تعريف الخجل
يمكن تعريف الخجل على أنَّه شعور الفرد بالعيوب، والاعتقاد بعدم قبوله من الآخرين، واعتباره مخطئاً دائماً، مما يؤدي إلى عدم الرضا عن النفس. يتجلى الخجل في ميل الشخص للعزلة وتجنب الاختلاط بالآخرين، والارتباك عند التعامل معهم، بالإضافة إلى التأثر الشديد بانتقاداتهم والاعتذار المستمر. يُعد الخجل أيضاً النظرة السلبية للذات، والتركيز على العيوب والسلبيات، ولوم النفس بشكل دائم.
أنواع الخجل
تتنوع مظاهر الخجل وأسبابه بين الأفراد، ويمكن تصنيفها إلى أنواع مختلفة بناءً على طبيعتها وتأثيرها على الحياة اليومية، ومن أهم أنواع الخجل النوعين التاليين:
1. الخجل الاجتماعي
الخجل الاجتماعي هو حالة من القلق والتوتر الشديدين تظهر عند تفاعل الفرد مع الآخرين في المواقف الاجتماعية. يتمثل هذا الخجل في الخوف من التعرض للنقد أو الحكم السلبي من قبل الآخرين، مما يدفع الشخص إلى تجنب التفاعلات الاجتماعية أو الشعور بالضيق الشديد عند تواجده فيها.
يمكن أن يؤثر الخجل الاجتماعي على الحياة اليومية للفرد، مما يقلل من فرص تكوين العلاقات الاجتماعية ويحد من قدرته على الأداء بشكل فعال في العمل أو الدراسة. فهم هذا النوع من الخجل يساعد في تطوير استراتيجيات للتغلب عليه وتحسين جودة الحياة الاجتماعية.
2. الخجل النفسي
يعرف الخجل النفسي بأنه خجلاً دائماً، وهو حالة نفسية يتعرض فيها الفرد لمشاعر القلق والتوتر عند التفاعل مع الآخرين. يتجلى هذا النوع من الخجل في الشعور بعدم الثقة بالنفس، والتردد في المشاركة في المواقف الاجتماعية، والانسحاب من التفاعلات الاجتماعية لتجنب الإحراج أو النقد.
يؤدي الخجل النفسي إلى تجنب الأنشطة التي تتطلب التفاعل مع الآخرين، مما يؤثر سلبًا على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد. ويعتمد فهم الخجل النفسي على دراسة العوامل النفسية والشخصية التي تسهم في تطوره، مما يمكن من تطوير استراتيجيات فعّالة للتغلب عليه.
الخجل الاجتماعي في علم النفس
يُعرف الخجل الاجتماعي في علم النفس على أنَّه:
اضطراب نفسي يُعاني فيه الشخص المصاب من الرهبة والخوف الشديد من الاختلاط بالناس خاصة الجدد منهم، وتكون أعراضه: صعوبة في التحدث، وتجنب حضور اللقاءات والمناسبات الاجتماعية، لأنَّه يخشى من حكم وتقييم الآخرين له.
كيفية التخلص من الخجل
يتطلب التخلص من الخجل العمل على تطوير الثقة بالنفس وتعزيز المهارات الاجتماعية من خلال اتباع استراتيجيات متنوعة، مثل:
- تحديد المواقف المثيرة للخجل: تحديد المواقف التي تثير الخجل والعمل على مواجهتها تدريجياً يساعد في التكيف معها بشكل أفضل.
- التفاعل الاجتماعي المنتظم: ممارسة التفاعل الاجتماعي من خلال الأنشطة الجماعية أو التطوعية يعزز من الثقة بالنفس ويقلل من حدة الخجل.
- تقنيات الاسترخاء: استخدام تقنيات مثل التنفس العميق والتأمل يساعد في تقليل التوتر والقلق المصاحبين للخجل.
- الدعم النفسي: الاستفادة من الدعم النفسي والمشورة من مختصين يساهم في تطوير استراتيجيات فعّالة للتعامل مع الخجل.
- تعزيز الأفكار الإيجابية حول الذات والقدرات الشخصية يساعد في بناء الثقة بالنفس.
