ومن المثير للدهشة أنَّ أكثر من 50% من الأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق، وأكثر من 60% من أولئك الذين تبلغ أعمارهم 80 عاماً فما فوق، لديهم أكياس تسمى الرتوج في القولون، وهي حالة تعرف باسم داء الرتج.
يُصاب أقل من 5% من المصابين بداء الرتج بالتهاب الرتج، وزادت حالات التهاب الرتج بنسبة 50% في الولايات المتحدة من عام 2000 إلى عام 2007، وخاصة بين الشباب، ويرتبط هذا الارتفاع بعوامل مثل السمنة والنظام الغذائي والخمول البدني، ويؤكِّد هذا الانتشار أهمية الأدلة الحديثة التي تطعن في الأساليب التقليدية لعلاج التهاب الرتج وتشكِّك في الاستخدام المعتاد للمضادات الحيوية والجراحة والإرشادات الغذائية.
علامات التهاب الرتج:
ينشأ التهاب الرتج عند التهاب الرتوج أو إصابتها بالعدوى، وتشمل العلامات الشائعة لالتهاب الرتج ما يأتي:
- ارتفاع غير طبيعي في عدد خلايا الدم البيضاء.
- ارتفاع بروتين سي التفاعلي (CRP) أو معدَّل ترسيب كرات الدم الحمراء (ESR).
- ظهور التهابات وتضخُّم في الأنسجة الدهنية حول القولون أو جدار الأمعاء وأكياس ملتهبة أو مصابة بالعدوى في القولون، وهي أعراض مميَّزة لالتهاب الرتج لا تشير عادة إلى حالة أخرى.
- دم في البراز.
- حمَّى.
- تسارع ضربات القلب.
- انخفاض ضغط الدم.
- ألم في البطن أو المستقيم.
أعراض التهاب الرتج:
تشمل الأعراض المتفاوتة ما يأتي:
- ألم في البطن وعادة في الجزء السفلي الأيسر، ولكن في كثير من الأحيان في الجزء العلوي الأيمن بالنسبة إلى الأشخاص المنحدرين من أصل آسيوي.
- انتفاخ في البطن.
- فقدان الشهية.
- الغثيان أو القيء.
- الإمساك أو الإسهال.
- صعوبة أو ألم في أثناء التبول.
- التشنُّجات.
التهاب الرتج مرض خطير وقد يهدِّد الحياة، لذا يجب الإسراع في علاجه.
أسباب التهاب الرتج:
ربط الخبراء منذ سنوات مرض الرتج بالنظام الغذائي الذي يفتقر إلى الألياف ويسبب صلابة البراز ويضغط على القولون، وهذا قد يؤدِّي إلى إتلاف جدار القولون، وفهم هذا يمهِّد الطريق لاستكشاف نظريتين رئيستين مقترحتين لشرح ظهور التهاب الرتج لدى فئات عمرية مختلفة.
تشير "نظرية الصدمة" إلى أنَّه عند كبار السِنِّ، قد يؤدِّي ارتفاع الضغط في القولون إلى ظهور نقاط ضعف تتضرر بسبب انحشار البراز الصلب في الرتوج، وهذا يؤدِّي إلى الالتهاب وفرط نمو البكتيريا، وتتوافق هذه الفكرة مع افتراض أنَّ عدم تناول ما يكفي من الألياف يؤدي إلى صلابة البراز الذي يحتاج إلى مزيد من الضغط للتحرُّك، ومع ذلك لا توجد أدلة تدعم هذه النظرية، وفي الحقيقة لا يوجد رابط قاطع بين التهاب الرتج وشكل البراز أو الإجهاد أو الشعور بعدم اكتمال حركات الأمعاء، وما يزال دور الألياف في النظام الغذائي في الوقاية من التهاب الرتج غير معروف.
بخلاف ذلك تؤكد "النظرية الإقفارية" لالتهاب الرتج أنَّه عند الشباب الذين ليس لديهم كثير من الرتوج، قد تؤدي التغيُّرات في أعصاب وعضلات القولون إلى تقلُّصات عضلية قوية وطويلة الأمد، وقد تضغط هذه التقلُّصات على الأوعية الدموية أكثر من اللازم، وهذا يجعل من الصعب وصول الدم والأوكسجين إلى أجزاء من القولون، وقد يؤدِّي هذا النقص في تدفُّق الدم إلى تلف الأنسجة والالتهاب.
