في السطور القادمة، سوف نقدِّم إليكم أخطر أنواع العنف وأكثرها انتشاراً في المُجتمعات المختلفة؛ لذا، تابعوا معنا.
1. العنف الأسري:
يُشير العنف الأسري إلى مُشكلةٍ هامَّةٍ من المشاكل التي تنتشر في بعض المُجتمعات، وتؤكِّد الدراسات العلمية والاجتماعية والأُسرية والنفسية والصحية على أنَّهُ تكاد لا توجد أسرةٌ بدون مشاكل، وأنَّ الرجل والمرأة في الأسرة الواحدة يمكن أن يتفقا على كلِّ شيء، وأن يختلفا على أشياء كثيرة؛ فهذه سُنَّة العلاقات الأُسَرِية.
يرى العديد من الباحثين أنَّ الكشف عن المشاكل الأسرية بصراحةٍ ووضوحٍ وسعة صدر، وبشكلٍ مُبكِّرٍ قبل حدوث تراكماتٍ أو مُضاعفات؛ يُفيد الأسرة ويُقوِّي من العلاقات الزوجية، ويقي من حدوث العنف، ومن العديد من المشاكل الأخرى التي قد لا يوجد لها مُبرِّرٌ أو سببٌ منطقي.
كما يُعرَّف العنف الأسريُّ في مجال الطب النفسي وعلم النفس بأنَّه عدوانٌ شديدٌ وانتهاكٌ لحُرمة الآخرين في الأسرة، وهو سلوكٌ مُندفعٌ وغير سوي، وينمُّ عن اضطرابٍ في الشخصية والفِكر، وله مُضاعفاتٌ خطيرةٌ تؤثِّر في كافة أفراد الأسرة، وفي استقرارها ومُستقبل أبنائها، فهو سُلوكٌ مُخالفٌ للأخلاق وللقيم ولتعاليم الأديان.
لا يُولَد الإنسان بطبعه عنيفاً، وإنَّما يكتسب العنف من البيئة والأسرة والمدرسة والمُجتمع، وتؤكِّد الدراسات أنَّ العُنف الأسري غالباً ما ينتشر في البيئات المُتخلِّفة، وداخل الأسر المُفكَّكة، ولدى أفرادٍ لهم تاريخٌ سابقٌ مع العنف الأسري في صِغَرِهم؛ كما تؤكِّد هذه الدراسات على أنَّ أسلوب العنف لا يُفيد في أيِّ حالٍ من الأحوال في مُعالجة مشاكل الحياة، وأنَّ العنف لا يتولَّد عنه إلَّا العُنف أو الضرر. وتشير منظمة الأسرة العالمية إلى أنَّ مُعظم عواقب العُنف الأسري غالباً ما تكون ماديةً مثل: الضرب، والإيذاء، والكسر، والإتلاف، والإهانة.
2. العُنف ضد الأطفال:
يُقصَد به العنف بكافة أشكاله ضدَّ الأشخاص دون سنِّ الثامنة عشر، سواءً كانت مظاهر العنف تُرتكَب من قبل الأبوين، أم من قبل مَن يقدِّم الرعاية إلى هؤلاء الأطفال.
يُؤثِّر التعرُّض إلى العنف في مراحل الطفولة المُختلفة بشكلٍ سلبيٍّ جداً في الحصول على صحةٍ نفسيةٍ جيدةٍ في مراحل العمر المُختلفة ما بعد الطفولة.
2. 1. تأثير العنف في الأطفال:
- يمكن أن يؤدِّي التعرُّض إلى العنف في المراحل المُبكِّرة من العمر إلى إضعاف النمو العقلي والفكري، ممَّا يؤدِّي بدوره إلى ضعف مستوى التحصيل الدراسيِّ للأطفال الذين يتعرَّضون إلى العنف، ومن الممكن أن يُلحِق الأذى بأجزاءٍ أخرى من الجهاز العصبي والنسيج العضلي الهيكلي والدورة الدموية والغدد الصماء؛ كما يمكن أن يضرَّ الأجهزة التنفسية والمناعية والتناسُلية، ومن الممكن أن يكون لهذه الأضرار عواقب مُرافقةٌ طيلة الحياة، ما قد يؤدِّي إلى ضعف الإنجاز المهني.
- يمكن أن يؤدِّي العنف ضد الأطفال إلى الوفاة، أي: القتل بدون عمد، ويُعدُّ هذا من بين أكثر ثلاثة أسبابٍ لوفاة المُراهقين في العالم، حيثُ يكون القتل بالأسلحة البيضاء عادةً، ونادراً ما يحدث بالأسلحة النارية؛ كما تُبيِّن الإحصائيات أنَّ الفتيان يشكِّلون نسبة 80% من الجُناة والضحايا.
