ما هي حلول العنف المجتمعي؟

قد يتعرَّض تلميذ في المدرسة للتنمر والمضايقة من قِبل زملائه، وقد يتعرَّض شخص ملوَّن للتميز العنصري على أساس لونه، وقد يُنبَذ شخص أو ربما يُقتَل لمجرد انتمائه إلى حزب سياسي معين أو دين محدد، وقد يتعرَّض طفل للتعنيف من قِبل أفراد أسرته، وقد تتعرَّض امرأة للاضطهاد وربما الرفض في وظيفة فقط لكونها امرأة، فكل ما ذُكر أشكال لما يسمى العنف المجتمعي.



العنف المجتمعي هو أي فعل أو سلوك يتسبب في إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي أو الاقتصادي بالأفراد أو الجماعات في المجتمع، ويشمل ذلك العنف الجسدي المباشر مثل الضرب والاعتداء الجنسي، والعنف اللفظي مثل السب والشتم، والعنف النفسي مثل الإهمال والتنمر، فإنَّه أي فعل أو سلوك يُمارَس في سياق اجتماعي، ويتسبب في إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي أو الاقتصادي بالآخرين.

العنف المجتمعي مشكلة خطيرة لها آثار سلبية في الأفراد والجماعات، فقد يؤدي إلى الإصابات الجسدية والنفسية، والصدمات العاطفية، وحتى الموت، وعلى صعيد المجتمع قد يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية، وزيادة الجريمة، وتراجع الاقتصاد؛ لذا وانطلاقاً من أهمية مكافحة هذه الظاهرة نفرد مقالنا هذا للحديث عن حلول العنف المجتمعي.

أسباب العنف المجتمعي وأنواعه:

قبل الدخول في حلول العنف المجتمع، لا بد لنا من استعراض بعض أسباب العنف المجتمعي التي يمكن تقسيمها إلى أسباب فردية وأسباب ثقافية.

1. أسباب العنف المجتمعي الفردية:

تؤدي العوامل الفردية دوراً هاماً في العنف المجتمعي، فالأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية، مثل العنف والغضب والقلق، هم أكثر عرضة لممارسة العنف، كما أنَّ الأشخاص الذين تعرضوا للعنف في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع هم أكثر عرضة لممارسته أيضاً.

2. أسباب العنف المجتمعي الثقافية:

تؤدي العوامل الثقافية أيضاً دوراً هاماً في العنف المجتمعي، فالمجتمعات التي تنتشر فيها ثقافة العنف، مثل العنف الأسري والعنف ضد المرأة، هي أكثر عرضة للعنف المجتمعي، كما أنَّ المجتمعات التي تعاني من عدم المساواة وعدم العدالة الاجتماعية هي أكثر عرضة للعنف.

إضافة إلى الأسباب الفردية والثقافية، توجد عوامل أخرى قد تساهم في العنف المجتمعي، مثل وسائل الإعلام والتكنولوجيا.

أنواع العنف المجتمعي:

يمكن تقسيم العنف المجتمعي إلى أنواع عدة بناءً على طبيعة العنف وأهدافه، ومن هذه الأنواع:

1. العنف الأسري:

يشمل أي شكل من أشكال العنف الذي يحدث داخل الأسرة، مثل الضرب والاعتداء الجنسي والإيذاء النفسي.

2. العنف المدرسي:

يشمل أي شكل من أشكال العنف الذي يحدث في المدرسة، مثل التنمر والمضايقة والتمييز.

3. العنف الاجتماعي:

يشمل أي شكل من أشكال العنف الذي يحدث في المجتمع، مثل العنف الطائفي والعنف السياسي والعنف ضد المرأة.

4. العنف الاقتصادي: 

يشمل أي شكل من أشكال العنف الذي يتسبب في إلحاق الضرر بالوضع الاقتصادي للأفراد أو الجماعات، مثل الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي.

آثار العنف المجتمعي:

العنف المجتمعي مشكلة خطيرة لها آثار سلبية في الأفراد والمجتمعات، فقد يؤدي إلى الإصابة الجسدية والنفسية، والصدمات العاطفية، وحتى الموت، كما قد يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية، وزيادة الجريمة، وتراجع الاقتصاد.

شاهد بالفديو: أعراض التنمر المدرسي وعلاجه

ما هي حلول العنف المجتمعي؟

حلول العنف المجتمعي هي مجموعة من الإجراءات والتدابير الواجب اتباعها من أجل معالجة مشكلة العنف المجتمعي، وهي:

1. التوعية بمخاطر العنف المجتمعي:

أبرز حلول العنف المجتمعي هي توعية الناس بمخاطر العنف المجتمعي وآثاره السلبية، ويمكن القيام بذلك من خلال حملات التوعية العامة، وبرامج التعليم المدرسي، ووسائل الإعلام.

