تُعدُّ هذه العملية هامة في الحياة المهنية والشخصية، وهي خطوة أساسية في رحلة البحث عن النجاح والتميُّز، كما يقول المؤلِّف والكوتش "توني روبينز" (Tony Robbins): "تحديد الأهداف هو الخطوة الأولى في تحويل غير المرئي إلى مرئي"، وهذا يشرح أهمية هذه العملية بوضوح، وللتعمُّق في الموضوع، يجب فهم مفهوم تحديد الأهداف ونظرياته، ولماذا يعدُّ تحديد الأهداف الشخصية أمراً حاسماً لتحقيق النجاح، إضافة إلى ذلك، من الهام معرفة كيفية تهيئة نفسك للنجاح وزيادة احتمالات تحقيق أهدافك الشخصية والمهنية والوصول إلى النتائج المرغوبة.
ما هو تحديد الأهداف؟
الأهداف هي الخطوة الأولى والحل الأنجع لتحقيق الإنجازات العظيمة، وتعزِّز الأهداف الدافع وتحدِّد خريطة الطريق لتحقيق أحلامك، وأظهرت الأبحاث أنَّ الأهداف تساعدك على تسريع نجاحك ونموك الشخصي، ويساعدنا تحديد الأهداف على تقييم موقعنا الحالي في حياتنا الشخصية والمهنية، ويتيح لنا تحقيق المستقبل الذي نحلم به، ويعني تحديد الأهداف أن نعيش حياتنا بوعي وإرادة، وأن نسيطر عليها بدلاً من تركها تتحكَّم بنا.
ما هي نظرية تحديد الأهداف؟
ابتكَرَ نظرية تحديد الأهداف الباحث "إدوين لوك" (Edwin Locke)، ونشرَ "لوك" دراسته الرائدة في عام 1968، بعنوان نحو نظرية الدافع والحوافز لإنجاز المهام (Toward a Theory of Task Motivation and Incentives) (1968).
واصلَ "لوك" بحثه لاستخلاص مزيد من النصائح الملموسة عن كيفية تحديد الأهداف وتحقيق المزيد من خلال نظرية تحديد الأهداف، فالفكرة الأساسية التي توفرها نظرية تحديد الأهداف هي أنَّ وجود هدف مدروس ومفيد، يزيد من احتمالية حدوث الأشياء التي ترغب فيها، وتوضِّح النظرية أهمية معرفة ما تريده ووضع خططٍ لإحراز التقدم ومساعدتك على تحقيق أهدافك.
وَفقَ الباحث "ت.أ. رايان" (T.A. Ryan)، في بحثه "السلوك المتعمد" (Intentional Behavior) (1970): يميِّز الدافع أولئك الذين ينجحون من أولئك الذين لا ينجحون، بافتراض تساوي القدرات، ونظراً لأنَّ تحديد الأهداف الشخصية وسيلة مثبتة لتعزيز الدافع، فهي تفسِّر نجاح بعض الناس أكثر من غيرهم، إذاً، ما هي الاستراتيجيات المثبتة لتحديد أهداف الأداء التي ستساعدك على الحصول على ما تريد؟
دعونا نتحدث عن المبادئ الأساسية لنظرية تحديد الأهداف، فإنَّ فهم عملية تحقيق الأهداف، ومن ذلك تعد أهمية التخطيط والمهارات التنظيمية أمراً هاماً جداً للنجاح في تطبيق نظرية تحديد الأهداف.
ما هي المبادئ الخمسة لنظرية تحديد الأهداف؟
حدَّد "لوك" خمسة مبادئ لتحديد الأهداف التي تساعدك على النجاح، فيما يأتي المبادئ الخمسة لنظرية تحديد الأهداف وكيفية تطبيقها على أهدافك المهنية والأكاديمية والشخصية:
1. الوضوح
من المرجَّح تحقيق الأهداف الواضحة والدقيقة بنجاح، فمثلاً، بدلاً من تحديد هدف بعبارات عامة مثل "زيادة المبيعات هذا الشهر"، اختَرْ هدفاً دقيقاً مثل، زيادة المبيعات بنسبة 10% في إيلول/سبتمبر، ويجب أن تتضمن الأهداف الواضحة إطاراً زمنياً بدلاً من أن تكون مفتوحة، مثل قول: "زيادة المبيعات" فحسب، فحدِّد كل هدف ذكي بإطار زمني وتاريخ مستهدف قابل للتحقيق، فيمكنك التحقق من تقدمك وتحليله.
