ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب وكوتش الحياة كريس (Chris) الذي يُحدِّثنا فيه عن كيفية النمو بعد الصدمة.
ومع ذلك، سنكون قادرين على التفكير في الآثار طويلة الأمد لهذه الفترة الرهيبة وما فعلته لكلٍّ منَّا كأفراد، وكذلك لشركاتنا ومجتمعاتنا وبلداننا في مرحلةٍ ما، وستختلف هذه النتائج بالتأكيد بين الإيجابية والسلبية. لقد دُرِست هذه الظاهرة من قبل علماء النفس مثلي على مدار الخمسة وعشرين عاماً الماضية، ويُشار إليها على أنَّها "نمو ما بعد الصدمة".
لقد اكتشفنا أنَّ التجارب السلبية قد تؤدي إلى تحوُّل جيد، مثل تقدير أفضل للحياة والتطور الروحي، بالإضافة إلى إدراك القوة الشخصية واكتشاف فرص جديدة، وهذا أمرٌ واضحٌ في الأشخاص الذين عانوا من الحروب والكوارث الطبيعية والفجيعة، وفقدان الوظائف والصعوبات الاقتصادية، فضلاً عن الأمراض والإصابات الكارثية. وعلى الرغم من المعاناة التي تسببها جائحة الفيروس التاجي (كورونا)، قد يتوقع الكثير منَّا النمو بطرائق جيدة كنتيجة لذلك، وقد يساعد القادة الآخرون على القيام بذلك.
وعلى الرغم من أنَّ نمو ما بعد الصدمة يحدث على نحو متكرر بشكل طبيعي، ومن دون الحاجة إلى العلاج النفسي أو غيره من أشكال التدخل المنهجي، إلا أنَّه يمكن دعمه عبر خمس طرائق: التعليم، والتحكم العاطفي، والإفصاح، والإبداع السردي، وتقديم المعونة.
وبصفتي باحثاً ومعالجاً نفسياً ممارساً، فقد ساعدتُ مع زملائي مئات الأفراد في الخروج من هذا الألم، وهم في حال أقوى ممَّا كانوا عليه. وأنت أيضاً، يمكنك أن تكون أقوى، ويمكن أن تكون رفيقاً خبيراً للآخرين؛ حيث يمكنك تعزيز التأمل وتقصِّي الحقائق، والاستماع بنشاط، وتقديم النقد النابع من مشاعر الحب.
عناصر النمو:
فيما يلي الطرائق الخمس مع المزيد من التفصيل:
1. التعليم:
للانتقال من مرحلة الصدمة إلى التحسُّن، يجب على المرء ابتداءً أن يتعرف إلى معنى الصدمة، والتي تعرَّف بأنَّها اضطراب أنظمة المعتقدات الأساسية؛ فعلى سبيل المثال، اعتقدَ الكثير منَّا قبل الجائحة أنَّنا كنَّا في مأمنٍ من تلك الأمراض التي كانت تهدد البشر في السابق، وأنَّ تلك الأشياء الفظيعة قد حدثت في مناطق أخرى من العالم ولكن ليس في منطقتنا، وأنَّ بنيتنا الاجتماعية والاقتصادية كانت قوية بما يكفي لتحمُّل أيِّ اضطراب، ولكن لم يكن أيٌّ من ذلك صحيحاً؛ لذا يجب علينا الآن أن نقرر ما يجب أن نؤمن به عوضاً عن ذلك.
قد يكون الأمر محيِّراً ومخيفاً عندما يتم التشكيك في أفكارنا، ممَّا يؤدي إلى تفكير متوتر ومتكرر: لماذا حدث هذا؟ مَن المسؤول؟ إذاً ماذا عليَّ أن أفعل بعد ذلك؟ نحن مجبرون على إعادة النظر في وجودنا، ومَن يحيط بنا، وطبيعة العالم الذي نعيش فيه، ونوعية المستقبل الذي سيكون لدينا. قد يكون الأمر غير مريحٍ للغاية، ولكن كما تشير الأبحاث، قد يؤدي ذلك أيضاً إلى تحوُّل مفيد؛ لذا يجب علينا أن نبدأ دراسة وفهم هذه الحقيقة.
