من هو ابن النفيس؟
- يعرف ابن النفيس بعلاء الدين بن أبي حزم القرشي، وهو من أشهر الأطبَّاء العرب، إضافةً إلى أنَّه يحمل الجنسية السورية، ونشأ في مدينة دمشق تحديداً.
- له عدة إنجازات، ولكنَّ أهمَّها كان اكتشاف الدورة الدموية الصغرى، وقال آنذاك إنَّ الدم ينقَّى في الرئتين لأجل استمرار الإنسان في الحياة وقدرته على العمل، فالدم يخرج من البطين الأيمن إلى الرئتين ثمَّ يمتزج بالهواء ويذهب إلى البطين الأيسر.
- كسَرَ ابن النفيس التقاليد التي كانت شائعة في عصره، ودعا إلى التحرر من العادات المغلوطة، فإنَّ العلماء في ذلك الوقت كانوا يخشون مخالفتها أو توجيه انتقاد لها، إضافة إلى أنَّه كان يُخضِع كلَّ ما يقرؤه إلى خطوات البحث العلمي من نقد وتمحيص.
نشأة وطفولة ابن النفيس:
- ولِد ابن النفيس عام 1210 ميلادي في دمشق، ونشأ على يد كبار الشيوخ والعلماء ليتعمَّق بعدها بدراسة الفقه الشافعي، ثمَّ درس الطب في البيمارستان النوري.
- أصلُ ابن النفيس من قرية قريشية الواقعة بالقرب من دمشق ووُلد على مشارف غوطتها.
- درَسَ الطبَّ مع صديقه ابن أبي أصيبعة، وهو مؤرخ الطب الشهير.
- خلال دراسته للفقه الشافعي كتب عدداً من كتب الفلسفة بخلاف علماء عصره، فهو كان يعتمد على التفسير العقلاني وبذلك نجح في تفسير نصوص القرآن والأحاديث، إضافة إلى دراسته الأدب واللغة.
- لم يتبيَّن بدقة متى انتقل إلى القاهرة، ولكن يرجِّح التاريخ بين سنة 1236وسنة 1239 ليعمل هناك.
- في عمر الثانية والعشرين من عمره، درَسَ الطب وكانت هذه الدراسة نتيجة أزمة صحية مرَّ بها مروراً مؤلماً، وهذا دفعه إلى الاهتمام بالعلوم التجريبية لتحقيق النفع للناس حوله.
- بقي ابن النفيس أعزباً في حياته، لذلك بنى داراً له في القاهرة وفرشها بأغلى أنواع الرخام، وكان يُقيم في هذه الدار مجلساً يحضره أمراء وأطبَّاء وأوجاه القاهرة.
- توفي عن عمر ناهز الثمانين بعد إصابته بمرض شديد لمدة ستة أيام فحاول الأطبَّاء آنذاك معالجته بالخمر، لكنَّه رفض رفضاً قاطعاً، وتوفي بعدها سنة 1288 ميلادي في فجر يوم الجمعة في 21 سبتمبر في مصر.
- تبرَّع بجميع كتبه إلى مشفى المنصوري الواقع في القاهرة لرغبته في عدم توقف انتشار العلم من بعده.
السيرة الذاتية لابن النفيس:
- نشر ابن النفيس في عام 1242 كتاب "شرح تشريح قانون ابن سينا".
- في عام 1272 استطاع ابن النفيس أن يُشكِّل حملة ويقضي على الوباء الذي ضرب البلاد آنذاك للقضاء عليه ونجح في ذلك، فراح ضحيَّة هذا الوباء مئات الأفراد، وهنا أصبح يحتل مكاناً مرموقاً في البلاد وأطلق عليه لقب أبو علاء القرشي المصري.
- بعد حادثة القضاء على الوباء كُرِّم من قِبَل حاكم مصر "الظاهر بيبرس" بمبلغ كبير من المال، فاشترى منزلاً كبيراً جداً يقع في جزيرة الروضة بنهر النيل، وأصبح يقيم فيه مجالس علمية وأدبية ودينية لعلماء القاهرة.
