لكن قبل أن نبدأ، يوجد بعض النقاط الهامَّة التي يجب عليك معرفتها:
- إنَّه لمن الصعب على المبتدئين القيام بالعمليات الاستثمارية؛ بسبب وجود مجموعة هائلة من الأصول المحتملة التي من الممكن إضافتها إلى محفظتهم المالية.
- إنَّ سلم مخاطر الاستثمار الذي يحدد فئات (أشكال) الأصول بناءً على مخاطرها النِّسبية، يصنف السيولة النقدية على أساس أنَّها هي أكثر الاستثمارات استقراراً، وأنَّ الاستثمارات البديلة هي التي غالباً ما تكون الأكثرَ تقلباً.
- غالباً ما يكون اللجوء إلى صناديق مؤشرات السلع (index funds) أو صناديق المؤشرات المتداولة (exchange-traded funds) التي تعكس حالة السوق؛ هو السَّبيل الأفضل لحديثي العهد بالاستثمار.
أولاً: فهم "سلم مخاطر" الاستثمار:
فيما يلي فئات الأصول الرئيسية، بترتيب تصاعدي للمخاطر -من الأدنى للأعلى- على سلم مخاطر الاستثمار.
1. السيولة النقدية (Cash):
إنَّ الودائع المصرفية النقدية هي أبسط أصول الاستثمار وأكثرها أماناً وأسهلها فهماً. وهي لا تزود المستثمرين بمعرفة دقيقة بنسبة الفائدة التي سيحصلون عليها وحسب، ولكنَّها تضمن لهم أيضاً استرداد رأس مالهم. لكن على الجانب الآخر، نادراً ما تفوق الفائدة المكتسبة من السيولة النقدية المودعة في "حسابات الادّخار - savings account" معدلات التَّضخم.
كما أنَّ شهادات الإيداع (CDs) عبارة عن أدوات عالية السيولة، والتي تشبه السيولة النقدية إلى حدٍّ بعيد. إذ هي عبارة عن أدوات توفر في العادة معدلات فائدة أعلى من تلك الموجودة في حسابات الادخار. إلا أنَّه يتم فيها تجميد الأموال المودعة لفترة محددة مسبقاً من الوقت، مع وضع غراماتٍ على عمليات السَّحب المبكر من المال المودع فيها.
2. السندات (Bonds):
تعتبر السندات أدوات دين أعلى قليلاً على سلم المخاطر، حيث يقوم المستثمرون عملياً بإقراض الأموال لشركة أو وكالة (مُصدِر تلك السندات)، مقابل مدفوعات دورية من الفائدة، بالإضافة إلى استرداد القيمة الاسمية للسندات (face amount) بمجرد أن يحين موعد استحقاقها. يتم إصدار السندات من قبل الشركات والحكومات والعديد من البلدان والهيئات الحكومية.
قد يكون للسند النموذجي للشركات قيمة اسمية تبلغ "1000" دولار، وفائدة نصف سنوية خاضعة للضريبة. تُعفى الفائدة على السندات البلدية (municipal bonds) من الضرائب الحكومية، وقد تكون -أو لا تكون- معفاة من الضرائب بالنِّسبة للمقيمين الذين يعيشون في الدولة التي تصدر تلك السندات. فمثلاً، يتم فرض الضرائب على سندات وأذونات الخزانة الأمريكية (bonds and bills) على المستوى الفيدرالي فقط.
يمكن شراء السندات على أساس عملية اكتتابٍ جديدة (new offerings)، أو يمكن شراؤها من خلال عروض السوق الثانوية (secondary market offerings). كما يمكن لقيمة السند أن تتقلّب بناءً على عوامل عدَّة، لكنَّها تتأثر بشكل رئيسي بأسعار الفائدة السائدة.