ذات مرة، قمتُ بتدريب سيدة في الثلاثينيات من عمرها أصيبت بسكتة دماغية، ولم تكن قادرةً على التعامل مع الأمر في البداية، لكنَّها سرعان ما أدركت أنَّ ظروفها الجديدة ستجبرها على إعادة النظر في هويتها؛ حيث شعرت أنَّه ينبغي عليها اكتشاف الخطوة التالية في هذه الحياة التي لم تتخيل إطلاقاً أنَّها قد تعيشها، فجزءٌ منها لم يصدِّق أنَّه يجب أن تفعل هذا، لكنَّها علمت أنَّه ينبغي فعل ذلك، وكانت هذه هي الخطوة الأولى لأن تصبح أكثر تعاطفاً مع نفسها، وقادرةً على قبول القيود ولكن من دون أن تعوقها.
ضع في حسبانك كيف يمكنك أن تدرك أنت والآخرون بأنَّه قد تكون للأزمات الصحية والاقتصادية الحالية عواقب جيدة وسيئة. وتذكَّر أنَّه يمكنك أنت وفريقك وعملك التجاري إعادة اختراع طريقة إدارتك وابتكارك في المواقف الجديدة، وقد يظهرُ ذلك بالفعل في تدابير الطوارئ التي تمَّ وضعها للحفاظ على سير العمليات.
على سبيل المثال، أنا أعرفُ موظفة تكنولوجيا معلومات تعمل في شركة خدمات غذائية، سُرِّح غالبية موظفيها في وقت مبكر من هذا العام، وبما أنَّ هذه الموظفة واحدة من الناجيات القليلات، فقد اضطرت إلى العمل في وظائف ومناطق لم تعمل بها من قبل، وهو أمرٌ صعب، لكنَّها اكتشفت بسرعة أنَّه من دون البيروقراطية العادية ومعارك النفوذ، يمكنها اكتشاف أوجه القصور وتحديد طرائق لتحسين الأنظمة التي عفا عليها الزمن.
2. التحكم العاطفي:
يجب أن يكون المرء في حالة ذهنية مناسبة عند التفكُّر، والتي تبدأ بضبط المشاعر غير السارة مثل الخوف والذنب والغضب، والتي يمكن تحقيقها عن طريق تغيير أسلوب التفكير الذي تسبَّب بمثل هذه المشاعر. فبدلاً من التركيز على الخسائر والفشل والشكوك وأسوأ السيناريوهات، حاول أن تتذكر الانتصارات، وتتحقق من أفضل السيناريوهات، وتفكِّر في مواردك واستعداد مؤسستك، وحاول التفكير بشكل واقعي فيما يمكنك القيام به، على الصعيد الشخصي وعلى صعيد المجموعة.
كان مؤسِّس إحدى سلاسل المطاعم بحاجة إلى ضبط مشاعره، بعد أن قام مجلس إدارته بإقالته من منصبه كرئيس تنفيذي. لقد كانت هذه الأخبار بمنزلة مفاجأة صادمة له، وفقاً لما رواه في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو (HBR) في مقال بعنوان "البوتقة: خسارة أغلى منصب والفوز به مجدداً" (Crucible: Losing the Top Job—and Winning It Back)، والذي نُشِر في تشرين الثاني/أكتوبر عام 2010؛ حيث إنَّه كان غاضباً في البداية، ولكن عندما نصحه والده، وهو أيضاً مستثمر، بأن "يشغل تفكيره في كيفية أن يكون مفيداً"، فعل ذلك، وبدلاً من التركيز على غضبه والشعور بأنَّه قد خُدِع، بدأ التفكير في كيفية التزامه الهدوء والتعامل بمهنية مع استمرار مساهمته في نجاح الشركة، ليعود لاحقاً ويتولِّى منصب الرئيس التنفيذي للشركة.
