أشارت دراسة أُجريت عام 2019 من قبَل مؤسسة "سينتر فور فايننشال سيرفيسيز إنوفيشِن" (Center for Financial Services Innovation) بتمويل من مؤسسة "إيه إيه آر بي" (AARP)، إلى أنَّ 17٪ فقط من البالغين الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أكثر، والذين تتراوح دخولهم بين المنخفض إلى المتوسط يتمتَّعون بالأمان المالي.
7 من أبرز الأخطاء المالية الأكثر شيوعاً:
أبرز الأخطاء الني يجب تجنُّبها في هذه المرحلة العمرية لتحقيق مستقبل آمن من الناحية المالية:
1. عدم معرفة الفرد ما يمتلكه من مدَّخرات بدقة:
تؤكد "ماريان م. نولتي" (Marianne M. Nolte) مؤسِّسة شركة "إيماجِن فايننشال سيرفيسز" (Imagine Financial Services) أنَّ المشكلة الأساسية للأفراد من هذه الفئة العمرية أنَّهم لا يعرفون بدقة ما يمتلكونه من مدَّخرات، وتقول "ماريان": "يجهل معظم الأشخاص في عقدهم الخامس ما يمتلكونه من مدَّخرات على وجه الدقة، ويؤدِّي عدم المعرفة الدقيقة لمقدار الأموال المدَّخرة، إلى إضعاف الأمان المالي للفرد نظراً لأنَّه قد ينفق أكثر ممَّا يمتلك، ويمتلك الكثيرون حسابات مصرفية للتقاعد ولا يعلمون عنها أي شيء سوى أنَّهم يودعون فيها شهرياً جزءاً من الدخل، دون أن يتأكَّدوا ما إذا كانوا يسيرون على المسار الصحيح الذي يؤدي إلى تحقيق الأمان المالي بحلول سِنِّ التقاعد".
يوافق "لامونت براون" (Lamont Brown) المستشار المالي لشركة "إيه إل إن إيه فايننشال" (ALNA Financial) على ما تقوله "ماريان" ويضيف قائلاً: "عادةً ما تتوزَّع مدَّخرات الأشخاص في هذا السِنِّ بين عدة حسابات مصرفية، وكثيراً ما يفتح الشخص حساباً مصرفياً للادِّخار عند بداية حياته المهنية، وما يحدث أنَّ الفرد ينسى ما يمتلكه من حسابات خلال سنوات طويلة من الادِّخار في حسابات متنوعة، ولكن يجب أن يتحقَّق الفرد عندما يبلغ عقده الخامس من جميع هذه المدَّخرات ويتأكَّد من أنَّها تخدم خطته للتقاعد، ويستفسر عن كل شيء من البنوك".
بالطبع يبقى الاستثمار الآمن أو المخاطرة، خياراً فردياً يعتمد على مجموعة متنوِّعة من العوامل، ومن ذلك قدرة الفرد على تحمُّل المخاطرة المالية، ومع ذلك يجب على الفرد إضافة إلى أخذ احتياجاته الشخصية في الحسبان أن يضع في حسبانه ما إذا كان يخطِّط لتوزيع ميراثه
2. عدم زيادة المدَّخرات:
يرى "براون" أنَّ أكبر خطأ يرتكبه عملاؤه من هذه الفئة العمرية يتمثَّل بعدم زيادة مدَّخرات التقاعد، ويقول "براون": "يعدُّ العقد الخامس من العمر مرحلة حاسمة بالنسبة إلى الأمان المالي لحين الوصول إلى سِنِّ التقاعد"، ويبيِّن "براون" أنَّ الفرد في هذا السِنِّ قد يكون قادراً على زيادة مدَّخرات تقاعده، خاصةً أنَّ بعضهم ما يزال أمامه سنوات عمل طويلة قد تتعدى الـ 15 عاماً.