3. الأسهم (Stocks):
تتيح الأسهم للمستثمرين المشاركة في نجاح الشركات عبرَ الزيادات الحاصلة على سعر السَّهم الواحد، ومن خلال الأرباح التي توزع على المساهمين. يتمتع المساهمون (Shareholders) بحقِّ المطالبة بأصول الشركة في حالة التصفية (أي إفلاس الشركة)، لكنَّهم لا يمتلكون أصول الشركة في الأحوال العاديَّة. وبينما يتمتع حاملي الأسهم العادية (common stock) بحقِّ التصويت في اجتماعات المساهمين، فإنَّ حاملي الأسهم الممتازة (preferred stock) لا يمتلكون ذلك الحق؛ إلا أنَّهم يتمتعون بأفضلية على المساهمين العاديين من حيث مدفوعات الأرباح الموزعة (dividend payments).
4. صناديق الاستثمار المشتركة (Mutual Funds):
إنَّ صناديق الاستثمار المشتركة هي أداة استثماريَّة تجميعيَّة (pooled investment vehicle) يديرها مدير استثمار، والتي تقدم للمستثمرين سلة من الأسهم والسندات، أو غيرها من الأدوات الاستثماريَّة، وفقاً لما هو موضح في نشرة إصدار الصندوق (fund’s prospectus).
يمكن للأفراد أن يستثمروا في صناديق الاستثمار مقابل أقل من 1000 دولار للسهم، مما يتيح لهم التنويع في ما يصل إلى 100 سهم مختلف موجود ضمن محفظة معينة.
ويمكن لبعض صناديق الاستثمار المتبادلة تتبع مؤشرات سوق الأسهم أو السندات بشكل سلبي (بطريقة غير نشطة، أي من دون تدخل مباشر ممَّن يدير عمل المحفظة المالية)، مثل مؤشر S&P 500 (مؤشر ستاندرد آند بورز 500) أو مؤشر باركليز للسندات المجمَّعة. بينما تدار الصناديق الاستثمارية الأخرى بطريقة نشطة: إذ يتم إدارتها مباشرة بواسطة مديري المحافظ الذين اختاروا الاستثمارات الأساسية (الاستثمارات التي تم إنشاء الصندوق على أساسها). إلا أنَّ هذه الصناديق عادة ما تكون لها تكاليف أكبر، والتي يمكن أن يتم اقتطاعها من عوائد المستثمرين.
يمكن لصناديق الاستثمار أن تقوم بتوزيعات على شكل توزيعات أرباح (dividends)، أو على شكل فوائد (interest) وأرباح على أساس رأس المال (capital gains). وستكون هذه التوزيعات خاضعة للضريبة في حالة الاحتفاظ بها في حساب غير تقاعدي. وعلى غرار الأسهم الفردية أو السندات المالية، فإنَّ بيع صندوق مشترك يمكن أن يؤدي إما إلى ربح، أو خسارة في الاستثمار.
يتم تقييم قيمة صناديق الاستثمار في نهاية يوم التداول، ويتم تنفيذ جميع معاملات (صفقات) البيع والشراء على أساس ذلك التقييم بعد إغلاق السوق (البورصة).
5. الصناديق القابلة للتداول (ETFs):
أصبحت الصناديق القابلة للتداول في البورصة (Exchange Traded Funds) ذات شعبية كبيرة منذ إطلاقها في منتصف التسعينيات. الصناديق القابلة للتداول تشبه صناديق الاستثمار المشتركة؛ لكن يتم تداولها في البورصة على مدار اليوم، مثلها مثل أسهم البورصة تماماً. وعلى عكس صناديق الاستثمار المشتركة، والتي يتم تقييمها في نهاية كل يوم تداول، تتغير قيم صناديق الاستثمار المتداولة لحظةً بلحظة على مدار اليوم.
إنَّ الكثير من الصناديق القابلة للتداول تَتَتَبَّع مؤشرات السوق المدارة بطريقة غير نشطة (passive market indexes) مثل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، ومؤشر "سندات باركليز" التجميعية، ومؤشر "راسل 2000" لأسهم رؤوس الأموال الصغيرة.
في السنوات الأخيرة، برزت صناديق الاستثمار القابلة للتداول المدارة بطريقة نشطة (actively managed ETFs)، وكذلك ما يسمى صناديق بيتا الذكية، والتي تنشئ مؤشرات تستند إلى عوامل مثل الجودة، وقلة التَّقلب، والزخم.
