من خلال هذه المادة نسعى إلى تزويد روَّاد الأعمال والمديرين والقادة بأدوات قيِّمة لتحسين فرصهم في النجاح وتجنُّب الوقوع في الفخاخ نفسها التي وقعت فيها الشركات التي سبقتهم، فهل أنت مستعدٌّ للانضمام إلينا في هذه الرحلة المليئة بالدروس المستفادة؟
شركة نوكيا NOKIA من عملاق الهواتف إلى الهامش:
كانت "نوكيا" في يوم من الأيام قصة نجاح مُلهِمة، تأسست الشركة عام 1865 في فنلندا، وبدأت بتصنيع المنتجات الخشبية والمطَّاط، ولكن في التسعينيات من القرن الماضي، تحولت "نوكيا" إلى مجال الإلكترونيات، وبدأت بتصنيع أجهزة الاتصالات، وخلال مدة قصيرة أصبحت "نوكيا" رائدة عالمية في مجال الهواتف المحمولة، واشتهرت هواتف "نوكيا" بمتانتها وموثوقيتها وتصميمها المميَّز، وفي عام 2000، كانت "نوكيا" تسيطر على 50٪ من سوق الهواتف المحمولة في العالم.
لكن في مطلع الألفية الجديدة، بدأت "نوكيا" تواجه تحديات جديدة، فظهرت شركات جديدة مثل Apple وSamsung مع هواتف ذكية تعمل بنظام التشغيل iOS وAndroid، فشلت نوكيا في التكيُّف مع هذا التغيير، وتمسكت بنظام التشغيل Symbian الخاص بها، ونتيجة لذلك، فقدت نوكيا حصتها في السوق بسرعة، وفي عام 2013، باعت نوكيا قسم الهواتف المحمولة لشركة Microsoft مقابل 7.2 مليار دولار.
ما هي العوامل التي أدت إلى فشل نوكيا؟
1. التأخُّر في تبني الهواتف الذكية:
ركَّزت نوكيا على تطوير الهواتف التقليدية وغفلت عن أهمية الهواتف الذكية.
2. نظام التشغيل Symbian:
كان نظام التشغيل Symbian قديماً ومعقداً وصعب الاستخدام مقارنة بنظامي iOS وAndroid.
3. ضعف الابتكار:
فشلت "نوكيا" في تطوير منتجات وخدمات جديدة لمواكبة التطورات في السوق.
4. البيروقراطية:
كانت "نوكيا" شركة كبيرة ذات هيكل بيروقراطي معقد، وهذا أدَّى إلى بطء عملية اتِّخاذ القرار.
5. أهمية التكيُّف مع التغيير:
يجب على الشركات أن تكون مستعدة للتكيف مع التطورات في السوق والتقنية.
6. أهمية الابتكار:
يجب على الشركات أن تستثمر في البحث والتطوير لتطوير منتجات وخدمات جديدة.
7. أهمية سرعة اتِّخاذ القرار:
يجب على الشركات أن تكون قادرة على اتِّخاذ القرارات بسرعة وفاعلية.
8. أهمية التركيز على العملاء:
يجب على الشركات أن تضع احتياجات وتوقعات العملاء في المقام الأول.
ما هي الدروس التي يمكننا تعلمها من فشل نوكيا؟
على الرغم من فشلها، تظلُّ نوكيا رمزاً للابتكار والريادة، ولقد تعلَّمت الشركة من أخطائها، وتحاول الآن العودة إلى السوق من خلال التركيز على مجالات جديدة مثل شبكات الجيل الخامس، فهل ترى تستطيع استعادة أمجادها وتحقق إنجازا جديدا في ريادة الأعمال؟
شركة ياهو YAHOO:
كانت "ياهو" في يوم من الأيام إحدى أكثر شركات الإنترنت شعبية في العالم، وتأسست الشركة عام 1994 في الولايات المتحدة، وبدأت بوصفها دليل ويب بسيط أسسه "جيري يانغ" و"ديفيد فيلو" حين كانا طالبَين في جامعة "ستانفورد".
