لماذا تولد أفضل أفكارنا وأجمل إبداعاتنا أثناء الاستحمام

لقد اتضح أنَّ ثمة حقائق علمية وراء هذه الظاهرة، ووفقاً لآخر الأبحاث، فإنَّ الانخراط في النشاطات التي تسمح لعقلك بالتجول، مثل الاستحمام أو المشي، يمكن أن يساعدك في الواقع على الاستفادة من قدراتك على التفكير الإبداعي وحلِّ المشكلات، وفي هذا المقال، سوف نستكشف الأسباب الكامنة وراء ظهور أفضل أفكارك في أثناء الاستحمام أو عند المشي، وكيف يمكنك استخدام هذه النقطة لمصلحتك.



هل سبق لك أن لاحظتَ أنَّ أفضل الأفكار تبدو كأنَّها تولد في أثناء الاستحمام أو الذهاب في نزهة سيراً على الأقدام؟

الاستحمام طقوس وروائح وتحرر من الضغوطات:

الدماغ يمكن أن يعمل بشكل أكثر إبداعاً عندما لا يكون تحت ضغط لإنتاج الأفكار، فعندما نستحم، نحن لا نحاول بنشاط ابتكار الأفكار، والتي يمكن أن تسمح لعقلنا الباطن بالعمل على حلِّ المشكلات دون وعينا الواعي.

بعض الروائح، مثل اللافندر أو النعناع، يمكن أن تساعد على تحفيز الإبداع والتركيز، وقد يختار بعض الأشخاص استخدام هذه الروائح في الحمام أو في روتينهم اليومي للمساعدة على تعزيز إبداعهم.

كما أنَّ الانخراط في طقوس، مثل الاستحمام، يمكن أن يساعد على تعزيز شعور بالروتين والاتِّساق في حياتنا، ويمكن أن يساعد ذلك على تقليل التوتر والقلق، وهذا يسمح لنا بأن نكون أكثر إبداعاً وإنتاجيَّة.

ما هي العناصر الضرورية لإنتاج الأفكار الإبداعية؟

1. المجاور الممكن:

يقدم الكاتب ستيفن جونسون مفهوم "الممكن المجاور"، والذي يشير إلى مجموعة الابتكارات الممكنة التي يمكن أن تنبثق من بيئة معينة أو مجموعة من الشروط، ويقول إنَّ الأفكار الجديدة غالباً ما تظهر عندما يتم الجمع بين الأفكار أو التقنيات الحالية بطرائق جديدة، وهذا يعزز إمكانات جديدة.

2. الشبكات والتعاون:

يؤكد جونسون على أهمية الشبكات والتعاون في توليد أفكار جديدة، ويقول إنَّ الأفكار غالباً ما تظهر من تبادل المعلومات وتصادم وجهات النظر المختلفة، ويستشهد جونسون بأمثلة مثل ثقافة المقاهي في إنجلترا في القرن السابع عشر، والتي جمعت بين الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية والتخصصات، وهذا أدى إلى تبادل الأفكار الجديدة.

3. الصدفة:

يلاحظ جونسون أنَّ عديداً من الأفكار العظيمة تنبثق من اكتشافات غير متوقعة أو صدفة، ويستشهد بأمثلة مثل اكتشاف ألكسندر فليمنج للبنسلين، والذي كان نتيجة تلوث محتمل في طبق معملي.

4. الحدس البطيء:

يقترح جونسون أنَّ عديداً من الأفكار العظيمة هي نتيجة "الحدس البطيء"، أو الأفكار التي تستغرق سنوات أو حتى عقوداً لتتطور بشكل كامل، ويقول إنَّ هذه الأفكار غالباً ما تكون نتيجة لعملية طويلة من التغيير البطيء والمستمر.

شاهد بالفديو: 8 طرق لتدريب العقل على التحلي بمزيدٍ من الإيجابية

5. الشبكات السائلة:

يقدِّم جونسون مفهوم "الشبكات السائلة"، وهي شبكات مرنة وقابلة للتكيف يمكن أن تتطور وتتغير بمرور الوقت، ويجادل بأنَّ هذه الشبكات هامة بشكل خاص في عالم اليوم سريع التغير، الذي تظهر فيه الأفكار والتقنيات الجديدة بمعدل أسرع من أي وقت مضى.

كيف يمكننا أن نطور قدراتنا الإبداعية؟

1. التغلب على الخوف والشك الذاتي:

يقول العلماء إنَّ الخوف والشك في الذات من العقبات الأساسية للإبداع والابتكار، ويقترحون أنَّنا من خلال تحديد وإعادة صياغة معتقداتنا المقيدة، يمكننا أن نتعلم التعامل مع التحديات الإبداعية بثقة ومرونة أكبر.