6. الاستثمارات البديلة:
هناك عالم واسع من الاستثمارات البديلة، بما في ذلك القطاعات التالية:
6. 1. العقارات:
يمكن للمستثمرين تملُّك العقارات عن طريق شراء العقارات التجارية أو السَّكنية بشكلٍ مباشر. لكن يمكنهم أيضاً وبدلاً من ذلك، شراء أسهم في صناديق الاستثمار العقاري (REITs)، والتي تجمع أموال العديد من المستثمرين من أجل شراء العقارات.
يتم تداول صناديق الاستثمار العقاري مثل الأسهم. كما يوجد صناديق استثمار مشتركة وصناديق قابلة للتداول، تستثمر في صناديق الاستثمار العقاري.
6. 2. صناديق التَّحوُّط وصناديق الأسهم الخاصة:
تميل صناديق التَّحوُّط -والتي قد تستثمر في مجموعة من الأصول- إلى التَّفوق على الأدوات الاستثمارية التقليدية في الأسواق المضطربة. بينما تسمح صناديق الأسهم الخاصة للشركات بجمع رأس المال، من دون أن تخضع للاكتتاب العام. هذه الأدوات الاستثمارية والتي عادةً ما تكون متاحة فقط للمستثمرين المعتمدين (accredited investors)، غالباً ما تتطلّب استثمارات أولية عالية تبلغ مليون دولار أو أكثر. كما أنَّها تميل إلى فرض بعض الشروط على القيمة الصافية. كما يمكن لكلا النَّوعين من الاستثمار تجميد أموال المستثمرين لفترات زمنية كبيرة (مثلها مثل شهادات الإيداع "CDs").
6. 3. السِّلع:
تشير السِّلع إلى الموارد الملموسة؛ مثل الذهب والفضة والنفط الخام وكذلك المنتجات الزراعية.
ثانياً: كيف تستثمر بشكل معقول ومناسب وبسيط:
يقوم الكثير من المستثمرين المخضرمين بعملية تنويع لمحافظهم الاستثمارية باستخدام أشكال وأنواع الأصول المذكورة أعلاه، مع وضعهم لمزيج يعكس تقبُّلهم لمخاطر الاستثمار. كما ينصح المستثمرين بشدة، بالبدء باستثمارات بسيطة، ومن ثم توسيع المحافظ الاستثمارية تدريجياً. كما تعتبر كل من صناديق الاستثمار المشتركة أو الصناديق القابلة للتداول على وجه التحديد، خطوة أولى جيدة قبل الانتقال إلى الأسهم الفردية والعقارات والاستثمارات البديلة الأخرى.
ومع كون معظم الناس يُشغِلُونَ أنفسهم للغاية بالقلق بشأن مراقبة محافظهم الاستثمارية بشكل يومي، فإنَّ اللجوء لصناديق مؤشرات السلع (index funds) والتي تجسد حالة السوق؛ هو حلٌّ عمليٌّ قابل للتطبيق.
يؤكد ستيفن جولدبرج، وهو مدير في شركة "Tweddell Goldberg Investment Management" وكاتب وصحفي لصناديق الاستثمار طويلة الأمد في موقع "Kiplinger.com"، بأنَّ معظم الأفراد ليسوا بحاجة سوى إلى ثلاثة صناديق مؤشرات فقط: واحد يغطي سوق الأسهم المحلية، والآخر يغطي الأسهم الدولية، والثالث يتتبَّع مؤشر السندات (bond index).
خلاصة القول:
تُعدُّ الثقافة الاستثمارية أمراً ضرورياً، بنفس أهمية تجنُّبكَ للاستثمارات التي لا تفهمها بشكل كامل. لذا، اعتمد على توصيات سليمة من المستثمرين ذوي الخبرة، مع رفضك لـِ "المعلومات السرية" من مصادر غير موثوق بها. وإذا أردت أن تستشير المختصين، ابحث عن المستشارين الماليين المستقلين الذين يتقاضون رواتبهم مقابل عملهم فقط، بدلاً من أولئك الذين يتقاضون عمولات. وقبل كل ذلك: قم بتوزيع أرصدتك على شريحة واسعة من الأصول.
أضف تعليقاً