- اتَّبع ابن النفيس في عمله منهج الطبيب الحارث بن كلدة الثقفي، فأصبح كبيراً هاماً يتبع منهجه الخاص.
المسيرة المهنية لابن النفيس:
- تعلَّم العالم ابن النفيس الطبَّ على يد الطبيب مهذب الدين عبد الرحمن، والذي يُطلق عليه لقب "الدخوار" إضافة إلى أنَّه طبيب للعيون والذي كان يعمل كبير الأطبَّاء في البيمارستان النوري الكبير، الذي أُنشِئ على يد نور الدين محمود وضمَّ أمهر الأطبَّاء.
- خلال مسيرته الدراسية تلقَّى العلم على يد عمران الإسرائيلي ورضى الدين الرجي.
- رحل إلى القاهرة برفقة صديقه أبي أصيبعة سنة 633 هجري، وعَمِل هناك في البيمارستان الناصري.
- شغل ابن النفيس منصب الرئاسة فيه إلى جانب عميد للمدرسة الطبية اللاحقة به.
- بعد انتقاله إلى القاهرة أصبح ابن النفيس طبيباً خاصاً للظاهر بيبرس حاكم مصر آنذاك، وبسبب ذكائه عُيِّنَ رئيس الأطبَّاء في الديار المصرية، وإضافة إلى أنَّه أعطاه الصلاحية الكاملة في محاسبة الأطبَّاء ومراجعتهم في حال حدث خطأ معهم.
- اتَّصف ابن النفيس في الجرأة وحرية الرأي، بخلاف علماء عصره، فناقض بعض من أقوال ابن سينا وجالينوس في عدة أمور اكتشف فيها خطأ.
- أثبت خلال مسيرته الطبية أنَّ الرئتين هما المسؤولتان عن تنقية الدم، ثمَّ صحَّح نظرية العالم جالينوس التي بيَّنت أنَّ الكبد هو من يولِّد الدم ليتجه نحو القلب الذي بدوره يضخُّه إلى الشرايين.
إنجازات ابن النفيس:
- اكتشف ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى ووَصفها، ونتيجة لذلك أصبح من أعلم الناس في عصره وأشهرهم وخاصة في علم وظائف الأعضاء.
- مهَّد للعالِم الإنجليزي وليام هارفي، لاكتشاف الدورة الدموية الكبرى في عام 1628 ميلادي.
- حفِظَ جميع كتب ابن سينا عن ظهر قلب، ثمَّ أصبح فيما بعد يدرِّس الفقه الشافعي في المدرسة المسرورية في القاهرة.
- ألَّف عدداً من الكتب المشهورة في الطب، ومنها المهذَّب في الكحل المجرَّب في طبِّ العيون والمختار في الأغذية، إضافة إلى شرح فصول أبقراط، وكتاب شامل في الطب، وشرح قانون ابن سينا.
- اعتمد ابن النفيس طريقة لعلاج المرضى بعيداً عن الأدوية وهي تنظيم الأغذية لهم بطريقة صحيحة.
- ألَّف كتاب شرح الأدوية المركَّبة بسبب الجزء الأخير من كتاب قانون ابن سينا الخاص بالأدوية، وبسبب نجاح هذا الكتاب تُرجِمَ إلى اللاتينية من قِبَل "أندريا ألباجو" في عام 1520، كما نُشِرَت نسخة مطبوعة في مدينة البندقية في عام 1547، والتي استفاد منها وليام في شرحه الدورة الدموية الكبرى قبل أن يتبيَّن أنَّ ابن النفيس كان أوَّل من اكتشفها.
- تميَّز بتشريح كل من شرايين جسم الإنسان وجهازه التنفسي إضافة إلى الحنجرة.
تحديات واجهت ابن النفيس:
على الرغم من شهرة ابن النفيس وتميزُّه بالذكاء، لكنَّه واجه عدداً من التحديات خلال مسيرته العلمية ومنها:
- عاش في مرحلة اشتهرت بمرحلة حرجة سياسياً كثرت فيها الاضطرابات والفتن، وهنا وجد العلماء صعوبة في تلاؤم الوضع مع تطور العلوم الذي كان منتشراً حينها.