2. التحدي
الأهداف الصعبة أكثر تحفيزاً من الأهداف التي يسهل تحقيقها، ويجب أن يكون هدفك صعباً حتى يدفعك إلى المبادرة، ويمنحك تحقيق أهداف يمكن التحكم فيها شعوراً بالرضى والإنجاز، ويشجِّعك على الاستمرار في طريقك نحو النجاح، ومع ذلك، تأكَّدْ من أنَّ أهدافك قابلة للتحقيق حتى لا تفتر عزيمتك إذا لم تستطع تحقيقها.
3. الالتزام
يعني الالتزام أنَّك ترغب في القيام بكل ما يلزم لتحقيق الهدف، ويجب أن تتحمَّل المسؤولية، وتكون صادقاً بشأن تحقيق الأهداف قصيرة الأمد وطويلة الأمد، ودون التنظيم الذاتي، والالتزام بالعملية، والنمو الذي سينتج عنها، ستفتقر إلى الدافع اللازم لتحقيقها.
4. التغذية الراجعة
ضع نظاماً لتلقي تغذية راجعة منتظمة حول تقدمك، أو اطلب من ذوي الخبرة تزويدك بتغذية راجعة دورية، ويمنحك الحصول على تغذية راجعة صحية فرصاً لتحليل التقدُّم المحرَز وتعديل الأهداف التي لا تحقِّق النتائج المرجوة لكي تحقِّق مزيداً من النجاح.
5. تعقيد المهمَّة
عندما تكون الأهداف معقَّدة، امنَحْ نفسك الوقت الكافي للتعلم وتقسيم التحدي تقسيماً صحيحاً إلى أجزاء يمكن التحكم فيها، فقد لا يكون تعقيد المهمَّة واضحاً منذ البداية، ولكن بمجرد فهمه، يجب تقسيم الهدف إلى سلسلة من المهام المحددة، فمثلاً، إذا كان هدفك هو تحديث موقعك على الويب، فمن المحتمل أن تقسِّمه إلى مراحل للمحتوى والتصميم والبرمجة والاختبار وما أشبه ذلك.
مثال عن نظرية تحديد الأهداف
إذاً، كيف يمكنك تطبيق المبادئ الخمسة لنظرية تحديد الأهداف على حياتك؟ فيما يأتي مثال لتوضيح كل مكوِّن، ولنفترض أنَّ هدفك على الأمد الطويل هو شراء منزلك الأول، ولتوضيح هدفك، عليك اختيار الحي وتحديد مساحة المنزل، ويساعدك هذا على معرفة المبلغ الذي تحتاج إليه للدفعة الأولى، ولتحدي نفسك، قد تقرِّر توفير ما يكفي من المال لدفعة أولى بنسبة 20% خلال ستة أشهر، ويمكنك الالتزام بالعملية من خلال توظيف وكيل عقاري، والبحث عن مُقرِض، ومشاركة هدفك مع الآخرين.