يمكنك إدارة عواطفك إدارةً مباشرةً من خلال ملاحظتها عند ظهورها، كما تُعدُّ النشاطات البدنية والأساليب التأملية مثل التنفس، مفيدة أيضاً لفعل ذلك؛ إذاً، طبِّق هذه المهارات على نفسك وشاركها مع الآخرين لمساعدتهم، واستوعب أنَّ الموقف لا يزال صعباً ومرعباً، ثم تعامل معه بهدوء، وشجِّع الآخرين على التواصل أكثر حتى يشعروا بوحدةٍ أقل، ولكي يتمكَّنوا من إدراك قوَّتهم العاطفية الجماعية بشكل أكثر وضوحاً.
3. الإفصاح:
الإفصاح هو الجزء من العملية الذي تناقش فيه ما حدث ويحدث، أي آثار الصدمة الصغيرة والكبيرة، القصيرة والطويلة الأجل، الشخصية والمهنية، الفردية والمؤسساتية، وما ستتعامل معه على أنَّه نتيجةٌ لذلك؛ حيث يسمح لنا توضيح هذه الأشياء بفهم الصدمة وتحويل الأفكار المؤلمة إلى ملاحظات أكثر فائدة.
إنَّ طرح الكثير من الأسئلة، عندما تساعد شخصاً ما للتعبير عن شعوره بهذه التجربة القاسية، قد يبدو بمنزلة استجواب جائر بدافع الفضول لا الاهتمام؛ لذا من الأفضل التركيز على النتائج وعلى هموم نظيرك الأكثر إلحاحاً.
قد تزيد الأحداث السلبية من تقدير المرء للحياة:
قُدِّمَت دراسة حالة من قِبل عميلٍ سابقٍ لي، وحيث إنَّه كان مطوراً لامعاً يسعى إلى إيجاد مكان ملائم في مؤسسة جديدة، فقد صمَّم تطبيقاً ذا إمكانات هائلة؛ ولكن بعد ذلك، وظَّف مديروه شخصاً من الخارج لإدارته، وكان من المفترض أن يعمل تحت إمرته، ناهيك عن أنَّ أداء البرنامج كان ضعيفاً تحت قيادة هذا المدير، فأُلقي اللوم على المطور، ممَّا أضرَّ بسمعته وآفاقه المهنية، والذي قرر في نهاية الأمر الذهاب إلى قسم الموارد البشرية، حيث قال لي: "لم أكن متأكداً ممَّا إذا كانت هذه هي الخطوة الصحيحة، لكنَّني أردت بعض التوجيه".
لقد كان للتحدث مع ممثلة الموارد البشرية أثرٌ علاجي، وانتهى به الأمر بإخبارها أكثر ممَّا أراد؛ حيث طرحت أسئلةً مثل، "ما الذي شعرت به عندما سُحب هذا المشروع منك وأُفسِد الأمر؟"، ثم حاولت مساعدته في التعافي من تلك الانتكاسة المهنية الكبيرة.
بصفتك زميلاً وقائداً، فمن المهم للغاية أن تدرك الآثار العديدة التي أحدثتها الجائحة، وما نتج عنها من عدم استقرارٍ مالي وتسريحٍ للعمال وركودٍ اقتصادي أثَّر وما زال يؤثِّر في حياة الأفراد من حولك؛ لذا ابدأ بأن تكون صريحاً فيما يتعلق بتحدياتك الشخصية وكيف تتعامل مع عدم اليقين، ويمكنك بعد ذلك تشجيع الآخرين على مشاركة حكاياتهم، والاستماع باهتمام في أثناء قيامهم بتحديد عقباتهم والتعرُّف إلى كيفية ارتباط كفاحهم وخسائرهم بتلك التي يواجهها الآخرون.
4. السرد الإبداعي:
تتمثل المرحلة التالية في إنشاء قصَّةٍ صادقةٍ عن الصدمة وعن حياتنا منذ ذلك الحين، حتى نتمكن من قبول الفصول التي سبق وأن كُتبت بالفعل، ونتصوَّر كيف يمكننا كتابة الفصول المستقبلية بطريقةٍ هادفة؛ حيث يجب أن تكون روايتك، وكذلك تجارب الآخرين الذين تساعدهم، تدور حول ماضٍ مؤلمٍ يؤدي إلى مستقبلٍ أفضل.
