ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب نعمان علي عوان (Nouman Ali Awan)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية الدافع في مفهوم علم الاجتماع.
ما هو الدافع؟
اشتُقت كلمة الدافع (motivation) من كلمة (motive) وتعني الحاجة البشرية التي يجب تلبيتها لتحقيق الرضى، ويمكن تلبية هذه الحاجة بمرور الوقت من خلال العناصر التي تحيط بالناس مثل نوع الثقافة أو نمط الحياة أو نوع البيئة المحيطة بهم؛ فالدافع مفهوم متنوع لأنَّ البشر متنوعون بحد ذاتهم، وبشكل عام الدافع هو سلوك متكرر وهو أمر يساعدنا على الاستمرار.
هو القوة المحركة التي تنمو بداخلنا لمواجهة التحديات وليس من المستغرب أن يكون مفهوم الدافع محل اهتمام علماء الاجتماع وعلماء النفس على حد سواء؛ فقد حاولت العلوم في مجالات متعددة ومن ذلك علم الأعمال وعلم النفس وعلم الاجتماع شرح مفهوم الدافع من ناحية السلوك البشري.
ما هو الدافع الاجتماعي؟
يشير الدافع الاجتماعي إلى حاجة الناس إلى التواصل مع بعضهم بعضاً ورغبتهم في أن يقبلوا بعضهم بعضاً؛ إذ لا يستطيع البشر العيش وحدهم؛ لأنَّه من المفترض أن يتعايشوا مع بعضهم، والحاجة إلى التفاعل مع بعضهم بعضاً هي التي تحدد أساس الدافع الاجتماعي، وفي هذا المقال سوف نشرح مفهوم الدافع في علم الاجتماع، وسنشرح ذلك بمساعدة النظريات المختلفة التي قدمها علماء النفس وعلماء الاجتماع لفهم الدافع البشري ومصادره.
التسلسل الهرمي للاحتياجات الشخصية لعالِم النفس ماسلو (Maslow’s Hierarchy of Needs):
يعتمد دافع الشخص وفقاً لعالم النفس أبراهام ماسلو (Abraham Maslow) على مستوى حاجته؛ فيتخذ التسلسل الهرمي للاحتياجات شكلاً هرمياً؛ إذ تمثل قاعدة الهرم مستوى الاحتياجات الأساسية، ويزداد مستوى هذه الاحتياجات باتجاه قمة الهرم وفق ما يأتي:
1. الاحتياجات الفيزيولوجية:
هذه هي احتياجات البقاء الأساسية للإنسان مثل الغذاء والماء والمأوى، وبمجرد تلبية هذه الاحتياجات ينتقل البشر إلى المرحلة الثانية من التسلسل الهرمي.
2. الأمن:
ثاني أهم احتياج إنساني هو الأمن؛ إذ يميل البشر بطبيعتهم إلى حماية أنفسهم من أيِّ خطر يهدد حياتهم؛ ولذلك عندما يكون البشر في هذا المستوى من الحاجة يتكون لديهم دافع توفير الأمن لأنفسهم وأسرهم.
3. الاحتياجات الاجتماعية:
عند تلبية الحاجتين السابقتين يبحث البشر عن العلاقات التي يشعرون فيها بالانتماء وبمحبة الآخرين.
4. احترام الذات:
يتمتع البشر جميعهم باحترام الذات والكرامة؛ لذا يجب احترامهم والاعتراف بهم بوصفهم عنصراً هاماً يؤدي دوراً في الدافع البشري.
5. تحقيق الذات:
المستوى الأخير من التسلسل الهرمي هو تحقيق الذات وهذه فرصة البشر للتطور والتعلم، وهو أعظم مستوى يمكن للبشر تحقيقه، وبمجرد أن يصل البشر إلى هذا المستوى لا يمكن تحفيزهم إلا بإشباع رغبتهم بالتعلم.
كما يقول أبراهام ماسلو: "يجب اختيار النمو باستمرار ويجب التغلب على الخوف باستمرار".
شاهد بالفديو: 6 نصائح للحصول على الدافع والبقاء متحفزاً
نظرية الاحتياجات لعالِم النفس ماكليلاند (McClelland’s Theory of Needs):
النظرية الثانية التي سنناقشها هي نظرية ماكليلاند للاحتياجات، وتستند هذه النظرية إلى ثلاثة دوافع محفزة:
1. الإنجاز:
إنَّ الشعور بالإنجاز وفقاً لماكليلاند يساعد على تحفيز الناس لتحقيق أشياء أعظم في الحياة؛ فالإنجاز هو في الأساس الشعور الذي يشعر به البشر عندما ينجزون المهام؛ إذ يبحث الأشخاص الذين يسعون إلى تحقيق الإنجاز عن المهام التي من شأنها مساعدتهم على النمو الشخصي ويتلقون التقدير الواجب في أقرب وقت ممكن.
