ما هي مصادر التفكير السلبي وكيف تستطيع التخلص منها؟

يفكِّر الفرد طوال حياته مهما كان عمره أو عمله أو المكان الذي يعيش فيه بالوصول إلى السعادة والنجاح، وتحقيق ما يسعى إليه وما يريده بشدة، ومن المعروف أنَّه إذا أراد تحقيق ذلك لا بدَّ أن يتسم تفكيره بالإيجابية؛ أي بمنهج فكري سليم عن نفسه وعن المجتمع الذي يعيش فيه وعن الحياة عامة، وأن يضع حداً فاصلاً بينه وبين الأفكار السلبية التي تحد من قدراته وتعكر صفو حياته؛ لكنَّنا اليوم نعيش في عصر الضغوطات، عصر المشكلات والصعوبات التي تواجهنا في أي عمل نفكر به، الأمر الذي يفتح مجالاً لوجود التفكير السلبي لدى الفرد.



التفكير السلبي هو أخطر مما يتصور أي إنسان؛ إذ يجعل حياة الفرد عبارة عن سلسلة من المتاعب والصعوبات، ومنطلق للسلوكات السلبية؛ ومن ثَمَّ حصاد النتائج السلبية مثل الأمراض النفسية والشعور بالوحدة والخوف والتشتت والضياع وعدم إدراك الواقع وحالة من التوتر والقلق الدائم.

التفكير السلبي تفكير سهل، وللبيئة المحيطة دور كبير في حدوثه واستحضاره، ومع الاستمرار به فإنَّك تحكم على نفسك بالعيش في هزائم ذاتية متتالية وأجواء من الانكسار والاندحار والهروب إلى المجهول.

ما هو التفكير السلبي؟

الفكرة السلبية بذاتها عبارة عن كلمات داخلية يستخدمها الإنسان؛ لكنَّ تكرارها باستمرار حتى تُختزَن وتحوَّل إلى عادة لديه هو ما يجعل منها خطراً يحدق به ويسبِّب له متاعب لا تنتهي، والتفكير السلبي عامة حبيس الماضي؛ إذ يفكر في كل الأشياء السلبية التي حدثت في الماضي ويعيش حاضره بسببها في حالة تملؤها الاعتقادات السلبية، ويبدأ بالشعور بالخوف من المستقبل من جراء ذلك، كل ذلك يجعل من حياته عبارة عن سلسلة لا متناهية من المتاعب.

الفكرة في صاحب التفكير السلبي أنَّه إنسان يستطيع إيجاد الأشياء السلبية في كل شيء، مهما كانت حتى لو كان الأمر إيجابياً فلا بدَّ له من إيجاد شيء ما يعكر صفو ذلك الشيء، فهو يقوم على أفكار أساسية مفادها: إما أن تحقق كل ما تريد أو لا تحقق شيئاً، وتعميم الظواهر والأحداث وجلب كل ما هو أسود للنفس، وغياب كل فكرة إيجابية أو حدث إيجابي، وإصدار الأحكام السريعة دون التفكير، والاعتماد على العواطف السلبية في إدارة الأمور، والعيش في عالم من الأوهام وقائم على فكرة "يجب"، وإطلاق الصفات والنعوت تجاه الذات وتجاه الآخرين دون سبب.

التفكير السلبي هو مرض يأكل الإنسان؛ ومن ثَمَّ المجتمع الذي يعيش فيه، ويمنع عجلة الحركة إلى الأمام، ويدفع الفرد إلى المراوحة في مكانه لمدة طويلة؛ بل يذهب به إلى الوراء والدخول في حالة من الشكوى والخضوع والتذلل والأنين والحزن ولوم النفس ولوم الآخرين.

إقرأ أيضاً: 5 طرق تساعدك على التخلص من التفكير السلبي لتكون أكثر نجاحاً

مصادر التفكير السلبي:

  • النظرة الضيقة لدى بعض الأفراد: هي النظرة الناجمة عن قلة الإدراك أو خطأ الفهم كما يسمى؛ إذ يعمد الفرد إلى إصدار حكم على مجمل الموضوع بناءً على الجزء الذي أدركه فقط.
  • التركيز على فترة زمنية محددة من حياة الإنسان دون سواها، والتي غالباً ما تكون فترة حاضرة ويتمسك بها، وتمنعه من التفكير بالمستقبل تفكيراً واقعياً.
  • تراكم المواقف السلبية منذ الطفولة والتفكير بها باستمرار.
  • ضعف الثقة بالنفس، والتمركز حول الذات، والعمل على تضخيم المواقف العاطفية دون الرؤية الكاملة للموقف وبمعزل عن الكل الاجتماعي.
  • الغرور: إنَّ الغرور الذي يتسم به بعض الأفراد والتعالي في نمط تفكيرهم يدفعهم إلى البحث في عمق المواقف وتفسيرها، مع أنَّها مواقف واضحة وأمور لا تحتاج إلى البحث عن تفسيرات منطقية لها؛ إذ يعمل على تضخيم الحدث أو الموقف ليجد لنفسه مدخلاً للمناقشة والمجادلة.
  • الجمود في التفكير الناتج عن الانطباع الأول الخاطئ وينتج عن ذلك التسرُّع في اتخاذ القرارات دون الإمعان والتفكير جيداً.
  • التطرف لدى بعض الأفراد: إذ يرغب بعضهم في إطلاق الأحكام وتعميمها، مما ينتج عنه سلوكات تؤثِّر فيه وفي علاقته مع الآخرين.
  • الأصدقاء السلبيين وقيامهم بالتأثير في حياة الأفراد سلباً.
  • انعدام الأهداف: إحساس الإنسان بالفراغ وبعدم وجود هدف مثالي في حياته أسوة بالآخرين وغياب الطموح الذي يشغل به نفسه يؤدي إلى وجود فراغ فكري لديه؛ ومن ثَمَّ تتدفق الأفكار السلبية في حياته.
  • غياب المعايير الموضوعية عن حياة الإنسان، وهذه المعايير التي تجعله يقيِّم الأمور والموضوعات، وكذلك الأفراد بطريقة صحيحة؛ إذ تولِّد الفشل في التفكير؛ ومن ثَمَّ اتجاهات حكم خاطئة ولا منطقية.
  • الاعتماد على قوالب جاهزة في الحكم أو على خبرات الآخرين في الحكم؛ إذ يقوم التفكير هنا بالتعميم والذي يكون احتمال خطئه كبيراً، وهذا الخطأ يبدو منطقياً بالنظر إلى الفروق الفردية بين الأفراد، فما يعجب الفرد أو يحبه قد يختلف عما يعجب فرد آخر أو يحبه.
  • التفكير في جوانب ضعف الشخصية وانعدام محاولات تحسينها والتغافل عما يوجد في الشخصية من نقاط قوة.
  • العزلة والابتعاد عن المشاركة الاجتماعية وعدم القدرة على تحقيق الاندماج الاجتماعي وما يسبِّبه من عزلة واكتئاب.

قوة التفكير السلبي:

أجرت جامعة "ستانفورد" بحثاً عن قوة التفكير السلبي وتأثيره في أعضاء جسم الإنسان في دلالة لما يفعله التفكير السلبي في جسم الإنسان؛ فوجد الباحثون أنَّ المعدة تفرز أنواعاً من الأحماض القوية جداً؛ إذ أُخذَت عينة من تلك الأحماض ووُضعَت في طعام فأر من فئران التجارب؛ فمات الفأر متأثراً في ذلك الحمض، وللتأكد من تلك النتيجة كُررت التجربة أكثر من مرة وكانت النتيجة واحدة، وهي موت كل فأر تناول من ذلك الحمض.

شاهد بالفيديو: 5 طرق تفكير سلبية عليك تجنبها اليوم

كيف تتخلص من التفكير السلبي؟

لكي تتخلص من التفكير السلبي يجب أن تحاول كسب التفكير المناقض له؛ أي التفكير الإيجابي، والذي يعني قدرة الإنسان على التحكم بمعتقداته وتقويم أفكاره والتحكم بها والسير بها باتجاه ما يحقق النتائج الناجحة، وتكوين نسق من التفكير التفاؤلي الذي يسعى إلى الوصول إلى حل للمشكلة وليس البقاء ضمنها والبكاء عليها، فالتفكير الإيجابي يتيح للفرد الفرصة لإدراك حقيقة المواقف وتوقع النتائج الإيجابية والرغبة في اكتشاف المجهول والبحث عن كل ما هو جميل فيه.

من الطرائق التي تساعد على التخلص من التفكير السلبي وتنمية التفكير الإيجابي ما يأتي:

1. المرونة النفسية:

تحلَّ بالمرونة النفسية، وهي عبارة عن حالة دائمة نسبياً تجعل الفرد متوافقاً نفسياً وشخصياً وانفعالياً واجتماعياً مع نفسه أولاً، ومع البيئة الاجتماعية التي يعيش ضمنها، وكذلك تدفعه إلى الشعور بالسعادة بكل ما يفعل، كما يكون قادراً على استغلال طاقاته وقدراته كما يجب ويسير على طريق تحقيق النجاحات.

2. تقبل الذات تقبُّلاً غير مشروط:

كن راضٍ عما وهبك الله من قدرات ومَلَكات خاصة بك مهما كانت، واسعَ إلى تحسينها، ولا تلُم نفسك وتقبَّل ذاتك دون شكوى، وكن واثقاً من قدرتك على تحقيق طموحاتك وكل ما تصبو إليه، وثق بقدراتك الشخصية على حل المشكلات كلها التي قد تواجهك.