- نُسِبت حقيقة اكتشاف ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى للعالِم الإنكليزي "هارفي"، وظلَّ الناس يتداولون هذا الوهم إلى أن أتى الدكتور محي الدين التطاوي، وبيَّن في رسالته التي قدَّمها لجامعة فرايبورغ الألمانية حقيقة اكتشاف ابن النفيس الدورة الصغرى وليس هارفي، وأثارت الرسالة اهتمام العلماء والباحثين وعلى رأسهم مايرهوف، فبيَّن أنَّ هناك كلمات وجمل مطابقة بين ما يدعي العالم مايرهوف اكتشافه وبين ابن النفيس.
- شهد ابن النفيس احتلال المغول لمدينة بغداد وكيف سقطت على يدهم وراحت نتيجة هذا الاحتلال العشرات من المؤلفات الهامة له.
تأثير ابن النفيس:
- يعدُّ ابن النفيس من أحد الشخصيات العربية الإسلامية المؤثرة في العالم الطبي، وله كثير من المؤلفات والمجلدات، التي كتبها بناءً على أبحاث علمية تجريبية.
- ألهم كثيراً من الأفراد أنَّ العلم لا يتوقف عند حدٍّ معيَّن، بل يجب دوماً البحث وتعلُّم المزيد لتحقيق الفائدة المرجوة.
أهم الأقوال والاقتباسات المأثورة عن ابن النفيس:
- كثرة الأكل والنوم يفسدان النفس ويجلبان المضرة.
- العين للبدن كالطليعة والحارس، فإنَّ الحس اللمسي إنَّما يدرك الواردات بعد وصولها، والعين تدرك جميع المكونات وإن بعدت جداً كالكواكب.
- لو لم أعلم أنَّ تصانيفي تبقى بعدي عشرة آلاف سنة ما وضعتها.
- قوله فيه ثلاث بطون وهذا الكلام لا يصحُّ، فإنَّ القلب بطنان إحداهما مملوء بالدم وهو الأيمن، والآخر مملوء بالروح (الدم المشبع بالأوكسجين) وهو الأيسر، ولا يوجد منفذ بين هذين البطنين، وإلَّا كان الدم ينفد إلى موضع الروح فيفسد جوهرها.
جوائز وتكريمات نالها ابن النفيس:
- لم يرد ذكر حصول ابن النفيس على أية جائزة أو تكريم في التاريخ، فيبقى تكريمه الحقيقي وجوائزه التي بقيت خالدة إلى يومنا هذا، هو ذكره الحسن وكتبه ودواوينه التي ما زالت تستخدم حتى الآن.
حقائق غير معروفة حول ابن النفيس:
- يعدُّ ابن النفيس أول عالم يحذِّر من ضرورة الاعتدال عن الملح في الطعام، إضافةً إلى ذكر خطورته وكيف يمكن أن يسبِّب ارتفاعاً في ضغط الدم.
- إضافة إلى ذلك كان ابن النفيس أوَّل من تحدَّث عن تغذية عضلة القلب بالشرايين التاجية، فصحَّح أخطاء العالم جالينوس في تشريح عضلة القلب.
- وضَعَ شروط استخدام الأدوية كالوقت الصحيح الذي يجب فيه تناولها إضافة إلى المقدار اللازم لعملية العلاج.
- فُقِدَت معظم مؤلفات ابن النفيس في سقوط بغداد في عام 1258، وهذا العام شَهِدَ خسارات كبيرة، ففُقِدَت كتب كثيرة لعلماء شتى، إضافة إلى أنَّه تبعثرت مخطوطات ابن النفيس الخاصة بموسوعته الطبية وضاع كثيراً منها، وإضافة إلى ذلك حاوَلَ الباحث يوسف زيدان خلال عشر سنوات جمعها من مختلف دول العالم، ثمَّ بدأ ينشرها بالتدريج في عام 2000.
أضف تعليقاً