ما هي أنواع الذكاء العاطفي؟ وكيف أستخدمها؟

تختلف قدرات الذكاء العاطفي من شخص لآخر حسب طبعه وطبيعته؛ فهي عند المرأة مختلفة عما هي عليه عند الرجل وعند الطفل، وكلٌّ يستعملها بطريقته؛ لذا نقِّدم في هذا المقال أنواع الذكاء العاطفي وكيفية الاستفادة منه.



أولاً: ما هو الذكاء العاطفي؟

لقد نال مفهوم الذكاء العاطفي اهتمام عدد كبير من الباحثين وأشهرهم "هاورد جاردنر" في عام 1983، و"ماير" و"سالوفي" في عام 1990، و"جولمان" في عام 1995؛ إذ أكد "جولمان" أنَّ الإنسان يمتلك عقلين؛ عقل يفكر - معرفي - وعقل عاطفي، ويتناغمان معاً لتحقيق الانسجام في حياة الإنسان.

يشمل الذكاء العاطفي قدرة الفرد على مراقبة وإدارة عواطفه الذاتية، وفهم وتمييز عواطف الآخرين، والاستجابة استجابة لائقة للأفراد المختلفين في ناحية الأمزجة والدوافع، كما يعني القدرة على تشكيل العلاقات الاجتماعية الناجحة، والتعرف إلى رغبات الآخرين، وكذلك تحديد نقاط القوة في الشخصية ونقاط ضعفها.

والذكاء العاطفي هو المسؤول عن إدارة وتنظيم المشاعر وتوجيهها، وإدارة الانفعالات التي يمر بها الفرد، كما يشمل الكفاءات والمهارات التي تدعم الفرد وتساعده على تحقيق النجاح المهني، والتوافق مع مهام وضغوطات الحياة؛ وبذلك يتميز الفرد الذي يمتلك ذكاءً عاطفياً عن غيره من الأفراد؛ فامتلاك الفرد مهارات الذكاء العاطفي يعني امتلاكه أدوات النجاح المهني والاجتماعي والأكاديمي، ويساعده على التكيف مع ذاته ومحيطه.

ثانياً: أنواع الذكاء العاطفي

1. الذكاء اللغوي:

هو القدرة على اختيار الكلمات المناسبة للتعبير عن أفكار الفرد ومشاعره. ويمتلك الأفراد الذين يتمتعون بالذكاء اللغوي عديداً من الصفات، مثل استمتاعهم بالقراءة والكتابة، واستعمالهم لطرائق غير تقليدية في التعلم والتعليم مثل إدخال الفكاهة واستعمال كثيرٍ من الأمثلة والدلالات وغيرها.

2. الذكاء المنطقي:

يشمل القدرة على حل المشكلات والاستنتاج والاستقراء والتعلم من خلال دراسة العلاقات السببية.

3. الذكاء السمعي:

هو القدرة على الربط بين الأصوات المسموعة وإحساس الفرد.

4. لغة الجسد:

هي القدرة على استعمال تفاصيل الجسم في التعبير عن الأفكار مثل تعبيرات الوجه وحركات اليدين.

5. الإدراك البصري:

القدرة على إدراك معاني الصور التي يلاحظها الفرد أمامه.

كما صنف "ثورانديك" الذكاء العاطفي إلى ثلاثة أنواع:

  1. الذكاء الميكانيكي: ويتجلى بمعالجة الأشياء المادية.
  2. الذكاء المجرد: ويُقصَد به معالجة الأفكار والمعاني والرموز.
  3. الذكاء الاجتماعي: هو إقامة العلاقات مع الآخرين والتفاعل معهم.

شاهد بالفيديو: 7 علامات تدل على ضعف الذكاء العاطفي

ثالثاً: خصائص الذكاء العاطفي

1. الوعي بالذات:

ملاحظة الفرد لمشاعره الذاتية وانفعالاته ومراقبة حدَّتها في المواقف المختلفة، والقدرة على تحديد نقاط قوة وضعف شخصيته.