3. توقُّع الخير دائماً والشعور بالتفاؤل:

فكِّر دائماً بالغد الأفضل وبحدوث الأشياء الجميلة في المستقبل، وأنَّك حتى لو فشلت مرة فهذا ليس مقياساً ثابتاً في الحياة؛ بل ربما يكون هذا الفشل هو بداية لنجاح كبير، ولربما مصائب اليوم لها فوائد في المستقبل، فمهما كانت ظروفك سيئة أو الوضع الذي تمر به سيئاً، فكِّر في أنَّك سوف تكون في حال أفضل خلال السنوات القادمة.

4. تحديد الأهداف:

حدِّد ما تريد تحقيقه في الحياة من أهداف، واسعَ إلى أن تكون حياتك مشوِّقة.

5. الحرص على أن تكون شخصاً مسؤولاً:

أنجز الأعمال الموكلة إليك بدقة وإتقان، وعندما تخطئ في ذلك، اعترف بخطئك وتحمَّل المسؤولية فليس من الضروري أن تنجح في كل عمل تقوم به.

6. توسيع العلاقات الاجتماعية:

تحدَّث إلى الأشخاص المهتمين بك؛ فالشخص المُحب لك هو أكبر دائم لك، وسوف يقدم لك النصائح الحقيقية التي تساعدك، وفي الوقت نفسه يسهم بناء علاقات اجتماعية جيدة في تحسُّن الوضع العملي والعائلي.

7. ضبط الانفعالات:

تحكَّم بمشاعرك وسيطر على غضبك، ولا تنفعل بشدة حتى لو حاول الآخرون فعل ذلك.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح كي تبدأ أيامك بإيجابية

8. الاحترام:

اجعل الاحترام عنواناً أساسياً في حياتك، واحترم نفسك واحترم الآخرين واحترم المواعيد واحترم آراء الآخرين وأفكارهم؛ فالاحترام يعكس صورة جيدة عنك ويجعل الآخرين يحترمونك في المقابل.

9. الابتعاد عن الأصدقاء السلبيين:

اترك مسافة أمان مع الأفراد المتشائمين السوداويين الذين يجدون السوء في كل تفاصيل الحياة؛ فهؤلاء سوف يقودونك إلى الفشل.

10. البحث عن مُتنفَس لك:

تعلَّم هواية ما وعبِّر من خلالها عن ألمك وما تشعر به، مثل الرسم أو عزف آلة موسيقية.

11. التأمل والاسترخاء وممارسة التمرينات الرياضية:

عندما تشعر بالتعب فلا تكمل العمل، استرح، وعندما تحتاج إلى عطلة خذها، ومارس الرياضة فهي مفيدة من الناحيتين النفسية والجسدية.

12. تشجيع النفس ومكافأتها:

خاطب نفسك بحب وكن لطيفاً معها، فعندما تنجز شيئاً جيداً، قل لنفسك هذا جيد وسوف أحقق مزيداً.

13. الاهتمام بالمظهر الخارجي:

 رتِّب نفسك جيداً، واعتنِ بجسمك لتبدو أفضل؛ فجمال المظهر يعكس تحسُّن حالتك النفسية أولاً وتبدو أفضل أمام الناس أيضاً.

14. عدم فعل أشياء لا ترغب فيها:

تعلَّم كيف تقول "لا" عند الضرورة، ولا تتعب نفسك في فعل أشياء لا تحبها أو لا تريدها.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للتوقف عن التفكير السلبي

في الختام:

عندما تعيش في ظلِّ التفكير السلبي، فإنَّك تحكم على نفسك بالشقاء، وتتحرك في الظلام، وتتخبط في اليأس والخيبة والندامة، وتُشل حياتك، وتعيش في رعب دائم من كل شيء، فتغدو حياتك مأساة لا تستطيع الخروج منها أو البحث عن أيِّ أمل أو نور تتمسك به خلالها، وإن لم تفكر بالكيفية التي سوف تخلصك من ذلك التفكير وتعمل جاهداً لتحقيق ذلك، فإنَّ المآسي في حياتك سوف تزداد بلا شك وتجد نفسك في القاع تماماً؛ ذلك القاع الذي قد لا تخرج منه أو قد لا تجد مَن يساعدك على الخروج منه ويبعد كل فرصة نجاح تحاول الوصول إليها؛ لذا تحلَّ بالشجاعة وقاوم تلك الأفكار، وابدأ ببناء نفسك واسعَ إلى تحقيق كل ما هو جميل مهما اعترضتك الصعوبات، وتذكَّر دائماً أنَّك أقوى من كل تلك الصعوبات.




مقالات مرتبطة