أولًا: تعريف الهدوء النفسي
الهدوء النفسي هو حالة عقلية تتمثّل بغياب الهياج، والإثارة والاضطراب، ويحدث الهدوء غالبًا بسهولة للإنسان العادي في حالة الاسترخاء، لكن من الممكن حدوثه أيضًا في الحالات الأكثر وعيًا ويقظة، ويجد بعض الناس أنّ تركيز العقل على شيء خارجي أو حتى داخلي مثل التنفّس قد يكون بحد ذاته مُهدّئًا.
والهدوء ميّزة من الممكن اكتسابها وتطويرها بالممارسة، وعادةً ما تتطلّب عقلًا مدربًا على البقاء، هادئًا في مواجهة التنبيهات المختلفة ومشتتات التركيز المحتملة خاصة العاطفية منها. وتعتبر المشاعر السلبية من التحدّيات الكبيرة لشخص ما يحاول اكتساب عقلاً هادئًا. وتوجد بعض الأنظمة السلوكية التي تُحفّز وتُطوّر الهدوء مثل اليوغا، تمرينات الاسترخاء، تمرينات التنفس والتأمل. وهناك مصطلح آخر يترافق مع الهدوء يعرف بالسلام. عندما يكون العقل في حالة الهدوء أو السلام يحفّز الدماغ على إنتاج هرمونات مفيدة تمنح الشخص بدورها الهدوء النفسي.
وفي تعريف آخر للهدوء النفسي يُمكن القول بأنّه عبارة عن موقف يتّخذه الشخص في قرارة نفسهِ رغم كل المشاكل والصراعات التي تُواجهه من أحزان ومشاكل وقرارات، في أي وقتٍ ومكان، كما ويعرف الهدوء النفسي بأنّه قدرة الإنسان على تنظيم حياته بشكلٍ إيجابي من خلال تجاهل الماضي ومثيرات الحاضر وقلق المستقبل.
ثانيًا: أهم الأسباب التي تحرم الإنسان من الاستمتاع بالهدوء النفسي
1- المشاكل العائليّة: تؤثر المشاكل العائليّة على صحّة الإنسان النفسيّة وتحرمه من متعة الاستمتاع بالهدوء النفسي، وبشكلٍ خاص في حال تراكمت هذهِ المشاكل وكبرت، دون القدرة على معالجتها وحلها سريعًا.
2- الظروف الاقتصادية الصعبة: إنّ الظروف الاقتصادية الصعبة تؤثر سلبًا على راحة الإنسان النفسيّة وتسلبه متعة الهدوء النفسي، حيثُ ينحصر تفكيره فقط بطريقة تأمين الطعام والشراب والحاجات الأساسيّة لعائلتهِ، دون التفكير بإيجاد طرق لإسعاد نفسهِ والترفيه عنها قليلًا.
3- الإصابة ببعض الأمراض: لا شيئ من الممكن أن يسلب الإنسان متعة الاستمتاع بالهدوء النفسي أكثر من إصابتهِ ببعض الأمراض المزعجة التي تسبب لهُ الألم الجسدي والقلق النفسي، وبالتحديد الأمراض المستعصيّة والتي لا علاج لها.
4- ظروف العمل الصعبة: يتعرّض الإنسان لمشكلة غياب الهدوء النفسي عن حياتهِ، بسبب ظروف العمل الصعبة والشاقهِ، وعدم تقدير المدراء له وللأعمال الجيدة التي يقوم بها.
5- الكسل وقلّة الحركة: إنّ الكسل وقلة الحركة تؤثر سلبًا على صحة الإنسان النفسيّة، وذلك لأنّ الكسل يُقلل من نشاط الإنسان ونشاط الدورة الدمويّة ممّا ينعكس على صحّة العقل والدماغ، وقدرة الجسم على إنتاج هرمونات تساعد على تنشيط الإنسان وبث الحيويّة والاسترخاء في جسدهِ.
