُلبِّي هذه الخدمة العلاجيَّة متطلَّبات الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبةً في الوصول إلى العلاج النَّفسي التقليدي؛ بسبب عوامل مثل الموقع الجُّغرافي البعيد، أو صُعوبات التنقُّل، أو الحالات الطبيَّة التي تحدُّ من قدرة الفرد على الانتقال، ويسمحُ العلاجُ النَّفسي عن بُعد بتجاوز هذه الحواجز، وتوفير الوصول السَّهل والمرن إلى الخدمات العلاجيَّة النفسيَّة للمَرَض، والعلاج النَّفسي عن بُعد ليس مُستحدَثاً، فهذه الفكرة لها جذورٌ تاريخيَّة تعودُ إلى القرون الوسطى، فاستُخدِمَت الرَّسائل النصيَّة لنقل المشاورات الطبيَّة، والنصائح النفسية بين الأطبَّاء والمَرضى.

بدأَ استخدام البريد الإلكتروني - في بعض الأحيان - كوسيلةٍ للتَّواصل الطُّبي بين الأطبَّاء والمَرضى في القرن التاسع عشر، وهو ما يعدُّه الكثيرون سابقةً في العلاج النَّفسي الحديث، وبدأت بعض المحاولات لاستخدام الهواتف في تقديم الدَّعم النَّفسي عن بُعد مع تطوُّر الاتِّصالات والتكنولوجيا في القرن العشرين، واستُخدِمَت الهواتف خلال الحربين العالميَّتين؛ لمساعدة الجُّنود الذين يعانون من الصَّدمات النفسيَّة، ويُعدُّ هذا بداية الاستخدام العملي للعلاج النَّفسي عن بُعد، ثُمَّ أصبحَ العلاج النَّفسي عن بُعد أكثر تطوُّراً وشيوعاً مع انتشار الإنترنت وتطوُّر التكنولوجيا الرقميَّة في القَرن الحالي.

هل يمكن أن يكون العلاج النفسي عن بعد فعّالاً كما في العلاج النفسي التقليدي؟

يُظهرُ العلاج النَّفسي عن بُعد فاعليَّته في توفير الدَّعم النَّفسي كما في العلاج التَّقليدي الذي يشترط اللِّقاء؛ وذلك بفضلِ استخدام التكنولوجيا المُتقدِّمة مثل منصَّات "الفيديو كونفرانس" والدردشة النصية، ويتيحُ هذا النَّوع من العلاج للمَرضى الوصولَ إلى الخدمات النفسيَّة دون الحاجة للتنقُّل، وهذا يزيدُ من المُرونة في جدولة الجَّلسات، ويُسهِّلُ على الأفراد الاستفادة في أيِّ وقتٍ يُناسبُهم، كما يُمكنُ للمرضى الشُّعور بالرَّاحة والخصوصيَّة أكثر في أثناء التَّفاعل مع المُعالِج من بيئة الرَّاحة في منازلهم، ويسهمُ هذا في تحقيق نتائج إيجابيَّة في معالجة الاكتئاب، والقلق، والاضطرابات النفسية الأخرى.

إيجابيات العلاج النفسي عن بعد:

يحقِّقُالعلاج النَّفسي عن بُعد كثيراً من الفوائد لكلٍّ من المريض والمُعالِج، ومن أبرز الإيجابيَّات التي يوفِّرها:

1. الوصول والتواصل الواسع:

يسمحُ العلاجُ النَّفسي عن بُعد بالوصول إلى خدمات الصحَّة النفسيَّة للأفراد في المناطق النَّائية أو صعبة الوصول، ويُتيحُ التَّواصل مع المُعالجين والخُبراء من جميع أنحاء العالم، ويُزيلُ العلاجُ النَّفسي عن بُعد الحواجزَ، ويسمحُ بالوصول إلى خدمات العلاج لأولئك الذين يحتاجون إليها بالفعل.