2. تعزيز التربية الأسرية والمجتمعية:

من الهام تعزيز التربية الأسرية والمجتمعية التي تعزز قيم التسامح والاحترام وعدم العنف بوصفهما حلاً من حلول العنف المجتمعي، ويمكن القيام بذلك من خلال برامج التربية الأسرية، وبرامج التعليم المجتمعي، والنشاطات الدينية والثقافية.

3. توفير الحماية للضحايا:

من حلول العنف المجتمعي نذكر أهمية توفير الحماية للضحايا من العنف المجتمعي، ويمكن القيام بذلك من خلال توفير الدعم النفسي والاجتماعي والمادي للضحايا، وتطبيق القانون على مرتكبي العنف.

4. تطبيق القانون على مرتكبي العنف:

من الهام تطبيق القانون على مرتكبي العنف المجتمعي بوصفه حلاً صارماً من حلول العنف المجتمعي، ويمكن القيام بذلك من خلال تشديد العقوبات على مرتكبي العنف، وتعزيز كفاءة الأجهزة الأمنية.

إقرأ أيضاً: نصائح مهمة قبل أن تفكّر بضرب طفلك

5. تحقيق التنمية الاقتصادية:

من حلول العنف المجتمعي العامة نذكر تحقيق التنمية الاقتصادية التي تكون زعزعتها مسبباً رئيساً لانتشار هذه الظاهرة، فقد تساعد التنمية الاقتصادية على الحد من الفقر والبطالة، وهما من العوامل التي تساهم في العنف المجتمعي.

6. التماسك الاجتماعي:

قد يكون التماسك الاجتماعي واحداً من حلول العنف المجتمعي، فهو يساهم في تعزيز قيم التسامح والاحترام، وهذا يقلل من فرص العنف.

7. العدالة الاجتماعية:

يساعد تطبيق العدالة الاجتماعية على الحد من عدم المساواة، ومن ثمَّ يُصنَّف بوصفه حلاً من حلول العنف المجتمعي، ومن خلال العمل على معالجة هذه العوامل، يمكننا بناء مجتمعات أكثر سلاماً وأماناً للجميع.

8. برامج التعليم المدرسي:

قد تكون برامج التعليم المدرسي أداة فعالة لتوعية الطلاب بمخاطر العنف المجتمعي، ومن ثمَّ يمكن اعتمادها بصفتها إحدى حلول العنف المجتمعي، وقد تشمل هذه البرامج دروساً عن العنف الأسري والعنف المدرسي والعنف ضد المرأة والعنف الطائفي والعنف السياسي.

9. وسائل الإعلام:

قد تؤدي وسائل الإعلام دوراً هاماً في زيادة الوعي بمخاطر العنف المجتمعي، فقد تتناول وسائل الإعلام قصص العنف المجتمعي وآثاره السلبية.

10. تعزيز التربية الأسرية والمجتمعية:

تعزيز التربية الأسرية والمجتمعية التي تعزز قيم التسامح والاحترام وعدم العنف هي خطوة أساسية أخرى لمعالجة مشكلة العنف المجتمعي، ويمكن القيام بذلك من خلال برامج التربية الأسرية، وبرامج التعليم المجتمعي، والنشاطات الدينية والثقافية.

11. برامج التربية الأسرية:

من حلول العنف المجتمعي نذكر برامج التربية الأسرية، فقد تساعد برامج التربية الأسرية الآباء والأمهات على تعليم أطفالهم قيم التسامح والاحترام وعدم العنف، وتشمل هذه البرامج دروساً عن كيفية التعامل مع الغضب وكيفية حل النزاعات بشكل سلمي.

شاهد بالفديو: 8 أخطاء شائعة في تربية الأطفال

12. برامج التعليم المجتمعي:

قد تساعد برامج التعليم المجتمعي الأفراد على تطوير مهارات التواصل والتفاوض وحل النزاعات، وتشمل هذه البرامج ورش عمل وحلقات دراسية وفعاليات مجتمعية.

13. النشاطات الدينية والثقافية:

قد تساعد النشاطات الدينية والثقافية على تعزيز قيم التسامح والاحترام وعدم العنف، وتشمل هذه النشاطات الطقوس الدينية والاحتفاءات التقليدية والممارسات الاجتماعية.