2. الاحتضان والتعاطف:

يؤكِّد العلماء على أهمية التعاطف في العملية الإبداعية، فمن خلال وضع أنفسنا في مكان الآخرين وفهم احتياجاتهم، يمكننا إيجاد حلول أكثر ابتكاراً، كما يستشهدون بأمثلة مثل تصميم أواني المطبخ OXO Good Grips، والتي تم تطويرها مع مراعاة احتياجات الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل.

إقرأ أيضاً: النجاح في التفكير: كيف تتغلّب على أفكارك السلبية؟

3. التجريب والتكرار:

يقول العلماء إنَّ الإبداع غالباً ما ينطوي على عملية تجريب وتكرار، ومن خلال تجربة مناهج مختلفة والتعلم من أخطائنا، يمكننا تحسين أفكارنا وإحراز تقدُّم نحو أهدافنا.

4. التعاون والتنوع:

يقول الباحثون إنَّ التعاون والتنوع هما عاملان أساسيان في إيجاد حلول إبداعية، ومن خلال الجمع بين الأشخاص ذوي وجهات النظر والخلفيات ومجالات الخبرة المختلفة، يمكننا توليد مزيد من الأفكار والأساليب المبتكرة.

5. القيادة الإبداعية:

يقترح الباحثون أنَّ القيادة الإبداعية تنطوي على إنشاء ثقافة التجريب والمخاطرة والتعلم، فمن خلال توفير بيئة داعمة تشجع على الإبداع والابتكار، يمكن للقادة مساعدة فرقهم على إيجاد حلول أكثر ابتكاراً وتحقيق نجاح أكبر.

لماذا تأتي أفضل أفكارنا عندما نستحم، من وجهة نظر علماء الأعصاب؟

1. الاسترخاء:

عندما نستحم، عادة ما نكون في حالة استرخاء، وهذا يسمح لعقولنا بالإبحار بعيداً وتصبح أكثر إبداعاً؛ لأنَّنا عندما نكون مسترخين، تفرز أدمغتنا هرمون الدوبامين، والذي يمكن أن يحفز الجزء المسؤول عن الإبداع في الدماغ، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد صوت المياه الجارية وحرارتها على إنشاء بيئة هادئة تعزز الاسترخاء.

2. قوة الماء الدافئ:

يمكن أن يؤدي الإحساس بالماء الدافئ على بشرتنا إلى تحفيز إفراز الدوبامين، والذي يمكن أن يعزز إبداعنا؛ هذا لأنَّ الماء الدافئ يمكن أن يكون له تأثير مهدئ في نظامنا العصبي، وهذا بدوره يساعد على تقليل التوتر والقلق، ويسمح لنا بالتركيز على توليد أفكار جديدة.

3. النشاط متكرر:

يتضمن الاستحمام نشاطاً متكرراً، مثل غسل شعرنا أو جسمنا، والذي يمكن أن يساعد على تهدئة عقولنا، ويمكن أن يسمح لنا بالدخول في حالة من التدفق، فنكون منغمسين تماماً في المهمة المطروحة وقادرين على التفكير بشكل أكثر إبداعاً، على سبيل المثال، في أثناء غسل شعرنا، يمكن لأذهاننا أن تخرج من قيودها وتولِّد أفكاراً جديدة دون أن ندرك ذلك.

4. العزلة:

عندما نكون في الحمام، عادة ما نكون وحدنا وبعيدين عن المشتتات، ويمكن أن يوفر لنا هذا العزلة التي نحتاجها للتفكير بعمق وإبداع، ويمكن أن يساعدنا الشعور بالعزلة أو الوحدة على الانفصال عن العالم الخارجي والتركيز على أفكارنا ومشاعرنا الداخلية، وهذا قد يؤدي إلى مزيد من الأفكار المبتكرة.

كيف يساعد المشي في الطبيعة على الإبداع؟

1. النشاط البدني:

المشي هو شكل من أشكال النشاط البدني الذي يمكن أن يزيد من تدفق الدم والأوكسجين إلى الدماغ، وهذا يمكن أن يعزز نمو خلايا الدماغ الجديدة والوصلات العصبية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحسينات في الوظيفة المعرفية والذاكرة والإبداع، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الذهاب في نزهة على تصفية أذهاننا وزيادة قدرتنا على التفكير الإبداعي.

2. الطبيعة:

يمكن للمشي في الطبيعة أن يمنحنا إحساساً بالهدوء والاسترخاء، وهذا يقلل من التوتر والقلق ويعزز التفكير الإبداعي، ويمكن للوجود في الطبيعة أيضاً أن يحفز حواسنا ويزودنا بتجارب حسية جديدة يمكن أن تلهمنا للتفكير بشكل مختلف، على سبيل المثال، يمكن أن يمدنا المشي في الغابة بمشاهد وأصوات وروائح جديدة يمكن أن تثير إبداعنا.