إنَّ هاتين النظريتين تقدِّمان معلومات عن الآليات الكامنة وراء التهاب الرتج، لكنَّها تظلُّ مجرد تخمينات، ويشير النموذج المقترح حديثاً إلى التهاب مزمن وتفاعل معقَّد بين عوامل خطر معيَّنة، وإضافة إلى ذلك فإنَّ دور ميكروبيوم الأمعاء في مرض الرتج ما يزال غير واضح.
وجدت بعض الدراسات اختلافات في ميكروبات محدَّدة في أمعاء الأشخاص المصابين بمرض الرتج، لكنَّ هذه النتائج محدودة وغير ثابتة، ومن ثمَّ فإنَّ العلاقة السببية بين الميكروبيوم والتهاب الرتج ما تزال غامضة، ومع تحوُّل العلاج القياسي بعيداً عن الاستخدام الروتيني للمضادات الحيوية، فقد يؤثر ذلك في عدد مرات تكرار التهاب الرتج نظراً للتأثير الذي يمكن أن تحدثه المضادات الحيوية في توازن بكتيريا الأمعاء، ونحتاج إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة بين الميكروبيوم والتهاب الرتج فهماً وافياً.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتغذية صحية سليمة
ماذا يحدث في جسمك؟
بعد معرفة ما الذي قد يسبِّب التهاب الرتج، يجب أن نرى تأثيره في الجسم، وتتشكَّل الرتوج في الأجزاء الضعيفة من القولون، ربَّما وَفقَ إحدى النظريات المذكورة آنفاً، وعندما تلتهب هذه الرتوج، يبدأ تفاعل متسلسل في الجسم، ويؤدِّي الالتهاب إلى تورُّم وتهيُّج في المنطقة المصابة، والذي بدوره يسبِّب الألم وعدم الراحة، ويؤدِّي استمرار الالتهاب إلى مضاعفات مثل الخراجات أو الثقوب في الرتوج، وهذا قد يسبِّب تسرُّب البراز إلى تجويف البطن، وهذا يسبِّب التهاب الصفاق، وهو عدوى خطيرة مع تورم بطانة البطن.
قد يؤدي التورم أيضاً إلى تضييق المسار الذي يسلكه البراز من خلال الأمعاء، وهذا يؤدِّي إلى الانسداد وزيادة الضغط، وتقييد حركات الأمعاء، وقد يؤدِّي تلف جدار الأمعاء إلى إنشاء ناسور أو اتصالات غير طبيعية بأعضاء أو أنسجة أخرى، مثل الجلد أو المثانة.
أنواع التهاب الرتج:
التهاب الرتج هو جزء من مجموعة متنوعة من أمراض الرتج التي تشمل داء الرتج والتهاب الرتج وحالات مختلفة بينهما، وكلُّ نوعٍ له مجموعة من الأعراض الخاصة به ويتطلَّب أساليب علاجية مختلفة، ويُسهِّل معرفة هذه الأنواع فهم سبب رغبة الأطباء في استبعاد حالات معيَّنة عند تقييم الأعراض، ولا تظهر الأعراض على معظم الأشخاص الذين يعانون داء الرتج، ومع ذلك يعاني نحو 25% من المصابين من نوبات داء الرتج العرضي، ويعاني أقل من 5% من المصابين من نوبات التهاب الرتج الحاد، ويمكن تصنيف داء الرتج العرضي إلى ثلاثة أنواع:
1. مرض الرتج غير المصحوب بمضاعفات (SUDD):
هذا ينطوي على أعراض مزمنة مثل آلام البطن دون التهاب حاد، ويُعدُّ نوعاً مزمناً من داء الرتج.
2. التهاب القولون القطعي المرتبط بالرتج (SCAD):
يؤثر هذا النوع من التهاب القولون في مناطق القولون التي تحتوي على رتج، ومع ذلك على خلاف التهاب الرتج، يؤثر التهاب القولون القطعي في المقام الأول في القولون الموجود بين الرتوج وليس في الرتوج نفسها، وغالباً ما يعاني المرضى المصابون بالتهاب القولون القطعي من إسهال مزمن وألم في البطن، ويظهر أحياناً دم في البراز.
