تعريف تقدير الموظفين:
هو أيُّ نشاطٍ أو استراتيجية يستخدمها أرباب العمل لإظهار التقدير لموظفيهم، ويكرِّس أرباب العمل الوقت والموارد لتقدير الموظفين؛ لما لذلك من فوائد في الاحتفاظ بالموظفين وسلامتهم وإنتاجيتهم، ويستحقُّ تقدير الموظفين الاستثمار فيه؛ لأنَّه يعود بفوائد على الموظفين والشركات على حدٍّ سواء، وإنَّه يثير إحساساً ملموساً بالجدارة والثقة بأنَّ المكافآت المالية والمهنية تتحصَّل بالعمل الجاد.
كما أنَّه يتيح لأرباب العمل تنمية ثقافة عمل إيجابية وداعمة، وهو أمر يصعب على أرباب العمل التحكُّم فيه عندما يكون الهيكل المؤسسي هرمياً، وعندما تفلح في تقدير الموظفين، يشعر الموظفون بأنَّ ربَّ العمل لا يهتمُّ بهم على الصعيد المهني فحسب، بل على الصعيد الإنساني أيضاً؛ وباختصارٍ قد يكون تقدير الموظفين هو المفتاح للنجاح في إدارة شؤون الموظفين.
طرائق تقدير الموظفين:
توجد عدة طرائق لتقدير الموظفين، ولكي تكون برامج تقدير الموظفين فعَّالة، يجب أن تكون الطريقة الصحيحة مصمَّمة خصيصاً لتلبية احتياجات كلِّ موظَّفٍ على حدة واهتماماته وخياراته المفضلة.
إليك 6 طرائق لتقدير الموظفين:
1. الثناء والتشجيع:
يرى كثيرون منَّا أنَّ التشجيع هو أفضل طريقة لتلقِّي الدعم من الآخرين، ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته شركة "غلاسدور" (Glassdoor) عن تقدير الموظفين، قال 81% من الموظفين إنَّهم سيبذلون جهداً أكبر إذا حصلوا على تقدير لعملهم الجاد، وحتَّى إذا لم نكن نحن من يتلقى التقدير شخصياً، فإنَّ رؤية زملائنا ينالون التقدير على عملهم الجاد تعزِّز حالتنا المزاجية.
كما أنَّ الإشادة تؤدِّي وظيفة أخرى قيِّمة في مكان العمل، فهي تساعد الموظفين على فهم توقُّعات أرباب العمل، ومن ثمَّ فهم آلية العمل فهماً أفضل، وفي حين أنَّ القواعد وكتيبات الموظفين قد تمثِّل المبادئ التوجيهية التقنية لسلوك الموظفين، فإنَّ لكل ثقافة عمل توقعاتها وخصائصها غير المعلنة، وتعدُّ التغذية الراجعة بمختلف أنواعها، خاصة الإشادة بأداء معيَّن، مفيدة للموظفين الذين يواجهون هذه الضبابية.
2. أيام الإجازة الإضافية:
حتَّى في المؤسسات التي تقدِّم ما يسمى بأيام الإجازة "غير المحدودة"، يحرص الموظفون على تقدير وقت إجازتهم وإنفاقه بعناية، ويقضي معظمنا أغلب ساعات النهار إمَّا في التنقُّل أو في العمل، وتعدُّ أيام الإجازة، حتَّى عندما تقضيها في عيادة طبيب الأسنان أو في الاسترخاء في المنزل ذات فائدة كبيرة لسلامة وعافية الموظف، فلمَ لا نقدِّر العمل الجاد الذي يقوم به الموظفون بمكافأتهم بوقت إجازة إضافي؟ بخلاف بعض أنواع تقدير الموظفين، مثل الهدايا المادية، فإنَّ مكافأة الإجازة الإضافية تلقى استحساناً كبيراً وتعدُّ أداة مفيدة لتقدير الموظفين.
3. امتيازات الشركة:
إذا كان وقت الإجازة الإضافي بعيد المنال من الناحية المالية، فتتوفر عدة امتيازات أخرى قليلة التكلفة، وتتضمَّن هذه الفئة مزايا مجانية ومنخفضة التكلفة يمكن أن تقدِّمها المؤسسة، تجعل الحياة العملية اليومية للموظف أكثر متعة، فمثلاً قد يكون الامتياز تأمين مكان مميز لركن السيارة، أو وجبات مجانية في المطعم، أو استراحة غداء أطول، أو ربَّما تناول الغداء مع الرئيس التنفيذي، أو منح الموظَّف مكتباً يتمتَّع بإطلالة جميلة، وتُوزَّع هذه الامتيازات في الغالب وَفقَ المنصب الوظيفي دون مراعاة الجهد الذي يبذله الموظفون؛ لذا فإنَّ ربطها بسلوكات أو إنجازات محدَّدة يساعد على تغيير هذا الانطباع.