في التسعينيات من القرن الماضي، نمت "ياهو" بسرعة وأصبحت بوابة الإنترنت الأكثر شعبية في العالم، فقدمت "ياهو" مجموعة متنوعة من الخدمات، مثل البريد الإلكتروني ومحرك البحث وأخبار وألعاب وخدمات أخرى، وفي عام 2000، كانت "ياهو" تسيطر على 43٪ من سوق الإنترنت في الولايات المتحدة، وكانت الشركة قوية ومتنوعة ويبدو أنَّها في طريقها إلى النجاح المستمر.
لكن في مطلع الألفية الجديدة، بدأت "ياهو" تواجه تحديات جديدة، فظهرت شركات جديدة مثل Google وMicrosoft مع منتجات وخدمات أفضل، وفشلت "ياهو" في التكيُّف مع هذا التغيير، وتمسكت بنموذج أعمالها القديم ونتيجة لذلك، فقدت "ياهو" حصتها في السوق فقداناً سريعاً، وفي عام 2016 باعت "ياهو" قسمها الأساسي لشركة Verizon مقابل 4.48 مليار دولار.
ما هي العوامل التي أدت إلى فشل "ياهو"؟
1. التأخُّر في تبنِّي التطورات التكنولوجية:
فشلت "ياهو" في مواكبة التطورات التكنولوجية مثل ظهور محركات البحث الجديدة وخدمات التواصل الاجتماعي.
2. ضعف الابتكار:
فشلت "ياهو" في تطوير منتجات وخدمات جديدة لمواكبة احتياجات العملاء المتغيرة.
3. سوء إدارة الشركة:
اتَّخذت إدارة "ياهو" عدداً من القرارات الخاطئة التي أدت إلى فقدان الشركة لحصتها في السوق.
4. الثقافة التنظيمية الراكدة:
كانت ثقافة "ياهو" راكدة ومقاومة للتغيير.
شركة ماي سبيس MySpace:
كانت MySpace في يوم من الأيام أكبر موقع ويب للتواصل الاجتماعي في العالم، وأُسِّست الشركة عام 2003 في الولايات المتحدة، وبدأت بوصفها منصةً لتخزين الملفات أسَّسها "توم أندرسون" و"كريس ديوولف"، وفي منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، نمت MySpace بسرعة وأصبحت أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شعبية في العالم.
قدَّمت MySpace للمستخدمين مجموعة متنوعة من الميِّزات، مثل ملفات تعريف قابلة للتخصيص، وإمكانية مشاركة الصور والفيديوهات، وإمكانية التواصل مع الأصدقاء، وفي عام 2008 كان لدى MySpace أكثر من 100 مليون مستخدم نشط شهرياً، وكانت الشركة قوية وتسعى إلى مزيد من النجاح.
لكن في أواخر العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، بدأت MySpace تواجه تحديات جديدة، فظهرت شركات جديدة مثل Facebook وTwitter مع منتجات وخدمات أفضل، وفشلت MySpace في التكيُّف مع هذا التغيير، وتمسَّكت بنموذج أعمالها القديم، ونتيجة لذلك فقدت MySpace حصتها في السوق بسرعة، وفي عام 2011 بيعَ MySpace لشركة News Corporation مقابل 350 مليون دولار فقط.
شركة كوداك Kodak:
كانت "كوداك" في يوم من الأيام شركة رائدة في مجال التصوير الفوتوغرافي، وأُسِّسَت الشركة عام 1888 في الولايات المتحدة، وبدأت بتصنيع أفلام التصوير الفوتوغرافي، أسسها "جورج إيستمان".
في القرن التاسع عشر والعشرين، سيطرت "كوداك" على سوق التصوير الفوتوغرافي، واشتهرت منتجات "كوداك" بسهولة استخدامها وجودتها العالية، في عام 1976، كانت "كوداك" تسيطر على 90٪ من سوق الأفلام في الولايات المتحدة.