شاهد بالفيديو: 6 طرق بسيطة للتخلص من الخجل الزائد
تمارين للتخلص من الخجل
هناك مجموعة من التمارين والتقنيات التي تُساعد في التخلص من الخجل، ومنها:
1. تخيل السيناريو الإيجابي
عادة ما يتخيل الشخص الخجول أنَّ مقابلة العمل أو الاجتماع أو أي موعد مُقبل عليه مثلاً، سيكون سيء وغير ناجح، حيث أثبتت الدراسات أنَّ العقل الباطن للإنسان يتبنى أفكاره ويُترجمها إلى حقيقة، لذا ينصح خبراء علم النفس بتوقع وتخيُّل السيناريو الإيجابي.
2. المغامرة
يُنصح الخبراء بالمغامرة كأحد تمارين التخلص من الخجل، أن يبحث الشخص الخجول عن مغامرة أو شيء يخشاه، ويُجربه كي يواجه قلقه ومخاوفه.
3. لغة الجسد
تنعكس لغة الجسد التي نتصرف بها على مشاعرنا الداخلية، فالوقوف والمشي بقامة منتصبة، والجلوس بوضعية فرد الظهر والكتفين، والتواصل البصري في عيني المتحدث، والابتسامة الدائمة، والتنفس ببطء، كلها إيماءات من شأنها أن تُشعرنا بالثقة بالنفس والقوة.
4. التنفس العميق
يُعد التنفس العميق أحد تقنيات الاسترخاء والتخلص من الخجل والتوتر، الذي يكون بأخذ نفس عميق عن طريق الأنف، وحبسه لثوانٍ، ثم إخراجه عن طريق الفم ببطء.
5. التحرر من الأفكار السلبية
يجب أن يتدرب الشخص على التحرر من الأفكار السلبية حول نفسه؛ مثل: (أنا خجول، أنا ضعيف، لن أنجح في مقابلة العمل)، ويُخاطب نفسه بشكل إيجابي ومُحفِّز، مثل: (أنا قوي، أنا لست خجول، ستجري مقابلة العمل على ما يرام)، فأفكارنا هي من يُحدد أفعالنا وسلوكياتنا.
6. التحدث مع الغرباء
أحد تمارين التخلص من الخجل أن يُبادر الشخص الخجول إلى التحدث مع الغرباء، سواء في القطار، أو المتجر، أو الحديقة، ولو أجبر نفسه على ذلك في البداية، لكنَّه شيئاً فشيئاً يكتشف أنَّ الأمر بسيط، وأنَّ خجله غير مبرر.
7. التحدث أمام المرآة
أن يقف الشخص الخجول أمام المرآة ويتخيل نفسه أمام جمهور، ويبدأ التحدث بثقة وطلاقة، وبصوت عالٍ وواضح، إذ يتحسن أداء الشخص الخجول بالتدريب المستمر والمتكرر لتمرين المرآة؛ ويبدأ بالتخلص من الخجل شيئاً فشيئاً.
8. المطالعة
أن يُداوِم الشخص على القراءة والمطالعة، إذ يزيد اكتسابه للثقافة والمعلومات في موضوعات المختلفة، من ثقته بنفسه عند الحوار والنقاش مع غيره.
9. الرياضة
يُنصح بأن تكون ممارسة الرياضة جزءاً رئيساً من روتيننا اليومي، لما أثبتته من فعالية في التخلص من الطاقة والمشاعر السلبية.
كيف تعالج الخجل عند الأطفال؟
يُمكن للأهل مساعدة الطفل في التخلص من الخجل، باتباع ما يلي:
1. عدم وصفه بالخجول
ينتج عن وصف الأهل للطفل بأنَّه خجول، وتكرار ذلك على مسامعه خاصة أمام الآخرين، تعزيز الاحساس لديه بأنَّه خجول، مما يجعل الأمر أسوأ، لذا يجب أن يتجنب الأهل لفت انتباه الطفل إلى خجله، بل على العكس يجب التركيز على وصفه دائماً بأنَّه طفل جريء وشجاع.
2. تعزيز ثقته بنفسه
أن يُعزز الأهل من ثقة الطفل بنفسه، من خلال التركيز على نقاط قوة ومواهب الطفل وتنميتها، كالرسم أو العزف أو الحساب أو الرياضة، ووصفه دائماً بأنَّه طفل مميز وموهوب وأنَّهم يفخرون به.