بعد أن تتَّخذ خطوات نحو هدفك، يمكنك التحقق بنفسك من ذلك كل أسبوع لمعرفة ما إذا كنت تدَّخر ما يكفي (أو ربما أكثر ممَّا خطَّطت له)، وإعادة تقييم أهدافك بناءً على المبلغ الذي ادخرته، وعندما توفِّر ما يكفي من المال، يمكنك إدارة تعقيد عملية الشراء عن طريق تقسيم العملية إلى مراحل: العثور على المنزل، وتقدير قيمته، والحصول على الموافقة على القرض، وإتمام صفقة الشراء، والانتقال إليه، وشراء الأثاث، وما أشبه ذلك، ويساعد تقسيم العملية إلى خطوات أصغر على تفادي الشعور بالإرهاق من عملية الشراء.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتحفيز قدرتك على تحقيق أهدافك
6 أسباب لأهمية تحديد الأهداف
تتمثَّل نتائج تحديد الأهداف في تحقيق مزيد من النجاح والرضى في كل جانب من جوانب حياتك، ومع ذلك، تحقِّق عملية تحديد الأهداف بحدِّ ذاتها عدداً من الفوائد التي تجعل تحديد الأهداف أمراً هاماً، وفيما يأتي ستة أسباب لتحديد الأهداف والسعي باستمرار لتحقيقها، ويتيح تحديد الأهداف مراقبة التقدُّم نحو تحقيقها باستمرار، وهذا يضمن مواءمة بيئتك مع طموحاتك لتحقيق النجاح على الأمد الطويل.
إليك 6 أسباب لأهمية تحديد الأهداف:
1. تمنحك التركيز
دون أهداف شخصية أو أهداف مهنية، تصبح جهودك مبعثرة وغير مركزة، وتفقَّد التركيز على ما تريد تحقيقه حقاً في الحياة، وتتيح لك الأهداف التركيز على المهام اليومية بدقة متناهية، والتخلص من الخمول وهدر الوقت.
2. تتيح لك قياس التقدُّم
لا يمكنك متابعة التقدم الذي تحرزه نحو تحقيق الهدف، إلَّا إذا حدَّدتَ هدفاً في المقام الأول، وإنَّّ تتبُّع إحرازك للتقدُّم في تحقيق الأهداف القابلة للقياس أمر مجز للغاية، ويساعدك على الحفاظ على التركيز ويرفع معنوياتك ويعزِّز طاقتك، كما أنَّه يفيد في تطبيق مبادئ علم النفس الوقائي عن طريق حمايتك من الإحباط وتجنُّب النتائج السلبية.
في بعض الأحيان، عندما تعمل على تحقيق النجاح، من السهل أن تصاب بالإحباط لأنَّك ترى أنَّ هدفك لم يتحقَّق بعد، ومع ذلك، عند قياس أدائك الوظيفي الحالي في العمل على تحقيق هدف محدد، ستعلم أنَّه على الرغم من أنَّك لم تصل بعد إلى المكان الذي تريد أن تكون فيه، فإنَّك قد حقَّقت تقدُّماً في الاتجاه الصحيح، وأنَّ حالك الآن أفضل بكثير من حالك عندما بدأت.
3. تساعدك على البقاء متحفِّزاً
من السهل تأجيل العمل حتى الغد عندما لا يكون لديك هدف محدد، فمثلاً، دعونا ننظر إلى حياة الرياضيين، وإذا كان عليهم تحسين لياقتهم البدنية استعداداً للمنافسة، فمن المؤكَّد أنَّهم سيمارسون التمرينات الرياضية كل يوم، سواء شعروا بالراحة أم لا، سواء كانوا متألمين أم لا، سواء كانوا متعبين أم لا، سواء أرادوا ذلك أم لا، لأنَّ لديهم هدفاً، وفهماً واضحاً للوجهة المرجوَّة، وإنَّهم يسعون لتحقيق أداء أفضل، وتبقيهم رغبتهم في تحقيق هدفهم في الصالة الرياضية، أو الملعب، أو المضمار حتى عندما يودُّون أن يكونوا في مكان آخر، بالطريقة نفسها، يحافظ وجود هدف على تحفيزك الداخلي لتحقيق أداء أكاديمي أفضل.
