ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب تيموثي جي شارب (Timothy J Sharp) والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في العمل كمستشار داخلي خارجي.
فلماذا لجأ إلي ووثق بي؟ لماذا لم يذهب هذا الشخص إلى مديره أو شخص آخر مناسب داخل الشركة؟ بما أنَّني شخصٌ من خارج المؤسسة ومُطَّلعٌ في الوقت نفسه على خفايا الأمور التي تدور فيها، فأنا شخص مؤتمن وموثوق به.
منذ بضع سنوات، كنت رئيس قسم السعادة في مؤسسة باتير(Batyr)، وهي مؤسسة خيرية مختصة بالصحة العقلية للشباب، تركز على تحطيم وصمة العار المرتبطة باعتلال الصحة العقلية، بدأت عملي كمستشار ثم كعضو مجلس إدارة غير تنفيذي، ولكن لعدد من الأسباب تخلَّيت عن هذا المنصب، وبالتشاور مع الإدارة في ذلك الوقت، تعاونَّا على إنشاء هذا المنصب؛ فهو منصبٌ لم يُعرَّف تعريفاً صحيحاً في الواقع، على الرغم من أنَّ الجميع يعرف ما أفعله، كما أنَّه منصبٌ غير مأجور، على الرغم من أنَّ الوقت الذي قضيته فيه أطول من الوقت الذي قضيته في "وظيفتي الحقيقية".
كان سام ريفشوج (Sam Refshauge) هو الرئيس التنفيذي لشركة باتير (Batyr) عندما أنشأنا هذا المنصب، لا يزال عضواً في مجلس الإدارة، وكان أيضاً المدير العام لبرنامج تقديم المنتورينغ للسكان الأصليين في أستراليا (AIME) عندما لعبت دوراً مماثلاً هناك، كان سام جزءاً لا يتجزأ من تشكيل هذا "المنصب" وقال عنه: "في البداية، كان من المفيد إخبار الموظفين وأصحاب المصلحة بأنَّ لدينا مديراً رئيساً للسعادة، ولكنَّ القيمة الحقيقية في هذا المنصب أُنشئت من خلال سنوات من التجربة وارتكاب الأخطاء.
يقول سام: "في الأيام الأولى لإنشاء دور رئيس قسم السعادة، عملنا عن كثب مع الدكتور شارب (Dr Sharp) لضمان تحقيق أقصى استفادة من مهاراته ونقاط قوَّته، وفي أثناء تنفيذ هيكل دعم يستجيب لاحتياجات الفريق، على مر السنين، مع نمو المنظمة ونضجها، عُدِّل دور المدير الرئيس لقسم السعادة أيضاً ونما ليشمل مجموعة متنوعة من العناصر التي تضيف هيكل دعم فريد وقيِّم للغاية للفريق".
عملت ستيفاني فاسيليو (Stephanie Vasiliou) في مؤسسة باتير (Batyr) منذ البداية وهي حالياً رئيسة قسم التأثير العالمي، وقد راقبت ستيفاني هذا المنصب وهو يتطور ويتقدم وقالت عنه: "لقد كان لا يُقدَّر بثمن، وقد عزز هذا المنصب الشعور بالثقة في كل مجال من مجالات المنظمة.
يعرف الموظفون أنَّه هناك مستوى إضافياً من الدعم على الصعيدين المهني والشخصي إذا لزم الأمر، وقد رأيت أمثلة لا حصر لها عن التأثير الذي أحدثه ذلك، من مساعدة الفريق على مواكبة التغيير وتجاوز الحواجز، لقد تكيَّف هذا المنصب على مر السنين مع الاحتياجات المتغيرة باستمرار لمؤسسة باتير (Batyr)، مما حسَّن تحسيناً مباشراً الأداء العالي للفريق والثقافة القوية التي تطورت مع مرور الوقت".
