سنقدِّم لكَ في هذا المقال 5 أمورٍ تؤكِّد أنَّ التفاوض أمرٌ هامٌّ للغاية، ويساعدنا في حلِّ الكثير من المشاكل والعُقد التي تواجهنا في حياتنا.
1. يدور كلُّ شيءٍ في حياتك حول التفاوض، فحاول الاعتياد عليه:
لا يسمح بعض البشر لأنفسهم بطلب ما يريدونه، أو برفض مهام معينة حينما يواجهون ضغوطاتٍ ما، أو بالمطالبة بحقِّهم في حماية ما يمتلكونه، ويعود هذا إليهم أولاً وأخيراً؛ فعندما تُقرِّر أنَّ ذلك ليس لائقاً أو أنَّه سيقلِّل من شأنك، ستجد حينها أنَّك تخلَّيْتَ عن حقوقٍ كثيرةٍ في حياتك بتخلِّيك عن الدفاع عن نفسك.
إنَّ التفاوض ما هو إلَّا من أجل ذاتك، ومن أجل مَنْ تحبُّهم؛ إضافةً إلى أنَّه أصبح ضروريَّاً لتحقيق العدل والتوازن أيضاً.
لا يتعلَّق التفاوض بالمحامين الماهرين في المحكمة، ولا برجال الأعمال الذين يعقدون الصفقات بشأن شروط مشروع الشركة، ولا بالتجَّار الذين يتساومون مع البائعين والعملاء وحدهم دون سواهم؛ فإذا كنت ترغب بالفوز والحصول على أيِّ شيءٍ تريده في حياتك التي تعيشها، عليك إتقان فنِّ التفاوض.
2. إذا كانت لديك مشكلةٌ مع التفاوض، فتغلَّب عليها:
يتعلَّق كلُّ شيءٍ في حياتنا بالتفاوض، فأنت تتفاوض طوال الوقت مع أفراد عائلتك، ومع شريك حياتك، ومع مديرك وشركائك في العمل، ومع الكثير من الأشخاص الآخرين؛ أنت تتفاوض كلَّ يومٍ وكلَّ ساعةٍ حتَّى.
كيف تجعل شريك حياتك يقضي معك مزيداً من الوقت دون إلحاحٍ زائد؟ وكيف تجعل أطفالك يذهبون إلى النوم أو ينظِّفون أسنانهم دون صراخ؟ وكيف تحصل على زيادةٍ في الراتب دون الجلوس والتمنِّي؟
تتضمَّن جميع تلك الأمور التي تقوم بها وتحتاجها نوعاً من التفاوض، حتَّى وإن كنت لا تفكِّر في الأمر بهذه الطريقة؛ فحينما تنكر هذه الحقيقة، وتُصادف أشخاصاً يدركونها جيداً ولا يراعون مصالحك؛ تستسلم قبل بدء المعركة حتَّى.
3. جِد نمطاً آخر للتفاوض في حياتك:
عليك النظر إلى التفاوض من منظورٍ جديد، وكفكرةٍ جديدةٍ في حياتك، فهو ليس نوعاً من المساومة، ولكنَّه يؤكِّد حقوقك وحقوق عائلتك؛ فحينما يتعلَّق الأمر بما ستدفعه مقابل شرائك شيئاً ما، أو بتحديد علاقاتك، أو بالراتب الذي ستتقاضاه في عملك؛ فأنت ستكون صاحب الكلمة الأخيرة؛ وحينما تقرِّر أنْ تتبنَّى رابطة القوة والجأش، وتبدأ في التعبير عن ذلك؛ فهنا ستبدأ عملية التفاوض، وستكون لديك فيما بعد فكرةٌ عن الطريقة التي ينبغي أنْ تكون عليها الأشياء التي يمكنك بها الحصول على ما تريد حين تتعامل مع شخصٍ آخر. لذلك فكِّر في الأمر بهذه الطريقة، فالعالم ربَّما مستعدٌّ لأنْ يأخذ منك ما سمحت له أنْ يأخذه.