4. مكافآت أو هدايا مالية تُقدَّم مرة واحدة:
قد يكون المال الذي يُقدَّم على شكل مكافآت فورية أو هدايا مالية مرة واحدة، وسيلة فعالة جداً لتقدير الموظفين، وللمكافآت المالية غير المتوقعة نكهتها الخاصة، ويحتاج إليها الموظفون من حين لآخر، وهذا الخيار مجدٍ بلا شكٍّ، لأنَّ الموظف يمكنه إنفاق المال كيفما يشاء، والعيب الرئيس للمكافآت المالية هو الضريبة المفروضة عليها (مع بعض الاستثناءات المحددة).
5. الهدايا المادية:
تعدُّ الهدايا المادية من أشيع أنواع تقدير الموظفين، وتشمل هذه الفئة كل شيء بدءاً من خدمات الاشتراك إلى الوجبات اللذيذة والسترات الفاخرة المطرَّزة بشعار الشركة، وقد يكون من الصعب العثور على النوع المناسب من الهدايا للموظف؛ نظراً لعدم اتفاق أذواق واهتمامات جميع الموظفين، ولذلك من الضروري معرفة اهتمامات كل موظف حتى تكون الهدية مجزية.
6. التبرعات الخيرية:
قد يقرِّر ربُّ العمل التبرع لمنظمة خيرية يختارها الموظف تقديراً له، وفي حين أنَّ هذا أقل شيوعاً لأنَّه لا يوفِّر للموظَّف فوائد شخصية ملموسة، فإنَّه يبقى خياراً رائعاً للشركات لرد الجميل لمجتمعها، وإنَّ السماح للموظف باختيار مكان التبرع بالمال، يدلُّ على أنَّك تدرك وتحترم معتقداته والقضايا التي تهمه، ويمكنك أيضاً تقديم تبرع أكبر نيابة عن الفريق بأكمله الذي ترغب في تقديره، والسماح لأعضاء هذا الفريق بالتعاون معك لتحديد الجهة التي يريدون التبرع لها بالمال.
الفوائد الرئيسية لتقدير الموظفين:
يعود تقدير الموظفين، خاصة عند تنفيذه على نطاق واسع، بفوائد على كلِّ الموظفين في المؤسسة، وتستفيد الشركات أيضاً من شعور موظفيها بمزيد من التقدير والرضى في العمل، وفيما يأتي بعض الفوائد الرئيسة لتقدير الموظفين:
1. توفير التعزيز الإيجابي لسلوكات بناء الثقافة:
من المعروف أنَّ بناء ثقافة عمل صحية وداعمة هو أمر صعب جداً، بقدر ما يحاول متخصصو وقادة الموارد البشرية بناء ثقافة عمل تشمل جميع المناصب الوظيفية في الشركة، فإنَّ الثقافة هي في الواقع مزيج من التفاعلات اليومية والرسائل الداخلية، ومكافأة السلوك الذي يتماشى مع قيم الشركة هو أحد الاستراتيجيات الرائعة لبناء ثقافة إيجابية.
2. الحدُّ من الاحتراق الوظيفي:
الاحتراق الوظيفي مشكلة معقَّدة جداً ولها أسباب متعدِّدة، ولكن قد تساعد البرامج القوية لتقدير الموظفين على الحدِّ منها في مكان العمل.
3. درء دوران العمالة:
في عام 2021، أشار 57% من الموظفين الذين تركوا عملهم إلى شعورهم بعدم الاحترام في العمل بوصفه أحد الأسباب التي دفعتهم للاستقالة، وعلى الرغم من عدم وجود حل سحري لتجنُّب الخلافات في مكان العمل، فإنَّ توفير ثقافة قائمة على الدعم والإيجابية والاحترام من خلال تقدير الموظفين يمكن أن يعزِّز العلاقات الشخصية الإيجابية والمحفِّزة في العمل.
4. تعزيز سعادة الموظف وعافيته:
يرى متخصصو الموارد البشرية مباشرةً التأثيرات التي قد تحدثها البرامج في عافية الموظفين واستبقائهم، وفي استطلاع أجرته جمعية إدارة الموارد البشرية (SHRM)، قال 82% من متخصصي الموارد البشرية إنَّ تقدير الموظفين يؤثر تأثيراً إيجابياً في سعادة الموظفين، وقال آخرون إنَّه يحسِّن العلاقات بين الموظفين (87%) وتجربة الموظف (89%).
5. تحسين اندماج الموظفين وأدائهم:
وجدت دراسة أجرتها شركة "ديلويت" (Deloitte) أنَّ نسبة اندماج الموظفين وإنتاجيتهم في المنظمات التي لديها برامج تقدير الموظفين أعلى بمقدار 14% من المنظمات التي ليس لديها مثل هذه البرامج.
