يعتقد الكثير من الأزواج بأنَّهم بحاجة إلى التحلِّي بمهارة حل المشكلات، ولكن في ضوء محادثتنا المستمرة حول الذكاء العاطفي، يجب أن نعلم أنَّ البدء بتعلُّم هذه المهارة هو طريقة مؤكَّدة للوقوع في فخ "مَن على صواب ومَن على خطأ"، أو إلقاء اللوم على المخطئ أو المسؤول؛ ممَّا يؤدي إلى الكثير من النزاعات والغضب والمشاعر السلبية؛ إذ تختلف وجهات النظر من شخص لآخر، ونادراً ما ننظر إلى الموقف أو الحدث الذي نتعامل معه النظرة نفسها.
يحدث التواصل الحقيقي عندما نركِّز أولاً على الفَهْم العاطفي بدلاً من حل المشكلة؛ أي فَهْم بعضنا بعضاً فَهْماً تامَّاً على الصعيد العاطفي؛ أو بعبارة أخرى، يجب أن نهتم بالشخص الذي نحبه أولاً، ونفكِّر في مشاعره، ومشاعرنا، ونحلِّل الأمور من خلال وجهة نظره، ونتساءل عن سبب أهمية شيء معيَّن بالنسبةِ إليه.
لماذا يُعدُّ الفَهْم العاطفي هامَّاً للغاية؟
يُعدُّ الفَهْم العاطفي حجر الأساس الذي تقوم عليه العلاقة؛ إذ يؤدي وجوده إلى نجاح العلاقات الاجتماعية، والعكس صحيح؛ وذلك لأنَّه يساعد على:
- بناء علاقات سليمة تقوم على الثقة.
- منح كل شخص مجالاً للتعبير عن شخصيته ومشاعره.
- الشعور بالأمان والرعاية، والذي يُعدُّ الخطوة الأولى في إنشاء تواصل آمن.
- الاسترخاء والانفتاح والتعاون نتيجة الشعور بأنَّ مشاعرنا مفهومة وهامَّة.
- الشعور بالسعادة والتقدير في العلاقة.
في الواقع، لا يمكن للتواصل أن يكون فعَّالاً بين الطرفين إذا لم يفهم المستمِع ما يقوله المتحدِّث، ويشعر المتحدِّث بذلك.
لقد كتب معهد "جوتمان" (Gottman) في أحدث منشوراته "كلما زاد وعيك بعواطفك، قلَّت احتمالية تحكُّمها بك، وزادت قدرتك على مساعدة أحبائك عندما يحسُّون بعواطف مؤلمة"، ومن ثم بمجرَّد فَهْم عواطفنا وعواطف مَن حولنا جيداً، يمكننا البدء في حل المشكلات.
الفَهْم العاطفي، أهمية التمييز بين المشكلات والأحداث:
عندما يتعلَّق الأمر بالفَهْم العاطفي، من الهامِّ أن تتعلَّم التمييز بين المشكلات والأحداث؛ فالحدث واقعةٌ محدودةٌ زمنيَّاً تتضمَّن على الأرجح مشكلات أساسية كبرى قد تنتهي بانتهائه، بينما تُعدُّ المشكلة عموماً مشكلة جذرية تظهر في العديد من أحداث العلاقة أو مواقفها.
على سبيل المثال: إذا وقع جدالٌ بين الزوجين بعد أن جاءت فواتير بعض المشتريات مرتفعة للغاية، فهذا حدث، بينما إذا كان هناك خلاف مالي مستمر أو اختلاف في طرائق إنفاق الأموال، فهذه مشكلة، ولا يحاول معظم الأزواج للأسف حلَّ مشكلاتهم؛ بل يستمرون في الجدال ويصعِّدون الخلافات.
كيف نتعامل مع المشكلات والأحداث إذاً؟
يمكن التعامل مع الأحداث غالباً من خلال التواصل تواصلاًَ جيداً وأخذ فترات راحة تمكِّن الطرفين من الاسترخاء والشعور بالهدوء الداخلي، كذلك، قد تصير المشكلات أصغر وأقل سلبية من خلال التعامل معها ومحاولة حلِّها بانتظام؛ إذ قد تُحلُّ أكبر المشكلات بفاعلية من خلال التواصل بانفتاح ووضوح، ومن ثم نجد أنَّ حلَّ المشكلات مجرَّد جزء من العملية، وليس نقطة البداية، وكما يقول "مايك داوسون" (Mike Dawson): "يحدث التواصل الفعَّال عندما يتوفَّر الفَهْم العاطفي ويُلتزَم به".
لذا يجب أن نصغي إلى بعضنا بعضاً، ثم ننفِّذ الحلول المُرضِية لكلا الطرفين، وقد يحدث هذا ببساطة من خلال التحلِّي بالعقلية المنفتِحة، وفَهْم عواطف الآخرين، وتبنِّي مواقفَ جيدةً تجاه بعضنا بعضاً، وتقديم بعض التنازلات من أجل تسوية الأمور.
أضف تعليقاً