2. المرونة في الجدولة:

إحدى أبرز إيجابيَّات العلاج النَّفسي عن بُعد هي المُرونة في الجَّدولة والمواعيد، فهو يسمحُ بتنظيم الجلسات العلاجية للأفراد بطريقةٍ تتناسبُ مع جدولهم الشَّخصي واحتياجاتهم اليوميَّة أفضل من العلاج التقليدي الذي يتطلَّبُ اللِّقاء، على سبيل المثال: قد يكون لدى الفرد جدولُ عملٍ مُزدَحمٍ، أو يعيش في منطقةٍ بعيدة عن مركز العلاج، وهذا يجعلُ من الصَّعب عليه الوصول إلى الجلسات العلاجية في العيادة، ولكن يمكنُ للمريض باستخدام العلاج النَّفسي عن بُعد تحديد مواعيد الجَّلسات التي تناسبه بسهولة، سواء في أوقات متأخِّرة من النَّهار بعد انتهاء العمل، أم في أوقات الصَّباح الباكر قبل بدء يومه، دون الحاجة إلى السَّفر أو التنقُل بعيداً عن منزله.

3. الراحة والخصوصية:

يمكنُ للمرضى التَّفاعل مع المُعالجين والمختصِّين في الصحَّة النفسيَّة من بيئة يشعرون فيها بالرَّاحة والأمان، مثل منازلهم أو أماكن أخرى يُفضِّلونها؛ بسبب خصوصيَّة الأمور، والسريَّة المطلوبة، وعادةً ما يكون هذا هامَّاً للأشخاص الذين يشعرون بالخجل أو الاضطراب عند الكشف عن مشاعرهم أو تفاصيل حياتهم الشخصيَّة أمام الآخرين، ولذلك يمنحهم العلاج عبر الإنترنت البيئة المُناسبة للاستمرار في العلاج دون عوائق تتعلَّق بالخصوصيَّة أو الرَّاحة.

4. التواصل الفعال:

يحقِّقُ العلاج النَّفسي عن بُعد تفاعلات مؤثِّرة وفعَّالة بين المعالج والمريض عبر وسائل التكنولوجيا المُختلفة مثل "الفيديو كونفرانس" والدردشة النصيَّة، ويُساعدُ هذا النَّوع من التَّواصل على تحقيق الأهداف العلاجيَّة، ويؤثِّرُ إيجاباً في حالة المريض، ويمكنُ للمُعالِج رصد لغة الجِّسم وتعابير الوجه للمريض، كما توفِّرُ الدردشة النصيَّة فرصةً للمريض للتَّعبير عن أفكاره ومشاعره مباشرةً وفوريَّاً، ويمكنُ أن يكون هذا مُفيداً للأشخاص الذين يُفضِّلون التَّعبير عبر الكتابة بدلاً من الحديث الشَّفهي، كما يمكن أن يتلقَّى المريض نصائح فوريَّة عبر الرسائل النصية لأيِّ طارئٍ قد يحدثُ معه، وهذا يزيدُ من فاعليَّة الجَّلسات العلاجيَّة.

5. التوفير الزمني والمالي:

يمكنُ للأفراد تلقِّي الرِّعاية النفسيَّة، واستقبال العلاج دون الحاجة إلى السَّفر إلى العيادات التقليديَّة، وهذا يوفِّرُ الوقت والتَّكاليف المرتبطة بالنَّقل والانتظار في العيادات، كما أنَّ العلاجَ النَّفسي عبر الإنترنت قد يكون أقلَّ تكلفة من العلاج التقليدي، خاصَّةً إذا كانت هناك تكاليف نقلٍ عالية أو إذا كانت العيادات في المناطق التي تتطلَّبُ تكاليفَ معيشةٍ مُرتفعة.

على سبيل المثال: يمكنُ للأفراد الذين يعيشون في المناطق النَّائية أو البعيدة عن المُدُن الكبيرة توفير تكاليف السَّفر والإقامة بالاعتماد على العلاج النفسي عن بُعد، وبسبب التَّوفير في الوقت والتَّكاليف؛ يمكنُ للمرضى الاستمرار في العلاج بانتظام، وهذا يُعزِّزُ من فرص تحقيق النَّتائج العلاجيَّة المَرجوَّة.

6. إمكانية الوصول لذوي الإعاقة والفئات التي تبقى جليسة المنزل:

يُتيحُ العلاج النَّفسي عبر الإنترنت أو العلاج عن بُعد إمكانيَّة الوصول لمجموعات وفئات متنوِّعة من الأشخاص، مثل الأفراد ذوي الإعاقة، والأفراد الذين يعانون من صعوباتٍ في الحركة، والذين قد يجدون صعوبةً في الوصول إلى عيادات العلاج التقليدي مثلكبار السِّن الذين يعيشون في منازلهم، والأمَّهات الجُّدد اللواتي قد يجدن صعوبة في مغادرة المنزل؛ بسبب الاعتناء بأطفالهن الرضع، أو الأشخاص ذوي الحالات الصحيَّة التي تجعلهم غير قادرين على الانتقال بسهولة.