3. التهاب الرتج:
يحدث هذا عندما تصاب الرتوج بالالتهاب أو العدوى، وهذا يؤدِّي إلى أعراض مثل تلك الموضَّحة أدناه، وقد يكون التهاب الرتج حاداً مع أعراض مفاجئة وشديدة، أو متكرراً مع نوبات متكررة من التهاب الرتج الحاد، أو مزمناً مع استمرار الأعراض بمرور الوقت بسبب الالتهاب المستمر أو النوبات المتكررة، ويمكن تقسيم التهاب الرتج الحاد إلى الفئات الآتية:
- التهاب الرتج غير المعقَّد الذي ينطوي على ظهور مفاجئ للأعراض والالتهاب دون حدوث مضاعفات شديدة مثل الخراجات أو الثقوب، ويمكن في كثير من الأحيان إدارة الأعراض بإجراء تعديلات على النظام الغذائي، وإذا لزم الأمر، بالمضادات الحيوية.
- التهاب الرتج المعقَّد الذي ينطوي على أعراض ومضاعفات أخطر، مثل تلك المذكورة أدناه، وغالباً ما يتطلَّب التهاب الرتج المعقَّد علاجاً مكثَّفاً، وربَّما يشمل العلاج في المستشفى أو الجراحة.
من هو الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب الرتج؟
تعتمد فرص الإصابة بالتهاب الرتج على عوامل مثل الجنس والعمر والعِرق ونمط الحياة، وتسهم العوامل الآتية في الإصابة بالتهاب الرتج:
1. النظام الغذائي:
على الرغم من أنَّ الأدلة ليست قوية، فإنَّ اتباع نظام غذائي غني بالألياف قد يساعد على الوقاية من التهاب الرتج، والنباتيون أقل عرضة للإصابة بالتهاب الرتج بنسبة 30%.
2. الجنس:
هو أكثر شيوعاً عند الرجال منه عند النساء حتى الستين من العمر عندما تتساوى فرص الإصابة به بين كلا الجنسين، والذكور والأفراد الأصغر سِنَّاً أكثر عرضة للإصابة بنوبات متكررة، لكنَّ احتمال الحاجة للانتقال إلى المستشفى من أجل تلقِّي العلاج أكبر عند النساء.
شاهد بالفيديو: 6 أمراض أشد تأثيراً على النساء
3. العِرق:
الأشخاص من أصل أوروبي أكثر عرضة لدخول المستشفى بسبب التهاب الرتج.
4. مؤشِّر كتلة الجسم (BMI):
ترتبط السمنة ومحيط الخصر ونسبة الخصر إلى الورك بخطر الإصابة بالتهاب الرتج، وفي الواقع تبيَّن أنَّ السمنة التي يكون فيها مؤشِّر كتلة الجسم أعلى من 30، تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الرتج بنسبة تصل إلى 80%.
5. عدم ممارسة الرياضة:
قد يؤدي الخمول البدني إلى زيادة خطر الإصابة بالتهاب الرتج، وأظهرت الدراسات أنَّ ممارسة التمرينات الرياضية الشديدة بانتظام تؤدي إلى تقليل فرص الإصابة لدى الرجال بالتهاب الرتج بنسبة 25%، والنزيف من الرتوج بنسبة 46%.
6. التدخين:
يعدُّ التدخين أحد عوامل الإصابة بالتهاب الرتج، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تأثيره الضار في صحة القولون ووظيفته، ووجدت دراسة أنَّ احتمال دخول المدخِّنين المستشفى بسبب مرض الرتج أعلى بنسبة 24% من غير المدخنين.
7. الكحول:
وجدت بعض الدراسات أنَّ الإفراط في احتساء الكحول يزيد من خطر الإصابة بالتهاب الرتج، وخاصة نزيف الرتج.
8. الأدوية:
بعض الأدوية مثل مضادَّات الالتهاب غير الستيروئيدية والأسِيتامينوفين والأسبرين والمواد الأفيونية والكورتيكوستيروئيدات والأدوية الأخرى التي تثبِّط جهاز المناعة، قد تزيد من احتمال التهاب الرتج والثقوب.
9. بنية القولون:
قد تزيد التغيُّرات في بنية القولون، وخاصة صحة جداره وقوته من فرص الإصابة بالتهاب الرتج.