تسمح معظم قوانين الضرائب للأشخاص في الخمسينيات من العمر بالمساهمة بمبالغ أكبر مقارنةً بالفئات العمرية الأخرى للوصول إلى الهدف الخاص بمدَّخرات التقاعد في زمن أقصر، ويمكن مثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية (USA) أن يدفع الشخص ما يصل إلى 30 ألف و500 دولار سنوياً وفق تعديلات عام 2024 بالنسبة إلى بعض حسابات الادِّخار، وما يصل إلى 7000 دولار شهرياً بالنسبة إلى حسابات أخرى، مع العلم أنَّ هذه الأرقام خاصة بالأشخاص الذين يبلغون 50 عاماً وما فوق.
3. زيادة الإنفاق غير الضروري تبعاً لزيادة الدخل:
يؤكد "براون" أنَّه يمكن للأفراد في هذه المرحلة العمرية أن يقعوا بسهولة ضحية رغبتهم باقتناء مزيد من الممتلكات، ويضيف: "يجب على الفرد في هذا السِنِّ أن يزيد مدَّخراته قدر الإمكان، ولكن ما يحدث غالباً هو خاف ذلك، فتزيد النفقات تبعاً لازدياد الدخل"، وغالباً ما يساهم في ذلك وصول الأبناء إلى سِنٍّ يسمح لهم بالحصول على دخل من عملهم الخاص، والذي يؤدي بدوره إلى ميل أفراد الأسرة عموماً لشراء منازل أكبر وسيارات أفخم، يؤكِّد "براون" مجدَّداً على ضرورة الادِّخار في هذه المرحلة العمرية قدر الإمكان، لأنَّ هذا السِن ليس مناسباً أبداً لتحمُّل نفقات إضافية.
شاهد بالفيديو: كيف تضع ميزانية تساعد على الادّخار؟
4. سحب مدَّخرات التقاعد في وقت مبكِّرٍ جداً:
تُحذِّر "نولتي" العملاء من الاعتماد على مدَّخراتهم في وقت مبكِّر جداً، خاصةً عندما يتعلَّق الأمر بأموال الضمان الاجتماعي، فمثلاً يستطيع المواطن الأمريكي أن يسحب مدَّخرات الضمان الاجتماعي في عمر الـ 62 عاماً، إلَّا أنَّه لا يحصل على المزايا الكاملة لهذا النوع من الادِّخار قبل سِنِّ الـ 67 إذا كان مولوداً بعد عام 1960، ومع ذلك فإنَّ الانتظار حتى بلوغ الـ 70 عاماً يؤدي إلى الحصول على مزايا الضمان الاجتماعي بنسبة 124%، وفي حين قد لا يفوِّت سحب الأموال من حسابات أخرى على الفرد أية مزايا، لكنَّه قد يؤدي أحياناً إلى دفع ضرائب إضافية، وقد تصل في حالة المواطن الأمريكي إلى دفع 10% على الأرباح في حال السحب من حساب التقاعد قبل سِنِّ الـ 59، ناهيك عن أرباح الفوائد المركَّبة التي يحصل عليها الفرد عندما يودع المال لمدة أطول.
ينصح "براون" عملاءه الذين يمتلكون وظائف بساعات عمل جزئية بالبقاء في وظائفهم، لأنَّ كل ما يحصل عليه العميل من دخل يساهم في تعزيز أمانه المالي مستقبلياً، ويقول "براون": "معظم عملائي يتمتَّعون بصحة جيدة، ويرغبون بالعمل بدوام جزئي فقط"، ويمكن أن يساعد هذا النهج الذي يعتمد على التوفير، والعمل بدوام جزئي على تجنيب الموظف اللجوء إلى مدَّخراته في سِنٍّ مبكِّر كونه يملك دخلاً.