سلبيات العلاج النفسي عن بعد:

رغم الفوائد الجمَّة التي يُحقِّقها العلاج النَّفسي عن بُعد، إلَّا أنَّ الأمر لا يخلو من بعض السلبيَّات التي يجب التنبُّه إليها، ومن أبرز هذه السلبيَّات:

1. ضعف الاتصال الشخصي:

قد تفتقرُ الجَّلسات عبر الإنترنت إلى الاتِّصال الشَّخصي الذي يمكنُ أن يكونَ هامَّاً في بعض الحالات، لا سيَّما عندما يتعلَّقُ الأمر بإنشاء رابطٍ وبناء ثقةٍ مع المُعالج، ففي العلاج عن بُعد قد لا يُتاحُ للمُعالِج رؤية كامل جسم المريض؛ لذا لن يتمكَّنَ من قراءة لغة الجسد كما يكون الاتِّصال البصري مفقوداً في بعض الحالات التي يقتصر التَّواصل فيها على الرَّسائل النصيَّة، وهذا يحدُّ من قدرة المُعالِج على المعالجة والتَّشخيص كما يجب.

2. التأمين الطبي في معظم الدول لا يغطي حالات العلاج عن بعد:

لا تُغطِّي الأنظمة الطبيَّة وخطط التَّأمين في العديد من الدُّول تكاليف العلاج النَّفسي عبر الإنترنت بنفس الطريقة التي تُغطِّي بها العلاج التقليدي، وهذا يعود جزئيَّاً إلى قيود التَّأمين التي قد تتطلَّبُ وجود زيارات شخصية لمزوِّدي الخدمات الصحيَّة للمُطالبة بالتَّعويض.

3. عدم مناسبة العلاج النفسي عبر الإنترنت للحالات الشديدة:

قد تتطلَّبُ بعض الحالات النفسيَّة - مثل الاضطرابات النفسيَّة الشَّديدة - التدخُّلَ الشَّخصي للمعالج لتقديم الدَّعم الفعَّال، وقد تتطلَّبُ هذه الحالات أساليب علاجيَّة تعتمدُ على التَّفاعل المباشر والمراقبة الدَّقيقة، وهذا قد يجعلُ العلاج عن بُعد غير مناسبٍ، على سبيل المثال: قد يجدُ المرضى الذين يُعانون من اضطراب طيف التوحُّد، ويحتاجون إلى تفاعلٍ ومراقبةٍ شخصيَّة مُكثَّفة صعوبةً في الاستفادة الكاملة من العلاج عبر الإنترنت؛ بسبب صعوبات في التَّواصل عبر الشَّاشة.

4. الافتقار للمهارات التكنولوجية:

يُعدُّ افتقار بعض الأفراد للمهارات التكنولوجيَّة سلبيَّةً أخرى للعلاج النَّفسي عن بُعد، وهذا يعني أنَّ بعضَ الأشخاص قد يواجهون صعوبات في استخدام التكنولوجيا المطلوبة للمشاركة في جلسات العلاج عبر الإنترنت بفاعليَّة، وهذا يمكنُ أن يؤثِّرَ سلباً في تجربتهم العلاجيَّة.

5. ضعف الاتصال بالإنترنت:

قد يواجهُ بعضُ الأفراد صعوبةً في الحفاظ على اتِّصالٍ جيِّدٍ بالإنترنت، وهذا يؤثِّرُ في جودة الصَّوت أو الصُّورة خلال الجلسات، على سبيل المثال: يمكن أن يسبِّبَ انقطاع الاتِّصالات المُتكرِّر تشويش التجربة العلاجيَّة، وتقليل فاعليَّة الاتِّصال بين المُعالِج والمريض.

6. عدم الاستجابة لحالات الأزمة:

قد يحتاجُ المريض إلى تدخُّلٍ فوريٍّ ومباشر من المُعالِج في حالات الطوارئ النفسيَّة، مثل الأفكار الانتحارية، أو نوبات الهلع الشَّديدة، وقد لا يوفِّرُ العلاجُ عن بُعد نفسَ المستوى من الاستجابة السَّريعة الذي يمكن توفيره في الجَّلسات التقليديَّة.