3. المهارات الاجتماعية
من أكبرالأخطاء التي يقع فيها بعض الأهالي؛ أن يُحيِّدوا الطفل عن الحديث، أو يمنعوه من المشاركة بقول: "أنت ما زلت صغيراً لا تتكلم بوجود الكبار"، حيث أنَّه من الضروري جداً تعليم الطفل المهارات الاجتماعية، من خلال تشجيعه على تكوين الصداقات، ودفعه إلى التحدث أمام الآخرين، وتعليمه إلقاء التحية، وإعطائه الكلمات التي يحتاجها للتحدث مع أشخاص جدد، وإدخاله في الحوارات والطلب إليه المشاركة في الحديث؛ مثل "هيا طفلي الشجاع أخبرهم ماذا حصل معنا في الحديقة؟"، "تعال أيها البطل وحدثهم كيف ساعدنا القطة المريضة"، أو تركه يتكلم ويطلب بنفسه ما يريد شرائه من صاحب المتجر.
4. المديح والمكافآت
أن يمدح الأهل شجاعة الطفل وجرأته، ويقومون بمكافأته عليها، مثل مكافأته على إلقاء التحية على أحد الجيران، أو الذهاب وفتح حديث مع طفل لا يعرفه في الحديقة.
5. الاعتماد على نفسه
يُفيد تدريب الطفل على الاعتماد على نفسه، كارتداء ملابسه، والنوم بمفرده، وتحضير أشياءه للذهاب إلى المدرسة، في زيادة ثقته بنفسه.
شاهد بالفيديو: علاج الخجل الزائد عند الاطفال
تجربتي في التخلص من الخجل
سنستعرض بعض تجارب أشخاص عانوا من الخجل، ونجحوا في التغلب عليه، من خلال مواجهته وإقحام أنفسهم في المواقف الذي تُسبب لهم الخجل، على مبدأ "داويها بالتي كانت هي الداء":
1. تجربة عالم النفس ألبرت إليس
كان عالم النفس ألبرت إليس في عمر الـ 19 سنة، يُعاني من الخجل عند محادثة النساء، فقرر التخلص من الخجل وعلاجه؛ من خلال إجبار نفسه على محادثة 100 امرأة بشكل منفصل في حديقة، وكانت تجربة ناجحة وبالفعل تخلص من خجله.
2. تجربة روبرت كيوساكي
كان روبرت كيوساكي مؤلف كتاب "Rich Dad, Poor Dad"؛ خجول جداً، وأراد أن يبدأ مشروعه التجاري الخاص، لكنَّه كان يعلم أنَّ خجله سيُعيقه من أن يكون بائعاً جيداً، وهنا اتخذ قراراً ببدء العمل كبائع، كأفضل طريقة للتخلص على هذه السلبية، ووصف ألبرت هذه الطريقة بأنَها كانت مرعبة، وهو اليوم من كبار مندوبي مبيعات زيروكس.
كيف أتخلص من الخجل والخوف الاجتماعي؟
موضوع التخلص من الخجل الاجتماعي ليس بهذه الخطورة فإنّ حلّهُ كذلك بسيطٌ للغاية، فهو يحتاج القليل من الثّقة بالنّفس، بالإضافة لتغيير بعض العادات التي أدّت للوصول إلى هذه الحالة، وقد لخّصنا لك الحلول جميعها في هذه الطُّرق السّبعة البسيطة التالية:
1. إبدأ بأقرب النّاس إليك
في البداية عليك خوض بعض التّجارب لكي تتأقلم مع الوضع الجديد (الطّبيعي)، ألا وهو عدمُ الخجل، هذه التّجارُب عبارة عن خطوات بسيطة للغاية، تقومُ بها مع الأشخاص القريبين منك كالأهل والأًصدقاء والأقارب. أظهر لهم كم تغيرت من خلال ممارستك لحياتك بشكل طبيعي، غيّر لُغة جسدك بشكل إيجابي، بادر بالكلام مع الآخرين، افتح مواضيع معهم للحوار، وإن إحتاج الأمر اكتُب مقدمة لموضوع تطرحه على أحدهم لكي لا تستغرق وقتاً بالتفكير فيما تقول وتشعر بالخجل أثناء الحديث.