4. تساعدك على التغلب على المماطلة
المماطلة شيء نواجهه جميعاً من وقت لآخر، ومع ذلك، عندما تحدد أهدافاً في الحياة، فإنَّ ذلك يساعدك على فهم أنَّ المماطلة أمر خطير، وإنَّه وقت ضائع، وإنَّه يوم آخر لا تقترب فيه من هذا الهدف، وتذكَّر هذا الاقتباس الملهِم من الرسام "بابلو بيكاسو" (Pablo Picasso) في المرة القادمة التي تفكِّر فيها في تأجيل الخطوة التالية نحو هدفك: "لا تؤجل إلَّا الأشياء التي لن تندم على عدم إنجازها حتى لو مت".
5. تساعدك على تحقيق مزيد من الإنجازات
عندما تحدِّدُ هدفاً وتحقِّقه، فإنَّك تستلذ بطعم النصر، وترغب في تذوقه مرة أخرى، فعملية تحديد الأهداف عادة إيجابية يمكنك بناؤها، ويعني ذلك أنَّك تتقدَّم، وتتحدَّى نفسك لتحسين أدائك الحالي، وتحقيق المزيد، وإنَّ العمل على تحقيق أهداف صعبة يساعدك على تحقيق أكثر بكثير ممَّا كنت تعتقد أنَّه ممكن.
6. تساعدك على تحديد ما تريده في الحياة
تجبرك عملية تحديد الأهداف على التفكير فيما تريده حقاً من الحياة، وما هو مستوى النجاح الذي تريد تحقيقه؟ ما هو مستوى الدخل الذي تريد الحصول عليه؟ ما مفهومك عن الحياة الهانئة؟ ماذا عن منزل أحلامك؟ ما الدخل الذي تحتاج إليه لتحقيق أحلامك؟
تبقيك هذه الأهداف متحفِّزاً، وتساعدك على تجنُّب المماطلة وتبقيك مركِّزاً على تحقيق أحلامك، ولذلك، فإنَّ تحديد الأهداف وتحقيقها هو ما يجعل عيش حياة أفضل ممكناً.
كيفية تحديد أهداف قابلة للتحقيق
يساعد تحقيق الأهداف باستمرار على الحفاظ على الحافز والسير باتجاه أحلامك، بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى أنَّ الفشل في تحقيق الأهداف يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس، وهذا أحد الأسباب وراء أهمية تحديد أهداف قابلة للتحقيق، وإليك 3 نصائح لتحديد أهدافاً قابلة للتحقيق:
1. وفِّقْ بين أهدافك وقيمك
احرِصْ عند تحديد الأهداف على توافقها مع قيمك، لأنَّ الأهداف التي تتوافق مع قيمك تُشعرك بالراحة تجاه ما تعمل بجد من أجله، وقبل وضع أهداف محدَّدة، راجِعْ قِيَمك الأساسية، ربَّما تعرف ما هي القِيَم التي تهمُّك، ولكنَّ تحديد أهمها يساعدك على مواءمتها مع الأهداف التي تحتاج إليها لعيش الحياة التي تريدها، وخصِّص الوقت الكافي لتحديد هذه القيم واختيار أهمها والتفكير في ما تعنيه لك، ونحن نعيش قيمنا، وقيمنا توجِّه أفعالنا، فمن غير المرجَّح أن تتحقَّق الأهداف التي لا تتوافق مع قيمنا، فمثلاً، إذا كان هدفك هو إنقاص الوزن، فقد تواجه صعوبة في تحقيقه إذا كنت لا تقدِّر خيارات نمط الحياة الصحي، وربما تقدِّر الصحة، لكنَّها أقل قيمة من رغبتك في الراحة والترفيه، ممَّا يعني أنَّها ليست أولوية، ومن ثمَّ تحقيقها صعب، وربَّما لم تدرك عند وضع خطة إنقاص الوزن أنَّ قِيَمك لا تتماشى مع أهدافك، ويساعدك تقييم أهدافك وتحديد (أو إعادة تحديد) أولوياتك على تحقيق مزيد من النجاح في تحديد أهدافك وتحقيقها.
"لا تكمن القيمة الحقيقية لتحديد الأهداف وتحقيقها في المكافآت التي تتلقاها؛ بل في التغيير الذي يطرأ في شخصيتك نتيجة بلوغ أهدافك" - روبن شارما (Robin Sharma).