- للعنف ضد الأطفال آثارٌ سلبيةٌ كبيرةٌ على صحة الأطفال مع تقدُّمهم بالعمر، فمن الممكن أن يُصابوا بعددٍ كبيرٍ من الأمراض غير السارية مثل: السرطان، أو داء السُكري، أو أمراض القلب والأوعية الدموية.
- غالباً ما يقوم مُعظم الأطفال المُتعرِّضون إلى العنف بأعمالٍ وسُلوكاتٍ غير صحيحة، إذ من الممكن أن يقوموا بسُلوكاتٍ عنيفةٍ وعدائية، أو أن يلجؤوا إلى التدخين أو الكحول أو المُخدرات، ومن المُمكن أن يُعانوا من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق، وقد يتفاقم الأمر ليُصبح أشد خطورةً في بعض الأحيان، ممَّا يودي بهم إلى الانتحار.
- يهرب أغلب الأطفال الذين يتعرَّضون إلى العنف من المدارس. وغالباً ما يواجهون صعوباتٍ كبيرةً في الحصول على عمل في الحياة المهنية، أو في الحفاظ على العمل الذي حصلوا عليه.
2. 2. أنواع العنف ضد الأطفال:
- سوء معاملة الأطفال: بما في ذلك: العقاب القاسي، والإهمال المُتعمَّد للأطفال والمُراهقين والرُضع، سواءً كان ذلك من قبل الأبوين أم المُربيَّات أم مقدِّمي الرعاية المأجورة، وغيرهم من الأشخاص الذين لهم سُلطةٌ داخل المنزل؛ ومن الممكن أن يكون هذا النوع من العُنف موجوداً أيضاً في دور الأيتام والمدارس.
- العُنف النفسي ضد الأطفال: مثل: السُخرية، والتهديدات، وتقييد تحرُّكات الأطفال، والتوبيخ، والنبذ، والتمييز، والترهيب.
3. العنف الجامعي:
العنف الجامعي من أخطر المُشكلات التي تعترض طلبة الجامعات، ويُعدُّ سلوكاً عدوانيَّاً ومُتطرِّفاً، وله الكثير من الآثار السلبية على الطلبة والجامعة، ويمكن أن يتجلى هذا النوع من العُنف في شكل اعتداءٍ جسدي بالضرب، أو إتلاف مُمتلكات الجامعة، أو الاعتداء بالقذف والشتائم.
3. 1. ما هي أسباب العنف الجامعي؟
- أسبابٌ اجتماعية: وتتمثَّل بـ: شدة التعصُّب القَبَلي للطالب، أو طبيعة علاقة الطالب بالأهل والبيئة المُحيطة، أو التشتُت الأسري، أو الفراغ الفكري والسياسي لدى طلَّاب الجامعات؛ ومن الممكن أن يكون بسبب التجارب والمشاكل التي تعرَّض إليها الطالب الجامعي ولم يكن باستطاعته حلُّها، فتوجَّه كردِّ فعلٍ إلى استخدام العنف.
- أسبابٌ عاطفية: وتتلخَّص في: بعض المُشاجرات التي يمكن أن تحدث بين الطلاب في الجامعات، والتي قد يكون سببها الجنس الآخر، سواءً أكان فتىً أم فتاة؛ ويعود ذلك إلى سوء التربية ونقص الإدراك والوعي لدى الطالب المُعتدي.
- أسبابٌ أكاديمية: وتتلخَّص فيما يلي: قلة ندوات التوعية، وضعف عملية الإرشاد الأكاديمي، وضعف التحصيل الدراسي للطالب، واستياء الطلَّاب بسبب المشاكل التي تحدث في بداية كلِّ عامٍ أو فصلٍ دراسيٍّ جديدٍ في أثناء التسجيل، وتحيُّز بعض المُدرسين في الجامعة عند التعامُل مع بعض الطلبة.
- أسبابٌ اقتصادية: وتتمثَّل بما يلي: قلَّة الفُرص في الحصول على الوظائف بعد التخرج، والتي تؤدِّي إلى إصابة مُعظم الطلاب الجامعيين بالإحباط؛ وكذلك وجود بعض الطلاب غير القادرين على ضبط أنفسهم، بسبب عدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم المادية بشكلٍ دائم.
3. 2. كيفية علاج العنف الجامعي:
- سنُّ القوانين، واتخاذ القرارات الحاسمة بحقِّ الطلَّاب القائمين بالأعمال العدوانية والعنف.
- العدالة والمساواة داخل الجامعة، وذلك بتطبيق جميع القوانين والأنظمة على الطلاب كافةً، دون استثناء.
- تشجيع الطلاب على السلوك الجيد والابتعاد عن مظاهر العنف، وذلك بإعطائهم شهادة حُسن سيرةٍ وسلوكٍ عن السنوات التي قضوها في الجامعة.