7. الخصوصية والأمان:

تُعدُّ الخصوصيَّة والأمان من التحدِّيات الكبيرة للعلاج النَّفسي عن بُعد، فالمعلومات الشخصيَّة والطبيَّة التي تنتقل عبر الإنترنت قد تكون عرضةً للاختراق الإلكتروني أو القرصنة، وهذا يُهدِّدُ خصوصيَّة المرضى، إضافة إلى ذلك قد لا تكون البيئة المنزليَّة للمرضى دائماً آمنة أو خاصَّة، فالأشخاصُ الذين يعيشون في بيئاتٍ مُزدحِمة أو غير مُستقرَّة قد يجدون صعوبةً في التحدُّث بحريَّة عن مشكلاتهم النفسية،كما قد تكون البيانات مُعرَّضة للتسرُّب أو الوصول غير المُصرَّح به إذا لم تُستخدَم برامج مؤمَّنة ومُشفَّرة للجَّلسات العلاجيَّة.

شاهد بالفيديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

مقارنة بين العلاج النفسي عن بعد والعلاج التقليدي:

بعد أن تعرَّفنا إلى إيجابيَّات وسلبيَّات العلاج النَّفسي عن بُعد، إليك هذه المقارنة بينه وبين العلاج التَّقليدي، والتي تشمل نواحي عديدة منها:

1. الراحة والمرونة:

العلاج النَّفسي عن بعد: يُتيحُ للمرضى إجراء الجَّلسات من منازلهم أو أيِّ مكانٍ آخر يختارونه، وهذا يوفِّرُ الوقت والجُّهد المبذولَين في التنقُّل، أما العلاج التَّقليدي: فيتطلَّبُ حضور المريض شخصيَّاً إلى عيادة المعالج، وهذا قد يكون مُرهِقاً أو غير ممكنٍ لبعض الأشخاص؛ بسبب المسافة أو الظُّروف الشخصيَّة.

2. التكاليف:

العلاج النَّفسي عن بعد: يكون عادةً أقلَّ تكلفة؛ بسبب انخفاض التكاليف التشغيليَّة مثل الإيجار والمواصلات، بينما العلاج التَّقليدي: يكون أكثر تكلفة؛ نظراً لتكاليف الإيجار والتَّشغيل المُرتفعة للعيادات، إضافة إلى تكاليف التنقُّل للمرضى.

3. الوصول:

العلاج النَّفسي عن بعد: يوفِّرُ الوصولَ للأشخاص في المناطق النائية أو الذين يعانون من إعاقات تحول دون تنقُّلهم، بينما العلاج التَّقليدي: قد يكون محدود الوصول للأشخاص الذين يعيشون في مناطق بعيدة، أو لا تتوفَّر فيها خدمات نفسيَّة مُتخصِّصة.

4. التفاعل الشخصي:

العلاج النَّفسي عن بُعد: قد يفتقرُ إلى الاتِّصال الشَّخصي المباشر، وهذا يمكن أن يؤثِّرَ في جودة العلاقة بين المُعالِج والمريض، بينما العلاج التَّقليدي: يوفِّرُ تفاعلاً وجهاً لوجه، ويمكن أن يُعزِّزَ من فاعليَّة التَّفاعل العلاجي، وبناء الثِّقة.

5. الاستجابة لحالات الطوارئ:

العلاج النَّفسي عن بُعد: يمكن أن يكون أقلَّ فاعليَّة في حالات الأزمات النفسيَّة التي تتطلَّبُ تدخُّلاً فوريَّاً وشخصيَّاً، بينما العلاج التَّقليدي: يسمحُ بالتدخُّل الفوري والشَّخصي في حالات الطوارئ النفسية، وهذا يوفِّرُ أماناً أكبر للمرضى.

6. الخصوصية والأمان:

العلاج النَّفسي عن بُعد: يمكنُ أن يواجهَ تحدِّيات في الحفاظ على الخصوصيَّة والأمان الإلكتروني، وقد تكونُ الجَّلسات عبر الإنترنت عرضةً للاختراق، أمَّا العلاج التقليدي: عادة ما يوفِّرُ مستوى أعلى من الخصوصيَّة، فالجَّلسات تكون داخل مكتب مغلق وآمن.