فكِّر في حالة رئيسٍ تنفيذي في مؤسسةٍ خيرية فُصِل من وظيفتين سابقتين بسبب اتهاماتٍ بالتحرش الجنسي، وذات ليلةٍ في أثناء سفره على الطريق السريع مع زوجته، تعرَّضوا لحادثٍ كارثي، حيث اصطدموا بسيارةٍ متوقفة من دون إضاءة، وكانت إصابات زوجته طفيفة، لكنَّه فقد وعيه مدة شهرٍ واحدٍ، واحتاج إلى عامٍ من العلاج قبل أن يتمكن من المشي والتحدث مجدداً.
حيث روى القصة بالشكل الآتي: "يعتقد الكثيرون أنَّ هذا الحادث هو الذي وضع حياتي في خطر، ولكنِّي كنت في خطرٍ جسيمٍ من الأساس؛ حيث كنتُ أُلحقُ الأذى بالناس، وأخرِّب وظيفتي، وكنت على وشك أن أخسر زوجتي وأطفالي، إلى أن دفعني الحادث إلى التوقف، وأعطاني الوقت للتفكير وعلَّمني ما الحب الحقيقي".
عندما تكون مستعداً، ابدأ تشكيل قصة مؤسستك ومأساة هذا العام، واسأل نفسك ما التغييرات التي أجريتها على أولوياتك نتيجةً لذلك؟ وما السبل أو الاحتمالات الجديدة التي نتجت عن ذلك؟ فكِّر في الأمثلة القيادية المشهورة، بما في ذلك أفراداً مثل أوبرا وينفري (Oprah Winfrey) ونيلسون مانديلا (Nelson Mandela)، وكذلك شركاتٍ مثل كرايسلر (Chrysler) وجونسون آند جونسون (Johnson & Johnson) التي خرَّجت أقوى من الشدائد، فهم يمثلون تجليات نمو ما بعد الصدمة؛ ابحث عنهم واستمد الأمل منهم، وشجع الأشخاص المقربين منك على فعل الشيء نفسه.
5. تقديم العون:
يكون هؤلاء أفضل حالاً في أعقاب الصدمات إذا وجدوا عملاً يساعد الآخرين، مثل مساعدة الأشخاص القريبين منهم أو مجتمعهم الأكبر، أو ضحايا المآسي المماثلة لتلك التي مروا بها. فمثلاً أسَّست امرأتان أعرفهما وكلتيهما قد فقدت طفلاً، مؤسسةً لمساعدة العائلات الثكلى على التواصل مع الآخرين الذين فهموا آلامهم. وبعد أربعين عاماً، ازدهرت المجموعة بفضل توجيه الأفراد الذين عانوا من مآسي مماثلة ويرغبون في مشاركة بطولاتهم.
يُعدُّ كين فالك (Ken Falke)، خبير إزالة القنابل في البحرية الأمريكية لأكثر من 20 عاماً، مثالاً بارزاً آخر لتقديم العون؛ حيث أراد مساعدة الآخرين على الشفاء بعد رؤية صدمات الحرب بشكلٍ مباشر، وليبدأ هو وزوجته جوليا بزيارة قدامى المحاربين في المستشفيات، لكنَّهم اعتقدوا أنَّ ذلك لم يكن كافياً؛ لذلك قاموا بتأسيس معهد بولدر كريست (Boulder Crest)، حيث أعمل أنا الآن، وأسسوا برامجه على نموذج التنمية ما بعد الصدمة.
أنتَ لست بحاجة إلى إنشاء مؤسسة أو منظمة غير ربحية من أجل تقديم العون؛ حيث إنَّ التفكير في طريقةٍ لتقديم المساعدة وسط الأزمة المستمرة، سواء عن طريق خياطة الكمامات أم إنشاء المحتوى أم إعادة تعبئة الأرفف أم إعادة تدريب الزملاء أم مساعدة الشركات الصغيرة أم الموافقة على التخفيض المؤقت للراتب؛ كل ذلك قد يؤدي إلى التنمية، وقد يكون للتعبير عن الشكر وإظهار التعاطف والتفهُّم للآخرين التأثير نفسه ببساطة.
