سنستكشف في هذا المقال ماهية الخدر العاطفي وكيف يحدث، ونفهم أكثر عن هذه الحالة التي تجعلنا غير قادرين على الشعور أو التعبير عن المشاعر بالطريقة الطبيعية والصحيحة، وسنلقي نظرة على علامات الخدر العاطفي وأسبابه المحتملة، مع التركيز على كيفية التعرف إليه والتعامل معه وعلاجه، فتابعوا معنا.
ما هو الخدر العاطفي؟
الخدر العاطفي هو حالة تتمثل في عدم الشعور أو التعبير عن المشاعر، ويشرح "مايرا مينديز" الحاصل على دكتوراه في الصحة النفسية والمعالج النفسي المرخص ومنسق البرنامج في مركز تطوير الطفل والعائلة في Providence Saint John: "إنَّ الخدر العاطفي هو العملية العقلية والعاطفية لإيقاف الشعور، وقد يظهر كنقص في الردود العاطفية أو التفاعل".
في كثير من الأحيان، يكون الشعور بالخدر مؤقتاً، ولكن بالنسبة إلى بعض الأشخاص، يصبح الخدر العاطفي استراتيجية لحماية أنفسهم من مزيد من الألم العاطفي أو الجسدي، وبالرغم من أنَّه قد يوفر الإغاثة المؤقتة، إلا أنَّ تعلم التعامل مع المشاعر الصعبة بهذه الطريقة قد تكون له عواقب طويلة الأمد.
كيف يشعر الشخص الذي يعاني من الخدر العاطفي؟
الخدر العاطفي، المعروف أحياناً بالتبلد العاطفي، قد يكون من الصعب تصوره إذا لم تكن قد خضت تجربته. يصفه بعض الأشخاص بالشعور بالفراغ أو اليأس، بينما يقول آخرون إنَّهم يشعرون بالعزلة، يشعر بعضهم كما لو أنَّ ليس لديهم مستقبل أو أنَّه لا يوجد أمل في أن يتلاشى الخدر أبداً.
تصف إيمي هـ، التي عاشت تجربة الخدر العاطفي بسبب الاكتئاب: "غالباً ما أشعر بأنَّني غير مرئية، كما لو أنَّني شبح، فأرى أفراد عائلتي يتفاعلون مع بعضهم بعضاً، لكنَّني أشعر وكأنَّ حاجزاً غير مرئي يمنعني من الانضمام إليهم، فأنا كغواصة تطفو غير مكتشفة، ألتقط عواطف الآخرين كالرادار، ومع ذلك، إذا كنت ستسألني عن مشاعري الخاصة، فلن أكون قادرة على إخبارك".
تشارك ريبيكا سي.* تجربة مماثلة مع الخدر الناتج عن الاكتئاب: "العالم من حولي يبدو في كثير من الأحيان سطحياً إلى حد ما، كما لو أنَّني مجردة من الحركة ولا يمكنني الاتصال ببيئتي، يجعلني أشعر كما لو أنَّ تشويشاً في دماغي، غير قادرة على التواصل أو التفكير بعمق".
يصف بعض الأشخاص الخدر العاطفي بأنَّه شعور بالتشتت أو عدم الاستقرار. يبدو أساساً كما لو كنتَ تنغمس في التفكير قبل أن تنام، تقول أماندا دي: "تشعر وكأنَّك غير مركز، وفي بعض الأحيان، خاصةً عندما تمر بذلك، من الصعب حقاً فهم كيف يستمر العالم في الدوران عندما يجب أن يكون قد توقف".
أعراض الخدر العاطفي:
تشمل أعراض الخدر العاطفي:
- عدم القدرة على المشاركة بشكل كامل في الحياة.
- عدم القدرة على الوصول إلى مشاعرك.
- الشعور بالبعد أو الانفصال عن الآخرين.
- الشعور بالثقل، سواء جسدياً أم عاطفياً.
- صعوبة تجربة المشاعر الإيجابية مثل السعادة.
- فقدان الاهتمام بالنشاطات التي كنت تستمتع بها.
