إنَّ وجود شخص تتحدث معه قد يحدث فارقاً كبيراً، ومع ذلك، قد يحتاج ذلك الشخص إلى الصبر، والإصرار حتى يكسب ثقة الشخص الآخر ليتحدث عن الانتحار، أو الأفكار الانتحارية.
التحدث عن الانتحار قد يمنع من تنفيذه، ولكن ليس صحيحاً أيضاً؛ لأنَّ الأشخاص الذين يتحدثون عن الانتحار، لن يحاولوا ذلك فعلياً.
خذ أي نية معبرة عن الانتحار بجدية كبيرة، حتى مع عدم قدرتك على حل هذه المشكلات بالنيابة عن صديق أو زميل، لكن قد تكون قادراً في مساعدته على العثور على شخص آخر يمكنه مساعدته.
كيفية التعامل مع شخص لديه أفكار انتحارية:
1. التعرف إلى العلامات التحذيرية للاكتئاب، ومخاطر الانتحار:
تشير الأبحاث إلى أنَّ غالبية الأشخاص الذين يحاولون الانتحار يقومون بشيء ما ليخبروا الآخرين عن نيتهم قبل أن يقوموا به بالفعل، فتتضمن هذه "العلامات التحذيرية" سلوكات شخصية واتصالات كلامية وغير كلامية.
الأمراض النفسية والعاطفية، مثل الاكتئاب، والاضطراب الثنائي القطب، غالباً ما تكون مرتبطة بمشاعر انتحارية، وقد يكون خطر الانتحار أعلى عندما يبدأ انخفاض مزاج الشخص.
2. التعامل بجدية مع البيانات الانتحارية والوثوق بحدسك:
50 إلى 75% من الانتحاريين يقدمون بعض التحذيرات بشأن نواياهم لصديق، أو لأحد أفراد العائلة؛ لذا يجب أخذ علامات الخطر بجدية.
3. المشاركة وممارسة "الاستماع الفعَّال":
من خلال الاستماع إلى ما يقوله الشخص في حالة الأزمة، ومن خلال طرح أسئلة مباشرة ومفتوحة، نُظهر استعدادنا للحديث عن أي شيء مع ذلك الشخص، ومن ذلك أفكاره بشأن الانتحار.
ابدأ بإخبار الشخص بأنَّك قلق، وقدم له أمثلة، ولا تحاول إقناع الشخص بعدم الانتحار، وبدلاً من ذلك، دع الشخص يعلم أنَّك تهتم به، وأنَّه ليس وحيداً، وأنَّ مشاعر الانتحار مؤقتة، وأنَّ الاكتئاب يمكن علاجه؛ لذا تجنب قول: "لديك كثير لتعيش من أجله"، أو "انتحارك سيؤلم عائلتك".
4. تشجيع الشخص على طلب المساعدة المهنية وعلى مراجعة الطبيب أو المحترف في مجال الصحة النفسية فوراً:
الأفراد الذين يفكرون في الانتحار غالباً يعتقدون بأنَّه لا يمكنهم تلقي المساعدة؛ لذا قد تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد.
ساعد الشخص على العثور على محترف في مجال الصحة العقلية، أو مؤسسة علاجية موثوقة، وقم بمرافقته إلى المكان الذي سيتلقى فيه العلاج.
5. بينما قد يكون طرح الأسئلة المباشرة عن الانتحار أمراً مخيفاً، إلا أنَّ الشخص الذي تشعر بقلق تجاهه بحاجة إلى أن تسأله: "هل تشعر بألم لدرجة الانتحار؟":
الجميع تقريباً يفكرون في الانتحار في بعض الفترات من حياتهم، من خلال الاستماع وملاحظة "العلامات التحذيرية"، وطرح الأسئلة المباشرة، فنظهر استعدادنا للحديث عن أي شيء مع الشخص في حالة الأزمة، ومن ذلك مشاعره بشأن الانتحار، فمن المرجح أن يشعر الشخص بأنَّك تفهمه، وتدرك الألم الذي يعاني منه، فيرتاح كثيراً إذا تمكن من التحدث بصراحة عن مشاعره الانتحارية، ومناقشتها بحرية دون صدمة أو انتقاد؛ فيُظهر ذلك أنَّك تأخذ الشخص على محمل الجد.