الشخص الوحيد الذي يستطيع حقاً إنكار ذاتك هو أنت دون سواك، وذلك حينما تصبح شخصاً سلبياً؛ فكيف للشخص الآخر أنْ يعرف ما تريده إذا لم توضِّح له ذلك؟ سيكون أمامك خيارين اثنين، فإمَّا أنَّه سيكون عليك أنْ تتعايش مع علاقتك الزوجية، وعلاقتك في العمل، ومع الطريقة التي يتصرَّف بها أطفالك؛ أو أن ترفض ذلك وتدفع الثمن. لذلك من الأفضل أنْ تستعدّ للتفاوض وعقد الصفقة التي تتوافق معك.
أنت تريد صفقةً جيدةً في حياتك، وكلُّ ما ننصح به ألَّا تكون إنساناً سلبياً للغاية، لدرجة أنْ تنتظر حتَّى يقرِّر الآخرون إعطاءك إياها؛ ولأنَّك إذا لم تطلب أن يقدِّموا شيئاً ما لك، فقد لا يقدِّموه لك على الإطلاق.
4. التفاوض ليس نوعاً من أنواع المساومة، لكنَّه يؤكِّد حقوقك:
يؤكِّد التفاوض حقوقك في حياتك وحياة عائلتك، لكن دعنا أولاً نناقش بعض المفاهيم الخاطئة؛ فالتفاوض ليس خداعاً للشخص الآخر، ومن الممكن أن تعقد صفقةً من جانبٍ واحدٍ وتحصل على كلّ ما تريد، بينما يكون على الطرف الآخر القيام بجميع الأعمال، وهذا نظراً لسعادته البالغة في فوزه بالجلوس معك فحسب؛ لكنَّك إذا كنت شخصاً أميناً بحق، فستعرف أنَّه لا يوجد أيُّ أحدٍ بهذه السذاجة، وبذلك تكون صفقةً غير جيدةٍ لك؛ لأنَّها لن تكون فعَّالةً على المدى الطويل.
يجب عليك تحقيق العدل لجميع الأطراف المعنيَّة، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فربَّما سيجعلونك أنت والصفقة في وضعٍ حرج، وسيفعلون ذلك اليوم قبل الغد؛ فما يجب البحث عنه هو صفقةٌ يحصل فيها الطرفان على شيءٍ يكون بمقدورهم التعايش معه على الأقل؛ لذلك لا يعني التفاوض الكذب أو التضليل أو محاولة خداع شخصٍ ما من خلال حجب المعلومات؛ لأنَّ الحقيقة ستظهر، فمثلاً: ربَّما ستعرف قريباً جداً أنَّ السيارة التي اشتريتها متهالكة، وهذا هو السبب في الواقع في وجود "قوانين" تعطي للمشترين فرصة إعادة مشترياتهم إذا اكتشفوا عيباً أو عطباً فيها.
5. لن يراعي أحدٌ مصالحك إلَّا أنت، لذا اعتمد على نفسك:
أنت وحدك من سيراعي مصالحك، لذا حاول الاعتماد على نفسك دوماً، وأدرك أنَّ لديك قوةً تُمكِّنك من قيادة الموقف، وتوجيه الطرف الآخر كيلا تخرج من التفاوض شاعراً بالهزيمة، فمن غير المعقول دخولك عملية التفاوض بسلبيّة، واضعاً كلَّ آمالك وثقتك وتوقعاتك في الطرف الآخر، وتقول في حال خسارتك: "إنَّ ذلك لا يعدُّ من الأمانة"؛ فلا يسير العالم والواقع هكذا، وإذا تمسَّكت بهذا المفهوم الخاطئ، ستبقى مستمراً في خيبات الأمل خيبةً وراء خيبة.
في الختام:
كما رأيت عزيزي القارئ؛ فالتفاوض ما هو إلَّا أمرٌ يُمارَس داخل أيِّ مجالٍ ونشاط في الحياة، ويمكنك من خلاله تحقيق ما تريد في حياتك الآن ومستقبلاً؛ لذا احرص على قراءة الأمور التي ذُكِرت في المقال أعلاه؛ لأنَّها ستساعدك حتماً على حلِّ الكثير من مشكلاتك الحياتية.
أضف تعليقاً