2. الإدارة والتحكم بالعواطف:

أي امتلاك القدرة على معالجة المشاعر؛ بمعنى تنظيم وضبط وتكيُّف العواطف مع مختلف المواقف التي يمكن أن يتعرض لها الفرد.

3. تحفيز الذات وامتلاك الدوافع:

أي امتلاك الطاقة الداخلية لتوجيه الفرد لمشاعره نحو تحقيق أهدافه المستقبلية والوصول إلى ما يطمح إليه؛ وذلك من خلال المثابرة ومواجهة التحديات والعقبات التي يمكن أن تواجهه خلال مسيرته؛ وهذا يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق رضى الفرد عن ذاته وزيادة ثقته بنفسه.

4. الوعي الاجتماعي:

أي التعرف إلى مشاعر الأفراد الآخرين في المجتمع وقراءة انفعالاتهم، والتعرف إلى أنماط العلاقات السائدة بينهم، كما يشمل التعاطف معهم وإدراك حاجاتهم وتحفيزهم ومساعدتهم على اتخاذ قراراتهم.

5. إدارة العلاقات:

أي إدراك الفرد لمشاعر وعواطف الآخرين والتأثير فيها وتشمل كفاءات عدة منها:

  • تطوير الآخرين من خلال الاهتمام بأهدافهم وتقديم النقد البنَّاء عن شخصياتهم وتصرفاتهم.
  • ممارسة الدور القيادي من خلال توجيه وتحفيز الأفراد وأن يكون الفرد مثالاً يُحتذى به من قِبل الآخرين.
  • حث الآخرين على التغيير لتحقيق الانسجام مع البيئة الخارجية.
  • مهارات الإقناع والتفاوض مع الآخرين.
  • إدارة الصراع؛ أي حل الخلافات التي تنشأ في الجماعة.
  • تشكيل فريق العمل وإقامة التعاون بينهم.
إقرأ أيضاً: 7 طرق لتنمية الذكاء العاطفي

رابعاً: الذكاء العاطفي عند المرأة

تُظهر دراسات عدة أنَّ المرأة التي تتمتع بالذكاء العاطفي تكون أكثر قدرة على رصد مشاعر وسلوكات الآخرين وتفسيرها، مع مراعاة مشاعرهم وإظهار التعاطف لهم ومسامحتهم وإظهار تلك المشاعر من خلال إيماءات الوجه في الوقت المناسب، كما تكون قادرة على ضبط انفعالاتها، وتحمُّل ضغوطات الحياة المختلفة، وإظهار الطاقة الإيجابية في مختلف المواقف، وبناء علاقات ناجحة ومثمرة مع المحيط، وتحمُّل المسؤولية تجاه ذاتها وتجاه الآخرين.

وتتمتع بالصفات القيادية لا سيما في العمل؛ فهي تركز على ما تستطيع القيام به ولا تنظر إلى الأشياء التي لا تستطيع تحقيقها؛ الأمر الذي يجعلها امرأة منتجة وفعَّالة أكثر من غيرها. كما أنَّ الذكاء العاطفي يدفع المرأة في كثير من الأحيان إلى تجنُّب الصراعات التي قد تتعرض لها في محيط عملها، أو محيطها الاجتماعي، أو حسن إدارتها عندما تضطر إلى مواجهتها؛ وذلك من خلال قدرتها الكبرى على كبح انفعالاتها وضبطها وإدارتها إدارة جيدة.

كما تستطيع ضبط مشاعرها عندما تُنتقد؛ فهي تتقبَّل النقد والآراء المختلفة بشأنها؛ بل أكثر من ذلك، تتخذ منها حافزاً لتحسين نفسها، فهي تدرك قيمتها الذاتية وتملك نظرة إيجابية عن نفسها عموماً.