10. الحركة:
حركة القولون هي كيفية تحرُّك القولون وعمله، وترتبط الحركة المضطربة بمخاطر أعلى، وإضافةً إلى ذلك تؤثِّر الاضطرابات في كيفية تواصل الأعصاب والعضلات في القناة الهضمية في التهاب الرتج في الحركة.
11. مستويات فيتامين د:
ارتبط انخفاض مستويات فيتامين د والتعرض للأشعة فوق البنفسجية بزيادة المخاطر.
12. الوراثة:
أظهرت دراسات على التوائم أنَّ الوراثة لها دور في الإصابة بالتهاب الرتج، وأنَّها مسؤولة عن نحو 40 إلى 53% من خطر الإصابة به، ويشير هذا إلى استعداد وراثي، لكنَّه لا يسبِّب المرض بالضرورة، كون النظام الغذائي ونمط الحياة يؤثران في كيفية عمل الجينات.
13. العمر:
يزداد احتمال الإصابة بالتهاب الرتج مع التقدُّم في السِنِّ، إذ يرتفع ارتفاعاً ملحوظاً بعد سِنِّ الأربعين، ويزداد أكثر عند النساء بعد سِنِّ الستين. إضافةً إلى ذلك، قد يكون الأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الرتج الحاد، كما يواجه الضعفاء الذين يعانون من سوء التغذية مخاطر متزايدة للإصابة بالمضاعفات والوفاة.
كيفية تشخيص التهاب الرتج:
إذا اشتبه طبيبك بإصابتك بالتهاب الرتج، فسوف يفحص بطنك بحثاً عن الألم، ويستمع إلى أصواته باستخدام سماعة الطبيب، ويُجري فحوصات أخرى مثل فحص معدَّل ضربات القلب وضغط الدم ودرجة الحرارة، وقد يفحص أيضاً المستقيم أو الحوض، ولإجراء تشخيص أدق قد يطلب طبيبك فحوصات مختلفة لتحديد علامات العدوى أو الالتهاب واستبعاد الحالات الأخرى وتشمل هذه الفحوصات ما يأتي:
1. فحص عدد كريات الدم:
تشير الزيادة في عدد كريات الدم البيضاء إلى وجود عدوى أو التهاب.
2. فحوصات متنوِّعة:
تشمل أنزيمات الكبد تقييم وظائف الكبد، ومعدَّل ترسيب كرات الدم الحمراء (ESR) لقياس الالتهاب، وبروتين سي التفاعلي (CRP) بوصفه علامةً أخرى للالتهاب، وقد يساعد فحص البراز أو تحليل البول على تشخيص أو استبعاد الحالات الأخرى.
3. فحوصات الحمل:
بالنسبة إلى النساء في سِنِّ الإنجاب، قد يُطلب إجراء اختبار الحمل لاستبعاد الحمل بوصفه سبباً للأعراض ولاتِّخاذ قرارات التصوير الآمن.
4. فحوصات التصوير:
يشيع استخدام التصوير المقطعي لتشخيص التهاب الرتج وتقييم شدته، وتعدُّ الموجات فوق الصوتية والتصوير بالرنين المغناطيسي من البدائل المفيدة، ولا سيَّما في أثناء الحمل أو عند الحاجة إلى تجنُّب استخدام المادة المظللة.
بعد الانتهاء من الفحوصات اللازمة، قد يُطلب تنظير القولون عند الحاجة إلى مزيد من التقييم، وعند تنظير القولون، غالباً ما يُكتشف داء الرتج وتنصح الإرشادات الحالية بتحديد موعد لإجراء تنظير القولون بعد ستة إلى ثمانية أسابيع من النوبات، خاصة إذا لم تكن قد أجريت تنظيراً في الآونة الأخيرة، وقد يوصي طبيب الجهاز الهضمي بذلك بكل الأحوال للتوثُّق من التشخيص ومن عدم وجود مشكلات أخرى، مثل سرطان القولون، فتساعد هذه الفحوصات على التشخيص واختيار العلاج المناسب.
في الختام:
لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن أعراض التهاب الرتج وأسبابه وأنواعه وكيفية تشخيصه، وسنتحدث في الجزء الثاني والأخير منه عن مضاعفاته وطرائق علاجه وكيفية الوقاية منه.
أضف تعليقاً