تقرر الطريقة التي تستجيب بها أنت ومنظمتك للوباء وعواقبه ما إذا كنت تعدُّ الوباء وعواقبه كارثة مطلقة أم فرصة لخلق طرائق جديدة وأفضل للعيش والعمل، وربما يمكنك أن تفهم كيفية التعامل مع مثل هذه الأزمات بشكلٍ أفضل في المستقبل، وربما يمكنك مساعدة من هم في أمسِّ الحاجة؛ إذاً ابحث عن المهام الشخصية والمشتركة التي تثيرك وتساعدك على إيجاد هدفٍ في حياتك.
شاهد بالفيديو: عشرين مهارة تجعلك محبوباً لدى الآخرين
مزايا نمو ما بعد الصدمة:
نأمل أن تتطور أنت وزملاؤك أو شركتك نتيجةً لهذه العملية، في واحدٍ أو أكثر من المجالات الآتية:
1. الثبات الشخصي:
غالباً ما يتفاجأ الناس بمدى تعاملهم مع الصدمات تعاملاً جيداً، فهم مستعدون استعداداً أفضل لمواجهة المشكلات المستقبلية. وهذا ينطبق أيضاً على المجموعات والمنظمات؛ حيث تخرج المجموعات عموماً من مثل هذه التجارب بفهمٍ أفضل لمعرفتها الجماعية ومهاراتها ومرونتها وإمكان تطورها.
فكِّر في مالك مطعمٍ أنشأ للتو مطعمه الجديد في كانون الثاني / يناير، وبحلول شهر آذار / مارس، أجبرته إجراءات التباعد الاجتماعي على إعادة التفكير في استراتيجيته بالكامل، حيث فكَّر في تسريح موظفيه بانتظار انتهاء الجائحة، والبدء من جديد؛ لكنَّه قرر فجأةً إعادة الالتزام بالمشروع، وإشراك جميع موظفيه من الطهاة والنادلين إلى فريق إدارة الأعمال، لمعرفة ما إذا كان في إمكانهم إيجاد حلٍّ للمضي قدماً معاً.
2. فرصٌ جديدة:
عندما تجعل الظروف الجديدة العودة للعادات والأدوار والأساليب القديمة أمراً مستحيلاً، يجب أن نتكيف ونبتكر؛ لذلك يجب أن يكون لدى القادة، الثقة والشغف لتجربة هذه الأساليب الجديدة، وأن يُثبتوا لأتباعهم ضرورة الترحيب بالتغيير بدلاً من الخوف منه.
حثَّ صاحب المطعم طاقمه على إنشاء شركةٍ تستخدم الموارد التي لديهم، البشرية والمادية، لضمان بقاء المؤسسة، وقد بدؤوا بتقييم قدرات وخبرات بعضهم بعضاً، ثم أخذوا على عاتقهم مهمة تجديد مهنتهم.
3. تحسُّن العلاقات:
غالباً ما يكون هذا الأمر نتيجة الرغبة في تقديم المساعدة وتلقِّيها في الأوقات الصعبة، فقد تساعد الصدمة الأفراد على تكوين روابط جديدة، وتجعلهم يقدِّرون ما لديهم حالياً، فهي تجربة لتقوية الروابط لخوض أزمةٍ ما معاً.
وحدث هذا على الفور مع موظفي المطعم؛ حيث بدؤوا يرون أهمية الأمور التي استعرضها كلُّ واحدٍ منهم، وأصبح الأشخاص الذين لم يعرفوا بعضهم بعضاً قبل ثلاثة أشهر تقريباً أقرب، وبدؤوا العمل كفريقٍ متماسكٍ ومرن.
