بالطبع لا يمكن أن يكون النجاح صدفة أو حظاً؛ بل يجب أن يمتلك الإنسان مفتاحاً رئيساً للنجاح. تعدُّ القدرة على التبادل الحقيقي القائم على التواصل وبناء العلاقات في عالَم الأعمال هي المفتاح الرئيس للنجاح، فعالمنا اليوم متَّصل اتِّصالاً قوياً، ويجعلك ذلك بحاجة لشبكة قوية تدعمك.
فمثلاً استطاع "مارك زوكربيرج" مؤسس موقع الفيسبوك بناء شبكة متينة من المستثمرين والمبرمجين في وقت مبكِّر، فساهمَ ذلك بنمو الفيسبوك نموَّاً هائلاً، وتمكنت"أوبرا وينفري" التي بدأت مسيرتها المهنية بعملها بوصفها مذيعة محلية من امتلاك امبراطورية إعلامية هامة وضخمة الآن بفضل شبكة علاقاتها الواسعة مع وسائل الإعلام، وغيرهم الكثير من الناجحين.
هذا ما يجعلنا نحدِّثك في مقالنا اليوم عن "التشبيك" لتتمكَّن من امتلاك مفتاح نجاحك في حياتك المهنية، فتابِع القراءة.
ما هو التشبيك؟
التشبيك هو عملية بناء العلاقات مع الآخرين، ولكن ليست السطحية والعابرة منها. إنّه فنُّ الاتصال الذي يقودك إلى علاقات قوية ومستدامة مبينة على الاحترام والثقة، وهو الاستثمار طويل الأمد في نفسك وفي حياتك المهنية لأنَّه يساعدك على الوصول إلى أهدافك المهنية في مراحل مبكِّرة من خلال الشبكات المهنية. لا تعدُّ علاقتك مع الآخرين في هذه الحالة مبينة على مصلحتك الشخصية، إنَّما التواصل المهني مفيد لجميع الأطراف.
أهمية التشبيك
لا حدودو لأهمية التشبيك وخاصة تشبيك الأعمال القائم على علاقات مع زملاء في العمل، وذلك للأسباب التالية:
1. التطوير الشخصي
يساعد التشبيك على التعلم من الآخرين؛ لأنَّ الإنسان يكتسب من كل شخص يتعرَّف عليه مهارة معيَّنة وينمِّي جانباً معيَّناً من معارفه وشخصيته عموماً، ويكتسب نظرة أوسع للعالم.
2. النمو المهني
تشبيك الأعمال له دور كبير في الحصول على فرص عمل هامة ومميَّزة، بالإضافة لدوره الهام في توسيع مشروعاتك ونطاق تأثيرك؛ لأنَّ العلاقة تكون مع زملاء بالمهنة نفسها ومورِّدين وعملاء، سواءً في الواقع أم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
3. الدعم
لا تقتصر أهمية التشبيك على الفوائد من تشبيك الأعمال، لأنَّ التواصل بمختلف أشكاله حتى التواصل المهني يقدِّم للإنسان دعماً متعدد الأشكال، كالدعم المعنوي في لحظات الشدة وانطلاق المشروعات، أو الدعم بتوسيع دائرة معارفك، فكل شخص يمكنه تعريفك على مجموعة، بالتالي زيادة المعلومات، والخبرات، أو الدعم المادي لإيصالك إلى أهدافك المهنية بسرعة.
شاهد بالفيديو: كيف تبني علاقات عمل جيّدة؟
فوائد التشبيك
يمتلك التشبيك عدداً من الفوائد التي لا حصر لها، ولكن سنتحدث الآن عن أهمها:
1. تبادُل الخبرات
التشبيك هام جداً لتحقيق النجاح، لكونه الخطوة الأولى في بناء الذات، فيساعد التواصل المهني على ما يأتي:
1.1. التعلم المستمر
تدفعك الشبكات المهنية للتواصل والتفاعل مع خبراء في مجالات متنوعة، بالتالي تكتسب معلومات هامة وأفكار وخبرات جديدة.
2.1. حل المشكلات
تربطك الشبكات المهنية بأشخاص لديهم وجهات نظر متنوعة، بالتالي توفِّر عليك الوقت والجهد الذي يجب أن تبذله لتصل للحل المناسب لمشكلاتك.
3.1. الإبداع
بواسطة تبادل المعارف والمعلومات يتولد لديك أفكار جديدة لتطوير منتجاتك وخدماتك.