2. حدِّدْ هدفاً أو هدفين فقط
التغييرات المستمرة والمتزايدة تدريجياً أفضل من تغيير الكثير دفعة واحدة، فركِّز سلوكك التنظيمي وجهودك على هدف أو هدفين رئيسَين في وقت واحد، وعندما يكون لديك الكثير من الأهداف في ذهنك في وقت واحد، فقد تواجه مشكلة يسميها علماء النفس "المنافسة على الأهداف"، كما يوحي الاسم، وتحدث المنافسة على الأهداف عندما تتنافس أهداف كثيرة جداً على جذب انتباهك، ممَّا يستنزف وقتك وانتباهك.
3. ضَعْ أهدافاً ذكية (SMART Goals)
الأهداف الذكية هي اختصار لكلمات محدَّدة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلة ومؤطرة زمنياً، وإليك شرح كل منها:
- أهداف محددة: حدِّد ما تريد إنجازه والإجراءات التي يجب اتخاذها.
- أهداف قابلة للقياس: اختَرْ البيانات أو المقياس الذي يتيح لك معرفة أنَّك تحرز تقدُّماً.
- أهداف قابلة للتحقيق: احرِصْ على أن يكون لديك الموارد والمهارات اللازمة لتحقيق النجاح وعلى وضع أهداف واقعية.
- أهداف ذات صلة: احرِصْ على أن تكون المهمَّة ملائمة لأهدافك العامة وترتبط بهدفك وقيمك على الأمد الطويل.
- أهداف مؤطَّرة زمنياً: حدِّدْ جدولاً زمنياً لإكمال هدفك وقسِّمه إلى أهداف قصيرة الأمد مع جداول زمنية خاصة بها.
الأهداف الذكية هي أهداف صعبة ولكنَّها أيضاً أهداف واقعية ويمكنك تحقيقها إذا بذلت ما في وسعك وضبطت نفسك.
شاهد بالفيديو: سبع مهارات أساسية تساعدك على تحقيق أهدافك
6 نصائح لإعداد نفسك للنجاح في تحديد الأهداف
لإعداد نفسك للنجاح بعد تحديد أهدافك الذكية، فكِّر في هذه النصائح الإضافية التي ستساعدك على البقاء مندمجاً ومتحمِّساً لنجاحك المستقبلي.
1. وائِمْ بيئتك مع أهدافك
على الرغم من أنَّه يمكننا ببساطة اختيار السلوك الجيِّد عندما نريد، إلَّا أنَّنا قد نتَّخذ في كثير من الأحيان قرارات سريعة بناءً على البيئة المحيطة بنا، فهيِّئْ نفسك للنجاح بإنشاء بيئة مادية تتماشى مع أهدافك، وتخلَّصْ من العراقيل، وأنشِئْ لوحة رؤية، وأحِطْ نفسك بأشخاص إيجابيين ووسائل إعلام تدعو إلى التفاؤل، ويعني التخلص من العراقيل وضعُ هاتفك في غرفة أخرى لتجنُّب تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي في وقت متأخر من الليل، وكذلك يعني إزالة الوجبات السريعة من خزائنك إذا كنت تحاول تناول طعام صحي.
ويؤدي التخلص من العراقيل المحتملة من بيئتك إلى مواءمة عاداتك مع استراتيجيات أفضل لتحقيق أهدافك، ويجعل التنظيم والتحضير حياتك أسهل بكثير ويساعدك على تحقيق أهدافك، واختبرت باحثة التغذية "آن ثورندايك" (Anne Thorndike) مفهوم "هندسة الاختيار" في دراسة مصمَّمة لترويج بيع الفواكه والخضروات عن طريق تحسين ظهورها في المتاجر.