6. إذا كانت الإجابة "نعم"، اتخذ الاستجابة بجدية، وواصل طرح الأسئلة لتقييم "خطر الانتحار":
"هل لديك خطة للقيام بالانتحار؟"، أو "هل فكرت في كيفية تنفيذها؟"، "هل لديك الوسائل، أو المواد المتاحة لتنفيذ خطتك؟".
إذا كانت الإجابة "نعم"، "ما هي وأين هي؟".
"هل حددت وقتاً محدداً؟"، أو "هل قررت متى ستقوم بذلك؟".
إذا كانت الإجابة ما زالت "نعم"، اسأل:
"هل قمت بمحاولة انتحار سابقة؟"، "ماذا حدث آنذاك؟".
إذا كان لدى الشخص خطة محددة، وتتوفر الوسائل، وحدد وقتاً لتنفيذها، يجب أن تعدَّ وضع الشخص عالي الخطورة للانتحار.
7. عدم ترك الشخص الذي تشعر أنَّ وضعه "عالي الخطورة" للانتحار وحيداً، حتى للحظة واحدة:
إذا أعرب شخص عن مشاعر انتحارية ولديه خطة وتتوفر الوسائل وحدد وقتاً، يجب دائماً أن تأخذه على محمل الجد، وإذا كان هناك أي شك، يجب أن تأخذه بجدية، فلا يجب ترك شخص يُعد "عالي الخطورة" للانتحار وحده؛ لذا استمر في التحدث مع هذا الشخص، وابق بجانبه، أو قم بترتيب وجود طرف آخر (شخص يثق به، ويشعر بالراحة معه) إلى جانبه، وقم بإزالة أي أسلحة نارية، أو مخدرات، أو أدوات حادة، قد يمكن استخدامها للانتحار من محيط الشخص.
8. إذا اتخذ الشخص وهو في حالة أزمة إجراءً يشكل تهديداً على الحياة؛ فاحصل على المساعدة فوراً:
وإذا اتخذ الشخص أي إجراء تعتقد أنَّه مهددٌ للحياة، فلا تتردد في أن تقوم بنقل هذا الشخص إلى المستشفى بنفسك، أو اتصل بسيارة إسعاف أو خدمات الطوارئ.
اقتراحات إضافية:
- كن مباشراً، وتحدث بصراحة، وبشكل عادي عن الانتحار.
- لا تنتقد، وتصدر الأحكام، أو تناقش ما إذا كان الانتحار صحيحاً أم خاطئاً، أو إذا كانت المشاعر جيدة أم سيئة، ولا تلقِ محاضرة عن قيمة الحياة.
- شارك في الموقف، وكن متاحاً، وأظهر الاهتمام والدعم.
- لا تحفزه على القيام بذلك.
- لا تسأل "لماذا"، هذا يشجع على الدفاع.
- قدم التعاطف لا المواساة.
- لا تعِد بالحفاظ على السرية بشأن الانتحار؛ بل ابحث عن الدعم.
- قدم أملاً بوجود بدائل، ولكن لا تقدم تأكيداً مبالغاً فيه.
- لا تقدم الاستشارة للشخص بنفسك؛ بل ابحث عن المساعدة المهنية.
- لا تتظاهر بأنَّ لديك جميع الإجابات، فأهم ما يمكنك القيام به قد يكون مساعدتهم على العثور على المساعدة.
- لا تخشَ من أن تكون مخطئاً، حتى بالنسبة إلى الخبراء، فمن الصعب فهم من هم في خطر جدي للانتحار، ومن هم ليسوا كذلك، والعديد من العلامات التحذيرية من الانتحار يمكن أن تشير أيضاً إلى مشكلات في تعاطي المخدرات، أو الكحول، أو العنف الأسري، أو الاكتئاب، أو مشكلة أخرى في الصحة العقلية تحتاج أيضاً إلى تدخل طبي.
من هم الأكثر عرضة للانتحار؟
يمكن للأشخاص من جميع الخلفيات أن يشعروا بالرغبة في الانتحار، لذا قد يكون شخص معين عرضة للخطر الأعلى إذا:
- قام بمحاولة انتحار سابقة.