7. التقنيات والأدوات العلاجية:

العلاج النَّفسي عن بُعد: يعتمدُ على استخدام التكنولوجيا، وهذا قد يُشكِّلُ عائقاً للأشخاص غير المُتمرِّسين بالتكنولوجيا، أو الذين يعانون من مشكلات تقنيَّة، أمَّا العلاج التَّقليدي: فيوفِّرُ استخداماً أوسع للأدوات العلاجيَّة التفاعليَّة التي قد تتطلَّبُ وجود المريض شخصيَّاً، مثل العلاج بالفن أو الألعاب العلاجيَّة.

نصائح لتحقيق الاستفادة القصوى من العلاج النفسي عن بعد:

يمكنُ اتِّباع بعض الخطوات والنَّصائح؛ لضمان تجربة علاجية فعَّالة ومُثمِرة، والحصول على أقصى استفادة من العلاج النَّفسي عن بُعد، ومن أهم هذه النَّصائح:

• تأكَّد أنَّ منصَّة العلاج النَّفسي التي تستخدمها موثوقة، وتتمتع بسمعٍة جيِّدة في الأمان والخصوصيَّة.
• تحقَّق من أنَّ المنصَّة تستخدمُ تقنيات التَّشفير؛ لضمان أمان المعلومات والبيانات الشخصيَّة.
• اختَر مكاناً هادئاً وخالياً من الانقطاعات عند إجراء الجلسات العلاجيَّة.
• استخدِم سمَّاعات الرَّأس؛ لتعزيز الخصوصيَّة، وتحسين جودة الصوت، فهذا يُتيحُ تفاعلاً أفضل مع المعالج.
• تأكَّد أنَّ اتِّصالك بالإنترنت قويٌّ ومستقرٌّ؛ لتجنُّب الانقطاعات في أثناء الجَّلسات.
• تأكَّد أنَّ الكاميرا والميكروفون يعملان بطريقة صحيحة قبل بدء الجَّلسة.
• كُن صريحاً ومُنفتحاً مع المعالج بشأن مشاعرك وأفكارك، فالصِّدق هو المفتاح للحصول على الدَّعم المناسب.
• أخبِر المُعالِج إذا كنت بحاجةٍ إلى تغييرٍ في النَّهج.
• احترِم مواعيد الجَّلسات، والتزِم بها كما تفعل في العلاج التَّقليدي.
• خُذ وقتاً للتَّحضير والتَّفكير في الموضوعات أو القضايا التي تريد مناقشتها قبل كل جلسة.
• نفِّذ أي مهام أو تدريبات يوصي بها المعالج بين الجَّلسات.
• لا تتردَّد في التَّواصل مع المعالج إذا كنتَ تواجهُ مشكلةً، أو تحتاجُ إلى دعمٍ إضافيٍّ بين الجَّلسات.
• استفِد من الموارد المُتاحة على الإنترنت؛ لتثقيف نفسك بما يتعلق بحالتك، وكيفيَّة التَّعامل معها.
• ابحَث عن مجموعات الدَّعم عبر الإنترنت، فيمكنك مشاركةُ تجربتك، والتعلُّم من الآخرين الذين يمرُّون بمواقف مُشابِهة.
• احرَص على الحفاظ على روتينٍ صحي.

في الختام:

يُعدُّ العلاجُ النَّفسي عن بُعد ابتكاراً هامَّاً في مجال الرِّعاية الصحيَّة النفسيَّة، خاصَّةً في عصر التكنولوجيا المُتقدِّمة، ولا ننكرُ وجود بعض السلبيَّات مثل التحدِّيات التقنيَّة، ومخاوف الخصوصية، وعدم الاستجابة المثلى لحالات الطوارئ، ولكنَّ الفوائدَ العديدة مثل الرَّاحة، والتكلفة الميسورة، وإمكانيَّة الوصول الواسعة تفوقُ هذه السلبيَّات بالنسبة لمعظم المرضى.

يمكننا توقُّع تحسُّن هذه الخدمة وزيادة فاعليَّتها في المستقبل؛ بسبب التطوُّر المستمر في التكنولوجيا، وزيادة الوعي بأهمية الدَّعم النفسي، ويمكنُ للمرضى الحصول على الدَّعم الذي يحتاجونه لتحسين صحَّتهم النفسيَّة، ومواجهة التحدِّيات التي يواجهونها بفاعليَّة ونجاح، وذلك من خلال اتِّباع النَّصائح والاستراتيجيَّات التي تُساعد على تحقيق الاستفادة القصوى من العلاج النَّفسي عن بُعد.