شاهد بالفيديو: 7 خطوات لتحسين الأداء الوظيفي والإنتاجية
أفضل الممارسات لتقدير الموظفين:
1. التواصل بوضوح:
حُسنُ التواصل أمرٌ أساسي للحصول على أقصى فائدة ممكنة من مكافآت الموظفين، وعند منح مكافأة لموظف، احرص على تقديم رسالة شكر له تبيِّن السلوك الذي استحقَّ المكافأة، وقُلْ مثلاً: "شكراً على الجهد الذي بذلته في مشروع كذا، ولم يكن هذا النجاح ليتحقَّق لولا قيادتك وموقفك المتفائل، فنحن نقدِّرك كل التقدير".
2. إعطاء الأولوية لتجربة الموظف:
ينبغي أن تكون تجربة الموظف محور برامج تقدير الموظفين، ففي نهاية المطاف تجربة الموظف هي السبب في وجود هذه البرامج أصلاً، فاسأل نفسك: ما هو نوع المكافأة التي تحمل أكبر معنى وقيمة لهذا الموظف بالذات؟ ما هي الأشياء التي أعرف أنَّه يستمتع بها؟ كيف يمكنني التعبير عن امتناني بطريقة يقدرها؟
إذا أمكن، دَعْ الموظفين يختارون نوع المكافأة التي يتلقونها من خلال برنامج تقدير الموظفين، وامنَحْ الموظفين حرية الاختيار، خاصة في العمل فيشعرون غالباً بأنَّهم محكومون بقرارات الإدارة العليا وهذه مكافأة في حدِّ ذاته.
3. تجنُّب التحيُّز:
يمنح برنامج تقدير الموظفين الجيِّد المديرين من جميع المستويات الاستقلالية لمكافأة أداء أعضاء فرقهم وسلوكاتهم، ولكنَّ هذا ينطوي على بعض المخاطر، أي إنَّه دون التدريب والرقابة، قد يتحيَّز بعض المديرين في توزيع المكافآت، فلا يمثِّل هذا ظلماً وانتهاكاً لقوانين الامتثال فحسب، بل يقوِّض فوائد برامج تقدير الموظفين أيضاً، فيراقب الموظفون المحسوبية والتحيُّز في مكان العمل مراقبة شديدة، ولا يمكن التسامح مع التحيُّز في برامج تقدير الموظفين.
4. تدريب المديرين والقادة:
التدريب لمساعدة المديرين على التخلُّص من التحيُّزات اللاواعية أمر هام جداً لضمان العدالة في برنامج تقدير الموظفين، وكذلك تدريب المديرين على السلوكات والقيم التي ترغب الشركة في مكافأتها في جميع أنحاء المنظمة، وتساعد العدالة على تقدير الموظفين على فهم أنواع السلوكات التي تستحق المكافأة وتلك التي لا تستحقها.
5. تتبُّع التقدُّم والنتائج:
يجب أن تتضمن أية مبادرة معايير النجاح والتقدم، فتستخدم معظم الشركات الاستطلاعات الداخلية لتتبُّع شعور الموظفين والاستجابة لمبادرات الشركة المختلفة، وأحياناً ينشغل المديرون بالمهام اليومية ويتجاهلون الفرص المتاحة لدعم الموظفين وتقديرهم، وتتيح بعض المنصات لأرباب العمل تتبُّع المكافآت المقدَّمة والمستلمة من أجل ضمان العدالة في التوزيع، كما توفر أيضاً بيانات عن المكافآت التي يختارها الموظفون في أغلب الأحيان، حتى تعرف أنواع المكافآت التي يحبِّذها موظفوك.
6. التفكير خارج المألوف:
لا داعي للالتزام بالعادات الشائعة لتقدير الموظفين وتقديم الهدايا، ولا يعني كون المكافآت السنوية هي القاعدة، وأنَّ المكافأة الفورية المقدمة فجأة في وقت آخر من السنة لن تكون مجدية أيضاً، فقد يجد بعض الموظفين معنى أكبر في التبرع الخيري المقدَّم باسمهم بدلاً من تلقِّي هدية مادية، فوجد استطلاع أجرته شركة "ديلويت" أنَّ 75% من الموظفين راضين عن كلمة شكر بسيطة بوصفها مكافأةً على عملهم الجاد.
لكن وجد الاستطلاع أيضاً أنَّ نسبة من النساء يفضِّلن تلقِّي الشكر كتابياً (ربَّما نتيجة للتحيُّز المستمر الذي ما تزال المرأة تواجهه في مكان العمل)، وكما هو الحال دائماً، مراعاة خيارات الموظف المفضلة هي مفتاح نجاح استراتيجيتك في تقدير الموظفين.
في الختام:
عندما تطبِّق برامج تقدير الموظفين بإحكام، فإنَّك تعزِّز سلامة الموظفين وعافيتهم، وتحدُّ من دوران العمالة، وتدرأ الاحتراق الوظيفي، فاستخدِمْ هذه الممارسات الست الرئيسة لتقدير الموظفين لجعل برنامج تقدير الموظفين عادلاً وشاملاً وفاعلاً.
أضف تعليقاً