أنا مسؤول عن الإشراف على برنامج الرفاهية الداخلي وتقديمه، فضلاً عن المساهمة في تعزيز ثقافة تنظيمية إيجابية، بالإضافة إلى ذلك، أساعد أيضاً في تطوير المحتوى ومراجعته كلَّما استطعت، وإضافة مزيدٍ من الأشخاص إلى شبكة علاقاتي، والترويج من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وحتى جمع التبرعات، بالإضافة إلى ذلك، أنا صديق مقرب وداعم، ليس لدي أيَّة علاقات محددة أو رسمية مع فريق الإدارة؛ حيث يأتي الناس إلي إذا ومتى أرادوا، للتحدث عما يريدون سواءً كان الأمر مهنياً أم خاصاً.
على الرغم من أنَّ دوري لم يوصف على هذا النحو من الناحية الفنية، إلا أنَّه يهتم بصميم ما نسميه نحن الموظفون "السلامة النفسية"، وبالنسبة إلى أولئك الذين ليسوا على دراية بهذا المفهوم، فإنَّه يشير إلى الاعتقاد أنَّ المرء لن يُعاقب أو يُهان بسبب التحدث عن أفكاره أو أسئلته أو مخاوفه أو أخطائه.
لقد أمضيت معظم العقود القليلة الماضية أعمل، بطريقة أو بأخرى، مع فرق ومؤسسات لبناء ثقافات أكثر إيجابية، ويتمحور أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها الكثيرون حول كلمة "إيجابي"، فالإيجابيَّة في حد ذاتها ليست شيئاً سيئاً؛ في الواقع، يمكن أن تكون رائعةً وقويةً جداً، لكن من الخطأ الاعتقاد أنَّ أي شخص أو أي فريق يجب أن يكون إيجابياً بنسبة 100% طوال الوقت، وبدلاً من ذلك، فإنَّ أفضل الثقافات في أفضل المنظمات تكون إيجابية كلَّما كان ذلك مناسباً، لكنَّ أفرادها يواجهون أيضاً الحقائق المريرة والصعبة عند الضرورة، وهذا ينطوي على شعور الناس بأنَّهم يمكن أن يكونوا على طبيعتهم وضعيفين، وأنَّهم يستطيعون ارتكاب الأخطاء أو التحدث بصراحة دون خوف من الانتقام.
لا أقصد أن أقول إنَّ أي شخص في باتير (Batyr) يخاف من هذه العواقب السلبية، كما أنَّني بالتأكيد لا أقصد أنَّه لا ينبغي استخدام قنوات التواصل العادية؛ حيث يجب عليهم ذلك، وهذا شيء غالباً ما أساعد في تسهيله).
في الواقع، بعد أن عملت مع مئات الفرق والشركات في أماكن وظروفٍ متعددة، يمكنني القول بصراحة إنَّني لم أر أبداً ثقافة أفضل من تلك التي طُوِّرَت في مؤسسة باتير (Batyr)، ولكن مع ذلك، يكاد يكون من المستحيل تجنب حقيقة أنَّ إثارة بعض المشكلات مع رئيس أو مدير قد يكون أمراً صعباً، حتى مع أفضل الرؤساء والمديرين، فالفرق في القوة أمر حتمي، ويمكن القول إنَّه ضروري.
وهذا هو المكان الذي يأتي دوري فيه، بفضل منصبي الفريد إلى حد ما في مؤسسة باتير (Batyr) "كموظف داخلي خارجي"، فأنا أعرف المنظمة جيداً؛ حيث كنت فيها منذ إنشائها تقريباً، وأعرف معظم أعضاء الفريق والمديرين جيداً؛ حيث التقيت بهم وتحدثت إليهم في مناسبات عديدة سواءً بشكل رسمي أم غير رسمي، ولست مستشاراً من خارج المؤسسة، لكنَّني أيضاً لست مديراً يتمتع بأي سلطة حقيقية لاتخاذ القرار داخل المنظمة.
أنا جزء من الفريق دون أن أكون جزءاً من الفريق، أنا موظف داخلي خارجي يفهم ويدعم الموظفين، أعمل من على بعد مسافة جيدة عن الشركة ولي منظور خاص.