خامساً: الذكاء العاطفي عند الرجل

الرجال بطبيعتهم يميلون إلى المنطق والتروي في إصدار الأحكام، ويمتلكون الكثير من مهارات الذكاء العاطفي؛ مثل التفكير الناقد، وتنظيم وترتيب الأفكار، والتحكم بالانفعالات وضبطها، واختيار المفردات المناسبة؛ وقدرة عالية على إدارة الصراع وامتلاك الصفات القيادية، ومتابعة الأهداف وتحقيقها بكفاءة عالية.

سادساً: الذكاء العاطفي عند الأطفال

يجب أن تعرف أنَّك تستطيع تعليم الأطفال الذكاء العاطفي وتدريبهم عليه؛ وذلك من خلال تنمية مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين. ويبدأ ذلك من المنزل، من خلال تفاعل الطفل مع والديه اللذين يساعدانه على إدراك ذاته وتحديد انفعالاته وكيفية بناء علاقاته مع المحيط. وتتابع هذه العملية في المؤسسات التعليمية التي تكمل ما بدأَته الأسرة.

إنَّ تمتُّع الأطفال بالذكاء العاطفي أمر هام جداً؛ إذ يتعلمون كيف يكونون هادئين، وتزيد ثقتهم بأنفسهم، ويصبحون أكثر فهماً لأنفسهم ومشاعرهم، ويصبحون أكثر مهارة في إدارة انفعالاتهم في المواقف المختلفة، كما أنَّه يسهم في تكيفهم مع توقعات محيطهم.

إقرأ أيضاً: تمارين الذكاء العاطفي للأطفال

سابعاً: كيف أستعمل الذكاء العاطفي مع زوجي؟

  • امنحي زوجك الوقت الكافي، وأنصتي إليه بكل جوارحك؛ إذ يمكنك من خلال ذلك التعرف إلى مشاعره واحتياجاته، وما الذي يرغب فيه، وما الذي يتمنى أن تكوني عليه، ومعرفة الأشياء التي تساعدك على بناء سعادتك معه.
  • لاحظي لغة جسد زوجك، وانتبهي إلى إيماءات وجهه، وحركات جسده، لترصدي تعابيره الحقيقية وانفعالاته في كل موقف.
  • بعد تحديد مشاعر واحتياجات زوجك تجب عليكِ مواجهتها، سواء كانت إيجابية أم سلبية.
  • فكِّري في ماهية تلك المشاعر، ما هي؟ وما هي أسباب ظهورها؟ وكيف تعالجينها؟ وما هي الخطوات التي يجب أن تبدئي بها لتحسين علاقتكما أو تعزيز مسببات السعادة إن لم تكن هناك مشاعر سلبية؟
  • أظهري له التعاطف المستمر، وأنَّكِ تفهمين ما الذي يريده منك، وأنَّك مستعدة لبذل كل جهد في سبيل سعادته، وابتعدي عن الأنانية وحبِّ الذات.
  • لا يحب الرجل أن يبدو ضعيفاً أو يُنتقَد؛ لذا يجب أن تساعديه على تعزيز الثقة بنفسه، وتكسبي ثقته؛ وذلك من خلال تحفيزه ودعمه المتواصل.
  • أظهري له الود والحب وحادثيه بنغمات الصوت المتوسطة؛ تلك النبرة التي تدل على حاجتك إليه؛ فالرجال عموماً يحبُّون أن يشعروا بتعلُّق غيرهم بهم.
  • اجعلي من كل يوم تقضيه برفقته يوم سعادة خاص بكما.