- اتخاذ الجامعات سياسة القضاء على أوقات فراغ الطلاب، وذلك من خلال تفعيل الأنشطة الطلابية.
- أن يكون أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة من أصحاب الخبرات والكفاءة العالية، وألَّا يكون تعيينهم مبنياً على الواسطات والمحسوبيات.
- إلزام طلاب السنة الأولى بمادةٍ تحتوي قيم التسامح والتعاون، وذلك لتعزيز الانتماء الوطني لديهم وتوعيتهم.
- تدريب القائمين بمهام الأمن الجامعي، وتعزيز كفاءتهم في التعامل مع مُشكلات الطلبة.
- تأهيل طلاب الجامعات، وتطوير قدراتهم العقلية والفكرية، وذلك من خلال إعداد ورشات عملٍ وندواتٍ ودورات.
- توجيه الشباب في الجامعات والمدارس، وذلك من خلال تفعيل دور الإعلام الهادف والموجِّه.
- تفعيل استراتيجية الحوار البنَّاء بين طلَّاب الجامعات.
- يُمكن للجامعات توعية الطلاب، وذلك من خلال توزيع نشراتٍ عليهم تُبيِّن مفهوم العنف الجامعي وأسبابه وخطورته؛ بهدف تفادي مُشكلات العنف والنتائج المترتبة عليه.
4. العنف ضدَّ المرأة:
عَرَّفت اتفاقية منع ومُكافحة العنف ضدَّ المرأة والعنف المنزلي، والمعروفةِ أيضاً باسم: "اتفاقية اسطنبول لوقف العنف ضد المرأة"، العنفَ ضدَّ المرأة بأنَّهُ انتهاكٌ لحقوق الإنسان، وشكلٌ من أشكال التمييز على أساس الجنسِ ضدَّ المرأة، ويعني جميع أعمال العنف القائم على أساس نوع الجنس التي تؤدِّي إلى أضرارٍ بدنيةٍ أو جنسيةٍ أو نفسيةٍ أو اقتصادية، أو من المُحتمل أن تؤدِّي إلى ذلك؛ بما في ذلك: التهديد بمثل هذه الأعمال، أو الإكراه، أو الحرمان التعسُفي من الحرية، سواءً أحدثَ ذلك في الحياة العامة أم الخاصة. كما أنَّ العنف ضدَّ المرأة يمكن أن يكون عنف أفراد، أو دول.
عنف الدول: وهو العنف الذي يمكن أن ترتكبه أو تتغاضى عنه الدول، ويشمل: الاستعباد الجنسي، والاغتصاب الجنسي في أثناء الحروب، والعنف الذي تُمارسه الشرطة والموظفون المُعتمدون مثل: الرجم، والجلد، والإجهاض الباكر، والتعقيم القسري، وغيرها من أعمال العنف. أمَّا العنف الذي يقوم به الأفراد، فنذكر منه: القتل بسبب المهور، والتحرُّش الجنسي، والعنف الأسري، والاغتصاب، ووأد البنات، والإكراه الإنجابي، والإجهاض الانتقائي بسبب الجنس، وختان الإناث، وجرائم الشرف.
ولقد اخترنا لكم بعضاً من أنواع العنف ضدَّ المرأة كما ورد في نصِّ مجلس أوروبا في "التوصية رقم 2002 (5)"، والصادرة عن لجنة الوزراء إلى الدول الأعضاء بشأن حماية المرأة من العنف، وهي:
- العنف الذي يقع داخل المُجتمع العام: بما في ذلك: الاغتصاب، والاعتداء الجنسي، والتحرُّش الجنسي، والترهيب في العمل والمؤسسات أو في أيِّ مكانٍ آخر، والاتجار بالنساء لأغراض الاستغلال الجنسي والاقتصادي والسياحة الجنسية.
- انتهاك حقوق الإنسان للمرأة في حالات النزاع المُسلَّح: لا سيما أخذ الرهائن، والتشريد القسري، والاغتصاب المنهجي، والاسترقاق الجنسي، والحمل القسري، والاتجار لأغراض الاستغلال الاقتصادي والاستغلال الجنسي.
- العنف الذي ترتكبه أو تتغاضى عنه الدولة أو مسؤولوها.
- العنف الذي يحدث في الأسرة، أو في الوحدة المحلية: بما في ذلك: العدوان البدني والعقلي، والاعتداء العاطفي والنفسي، والاغتصاب، والاعتداء الجنسي، وسِفاح القُربى، والاغتصاب بين الزوجين والشركاء العاديين أو العارضين والمُتعايشين، والجرائم المُرتكبَة باسم الشرف.
وبذلك أعزاءنا القُرَّاء نكون قد بينَّا لكم أكثر أنواع العنف انتشاراً في المجتمعات المُختلفة.
أضف تعليقاً