ليس لدى جميع المعالجين نفس التقنيات أو نفس الأسلوب، فيحتفظ بعضهم بمسافة مهنية بينهم وبين العميل، بينما يكون بعضهم الآخر أكثر دفئاً وعطفاً ودعماً، ويكون لدى بعضهم حس الدعابة اللطيف، وبعضهم الآخر يتَّسم بالجديَّة؛ لذا يجيب بعض المعالجين مباشرة عن أسئلتك، في حين يبحث بعضهم الآخر عن الدوافع وراء كل سؤال.
من وجهة نظر الأهداف، تختلف المقابلة النفسية الأولى، فيمكن ألَّا تتحقق أهداف المقابلة الأولى في اللقاء الأول، على الرغم من أنَّها تتحقق عادةً، إلا أنَّها قد تتطلب مزيداً من الجلسات لتحقيقها، فإذا كان لديك موعد مع مستشار لأول جلسة علاجية، قد لا تعرف ما الذي يمكن توقعه، أو ربما تفكر في البدء بالعلاج ولكَّنك لا تعرف من أين تبدأ، ومعرفة من أين تبدأ وما يمكن توقعه خلال الجلسة الأولى قد يساعدك على الشعور بالراحة والاطلاع.
تعرف معنا في هذا المقال إلى تفاصيل المقابلة النفسية الأولى، وأهدافها وأهميتها.
كيفية اختيار معالج نفسي:
لا يتشابه معالج نفسي مع آخر، فيساعدك طرح الأسئلة المناسبة على اختيار معالج أفضل لك، والأسئلة التي يمكنك طرحها قبل أن تحدد موعداً:
1. الانتماءات: "ما هي الجمعيات المهنية التي تنتمي إليها؟"
يمكن أن تمنحك معرفة مزيد عن انتماءات المعالج المهنية فكرة أفضل عن أوراق اعتماده وخلفيته واهتمامه الحالي.
2. الخلفية: "ما هي خلفيتك الأكاديمية؟ وما هي التدريبات التي خضتها لتجهيز نفسك لممارسة العمل بصفة معالج نفسي؟"
التحقق من أنَّ المعالج المحتمل لديه تدريب وخبرة في معالجة حالتك أو مخاوفك، فيعني ذلك أنَّك ستكون أكثر قدرةً على الحصول على العلاج المناسب الذي تحتاجه.
3. التكلفة: "ما هي رسومك؟ كيف سيتم التعامل مع التأمين الخاصة بي؟"
لا يقبل جميع المعالجين التأمين؛ لذا من الهام النظر في التكلفة والدفع قبل بدء العلاج، فيمكن أن تتغير الأسعار أيضاً بشكل كبير.
4. الخبرة: "ما هو التدريب المتخصص؟ أو الخبرة التي حصلت عليها في التعامل مع المشكلة التي أعاني منها؟"
المعالج ذو الخبرة يمكنه التعرف إلى المشكلات التي تواجهها؛ وهذا يمنحه رؤية أعمق في العلاجات والتقنيات التي يمكن أن تكون أكثر مساعدة بالنسبة إليك.
5. القواعد: "ما هي بروتوكولات مكتبك؟"
على سبيل المثال، حجز المواعيد والدفع عندما تفوِّت المواعيد، وحالات الطوارئ، والوصول إلى المكتب بعد ساعات العمل، من ثم فهم كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات، يساعدك على حماية علاقتك العملية، وضمان أنَّ الجلسات تسير بأقل عدد من المشكلات.
6. التخصصات: "ما هو نوع العلاج الذي تقدمه؟"
من المفيد معرفة إذا كان المعالج يقوم بالغالب بعمل جلسات حديثة، أو إذا كان يتضمن فرصاً للتمثيل والتخيل والتنويم المغناطيسي والفنون وتقنيات أخرى؛ لذا قد تفضل نهجاً محدداً، ولكن بعض التقنيات قد تكون أكثر مساعدة على أنواع معينة من المشكلات.