ثامناً: كيف أستعمل الذكاء العاطفي في تربية طفلي؟

تقع على عاتق الأسرة تعليم وتدريب وإكساب الطفل مهارات الذكاء العاطفي؛ فسلوك الآباء في معاملة أطفالهم يؤثر جداً في حياة الأطفال العاطفية، فبقدر تأمين الأسرة البيئة السليمة التي تملؤها المحبة والهدوء والانسجام بين أطراف الأسرة، سيتيحون لأطفالها نمواً عاطفياً سليماً. ويمكن للأم أن تستعمل ذكاءها العاطفي مع طفلها من خلال:

  • قراءة القصص الهادفة.
  • عدم تجاهل مشاعر الطفل.
  • أخذ قلق الطفل وخوفه على محمل الجد، ومساعدته على تجاوزه من خلال العمل على تعزيز ثقته بنفسه.
  • تعبير الوالدين عن مشاعرهما أمام الطفل؛ وذلك لكي يتعلم معنى كل انفعال إنساني، ويعرف كيف يُستعمَل.
  • عدم مقارنة الطفل بأحد من أقرانه أو غيرهم؛ لأنَّ ذلك سوف يضعف ثقته بنفسه، وقد يصاب بحالات نفسية مثل الاكتئاب.
  • تشجيع الطفل على التفاعل الاجتماعي مع الآخرين من خلال المشاركة في النشاطات المدرسية والترفيهية، والسماح له بإبداء رأيه في الأشياء المختلفة.
  • الإجابة عن الأسئلة كافة التي يطرحها الطفل سواء كانت سهلة أم صعبة.

شاهد بالفيديو: أركان الذكاء العاطفي الستة (طرق رفع الذكاء العاطفي)

تاسعاً: كيفية تطبيق الذكاء العاطفي في العمل؟

1. الوعي بالذات:

أي معرفة المشاعر الذاتية ومشاعر فريق العمل والعملاء أيضاً؛ ويتجلى هذا الوعي بأشياء عدة منها:

  • حضور نشاطات المنظمة التي ينتمي إليها وتقديم الاقتراحات لتطوير عملها.
  • تعلُّم كل ما ينفع العمل من مهارات ومعارف.
  • الالتزام بمواعيد الدخول والخروج من العمل.
  • امتلاك الدافعية لإنجاز الأعمال.
  • الإصغاء إلى آراء الآخرين والاستماع لمقترحاتهم لتطوير العمل.
  • الانتباه إلى نغمات الصوت؛ وذلك لأنَّه يعكس انفعالات صاحبه.

2. إدارة العواطف:

هي القدرة على تنظيم وترتيب المشاعر والتحكم بها من خلال: معرفة المشاعر الذاتية، ومشاعر الآخرين، وتقبُّل رأيهم وتقويمه بما يلائم أهداف المنظمة.

3. معالجة العواطف واستعمالها:

أي القدرة على استعمال المشاعر في مكان العمل؛ ويكون ذلك من خلال: مساعدة الزملاء على إنجاز مهامهم، والتدريب على مهارات جديدة لتطوير العمل، وتحمُّل أعباء العمل وضغوطاته، وإنهاء حالات الصراع داخل العمل.

4. الوعي الاجتماعي:

إقامة العلاقات الإيجابية مع الآخرين ضمن فريق العمل ومع العملاء، واتباع سياسة الحوار والنقاش في مسائل العمل والأخذ بجميع الآراء، وإدارة الصراعات التي قد تنشأ بين أعضاء فريق العمل والمحافظة على تماسكه والعمل يداً بيد، وتقويم سلوكات وأخطاء أفراد مجموعة العمل.

الخلاصة:

يُعَدُّ الذكاء العاطفي مهارة قيمة في حياة كل فرد؛ فهو يساعد على الوعي بالذات، وحسن أداء المهام، والتواصل، وإقامة العلاقات مع الآخرين، فبناءً عليه يتحدد مستقبل الإنسان وسعادته.

المصادر:

  • 1، 2
  • مصطفى رشاد مصطفى الأسطل، الذكاء العاطفي وعلاقته بمهارات مواجهة الضغوط لدى طلبة كلية التربية غزة.
  • نجلاء فاضل رحيم وحلا عبد الواحد، الذكاء العاطفي لدى أطفال الرياض وعلاقته بعض المتغيرات، كلية التربية، جامعة بغداد.
  • نور الدين بوشيخي، ورشات الذكاء العاطفي.



مقالات مرتبطة