- التفضيل للعزلة بدلاً من البقاء مع الآخرين.
قد يستخدم الأشخاص الذين يعانون من الخدر العاطفي استراتيجيات لتجنب التعامل مع مشاعرهم، حتى إذا كانوا يفعلون ذلك بشكل غير مدرك، قد يتجنبون بعض الأشخاص أو الحالات، وقد يكونون في حالة إنكار، وهو آلية دفاع شائعة يستخدمها الناس لتجنب المحفزات العاطفية والمشاعر السلبية.
أسباب الخدر العاطفي:
قد يحدث الشعور بالخدر العاطفي نتيجة للألم الجسدي أو العاطفي، وفي محاولة لحماية نفسك من الإصابة مرة أخرى، ليس من غير المألوف أن تقوم بالانفصال أو الابتعاد أو تخفيف المشاعر المتعلقة بالوضع.
عند حدوث ذلك، قد تشعر بالراحة المؤقتة التي تسمح لك بالمضي قدماً، وعلى الأمد الطويل، يمكن أن يبدأ هذا الدرع الواقي في عرقلة عملية الاتصال مع الآخرين والتواصل مع المشاعر الإيجابية والسلبية.
إليك مجموعة من الأسباب التي قد تجعلك تشعر بالخدر:
1. القلق:
قد يعاني الأشخاص الذين تم تشخيصهم باضطراب القلق من الخدر العاطفي بوصفه استجابة لمستويات عالية جداً من التوتر أو الخوف أو القلق الزائد، ويرتبط المستوى العالي من القلق بتجنب المشاعر الإيجابية والسلبية.
2. اضطراب الشخصية الحدودية (BPD):
قد يعاني الأشخاص الذين تم تشخيصهم باضطراب الشخصية الحدودية من فترات من الانفصال العاطفي أو الخدر، فقد يشعرون بأنَّ مشاعرهم ليست من صنعهم.
3. الحزن:
عند التعامل مع الوفاة، قد يمر الشخص بفترة يشعر فيها بالانفصال الكامل عن مشاعره.
4. الاكتئاب:
إنَّ الأشخاص الذين يمرون بفترات اكتئاب قد يكونون أقل حساسية لمشاعرهم، أو يعانون من تحجُّر العواطف، أي مستويات أعلى من الاكتئاب وعدم انتظام المزاج تؤدي إلى ميول أكبر للخدر العاطفي.
5. الأدوية:
قد يكون الشعور بالخدر العاطفي نتيجة لبعض الأدوية التي تعالج الاكتئاب والقلق، فإذا كنت تتناول مضاداً للاكتئاب وتشعر بالخدر العاطفي، فمن الهام استشارة طبيبك، فقد يختار تعديل جرعتك أو تغيير الدواء تماماً.
6. الإساءة العاطفية:
تشير الدراسات إلى أنَّ الأشخاص الذين تعرضوا للإساءة العاطفية في الطفولة أكثر عرضة لتجربة انحراف العواطف، ومن ذلك الخدر العاطفي، في سن البلوغ.
7. الضغط الكبير:
يمكن أن يكون الخدر العاطفي ناتجاً عن مستويات عالية من الضغط، فإذا كنت تشعر بالإرهاق العاطفي أو الجسدي، أو بالغموض، قد تشعر بالانفصال عن مشاعرك.
8. الإساءة الجسدية:
قد يشعر الأشخاص الذين تعرضوا للإساءة الجسدية بالخدر العاطفي، ويمكن أن يكون الشعور بالخدر آلية تكييف لتجنب التعامل مع وضع خطير ومخيف.
9. اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD):
قد يلجأ بعض الأشخاص إلى الخدر العاطفي بوصفه وسيلة لإدارة الألم العاطفي والجسدي، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، يمكن أن يظهر هذا عند تجنب الأفكار أو المشاعر أو المحادثات المتعلقة بحدث مؤلم.