اقرأ أيضاً: أسباب الكسل والخمول وأهم النصائح للقضاء عليه
6- السلبيّة: إنّ سلبيّة الإنسان تؤثر بشكلٍ سيئ على صحتهِ النفسيّة وتسلبه متعتة الشعور بالهدوء والاسترخاء النفسي، وهذه السلبيّة تأتي بعدة أشكال كأن يوجه الإنسان نظرهُ للأمور المزعجة في الحياة، ويغض النظر عن الأشياء الجميلة فيها، وأن يرافق الأشخاص السلبيين الذين يُعززون من مشاعر السلبيّة داخلهِ، بدلًا من مرافقة الأشخاص الإيجابيين الذي يُساهمون في نشر السعادة والهدوء والإيجابيّة في حياتهِ.
اقرأ أيضاً: كيف تتخلص من الأفكار السلبية إلى الأبد؟
7- العمل بشكلٍ مبالغ: لا أحد يستطيع أن ينكر أهمية العمل في حياة كل إنسان منّا، ولكن بشرط أن يكون هذا العمل معتدلًا بعيدًا عن المبالغة، وذلك لأنّ العمل المبالغ فيهِ، يُسبب للإنسان الكثير من الضغوط النفسيّة وتحرمه من متعة الحصول على الهدوء والاسترخاء النفسي.
8- إدمان وسائل التواصل الاجتماعي: إنّ إدمان الإنسان على تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، والإدمان على استخدام كل الوسائل الإلكترونية بشكلٍ عام، يحد من قدرتهِ على الاستمتاع بما يُسمى بالهدوء والاستقرار النفسي، وذلك لأنّ هذهِ الوسائل تتسبّب في خلق التوتر داخل الإنسان وتشوش عملية التفكير السليم.
اقرأ أيضاً: 6 حلول بسيطة للتخلص من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي
9- كثرة التفكير بالمستقبل: كثرة التفكير بالأمور المستقبليّة، وبالأشياء التي تحملها الأيّام القادمة للإنسان تولّدُ في داخلهِ الكثير من مشاعر التوتر والقلق النفسي الذي يحرمه من متعة الشعور بالهدوء والراحة النفسيّة.
10- الفراغ في حياة الإنسان: إنّ وجود فراغ في حياة الإنسان يدفعهُ تلقائيًا للتفكير بأحداث وأمور مزعجة، وهذا ما يخلق نوعًا من التوتر والقلق الذي يؤثرُ سلبًا على راحتهِ وقدرتهِ على التمتع بالهدوء النفسي.
11- التعرّض للصدمات: تقول الدراسات النفسيّة بأنّ الإنسان كثيرًا ما يُعاني من مشكلة الافتقار للهدوء النفسي، نتيجة تعرّضهِ لمواقف صادمة في مرحلة الطفولة، هذهِ المواقف التي تنطبع في ذهن الطفل لتتحوّل إلى أحداث وأفكار مخيفة ترافقهُ طوال حياتهِ.
ثالثًا: نصائح مهمة للحصول على الهدوء النفسي مدى الحياة
ضبط النفس والتحّكم بها، وذلك عن طريق:
1- ممارسة رياضة التنفس: وهي من أفضل أنواع الرياضات التي تساعد على استرخاء الروح وبثّ الهدوء فيها، لهذا في حال تعرّضت لأي موقف مزعج في الحياة، أو حتى في حال لم تتعرّض لهذهِ الأمور فإنّنا ننصحك بأن تواظب على ممارسة تمارين التنفس العميق بشكلٍ يومي، ويكون هذا عن طريق أخذ خمس أنفاس عميقة شهيقًا وزفيرًا ببطئ، وتكرار هذهِ العملية لمدة عشر دقائق.
2- ممارسة تمارين اليوغا: وهي من الرياضات المهمة التي تساعد على استرخاء جسم الإنسان، لإخراج كل الطاقة السلبيّة التي تسب القلق والتوتر له، كما وتساعدُ هذهِ الرياضة على بثّ الكثير من الطاقة الإيجابيّة في داخلهِ، وتمارس اليوغا عادةً في الأندية المختصة بهذهِ الأمور من مرتين إلى ثلاث مرات في الإسبوع.
اقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة
3- ممارسة تمارين التأمل: إنّ ممارسة الإنسان لرياضة التأمل بشكلٍ يومي يُساهم كثيرًا في بث الراحة والإيجابيّة والهدوء في النفس، والتخلّص من كل المشاعر التي تسبب الخوف والقلق للإنسان، وتمارس هذهِ الرياضة عن طريق الجلوس في مكان هادئ في غرفة المنزل أو الشرفة أو الحديقة، وتأمل شيئ ما، أو إغماض العينين لعدة دقائق مع نسيان كل الأمور التي تدور حولهُ وعدم التفكير بأي شيئ على الإطلاق، أو ما يُسمى بالإنفصال عن الواقع.
4- المشي في الطبيعة: لتحصل على المزيد من الهدوء النفسي بعيدًا عن ضجيج الحياة وقلقها، ننصحك بأن تمارس عادة المشي في الطبيعة يوميًا وبالتحديد خلال ساعات الصباح الأولى، أو في المساء، إن كان في الحديقة أو في الشوارع الهادئة.
اقرأ أيضاً: 9 فوائد تجعل من المشي أفضل نشاط يومي
العيش بواقعيّة في الحياة، وذلك عن طريق:
1- تقييم الأفكار والمخاوف: في حال وجدت نفسك تغرق في التفكير بأمورٍ تسبب لك القلق والخوف، عليك أن تجري تقييمًا عامًا لهذهِ الأفكار والمخاوف لتتأكّد فيما إذا كانت واقعيّة أو مجرد أفكار خياليّة لا وجود لها على أرض الواقع، وذلك لكي تتخلّص منها ومن كل التأثيرات المزعجة التي تسببها لك.
2- تحجيم المشاكل: في حال وقوع أي مشكلة، على الإنسان أن يتعامل معها بكل بساطة والعمل على تحجيمها وتصغيرها بدلًا من تضخيمها، كما وعلى الإنسان ألّا يعطي المواقف حجمًا أكبر مما تستحق، وذلك لأنّ تكبير وتضخيم الأمور سيُلحق بالإنسان الكثير من الضرر النفسي، وسيحرمه من متعتة الشعور بالهدوء النفس.
3- عدم المبالغة في الأحلام: عليك أن تحلم أحلامًا تتناسب مع الواقع الذي تعيش فيهِ، بدلًا من التفكير بأحلامٍ بعيدة عن الواقع ولا تتناسب مع الظروف الحاليّة التي تعيشها، وذلك لتحافظ على استقرارك النفسي وهدوئك.
4- الابتعاد عن المثاليّة المُطلقة: لتنعم بالهدوء النفسي في الحياة، عليك أن تبتعد عن السعي وراء تحقيق المثاليّة المطلقة في الحياة، وذلك لأنّ هذهِ الصفة لا وجود لها على الإطلاق، والسعي لتحقيقها سيجلب لك الكثير من المتاعب النفسيّة.
وهناك أيضًا بعض النصائح العامة لتحقيق الهدوء النفسي وهي:
1- تنظيم الوقت: لا شيئ من الممكن أن يؤرق راحة الإنسان ويحرمه من متعة الشعور بالراحة والهدوء النفسي أكثر من العيش بفوضى عارمة، لهذا عليك من اليوم أن تسعى لتنظيم وقتك ويومك، وإنجاز كل أعمالك ومهامك العملية والعائليّة في الوقت المناسب ودون أي تأجيلٍ أو تسويف.
اقرأ أيضاً: مصفوفة إدارة الوقت: كيف تتقن فن إدارة الوقت
2- التسامح: لتحصل على المزيد من الهدوء النفسي، عليك أن تتعامل بتسامح ومحبة مع الآخرين، وأن تتناسى كل تصرفاتهم السيئة وتسامحهم عليها، بدلًا من إرهاق نفسك بالتفكير بها.