يعتقد نيكولاس براون (Nicolas Brown)، الرئيس التنفيذي لمؤسسة باتير (Batyr)، أنَّ "كل مؤسسة تحتاج إلى مدير السعادة الخاص بها؛ إذ يمكن أن يلعب وجود "مستشار خارجي داخلي" دوراً هاماً في العمل كبوصلة وأنت تتنقل خلال فترات الصعاب في أثناء دعم الفريق لتحقيق النجاح؛ حيث إنَّ المساعدة في إلقاء نظرة ثاقبة على الأشياء بدءاً من تطوير الاستراتيجية ووصولاً إلى الإنصات إلى المشاعر اليومية التي تنتاب أعضاء الفريق يوفر قدراً كبيراً من القيمة، فلن نكون حيث نحن اليوم بدون مدير قسم السعادة".
يذهب سيباستيان روبرتسون (Sebastian Robertson)، مؤسس مؤسسة باتير (Batyr)، والرئيس الحالي لمجلس الإدارة وأيضاً المؤسس / الرئيس التنفيذي لشركة بيردي (Bridi)، إلى أبعد من ذلك، إذ يقول: "أعتقد أنَّ هذا هام للغاية، ويتجه مباشرة نحو ثقافة عالية الأداء، وبالنسبة إلي، يشبه الأمر وضع "الحكيمين" في مجتمع العمل أو الاستفادة من "الخريجين التنفيذيين" الذين يفهمون أهداف العمل الأوسع، ولكن يمكنهم أيضاً الاعتماد على الأعمال التجارية لمساعدة الأفراد حيثما ومتى كان ذلك مناسباً".
كما ذكرت سابقاً "لقبي" في باتير (Batyr) هو "كبير مسؤولي السعادة"، والذي أُخذ من لقبي في معهد السعادة، "وظيفتي الرئيسة"، لكنَّ اللقب ليس هاماً، الهام في رأيي المتواضع هو وجود شخص يعرف الفريق أو المنظمة جيداً، بما في ذلك جميع أفرادها، حتى يفهم الغرض والأهداف والوظائف اليومية، ولكنَّه أيضاً منفصل عنها بما يكفي ليكون مؤتمناً وجديراً بالثقة وسري وحيادي.
فالسلامة النفسية أمر بالغ الأهمية للحصول على ثقافة تنظيمية إيجابية، كما أنَّ الثقافة التنظيمية الإيجابية ضرورية لجذب أفضل الأشخاص والاحتفاظ بهم، ولتعزيز مستويات المشاركة التي تؤدي إلى بذل الموظفين أقصى جهودهم في العمل، وفي نهاية المطاف إلى الرفاهية في العمل والرضا وتقديم ذروة الأداء.
كيف يمكن أن يفيدك هذا؟ إنَّه أمر شديد البساطة، فقد وجدت في أثناء تجربتي أنَّ هناك العديد من الأشخاص الرائعين الذين يتطلعون إلى العطاء والمساهمة بطريقة ما، وليس فقط المنظمات غير الربحية، وقد يكون هؤلاء الأشخاص من كبار السن أو المتقاعدين أو شبه المتقاعدين الذين لديهم وقت فراغ ورغبة في رد الجميل بطريقة ما والاستمرار في العيش مع الأهداف، والجدير بالذكر أنَّ جامعة ولونجونج (University of Wollongong) قد وظَّفت مؤخراً ما يسمى بالأعمام والعمات (الحكيمين).
أو يمكن أن يكون الشباب هم الذين لديهم الدافع ليكونوا جزءاً من قضية واكتساب الخبرة، يمكن أن يكون هذا الشخص من الشباب أو الحكماء كبار السن أو أي شخص بين هاتين المرحلتين، وكل ما هو مطلوب هو أن يكون لديك شخص، من الناحية المثالية، لديه اهتمام بعملك وشغف بالمشاركة، إلى جانب المهارات ذات الصلة مثل تلك المتعلقة بالإنصات الفعال والدعم، والكوتشينغ و / أو المنتورينغ.
تخيَّل وجود شخص ما يمكن لأي شخص الذهاب إليه للحصول على رأي مستقل وغير متحيز ولا يطلق الأحكام عليه، فقد يكون العثور على هذا الشخص هو الحل السري اللازم لفريقك أو عملك لكي يزدهر ويتطوَّر ويصل حقاً إلى إمكاناته الكاملة.
أضف تعليقاً