شاهد بالفديو: 5 طرق للوصول إلى أفضل طبيب نفسي مناسب لشخصيتك
قبل جلسة علاجك النفسي الأولى:
توقع أن تكون تجربتك الأولى مشابهة لموعد طبي عندما تصل إلى مكتب المعالج، فتقوم بتسجيل حضورك عند الوصول والجلوس في غرفة الانتظار، من ثم الانتظار حتى يُستدعى اسمك، فإذا كان معالجك يذهب إلى جلسات منزلية قد تكون الأجواء أكثر عفوية قليلاً، وفي أثناء الانتظار ستملأ على الأرجح بعض الأوراق، ومن ذلك:
- نماذج HIPAA (Health Insurance Portability and Accountability Act)، وهو قانون أمريكي وُضِع لحماية سرية معلومات المرضى، وتوحيد معايير تبادل المعلومات الصحية الإلكترونية.
- معلومات التأمين.
- التاريخ الطبي، ومن ذلك الأدوية الحالية التي تتناولها.
- استبيان عن الأعراض.
- نموذج إصدار السجلات الطبية.
- اتفاقية خدمات المعالج والمريض.
إذا شعرتَ بعدم الراحة عند الرد على أي من الأسئلة على الورق، يمكنك الانتظار حتى تكون مع المعالج، والرد على الأسئلة شفهياً، ويكون لديك خيار إكمال هذه الأوراق في المنزل قبل زيارتك الأولى.
جلسة العلاج النفسي الأولى:
ستكون جلسة العلاج النفسي الأولى مع المعالج مختلفة عن الزيارات المستقبلية، فالزيارة الأولى هي فترة لك وللمعالج للتعرف إلى بعض، والحصول على فكرة عن كيفية المضي قدماً، أما عن الزيارات المستقبلية ستكون ذات طابع علاجي أكثر، على سبيل المثال، في الجلسة الثانية قد تستكشف أحد الأعراض النوعية أو المشكلة، أو الصدمة السابقة التي أشرت إليها في الجلسة الأولى.
عادة يتطلب العلاج النفسي زيارات متعددة؛ لذا لا تتوقع حلاً فورياً لمشكلاتك في اليوم الأول، فالعلاج يتعلق بتزويدك بحلول دائمة وليس بإصلاح سريع.
خلال الجلسة الأولى، قد يسألك المعالج ما يأتي:
- ما هي الأعراض التي تعاني منها؟
- ما الذي دفعك لطلب العلاج؟
- ما هو الشيء الذي تشعر بأنَّه غير صحيح في حياتك؟
- بعض الأسئلة عن تاريخك، ومن ذلك طفولتك وتعليمك وعلاقاتك (العائلية، الرومانسية، الأصدقاء)، وحالتك الحالية ومسارك المهني.
يجب أيضاً على كل منك والمعالج التوصل إلى اتفاق بشأن مدى مدة العلاج، والأساليب التي ستُستخدم، وتفاصيل سرية عن المعلومات الطبية.
أهداف جلسة العلاج النفسي الأولى:
تتعدد أهداف جلسة العلاج النفسي الأولى، وتكون متنوعة بناءً على احتياجات وظروف المريض، ولكن من بين الأهداف الرئيسة يمكن تضمين:
1. التعرف والتواصل:
إقامة اتصال أولي بين المعالج والمريض، فيتعرف المعالج إلى الشخصية والاحتياجات الأساسية للمريض، ويقنعه بأهمية العمل معاً.
2. فهم المشكلة:
تحديد المشكلة أو الأعراض التي دفعت المريض للبحث عن العلاج النفسي، وهذا يشمل فهم أعراض المريض وكيف تؤثر في حياته.
3. تحديد الأهداف:
تحديد الأهداف والأهمية المتوقعة من العلاج النفسي، مثل تحسين العلاقات الشخصية، والتغلب على التوتر أو القلق، أو التعامل مع الأزمات العاطفية.
4. بناء الثقة:
إقامة علاقة ثقة بين المريض والمعالج، فيجب أن يشعر المريض بأنَّه في مكان آمن يمكنه فيه فتح قلبه والتحدث بحرية عن مشكلاته.
5. توجيه المسار المستقبلي:
التحدث عن كيفية سير العلاج المستقبلي، ومن ذلك عدد الجلسات المتوقع والأساليب والأدوات التي ستستخدم.
6. توجيه المريض:
تقديم المعلومات عن عملية العلاج النفسي، وما يمكن توقعه خلال الجلسات القادمة.
7. تحفيز الالتزام:
تشجيع المريض على الالتزام بعملية العلاج، والتحفيز لمتابعة الجلسات المستقبلية.
8. تقديم الدعم النفسي:
تقديم الدعم والإشادة بشجاعة المريض في البحث عن المساعدة وبدء العلاج النفسي.