3- العيش بإيجابيّة: لتنعم بالمزيد من الهدوء والراحة النفسيّة، ننصحك بأن تواظب على التفكير بطريقةٍ إيجابيّة بدلًا من التفكير السلبي، وأن تحرص كذلك على مرافقة الأشخاص الإيجابيين الذي يُضيفون السعادة والمرح لحياتك، وتُبعد نفسك عن كل شخص سلبي مزعج.
اقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على التفكير بإيجابية
4- القيام بأعمال الخير: تساعد أعمال الخير التي يقوم بها الإنسان على بثّ الراحة والطمأنينة ولهدوء النفسي في داخلهِ، لهذا فإننا ننصحك بأن تخصص ساعات إسبوعيّة للقيام بأعمال الخير التي تسعد الفقراء والمحتاجين، وببعض الأعمال التطوعيّة التي تفيد المجتمع الذي تعيش فيهِ.
5- الضحك والابتسامة: إنّ الضحك يُساعد على الترفيه عن النفس، والتخلّص من كل المشاعر التي تسبب الحزن والاضطراب للإنسان، لهذا عليك أن تحافظ على ابتسامتك الدائمة، وأن تخطط لجلساتٍ مسلية مع الأصدقاء والعائلة لمتابعة المسرحيات والأفلام الكوميديّة بشكلٍ دائم.
6- مرّن عقلك الباطن: وهي من الطرق الفعّالة للحصول على الهدوء النفس اليومي، وتطبق عن طريق توجيه بعض الرسائل لعقلك الباطن لكي يشعر بالاسترخاء والراحة، كأن تردد بينك وبين نفسك بعض العبارات مثل: أنا أشعر بالهدوء، أنا أشعر بالسكينة، أنا لا أشعر بالقلق والتوتر، أنا أعيشُ بسلامٍ نفسي، أنا شخص إيجابي.
7- ممارسة الرياضة اليوميّة: تساهم الرياضة على منح الإنسان الكثير من الهدوء النفسي والراحة المطلقة، لهذا عليك أن تواظب على ممارسة التمارين الرياضيّة اليوميّة، ولمدة لا تقل عن النصف ساعة، كالمشي في الطبيعة، أو ممارسة رياضة الآيروبيك تحت إشراف المدرب المختص.
اقرأ أيضاً: الفوائد الصحيّة التي تمنحُها الرياضة لجسم الإنسان
8- تجنّب شرب الكافيين: إنّ المبالغة في شرب الكافيين والمشروبات التي تحتوي عليهِ كالشاي أو القهوة، يؤدي حتمًا إلى إصابة الإنسان بمشكلة التوتر العصبي والقلق، ويحرمه من متعة الاستمتاع بالهدوء النفسي، لهذا عليك أن تقلل قدر المستطاع من شرب الكافيين، واستبدالهُ بكوب من شاي الأعشاب الطبيعيّة المحلى بالعسل، أو كوب من العصائر الطبيعيّة الخالية من السكر.
9- تقرّب من الله تعالى: إنّ تقرّب الإنسان من رب العالمين، وأدائهِ للعبادات اليوميّة، يُساهمُ كثيرًا في زرع مشاعر الهدوء والطمأنينة في قلبهِ مدى الحياة، لهذا عليك أن تتقرب دائمًا من رب العالمين، وأن تؤدي كافة العبادات من صلاة، صيام، وقراءة القرآن، لتنعم بالمزيد من الراحة والهدوء النفسي.
اقرأ أيضاً: كيف تقوّي إيمانك بالله سبحانه وتعالى
هذهِ هي النصائح الأساسيّة التي عليك أن تتقيّد بها، لتتخلّص من كل مشاعر القلق والتوتر، ولتنعم بالهدوء والراحة النفسيّة.
المصادر:
أضف تعليقاً