وتوصَّلت الدراسة إلى أنَّ وضع الفواكه والخضروات في مكان واضح أدَّى إلى تحسين المبيعات، فسهولة الوصول إلى الأشياء ووضوحها يساعد الأفراد على اتخاذ خيارات أفضل، ويمكنك تحضير ملابسك الرياضية في الليلة السابقة لتسريع روتين الصباح وتوفير الوقت لممارسة التمرينات الرياضية.
فقد يعني ذلك وضعُ سمَّاعات الرأس المانعة للضوضاء لمساعدتك على الحفاظ على تركيزك في مكتب صاخب، أو وضع الخيط بجوار فرشاة أسنانك، حتى تتذكَّر استخدام خيط تنظيف أسنانك، ويساعدك إنشاء لوحة رؤية على تصور ما ترغب في تحقيقه، ووضعُ هذه الأهداف في الحسبان، وتهيئة الدماغ لإدراك الفرص.
بالإضافة إلى ذلك، تعطي أدمغتنا قيمة أعلى للصور من الكلمة المكتوبة، ممَّا يعني أنَّ لوحة الرؤية يمكن أن تضيف إلى تأثير "قائمة المهام" المكتوبة، وكلَّما رأينا الصور الموجودة على لوحة الرؤية لدينا، زادت أهميتها في أذهاننا، وتفاعَلْ مع الأشخاص ووسائل الإعلام الإيجابية لكي تحافظ على دافعك، وتخطَّ الأخبار السلبية، وتوقَّف عند الصور الإيجابية والموسيقى والكتب والقصص الملهمة التي تبقيك مركِّزاً على الخير الذي ترغب في تحقيقه.
2. حلِّلْ أهدافك كل يوم
قيِّم تقدمك عن طريق تحليل تقدمك كل يوم، فقد يشمل تحليل أهدافك قياس نشاطات محددة والتقدم نحو هدفك والنتائج.
هل أكملت النشاطات التي خططت لها؟ هل كانت أهدافك واقعية وقابلة للتحقيق؟ هل أهدافك اليوم جعلتك أقرب إلى طموحاتك طويلة الأمد؟
يساعدك تتبُّع التقدُّم اليومي وإجراء التعديلات المناسبة على الحفاظ على تركيزك وتعزيز عادات تحديد الأهداف التي تحاول اكتسابها، فإذا لم تحقِّق بعد كل ما خطَّطت لفعله في يومك، فكِّر في كيفية إيلاء مزيد من الاهتمام لأهدافك غداً، وعليك تحديد أهداف صعبة، فإذا حدَّدت هدفاً يمكن تحقيقه دون كثير من العمل أو التفكير، فأنت تعمل بأقل من إمكاناتك الحقيقية.
3. أضِفْ أهدافك إلى مخططك اليومي
من المرجَّح أن تحقِّق أهدافك اليومية إذا خطَّطت ليومك مقدَّماً، وكلَّما أمكن، حدِّدْ وقتاً ومدة ومكاناً محدداً ستحقِّق فيه هدفك، ويمكنك استخدام مخطط يومي من خلال الإنترنت ينبِّهك إلى المهام القادمة، أو احصل على مخطط ورقي يمنحك مساحة لتخطيط اجتماعاتك ومهامك كل يوم.
4. ضَعْ حداً أقصى لأهدافك
إنجاز المزيد ليس الأفضل دائماً، فضَعْ حدَّاً أقصى لأهدافك كل يوم، فمثلاً، قد ترغب في إجراء ما لا يقل عن 15 مكالمة مبيعات كل يوم، ولكن عليك أيضاً تعيين حدٍّ أعلى للمكالمات الصادرة التي ستجريها لتجنُّب الاحتراق الوظيفي والحفاظ على التوازن.
5. طوِّرْ المهارات التي تحتاج إليها لتحقيق الأهداف
يتطلب تحقيق أهدافك مهارات قد تستغرق وقتاً لتطويرها، لكي تكون ناجحاً، عليك إدارة وقتك جيداً، والتحلي بالانضباط الذاتي والمرونة، والتكيُّف مع التحديات الجديدة، وقُلْ "لا" عند الضرورة، وثابِرْ عندما تواجه تحديات جديدة، وخصِّصْ الوقت الكافي لتطوير المهارات الداعمة، مثل إدارة الوقت وأخلاقيات العمل وحل المشكلات والمرونة في تحقيق أهدافك.