3. الروابط الاجتماعية:

يمكن أن يوفر لنا المشي مع الآخرين فرصة المشاركة في مناقشات إبداعية، ويمكن أن يساعد ذلك على توسيع تفكيرنا وتوليد أفكار جديدة، على سبيل المثال، الذهاب في نزهة مع زميل أو صديق يمكن أن يوفر لنا فرصة لطرح أفكار جديدة أو حل المشكلات معاً.

4. اليقظة:

يمكن أن يكون المشي أيضاً ممارسة تأملية تسمح لنا بالتركيز على اللحظة الحالية وضبط المشتتات، ويمكن أن يساعدنا هذا على الدخول في حالة من التدفق، فنكون منغمسين بشكل كامل في المهمة المطروحة وقادرين على التفكير بشكل أكثر إبداعاً، على سبيل المثال، يمكن أن يساعدنا الانتباه إلى أنفاسنا وإحساس أقدامنا على الأرض على أن نصبح أكثر وعياً ونختلق أفكاراً جديدة.

شاهد بالفديو: 8 طرق للتفكير خارج الصندوق

لماذا تأتي أفضل أفكارنا عندما نستحم، من وجهة نظر الطب النفسي؟

1. شبكة الوضع الافتراضي:

شبكة الوضع الافتراضي هي جزء من الدماغ يتم تنشيطه عندما لا نركز على أي مهمة محددة، مثل عندما نكون في أحلام اليقظة أو في حالة شرود، فعندما نكون في الحمام، لا نركز عادةً على أي مهمة محددة، والتي يمكن أن تسمح لأدمغتنا بالدخول إلى هذا الوضع وتوليد أفكار جديدة، ويمكن أن يساعدنا هذا على ربط الأفكار والمفاهيم المختلفة بطرائق جديدة، وهذا يؤدي إلى مزيد من التفكير الإبداعي.

2. الحرمان الحسي:

عندما نكون في الحمام، عادة ما نكون في بيئة فيها القليل من عوامل التشتيت وانخفاض المدخلات الحسية، ويمكن أن يعزز هذا حالة من الحرمان الحسي، والذي يمكن أن يحفز إبداعنا من خلال السماح لأدمغتنا بالتركيز على توليد أفكار جديدة بدلاً من معالجة المعلومات الحسية، على سبيل المثال، يمكن أن يوفر صوت المياه الجارية ضجيجاً ثابتاً في الخلفية يساعد على حجب عوامل التشتيت الأخرى.

إقرأ أيضاً: الفوائد الجسدية والنفسية للاستحمام

3. التفكير الترابطي:

يمكن أن يوفر الاستحمام استراحة من روتيننا الطبيعي وبيئتنا، والتي يمكن أن تحفز أدمغتنا على التفكير بشكل أكثر ترابطاً، ويتضمن التفكير الترابطي إجراء اتصالات بين المفاهيم التي تبدو غير مرتبطة، وهذا قد يؤدي إلى مزيد من الأفكار الإبداعية، على سبيل المثال، قد يذكرنا الماء الدافئ في الحمام بقضاء عطلة في منطقة استوائية، وهذا قد يؤدي إلى أفكار لحملة تسويقية جديدة.

4. الاسترخاء:

يعد الاسترخاء سبباً في حصولنا على أفضل أفكارنا في أثناء الاستحمام، ويمكن أن يساعد كونك في حالة استرخاء على تقليل التوتر والقلق، وهذا يسمح لنا بالتركيز على توليد أفكار جديدة، ويمكن أن يكون هذا هاماً بشكل خاص عندما نواجه مشكلة أو تحدياً يتطلب التفكير الإبداعي.

يمكن لشبكة الوضع الافتراضي والحرمان الحسي والتفكير الترابطي والاسترخاء أن تساهم جميعها في الحصول على أفضل أفكارنا في أثناء الاستحمام، ويمكن أن يساعدنا فهم هذه العوامل على تسخير إبداعنا وتوليد أفكار جديدة في مجالات أخرى من حياتنا أيضاً.

في الختام:

يمكن للجمع بين الاسترخاء والماء الدافئ والنشاط المتكرر والعزلة أن يساهموا جميعاً في سبب ظهور أفضل أفكارنا في كثير من الأحيان في الحمام، ويمكن أن تساعد هذه العوامل على تحفيز قدراتنا الإبداعية وحل المشكلات، وهذا يسمح لنا بتوليد أفكار جديدة ومبتكرة.

كما يمكن للمشي أن يعزز قدراتنا المعرفية والتفكير الإبداعي من خلال تعزيز النشاط البدني، وتزويدنا بالتجارب الحسية، وتعزيز التنشئة الاجتماعية، والسماح لنا بالدخول في حالة من اليقظة، ويمكن أن تساعدنا هذه العوامل على توليد أفكار وحلول جديدة للمشكلات، وتلهمنا للتفكير بشكل مختلف.




مقالات مرتبطة