14. تشجيع ضحايا العنف على تحرير مشاعرهم السلبية:

يذكر الاستشاري التربوي والأسري "زكريا المباشر" في مقابلة تلفزيونية أُجريت معه على تلفزيون "رؤيا" بعض حلول العنف المجتمعي، فيوضح أنَّ كثيراً ممن تعرضوا للعنف يخافون أو يخجلون من الإفصاح عن تعرضهم للعنف، وهذا ما يسمح للمعنِّفين بالتمادي أكثر.

كما يؤكد الاستشاري على تدريب النفس وتربية الأطفال على تفريغ المشاعر السلبية فور تولُّدها؛ وذلك لأنَّ كبت هذه المشاعر وتراكمها داخل النفس يتجمع على شكل ضغوطات ستنفجر على شكل تصرفات عنف تجاه الآخرين.

15. التربية الأسرية السليمة:

من أهم حلول العنف المجتمعي نذكر تنشئة الأجيال على التربية السليمة البعيدة عن العنف، وذلك يكون عبر الممارسات التي يتبناها الأطفال بالقدوة، وأساليب تربوية أخرى، فالطفل الذي يشاهد والداه يصرخان ويشتمان سيتعامل بالمثل مع ألعابه، وربما سيحفظ هذا الأسلوب ويتبناه في التعامل مع رفاقه في المدرسة.

هنا يجب أن يكون الوالدان قدوة لأبنائهما، فيعلِّمانهم ويجسدان أمامهم الطرائق المثلى في حل المشكلات بالحوار والاعتذار بعيداً عن الضرب والصراخ.

من الطرائق التربوية الناجعة بوصفها حلول العنف المجتمعي نذكر قراءة القصص التي تشجع على السلام وتدحض العنف، وإبعاد الأطفال عن الكارتون والبرامج والصحبة التي تشجعهم على العنف وتعلِّمهم سلوكاته.

16. تعزيز التواصل بين الأبناء والأهل:

من أهم حلول العنف المجتمعي نذكر تعزيز روابط الثقة بين الأهل والأبناء، بحيث يتمكَّن الأبناء مهما بلغ سنهم من اللجوء إلى الأسرة بوصفها محيطاً آمناً عند التعرض للعنف، ومن ثم تقوم الأسرة باتخاذ القرارات المناسبة.

هذا من شأنه أن يكون من حلول العنف على صعيدين؛ الأول في أن يحرر ضحايا العنف مشاعرهم السلبية، ومن ثمَّ لا تتراكم في أنفسهم ويتحولون هم أنفسهم إلى معنِّفين، والثاني هو وضع حد للشخص المعنِّف وإيقافه عند حده ومنعه من الاستمرار في ممارسة العنف.

إقرأ أيضاً: أكثر مظاهر العنف انتشاراً في المجتمع

17. المساواة في التعامل مع الأبناء:

من حلول العنف المجتمعي نذكر خطوة هامة تُطبَّق أيضاً في الأسرة التي تُعَدُّ أساس تكوين شخصية الإنسان، وهذه الخطوة هي التعامل مع الأبناء بمساواة وعدالة دون تفرقة بينهم، سواء كانت تفرقة بين الذكور والإناث أم بين المجتهد والكسول.

يذكر المختصون أنَّ التمييز في التعامل مثل تمييز الذكر عن أخته في البيت، كأن يطلب منها ترتيب ألعابه أو سريره، هذا من شأنه أن يُشعِر الذكر بأنَّه متفوق عليها فيتعامل معها بعنف، ويتبنى أسلوب العنف هذا في التعامل مع الإناث الأخريات في محيطه حتى عندما يكبر؛ لذا من الضروري التعامل مع الأبناء بطريقة تربوية موحدة وعدم منح أحدهم أفضلية أو تفوقاً على الآخر.

في الختام:

العنف المجتمعي هو مجموعة السلوكات التي تؤذي الأشياء أو الأشخاص من حولنا نفسياً أو لفظياً أو معنوياً أو اقتصادياً، وهي سلوكات من شأنها إلحاق الأذى بالآخرين وتوليد حلقات لا نهائية من العنف الذي ينتقل من شخص إلى آخر ومن جيل إلى جيل؛ لذا لا بد من اتباع حلول العنف المجتمعي التي ذكرناها آنفاً، وتحديداً تلك المتعلقة بتربية الأطفال، فهم إذا ما صحَّت تربيتهم بطريقة سوية بعيدة عن العنف، فستكون هذه بداية النهاية لمشكلة العنف المجتمعي.




مقالات مرتبطة