5. عدم مراجعة وصية الإرث العقاري:
تحذِّر "نولتي" من عدم مراجعة وصايا الإرث مراجعةً دوريةً في هذه المرحلة العمرية، وتنصح بالقول: "بمجرد وضع صياغة مبدئية للوصايا الخاصة بالإرث العقاري، يجب مراجعتها مرة كل عام، أو كل 5 أعوام تقريباً، وذلك اعتماداً على ما يطرأ من تغييرات في الأسرة، ويجب أن يفعل الفرد كل ما بوسعه حتَّى لا يكون له تأثير سلبي في التركة".
يمكن أن تؤدي التغييرات في الأسرة مثل الأطفال الذين بلغوا سِنَّ الرشد ووفاة الوالدين والتغييرات في حجم العقارات وموضوع التركة، وامتلاك استثمارات جديدة، وغير ذلك إلى التأثير في خطة الميراث المتعلِّقة بالعقارات، وتنصح "نولتي" أيضاً بامتلاك قائمة بجهات الاتصال يلجأ إليها الورثة حتى يتمكنوا من معرفة كيفية التواصل مع محامي العقارات، والمخططين الماليين وغيرهم من المتخصصين بإدارة الأصول العقارية بسهولة، إضافة إلى وضع قائمة فيها عناوين إيداع حسابات الادِّخار.
6. عدم الاستثمار في التأمين ضد الإعاقة:
يلاحظ "براون" أنَّه يمكن للكثيرين في هذه المرحلة العمرية الحاسمة على صعيد الادِّخار للتقاعد أن يتعرضوا لحادث، أو إصابة تعوقهم عن العمل، وتؤثِّر سلباً في خططهم طويلة الأمد فيما يتعلَّق بالادخار للتقاعد، لذلك ينصح "براون" بالحصول على تأمين ضد الإعاقة على الأمد القصير والطويل على حدٍّ سواء.
لا تغطِّي سياسة التأمين ضد الإعاقة التي تقدِّمها الشركات لموظفيها سوى جزءاً من النفقات اللازمة في حال حدوث مثل هذه الحوادث، إلَّا أنَّ بمقدور الفرد أن يُنشئ حساباً للتأمين ضد الإعاقة وفق اقتطاعات أكبر من تلك التي تمنحها الشركات لموظفيها، وبشكل يتناسب مع تقديراته للنفقات التي يحتاجها في حال إصابته بأحد تلك الحوادث، ويمكن لهذه المدَّخرات أن تُجنِّب الفرد اللجوء إلى الاستدانة من أجل معالجة أية إصابة، وتسمح له بالاستمرار في تطبيق خطة الادِّخار الخاصة بالتقاعد دون أية مفاجآت.
7. التأخير أو التغاضي عن تأمين الرعاية طويلة الأجل:
قدَّرت وزارة الصحة الأمريكية أنَّ ما يصل إلى 56% من الأمريكيين الذين يبلغون 65 عاماً، سيصابون بإعاقة خطيرة بما يكفي لطلب الخدمات والمساعدات طويلة الأمد، ولذلك ينصح "براون" بالادخار في حسابات خاصة بهذا النوع من المساعدات، خاصةً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبلغون عقدهم الخامس من العمر، ويقول "براون": "تكون الكلفة في هذه المرحلة العمرية مقبولة، لكنَّها تصبح باهظة جداً في العقد السادس من العمر، لذلك يجب أن يحرص الفرد على إيداع ما يكفي من مدخرات لمواجهة هذه الحالات قبل ذلك الأوان".
في الختام:
الأمان المالي جانب هام جداً لأي شخص، فلا يمكنك أن تتوقَّع الحصول على صحة جيدة ومستدامة دون أمان مالي، وتشير معظم الدراسات إلى أنَّ السبب الأساسي للتوتر في عصرنا الحالي هو المشكلات المالية، وأنت بغنى عن الإجهاد النفسي والقلق ما دمتَ قادراً على القيام بما هو صحيح في عقدك الخامس، وما يزال أمامك متَّسع من الوقت بشرط أن تتجنَّب الأخطاء التي ذكرناها في هذا المقال.
أضف تعليقاً