4.1. توسيع آفاقك
يفتح تشبيك الأعمال الرؤية أمامك على مجالات ووجهات نظر متنوعة تتجاوز من خلالها القيود التي تفرضها على نفسك في التفكير أو يفرضها عليك المجتمع والظروف مثلاً، فتصل من خلالها إلى مشروعات متطورة وجديدة ومشتركة مع جهات ناجحة، وربَّما تصل لفرص استثمار ذهبية.
2. الدعم المهني
أهمية تشبيك الأعمال كبيرة ويمكن أن تجني ثمارها على الأمد الطويل، فيساعد التواصل المهني على ما يأتي:
1.2. الحصول على فُرص عمل هامة
يحصل الكثير من الناس على فرصة حياتهم من خلال الشبكات المهنية التي بنوها سابقاً، فتساعدهم على الحصول على توصيات سواءً داخلية من شخص ضمن شركة ويعرف قدراتك فيساعدك بالحصول على مقابلة عمل، أم توصيات تجعلك تصل إلى الوظائف الكبيرة غير المعلنة، والتي تُملأ عادة من الشبكات المهنية، أو تتعرَّف عليها من خلال التشبيك إلى أصحاب القرار في الشركات التي يهمك أمرها.
2.2. التوسع في الأعمال
يُمكنك من خلال التواصل المهني بناء شبكة من العملاء المهتمين بمنتجاتك، والعثور على شركاء استراتيجيين يُدخلوك إلى أسواق جديدة، أو التعرف على مستثمرين إن كنت تريد مموِّل لأعمالك. يعرِّفك التشبيك أيضاً على مورِّدين موثوقين بأسعار تنافسية.
3. بناء سمعة قوية
يساهم التشبيك مساهمة حقيقية في بناء السمعة الجيدة والقوية التي تحتاجها في الشبكات المهنية خصوصاً، والتي تتم بالشكل التالي:
1.3. التسويق الشفهي
هو ما ذكرناه سابقاً حول التوصيات، فعندما يوصي شخص بك، يمنحك ذلك مصداقية عالية، كما أنَّ المعلومات حولك تنتشر بسرعة كبيرة، فنحن في العصر الرقمي، بالتالي تصلُ التوصية الإيجابية لكل مكان ولعدد كبير من الأشخاص في وقت قصير. إضافة إلى ذلك، فإنَّ التسويق الشفهي يشمل تحدثك عن منتجاتك وخدماتك للآخرين، فهو تسويق غير مباشر.
2.3. بناء الثقة
لا يضمن التشبيك استدامة العلاقات، إن لم تحاول الحفاظ عليها، وذلك بالمصداقية العالية، بالتالي إن أُثبِت لشخص أنَّك صادق وجدير بالثقة، ينعكس ذلك إيجاباً على سمعتك وتزداد قوة علامتك التجارية الشخصية.
شاهد بالفيديو: 4 قواعد لبناء علاقات عمل قوية
مهارات التشبيك
مهارات التشبيك متعددة وضرورية لنجاح التشبيك أبرزها ما يأتي:
1. مهارات التواصل
تقوم مهارات التواصل في التشبيك على النقاط الأساسية التالية:
1.1. التعبير الواضح
هو القدرة العالية على التعبير عن الرأي الواضح والصادق لإيصال الأفكار بشكل مناسب، والذي يتم بتنظيم الأفكار والتركيز على الرسالة وتجنُّب أي لَبس.
2.1. لغة الجسد
ضرورية لنجاح التواصل المهني، فيساعد التركيز على لغة الجسد على كسب الاحترام والثقة العالية والاهتمام، ويتم ذلك بالاهتمام بالإيماءات والتواصل البصري.
3.1. التكيُّف مع الآخرين
القائم على احترام الاختلافات الشخصية والثقافية، والبحث دائماً عن نقاط مشتركة لبناء جسر تواصل.
2. مهارات الاستماع
والتي تعتمد على ما يأتي:
1.2. التركيز التام
يجب أن يشغل المتحدث كامل اهتمامك دون انقطاع.
2.2. إظهار التعاطف
ليشعر المتحدث بأهمية ما يتحدث به وأهمية مشاعره.
3.2. طرح الأسئلة
تشير إلى تركيزك مع المتحدث ورغبتك بمعرفة المزيد.
4.2. تلخيص الحديث
يشير ذلك إلى فهمك لما قاله المتحدث.