2. الانتماء:
نسعى جميعنا بوصفنا بشراً إلى الشعور بأنَّنا ننتمي إلى مكان ما وأنَّنا مقبولون اجتماعياً، وهؤلاء الأشخاص الذين يسعون إلى الانتماء يُحفَّزون عندما يُقبلَون في المجتمع؛ إذ يدفعهم إلى العمل بجدية أكبر وتحقيق المزيد، كما يكون هؤلاء الأشخاص أيضاً أكثر سعادة في اللقاءات الاجتماعية ويريدون تجنب أيِّ صراع مع الآخرين.
3. السلطة:
العامل الثالث هو السلطة؛ فبعضنا مدفوع بالرغبة في أن يكون في موقع سلطة، وهؤلاء الأشخاص الذين يرغبون في السلطة يبحثون باستمرار عن المناصب التي يمكنهم فيها ممارسة سلطتهم؛ إذ إنَّهم يبحثون عن مناصب أو وظائف يكونون فيها في موقع سلطة ممَّا يحفزهم.
لنأخذ مثالاً بسيطاً عن نظافة المنزل، بعض الناس لديهم الدافع للحفاظ على نظافة منازلهم؛ لأنَّهم يشعرون بالإنجاز في الحفاظ على منزل نظيف، ولكن قد يحافظ بعضهم على نظافة منازلهم؛ لأنَّها تتيح لهم التواصل مع أصدقائهم وأقرانهم بينما ينظف الآخرون منازلهم حتى يتمكنوا من الحفاظ على السيطرة والقوة بين أقرانهم.
نظرية الدافع للباحث في علم النفس الاجتماعي هيرزبرج (Herzberg’s Motivation Theory):
تستند نظرية التحفيز هذه إلى عاملين؛ هما المحفزات وعوامل النظافة؛ فهذان العاملان هما محفزات تحفز الناس على العمل بجدية أكبر:
1. عوامل النظافة:
تضمن هذه العوامل عدم شعور الناس بالاستياء؛ فهذه العوامل ليست جزءاً من الوظيفة؛ بل تجعلها محببة، وتشمل الأمثلة ظروف العمل ونظافة المكتب، فهل تتبع الشركة بروتوكولات السلامة؟ وهل توجد إضاءة كافية في المبنى؟ وهل توجد مساحة كافية في المكتب للعامل ليكون منتجاً؟
2. المحفزات:
هذه هي العوامل التي تحفز الموظفين، ويمكن أن تختلف باختلاف الأشخاص، مثل الإنجاز أو التقدير أو تحمل المسؤولية أو النمو.
في الختام:
يمكن أن يساعد تطبيق علم التحفيز في حياتنا اليومية على تحسين الأداء في أماكن العمل وحتى في منازلنا، وتوجد عوامل عديدة تساعد الناس على تحقيق السعادة، ولكن الدافع هو أحد أكبر العوامل؛ فالبشر المتحمسون أكثر توجهاً نحو النتائج ولديهم أهداف أكثر وضوحاً في الحياة، ويمكن الحفاظ على نمط حياة سعيد ومتوازن من خلال المقدار الصحيح من العوامل المحفزة الخارجية والداخلية.
كما نوقش في النظريات أعلاه؛ فتوجد بالفعل عوامل تحفيز مختلفة لأشخاص مختلفين، وبصرف النظر عن عدد التفسيرات الموجودة ستوجد دائماً نقاط معينة لم تتم تغطيتها بعد؛ لأنَّ كلَّ إنسان مختلف، وما يزال هناك قدر كبير من الأبحاث التي تُجرى عن هذا الموضوع لاكتشاف علم النفس البشري بطريقة متعمقة.
بصفتك قائداً من الهام التأكد من تحفيز أعضاء الفريق جميعه؛ إذ إنَّ نظريات التحفيز أعلاه تعطي نظرة ثاقبة في علم النفس البشري، ويمكن للمديرين والقادة استخدام هذه النظريات والعوامل المحفزة لتحفيز موظفيهم وفقاً لشخصيتهم.
أضف تعليقاً