لكن في أواخر القرن العشرين، بدأت "كوداك" تواجه تحديات جديدة، وظهرت تقنيات التصوير الرقمي التي هدَّدت هيمنة "كوداك" على السوق، وفشلت "كوداك" في التكيُّف مع هذه التكنولوجيا الجديدة، وتمسَّكت بنموذج أعمالها القديم، ونتيجةً لذلك فقدت "كوداك" حصتها في السوق بسرعة، وفي عام 2009 أعلنت "كوداك" إفلاسها وتخلَّت عن معظم أعمالها.
ما هي العوامل التي أدت إلى فشل كوداك؟
كانت هذه العوامل ببساطة هي:
1. التأخُّر في تبنِّي التكنولوجيا الرقمية:
فشلت "كوداك" في الاستثمار في تقنيات التصوير الرقمي وغفلت عن أهمية هذه التكنولوجيا.
2. عدم دراسة المخاطر والتخطيط لإدارتها بما يكفي:
تجاهلت كوداك أهمية التخطيط وإدارة المخاطر المحتملة التي يمكن أن تقع بها الشركة.
3. التأخر في اتخاذ القرارات المصيرية:
التي كان أهمها مواكبة التحول الرقمي للصور، الأمر الذي جعل كثيراً من المنافسين يسبقونها ويثبتون وجودهم في السوق.
شركة Blockbuster:
كانت Blockbuster في يوم من الأيام أكبر شركة لتأجير الأفلام في العالم، وأُسِّست الشركة عام 1985 في الولايات المتحدة، وبدأت بوصفها متجراً لتأجير الأفلام أسَّسها "ديفيد كوك"، وفي التسعينيات من القرن الماضي نمت Blockbuster بسرعة، وأصبحت أكبر شركة لتأجير الأفلام في العالم، وقدمت Blockbuster للمستخدمين مجموعة متنوعة من الأفلام للاختيار من بينها وبأسعار معقولة، وإمكانية تأجير الأفلام من المتاجر التابعة لها.
في عام 2000 كان لدى Blockbuster ما يقرب من 9,000 متجر في 25 دولة حول العالم، كانت الشركة قوية وذات حضور واضح في السوق، ولكن في مطلع الألفية الجديدة، بدأت Blockbuster تواجه تحديات جديدة تحديداً حين ظهرت شركات جديدة مثل Netflix وRedbox مع نماذج أعمال أكثر ابتكاراً، وحينها تأخَّرت Blockbuster في تطبيق التحول الرقمي وتقديم خدمة بث الأفلام عن طريق الإنترنت، نتيجة لذلك فقدت Blockbuster حصتها في السوق بسرعة، وفي عام 2010 أعلنت Blockbuster إفلاسها وأغلقت جميع متاجرها في الولايات المتحدة.
في الختام:
في رحلتنا وخلال قصص فشل الشركات الكبرى، توصَّلنا إلى خلاصة هامة تصلح أن تكون عِبرة لكل من يرغب بإنشاء شركة أو لكل من يمتلك شركة في هذه الأيام، فقد أظهرت لنا هذه القصص أنَّ النجاح ليس مضموناً، وأنَّ الوقوع في فخِّ الفشل ممكن حتى بالنسبة إلى أكبر الشركات.
كما رأينا في هذا المقال، إنَّ الشركات التي وقعت ضحية الفشل كانت رائدة في وقت ما، بل كانت تتربَّع على القمة دونما منافس، ولكنَّ عواملَ متعددة أدَّت دوراً في سقوطها، وكان أهمها التردد في مواكبة التغيير والتشبث بالعقلية التقليدية، الأمر الذي سمح للمنافسين الأكثر اهتماماً بالحداثة والتطوير بأن يستحوذوا على أمكنتهم في الأسواق.
لا بدَّ لنا من التنويه إلى ضرورة كون مجلس الإدارة الخاص بالشركة منفتحاً وصاحب رؤية مستقبلية ومدركاً في الوقت ذاته للمخاطر وكيفية تجنبها، وسريعاً في اتخاذ القرارات؛ من أجل أن يضمن للشركة إجراء النقلات النوعية بأفضل صورة.
أضف تعليقاً