3. مهارات بناء الثقة
تعدُّ حجر الأساس في تشبيك الأعمال، ومهارات بناء الثقة هي التالية:
1.3. المصداقية
تتم الشفافية بالقدرات، والأفكار، والتصرف بمسؤولية، سواءً بالوفاء بالوعود الصغيرة قبل الكبيرة، وكذلك بشأن الأخطاء.
2.3. الاحترام المتبادَل
الذي يظهر بالاستماع، والتواصل الفعَّال عامة، وتجنُّب اللوم والنقد وإصدار الأحكام دون التأكد من صحة انطباعاتك.
3.3. التوافق
هو الاتساق بين الكلام والأفعال.
4. مهارات المتابعة
المتابعة ضرورية لبناء علاقة دائمة في التشبيك، وأهم مهاراتها التالي:
1.4. الاهتمام المستمر
يُظهر للآخرين أهميتهم بالنسبة لك.
2.4. الذاكرة
تذكُّر اللقاءات والتفاصيل المتعلقة بالمحادثات.
3.4. الصبر
تحتاجه عند عدم حصولك على رد فوري، أو رأي كافٍ، أو عدم الترحيب بك ترحيباً مناسباً في اللقاء الأول.
شاهد بالفيديو: اكتشف أسرار الحصول على فرص عمل جديدة من خلال العلاقات المهنية
استراتيجيات بناء الشبكات المهنية
يحتاج تشبيك الأعمال إلى استراتيجيات تُبنى على أساسها الشبكات المهنية، وأهم استراتيجيات التشبيك ما يأتي:
1. تحديد الأهداف
تعدُّ اللبنة الأولى عند التواصل المهني مهما اختلفت الأهداف، وتحدَّد بناءً على ما يأتي:
1.1. أهداف محددة
لا تقل "أريد بناء شبكة"؛ بل حدِّد نوعها مثلاً "أريد بناء شبكة موزعين جدد في المنطقة".
2.1. واقعية
يجب أن تكون الاهداف قابلة للتحقيق.
3.1. قابلة للقياس
مثلاً "أريد توسيع الأعمال بنسبة 20%".
مرتبطة بالوقت: مثلاً "أريد زيادة المبيعات بنسبة 10% بحلول نهاية العام".
2. تحديد الجمهور
تعتمد الشبكات المهنية الناجحة على تحديد جمهور متفاعل، وأهم استراتيجيات التشبيك ما يأتي:
1.2. تحديد المستهدفين
هل هم زملاء في المهنة، أم عملاء، أم طلاب، أم مستثمرين؟
2.2. تحديد المنصات المناسبة
مثل فيسبوك، أو تويتر، أو يوتيوب، أو غيره من المنصات الضرورية لربطك وتوفير التواصل المهني الصحيح.
3.2. إنشاء المحتوى القيِّم
المساعِد بوصولك للجمهور.
3. المشاركة في النشاطات المهنية
يحتاج التشبيك والوصول إلى التواصل المهني المرغوب للمشاركة في النشاطات المهنية بالشكل التالي:
1.3. المؤتمرات
يجب حضور معظم ما يتعلق بمجال عملك من ندوات ومؤتمرات.
2.3. ورشات العمل التدريبية
تساعدك على تشبيك الأعمال واكتساب الخبرات والمهارات المتنوعة.
3.3. المجموعات المهنية
سواءً مجموعات الإنترنت أم الجمعيات الواقعية التي تضم زملاء المهنة لنقاش قضاياها.
4.3. التطوع في المنظمات
أيضاً يُكسبك مهارات ومعارف، ويُظهر اهتمامك بالمجتمع، ويساعدك على تشبيك الأعمال.
في الختام
لا يقتصر التشبيك على كونه علاقات مع الآخرين؛ بل هو حجر الأساس لبناء الشبكات المهنية الناجحة ونمو الإنسان شخصياً ومهنياً. أهمية التشبيك عالية جداً في بناء السمعة القوية وتبادل الخبرات والحصول على دعم مهني ضروري للنجاح، أمَّا مهارات التشبيك فأيضاً كثيرة، وأبرزها التواصل، والاستماع، ومهارات المتابعة، وبناء الثقة.
تحدَّثنا في مقالنا أيضاً عن استراتيجيات التشبيك والتي تبدأ بتحديد الجمهور والأهداف والمشاركة في النشاطات المهنية لتتمكَّن من التواصل المهني مع جهات متنوعة.
أضف تعليقاً