6. كافِئْ نفسك
يستحقُّ تحقيق الهدف الاحتفاء به، فلا تتردد في مكافأة نفسك عندما تصل إلى الهدف بنجاح، بالمقابل، لا فائدة من معاقبة نفسك عندما لا تنجح، وكنْ لطيفاً مع نفسك وركِّز على التقدُّم الإيجابي الذي تحرزه على الأمد الطويل، فالأشخاص الذين يؤمنون بقدرتهم على تغيير العالم هم الذين يغيرون العالم". - ستيف جوبز (Steve Jobs)
أسباب مثبتة تجعل تحديد الأهداف أمراً أساسياً في الحياة
درست الأوساط العلمية عملية تحديد الأهداف دراسة مستفيضة وخلصت إلى أنَّها تحفِّز الموظفين، وتحقِّق أداء تنظيمياً وأكاديمياً أعلى، وتحقِّق أهداف الفريق، وتحسِّن العواطف الإيجابية والسلبية على حدٍّ سواء، وعدد من الفوائد الملموسة الأخرى، وفيما يأتي عيِّنة صغيرة من الأبحاث ذات الصلة تثبت فوائد عملية تحديد الأهداف ونتائجها:
1. تحديد الأهداف في مجال البيع
جرَّبت شركة تصنيع السيارات، تويوتا (Toyota)، استخدام "الأهداف المستحيلة" لمعرفة ما إذا كان تحديد أهداف بعيدة المنال يشجِّع فريقها على التفكير الإبداعي والتحرر من الروتين المألوف، وبدأَ تطبيق هذه الفكرة في وقت مبكِّر من تاريخ الشركة، في عام 1937، وأوضحَ "زينجي ياسودا" (Zenji Yasuda)، كبير المديرين الإداريين لشركة تويوتا اليوم، مزايا تحديد أهداف غامضة وبعيدة المنال قائلاً: "إذا كان الهدف واقعياً جداً، فلن يتمكن الموظفون من ممارسة إمكاناتهم الكاملة، وإنَّ الطبيعة الغامضة للهدف تمنح الباحثين الحرية لاستكشاف آفاق جديدة"، ومع أنَّ تويوتا تضع أهدافاً مستحيلة لتشجيع التفكير الإبداعي، فإنَّها تقسِّم أهدافها الأكبر إلى مهام صعبة ولكن يمكن التحكم فيها، وتقيس تويوتا أيضاً نجاح المديرين بناءً على كيفية تحقيقهم للأهداف وليس على النتائج، مع إيثار المثابرة والمرونة على الصفات الأخرى.
"ليس المقصود دائماً من الهدف تحقيقه، وإنَّما توجيه الجهود باتجاه معيَّن". - بروس لي (Bruce Lee)
2. تحديد الأهداف الشخصية
درَسَ بحثٌ جدوى تحديد الأهداف في تحسين فاعلية ممارسة العلاج الطبيعي وقياسها، وخلصَ إلى أنَّ مشاركة المريض في تحديد الأهداف كانت ضرورية لإظهار تحسُّنٍ يمكن قياسه، فالفكرة الرئيسة من هذا البحث هي أهمية مشاركة الأفراد في تحديد أهدافهم الشخصية بدلاً من جعل الآخرين يحددون الأهداف لهم.
3. تحديد الأهداف في إعادة التأهيل العصبي
كما هو الحال في العلاج الطبيعي، يعدُّ تحديد الأهداف عنصراً أساسياً في علاج إعادة التأهيل العصبي، وقارَنَ عدد من الباحثين في عام 2007 بين طريقتين لتحديد الأهداف مع المرضى الداخليين الذين يعانون إعاقات عصبية، وحدَّدت النتائج التي توصلوا إليها أربع طرائق يفهم بها مرضاهم تحديد الأهداف، وتشير دراستهم إلى أنَّه يجب على المتخصصين في الرعاية الصحية مساعدة المرضى على فهم ما هو متوقَّع منهم حتى يكون تحديد الأهداف ذا معنى في تعافيهم.