2. تفاعل مع الآخرين
أن تكون شخصاً خجولاً، أي أنك غالباً ما تكون مُنطوياً على نفسك، مُنعزلاً عمن هُم من حولك، خوفاً من سخرية الآخرين أو انتقادهم، وإحراجهم المُتكرر لك، فتُفضلُ عدم الانخراط بهم. من المهم للغاية أن تتفاعل مع الآخرين كي تتخلص من مُشكلة الخجل، تكلم معهُم وساعدهُم وشاركهُم نشاطاتهُم، إذا كُنت تخافُ التجمُعات فتأكد بأن ذلك سوف يختفي مع مرور الوقت لأنّ الرهبة أمر طبيعي للغاية، لكن لا تسمح لها بأن تتملكك.
3. عزّز ثقتك بنفسك
إنّ التّفاعُل مع الآخرين يقوّي أيضاً ثقتك بنفسك، فالثقة هي من أهم الأمور التي تقضي على الخجل، فمعظم الخجولين عديموا الثقة بالنفس، عزز ثقتك بنفسك لتُواجه مخاوفك، وكلّ ما يعترضك في الحياة، تعلّم كيفية التعامل مع المواقف المحرجة باحترافية بدلاً من الخجل والاختباء.
4. لا تهتم لما يقولهُ الآخرون عنك
عندما يتملّكُك الخجل سيكون كلام الناس شُغلك الشاغل، وخوفك الأوحد، لا تُفكر فيما يقولون عنك ولا تكترث لهم مُطلقاً، ضعهُم خلف ظهرك واعمل ما شئت طالما أنه صحيح بنظرك، وتأكّد أنه لن يرضى أحد عنك مهما فعلت من أجله، لأنّ إرضاء الناس غاية صعبة المنال.
5. أنت لستَ خجولاً
قِف أمام المرآة وردّد هذه المقولة بإستمرار، حاول إقناع نفسك بذلك من خلال تغيير طريقة تفكيرك وتصرفاتك في المواقف التي تستعدعي الخجل، فالعقل لا يُصدّقُ إلّا بدليل ملموس. عليك إثبات ذلك لنفسك وليس للآخرين، قُم مثلاً بطرح سؤال لمديرك في العمل أو لأستاذك في المدرسة وأمام زملائك، عندها ستشعر بالفرق وستقول: لقد فعلتها، أنا لم أعُد خجولاً.
6. عبّر عمّا بداخلك بحُريّة
عندما ترى تصرُّفاً لا يعجبك من أحدهم أسرع بإخباره بأنك متضايق من ذلك ولا تخجل أبداً، حرّر المشاعر السلبية التي بداخلك دون أن تُخطئ بحقّ أحدهم، لكن لا تسكت عن شيء يُثير استيائك وعبّر عنه بطريقة لبقة ودون خجل.
7. استخدم كلمة " لا " عندَ الحاجة
الخجول دائماً ما يخشى أن يرفض شيئاً من الآخرين حتّى لو كان لا يريده أولا يستطيع فعله، خوفاً على مشاعرهم أو خشية من ردّة فعلهم تجاه رفضه، هذا الكلام مرفوض تماماً، عندما يطلب منك أحدهم شيئاً ليس باستطاعتك القيام به، قُل له "لا" ببساطة شديدة، فهي ليست بالكلمة الجارحة أو السيّئة، وبالتأكيد لن تكون ردّة فعلهم إلا بهذه البساطة ذاتها، فرفضك أو قبولك بالأمر عائد إليك فقط وليس لأحدٍ آخر.
في الختام
عزيزي القارئ.. تدرّب بداية مع أقرب النّاس إليك ثُمّ عزّز ثقتك بنفسك من خلال مُبادرتِكَ في التفاعل مع الآخرين، زُملائك في العمل أوالمدرسة، جميعُ من حولك من أقارب وأصدقاء. لا تكترث لحديث الآخرين عنك لأنّ المهم أن تكون أنت راض عن تصرُّفاتك، ارفض أي شيء لا تريده وعبّر عما بداخلك دون خجل فأنت سيد نفسك.
أضف تعليقاً