هذه الأهداف تساهم في توجيه الجلسة الأولى نحو فهم أفضل لاحتياجات المريض، وتحديد الخطوات الآتية في عملية العلاج النفسي:
ما يجب توقعه من المعالج النفسي في جلسة العلاج النفسي الأولى:
على الرغم من بعض الأفكار الخاطئة، فإنَّ وظيفة المعالج ليست حل مشكلاتك، وليس دوره أن يقول لك ما يجب عليك فعله، أو يخبر الأشخاص الذين قد آذوك بمدى خطأهم، ففي الواقع لن يتعب معظم المعالجين في التطرق إلى صواب وخطأ الأشخاص في حياتك؛ لذا بدلاً من ذلك يركزون في مساعدتك على تحويل انتباهك نحو ما يمكنك تغييره وما لا يمكنك تغييره.
في النهاية أنت واختياراتك واستجابتك للأحداث واعتماداً على سبب بدء العلاج الخاص بك، سيقضي معظم المعالجون وقتاً في تشجيعك على النظر إلى نفسك، وقد يعني ذلك التحدث عن الصدمات السابقة، ووضع استراتيجيات لمساعدتك على التعامل معها، فالنظر إلى داخل نفسك قد يتطلب منك استكشاف أي رُهاب تملكه، ثم العمل مع معالجك للتغلب عليه، أو قد تستكشف عميقاً علاقاتك البينية، وليس لفحص أخطاء الآخرين، وإنَّما لمساعدتك على فهم دورك في تحسين العلاقات، أو وضع حدود لحماية نفسك.
ستجد أنَّ المعالجين، هم مصادر رائعة للمشورة والموارد عند الحاجة، ولكن هدفهم الرئيسي هو مساعدتك على تعلم كيف تساعد نفسك بشكل أفضل.
ما يجب أن تتوقعه من نفسك في جلسة العلاج النفسي الأولى:
تتضمن جلسة العلاج الأولى عدة أسئلة يطرحها معالجك عنك، وكيفية التعامل مع الأمور والأعراض، وقد تتحدث أيضاً عن أهداف العلاج وتوقعاتك وأمور أخرى، وقد تكون جلسة العلاج النفسي الأولى مرهقة عاطفياً، حتى إذا لم تكن تتوقع ذلك من البداية.
يتضمن العلاج الكشف عن عدة أمور عمل عقلك بجد على دفنها، مثل الذكريات المؤلمة والمشاعر التي قد لا تكون قادراً على استكشافها وحدك، وعندما تجلس للمرة الأولى في العلاج، قد تجد نفسك تفتح البوابات سواء أردتَ ذلك أم لا.
يعدُّ هذا أمراً متوقعاً تقريباً، ومع ذلك قد تشعر بالدهشة، وبخاصة إذا وجدت نفسك تنفتح أمام شخص غريب بطرائق لم تكن قادراً على الانفتاح بها أمام الآخرين في حياتك.
لا تدع ذلك يخيفك، فيجب أن تكون منفتحاً وصريحاً مع معالجك، فهذا واحد من أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها من أجل نفسك، ويجب أن تعلم أنَّه ليست كل جلسة ستكون بهذا القدر من الكثافة، في كثير من الأحيان يحدث الآتي:
قد تكون بداية العلاج مرهقة بشكل كبير في البداية وهذا أمر طبيعي.
شاهد بالفديو: دور الأخصائي الاجتماعي مع المرضى
في الختام:
تعدُّ جلسة العلاج النفسي الأولى بداية هامة في رحلتك نحو التحسين النفسي، على الرغم من التحديات والعواطف التي قد تواجهها، إلَّا أنَّها تمنحك الفرصة للتحدث عن مشكلاتك وتحديد الأهداف؛ لذا لا تخشَ الصراحة مع معالجك؛ فالثقة والشفافية أساسية، وتذكر أنَّ العلاج النفسي عملية تدريجية، والتحسن يأتي مع الوقت؛ لذا ابحث عن الدعم عند الحاجة، فأنت لست وحدك في هذه الرحلة.
التعليقات
رفيدة روفي
قبل 8 شهرالسلام عليكم انا مختصة نفسية ممكن اتواصل مع صاحب المقال
الردود
لينا مدير تحرير في النجاح نت
قبل 8 شهرمرحبا: سعيديون بمساعدتك طبعا. لذلك يرجى التواصل على الإيميل: contactus@annajah.net شكراً لك.
أضف تعليقاً