- يعاني من الاكتئاب، اضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب عقلي آخر.
- إدمان للكحول، أو المخدرات، أو القمار.
- مرض جسدي خطير.
- بدأ أو توقف مؤخراً عن تناول الأدوية لمشكلة صحية نفسية.
- فقد صديقاً أو عضواً في العائلة بسبب الانتحار.
- تعرض للعنف، أو الطرد، أو الاعتداء الجنسي.
- ينتظر محاكمة، أو حكماً بالسجن.
- تم الحكم عليه، أو تعرض للعار، أو وضع تحت ضغط كبير.
- ليست لديه علاقات قوية مع العائلة، أو الأصدقاء، أو المجتمع.
- ليس لديه شعور بالثقافة الخاصة به، أو هويته، أو هدفه في الحياة.
- تعرض لفقدان كبير، أو إحباط كبير، مثل وفاة شخص قريب منه، أو رسوبه في الامتحانات، أو استبعاده من فريقه الرياضي، أو رفض حالته كلاجئ.
- انفصل مؤخراً عن شريكه، أو فقد حضانة أطفاله.
- يواجه صعوبة في العثور على عمل، أو فقد وظيفته مؤخراً، أو يعاني من مشكلات مالية خطيرة.
- يمتلك أصدقاء، أو عائلة، أو أشخاص في محيطه لا يدعمون من هو عليه، مثل معتقداته، وثقافته، أو ديانته.
علامات تحذيرية للبحث عنها:
يحاول معظم الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار أن يخبروا شخصاً ما، ولكنَّهم لا يقولون ذلك بشكل مباشر.
إذا أظهر شخص ما واحدة، أو أكثر من هذه العلامات؛ فإنَّ ذلك لا يعني بالضرورة أنَّه يفكر في الانتحار، ولكن قد يحتاج إلى دعم، فقد تلاحظ أنَّه:
- يخبرك بأنَّه يرغب في الموت، أو في قتل نفسه.
- لديه أشياء يمكن استخدامها لإيذاء نفسه، مثل حبل، أو مسدس، أو سكين.
- يقرأ، أو يكتب عن الانتحار على الإنترنت، أو ينشر صوراً، أو مقاطع فيديو عن الانتحار.
- يصبح مهووساً بالموت.
- يعزل نفسه عن العائلة، والأصدقاء.
- لا يبدو أنَّه يتعامل بشكل جيد مع أي مشكلات قد تواجهه.
- يظهر تغيراً في المزاج، فيصبح كئيباً، أو غاضباً، أو مستاء.
- يؤذي نفسه، وعلى سبيل المثال أن يقوم بجرح نفسه، أو بتناول جرعة زائدة من الأدوية.
- يشعر بالقلق، أو الذنب، أو الخجل.
- ليس لديه أمل في المستقبل.
- يستخدم المخدرات، أو الكحول للتعامل مع المشاعر، أو الأفكار صعبة.
- يفقد، أو يكتسب الوزن بشكل كبير، أو يظهر أنماطاً غير عادية في الأكل.
- ينام أكثر بكثير من المعتاد، أو لا يحصل على نوم كاف.
- يبدو أنَّه فقد اهتمامه بالحياة، أو بالأشياء التي كان يستمتع بها.
- يتخلص من ممتلكاته، أو يسدد ديوناً متبقية.
- يتوقف عن تناول أدويته.
- يبدو فجأة هادئاً، أو سعيداً، بعد أن كان مكتئباً.
في الختام:
إنَّ بعض الأشخاص الذين يفكرون في الانتحار، قد لا يظهرون هذه العلامات، وبعض علامات التحذير قد لا تكون واضحة، والأشخاص الذين يشعرون بالرغبة في الانتحار، قد يحاولون إخفاء ما يشعرون به، أو التظاهر بأنَّهم على ما يرام.
إذا كنت تعتقد أنَّ شخصاً ما قد يكون عرضة للخطر؛ فانتبه إلى التغيرات في سلوكه، وثق بحدسك، واستفسر منه مباشرة إذا كان يفكر في الانتحار.
أضف تعليقاً