4. الحياة التي تستحق التقدير:
عندما نواجه الخوف والخسارة، فإنَّنا غالباً ما ننمو على نحوٍ أفضل فيما يتعلق بتقدير ما لا يزال لدينا ممَّا كنَّا قد أهملناه سابقاً. وقد يمثِّل القادة قدوة من خلال الاعتراف بأهمية الجوانب الأساسية للحياة والعمل، فنحن لدينا طاقمٌ رائع، وعملاؤنا يقدِّرون العمل الذي نؤديه، ولقد حافظنا على عمل الشركة لصالح كل من لا يزال يعمل هناك. ومع هذا، تهدف شركتنا إلى تحقيق هدفٍ أكبر؛ إذ حتى الأشياء الثانوية، مثل التعليق على مدى روعة مذاق قهوة الصباح الخاصة بك، تُعدُّ مُهمة.
قد تتسبب الصدمة في جعل الأفراد أكثر تقديراً للروابط التي لديهم حالياً.
ونتيجة إدراكهم بأنَّ غالبية موظفي هذه المهنة قد سُرِّحوا؛ تطوَّع كل فرد في المطعم للعمل مقابل أجرٍ أقل من أجل ضمان عدم الاستغناء عن أيِّ شخص، وكان الجميع مرتاحين لاستمرارهم في العمل، بغضِّ النظر عن الدور الذي سيؤدونه في الشركة المُعاد إطلاقها، ولم يُبدِ أيُّ أحدٍ استياءه من أيَّ مهمة أدنى من مستواه، بل كانوا ممتنين لفرصة مواصلة القيام بشيءٍ مفيد.
5. النمو الروحي:
ينبع هذا الأمر من التأمل في "الأسئلة العظيمة" التي غالباً ما يتم تجاهلها في الحياة اليومية، وغالباً ما تدفع التحديات الناتجة عن الصدمة، والتي تمس معتقداتنا الأساسية، الأفراد إلى أن يصبحوا متأملين هواة أو فلاسفة من أجل بناء حياةٍ تستحق العيش. وقد تواجه المنظمات، شأنها شأن الأفراد، قضايا وجودية مثل، هل نعمل في شركتنا بشكل أخلاقي؟ هل نضع المُثُل التي نتفاخر بها موضع التنفيذ؟ هل يجب أن ننفق وقتنا الثمين وأموالنا على أيِّ شيءٍ آخر؟ ما مساهمتنا في تحسين المجتمع؟ ما السبب الرئيس لاستمرار وجودنا؟ يتطلب ذلك شجاعة وبصيرة للقادة لتسليط الضوء على مثل هذه التحديات.
اتفق فريق المطعم على أنَّ الشركة يجب أن تكون مزيجاً من متجر بقالةٍ، وخدمة إعداد وجباتٍ أو طلبياتٍ خارجية، ومخزنٍ ومركزٍ لتوزيع المساهمات في بنك طعامٍ محلي؛ حيث أراد المالك والموظفون مساعدة الحي، وأدركوا أنَّه نتيجةً لذلك، سيكتسبون المودَّة، فكانوا يتحضَّرون للنجاة على الأمد القصير، والازدهار على الأمد الطويل، ويمكن لأيِّ شخصٍ أو مجموعة أو منظمة أن تفعل الشيء نفسه.
إذا كنت تعتقد أنَّ هذا مفرطٌ في التفاؤل أو السذاجة، فقد تكون قريباً جداً من أهوال الوباء، ويمكن قول ذلك أيضاً عن الآخرين من حولك؛ لذلك، تحلَّ بالصبر في أثناء تَقدُّمك ومساعدتك في عملية نمو ما بعد الصدمة، فبعضٌ منَّا من الذين يعملون في هذه المهنة يفهمون أهمية الوقت، وأنَّه لا يمكن دفع النمو، ولا يمكن استعجاله.
ومع ذلك، من المُجدي أن تبدأ العمل عندما تكون أنت والآخرون مستعدين؛ دعنا نتأكَّد من أنَّنا نحصل على شيءٍ بنَّاء من هذه اللحظة الصعبة، فلا ينبغي علينا إضاعة فرص التنمية الشخصية والمجتمعية.
أضف تعليقاً