10. الفصام:
قد يمر الأشخاص الذين يعانون من مرض الفصام بفترات يشعرون فيها باللامبالاة الكاملة أو الاهتمام الضعيف، فضلاً عن الخدر العاطفي.
11. سوء استخدام المواد المخدرة:
يمكن أن يغير الأشخاص الذين يسيئون استخدام المواد المخدرة مثل الماريجوانا أو الكوكايين نظام المكافأة في الدماغ، فهذا يجعل من الصعب الشعور بالسرور دون هذه المواد، ويمكن أن يؤدي استخدام المواد إلى الابتعاد عن المشاعر ونقص عام في الحماسة والاهتمام.
يحجب الخدر العاطفي أو يوقف المشاعر والتجارب السلبية، ويحجب أيضاً القدرة على تجربة المتعة والتفاعلات الإيجابية والنشاطات الاجتماعية والحميمية.
شاهد بالفيديو: كيف نتجاوز فقدان شخص عزيز
ما هو علاج الخدر العاطفي:
توجد مجموعة من خيارات العلاج المتاحة التي يمكن أن تساعدك على تقليل مدى محاولتك للهروب أو الانفصال عن مشاعرك. عندما تجد أخصائياً نفسياً أو عالم نفس للعمل معه، تكون الخطوة الأولى في عملية العلاج هي فحص سبب الخدر العاطفي الخاص بك، ويمكن للمعالج مساعدتك على تحديد السبب الأساسي للإصابة، والوصول إلى طرائق أفضل للتعامُل مع التجارب والعواطف الزائدة.
الهدف الأساسي للعلاج النفسي، هو تحفيز فهم المشكلة وتقديم بدائل فعَّالة لحلِّها، وقد يدعم العلاج النفسي عملية التعلم واستخدام أدوات التكيف الإنتاجية، فقد تتعلم كيف تسمح للمشاعر بالظهور ومعالجتها في بيئة آمنة مثل جلسات العلاج النفسي. أيَّاً كان العلاج الذي تختاره، فالحصول على مساعدة يمكن أن يوفر لك مكاناً آمناً للتعبير عن مشاعرك والتقرب منها بحيث لا تشعر بالخدر.
1. العلاج السلوكي المعرفي:
يمنحك العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الفرصة للتعبير عن مشاعرك وفهمها، وفحص مصادر تلك الردود العاطفية، فيتناول كيف يمكن أن تؤثِّر بعض الأفكار في مشاعرك.
بدلاً من تجنُّب أو استخدام أدوات التكيف غير الملائمة (مثل الخدر)، تهدف استراتيجيات CBT إلى تمكينك للانتقال من أفكار العجز إلى معتقدات القوة والكفاءة العاطفية.
2. العلاج بالقبول والالتزام:
العلاج بالقبول والالتزام (ACT) هو نوع آخر من العلاج السلوكي يستخدم في كثير من الأحيان مع اضطراب ما بعد الصدمة وقضايا الصحة العقلية الأخرى التي تتضمن الخدر العاطفي والتجنب بوصفها أعراض.
يستخدِم ACT نهجاً مبنياً على الوعي لمساعدتك على التعرف إلى الطرائق التي تحاول بها قمع أو التحكم في التجارب العاطفية، وهدف ACT هو مساعدتك على تجربة مشاعرك الداخلية بينما تركز انتباهك على عيش حياة ذات معنى.
في الختام:
إذا كنت تتساءل عن سبب حدوث الخدر العاطفي لديك فجأة أو عن سبب استمراره لفترة طويلة، قد يساعدك التواصل مع محترف في الصحة النفسية على استكشاف إجابات ممكنة. إذا كنت تشعر بالخدر العاطفي طوال الوقت، وتجد أنَّه يعوق حياتك اليومية، أو تلاحظ تأثيره في علاقاتك، فيمكن لخبير في الصحة النفسية أن يقدم المساعدة. التعرف إلى التحديات الأساسية المتعلقة بالصدمة أو اضطرابات الصحة النفسية وعلاجها قد يكون وسيلة لتجاوز الخدر العاطفي.
أضف تعليقاً