4. تحديد أهداف قابلة للتحقيق للموظفين
تسلِّطُ الباحثتان "جيسيكا هوبفنر" (Jessica Höpfner) و"نينا كيث" (Nina Keith) الضوءَ على العواقب السلبية المحتملة لعدم تحقيق الأهداف، والخلاصة الرئيسة من دراستهما هي أنَّ "الفشل في تحقيق هدف عالٍ ومحدَّدٍ يضرُّ بالعوامل المرتبطة بالذات مثل التأثير، واحترام الذات، والتحفيز، ويمكن أن يكون له أيضاً عواقب سلوكية لاحقة"، وتقترح "هوبفنر" و"كيث": أن يخفِّف أرباب العمل الآثار السلبية عن طريق توفير تجارب نجاح تتعلق بأهداف الموظفين، وبمعنى آخر، الحرص على وضع أهداف معقولة وقابلة للتحقيق يساعد على تفادي تثبيط عزيمة الفريق.
5. كتابة الأهداف
درَسَ عالم النفس "غيل ماثيوز" (Gail Mathews) أهمية كتابة الأهداف في عام 2015، ووجدَ أنَّ الأفراد الذين كتبوا أهدافهم كانوا أكثر نجاحاً بنسبة 33% في الوصول إلى أهدافهم من أولئك الذين لم يكتبوها، ووجدت الدراسة أيضاً أنَّ أكثر من 70% من المشاركين حقَّقوا أهدافهم بنجاح عندما أرسلوا مستجدات أسبوعية عن الأهداف المكتوبة إلى الأصدقاء، وتؤكِّد هذه الدراسة أهمية المساءلة وفوائد كتابة الأهداف، ويوصي رجل الأعمال "غرانت كاردون" (Grant Cardone) بتدوين الأهداف مرتين في اليوم، مرة عند الاستيقاظ، ومرة قبل النوم، وهو يعتقد أنَّ هذه الممارسة تساعد على إبقاء أهدافك في مقدمة أولوياتك، ويقول "كاردون": "إذا كانت أهدافك هامة وذات قيمة بالنسبة لك، فاستيقِظْ في الصباح وأعِدْ النظر فيها، وتذكَّر، البعيد عن العين بعيد عن القلب".
يدعم علم الأعصاب أيضاً مسألة كتابة الأهداف، إذ كشفت دراسة الباحث "مارك مورفي" (Mark Murphy) أنَّ "احتمال نجاح الأشخاص الذين يصفون أهدافهم بدقة أكبر بنسبة 1.2 إلى 1.4 مرة من غيرهم".
6. تحديد الأهداف يعيد تهيئة دماغك لجعله أكثر فاعلية
تشير الأبحاث في مجال المرونة العصبية إلى أنَّ تحديد الأهداف يمكن أن يغيِّر بنية دماغك لجعله أكثر فاعلية في تحقيق هدف محدد، وبدأَ البحث الرائد عند استخدام تحديد الأهداف في علاجات التصلب المتعدد، واكتشفَ الباحثون أنَّ مرضى التصلب المتعدد الذين لديهم أهداف صحية طموحة محددة لديهم أعراض أقل وأخف شدة من المجموعة الضابطة، وباختصار، ثبَتَ أنَّ تحديد الأهداف يساعد على شفاء أدمغة مرضى التصلب المتعدد.
في الختام
أنت بالفعل على بعد خطوة واحدة من تحقيق أهدافك طويلة الأمد كونك تقرأ مقالات مثل هذه، وتوفِّر لك استراتيجيات تحديد الأهداف المذكورة أعلاه دليلاً كاملاً عن تحقيق الأهداف بنجاح.
أضف تعليقاً