ما هي أبرز أعراض الصمت الانتقائي؟
يعاني الأطفال المصابون بالصمت الانتقائي من عدم القدرة على التحدُّث في بيئة معينة، وغالباً لا يستطيعون التحدث في المواقف الاجتماعية مع الآخرين، ولكنَّهم يتحدثون بشكل طبيعي في أماكن أخرى مثل المنزل، وإنَّ افتقارهم إلى الكلام ليس باختيارهم؛ بل بسبب القلق الشديد الذي يجعل إمكانية التحدث صعبة للغاية.
على سبيل المثال، يمكن لبعض الأطفال الذين يعانون من الصمت الانتقائي التحدث إلى أطفال آخرين، لكن ليس إلى الكبار، بينما يتحدثون مع والديهم في منازلهم بحرية، لكن لا يمكنهم القيام بذلك في المدرسة، فالأطفال المصابون بالصمت الانتقائي يمكنهم أيضاً:
- الإكثار من استخدام التواصل البصري والشعور الزائد بالخجل.
- الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليهم دون كلمات "بالإيماء".
- التحدث من خلال أفراد آخرين، مثل الهمس إلى صديق أو أحد الوالدين.
- البكاء أو الشعور بنوبة غضب عندما يطلب منه أحدهم التحدث.
- التشبث بأحد الوالدين أو مقدِّم الرعاية أو الاختباء عندما يقترب الآخرون.
كل هذه الأعراض يعاني منها المصابون بالصمت الانتقائي التي تشكل لهم إحراجاً في الغالب، ولا يمكن إلقاء اللوم على عدم الإلمام باللغة أو وجود إعاقة أخرى مثل التوحد أو متلازمة أسبرجر.
كيف تقوم بدعم طفلك الذي يعاني من الصمت الانتقائي؟
لا شك في أنَّ للأبوين دوراً كبيراً في تخطي مشكلة الصمت الانتقائي لدى الطفل؛ لذلك لا بد من ذكر أهم النصائح التي يجب على الوالدين القيام بها ليساعدا طفلهما على تخطي مشكلة الصمت الانتقائي، ألا وهي:
1. قدِّم التعزيز الإيجابي:
كن مشجعاً وداعماً دائماً لطفلك بدلاً من معاقبته أو انتقاده لكونه صامتاً، فالأطفال حساسون ويحتاجون إلى قدوة هادئة وإيجابية لمساعدتهم على التغلب على مشكلة الصمت الانتقائي، لذلك امدحه بحماسة عندما يجد طرائق للتواصل سواء من خلال إيماءة يد بسيطة أم التحدث؛ إذ سيحفزه هذا على مواصلة الحديث، على سبيل المثال، ابتسم وقل لطفلك: "عمل رائع".
عندما يقوم بإيماءة للتواصل سيرغب في التواصل أكثر، ويمكنك أيضاً إعطاء طفلك مكافأة صغيرة أو لعبة لتشجيعه على التحسن، فقد يكون لديه بذلك دافع أكبر للوصول إلى مراحل جديدة في الكلام إذا علم أنَّه سيحصل على مكافأة مستحقة عن عمله الشاق.
شاهد بالفيديو: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه
2. استخدم التواصل البديل مع طفلك:
قبل أن يتغلب على الصمت الانتقائي من المفيد منحه طرائق مختلفة غير مرهقة للتواصل، فاكتشف نوع الاتصال الذي يفضله واسمح له باستخدام ذلك للتفاعل مع الآخرين، لكن انتبه فهذا مؤقت؛ وذلك لأنَّ الهدف النهائي هو العمل على التخلص من الصمت الانتقائي بدلاً من الالتفاف حوله، ومع ذلك فهذا يساعده على التحدث في هذه الأثناء، وقد تتضمن طرائق التواصل هذه إيماءات اليد أو الكلمات المكتوبة أو لوحات الاتصال برموز يمكن لطفلك أن يشير إليها.
3. جرِّب محاولة تلاشي التوتر للتغلب تدريجياً على الصمت الانتقائي:
اجعل طفلك يتحدث مع شخص يمكنه التفاعل معه بحرية (مثلك)، ثم أدخل شخصاً جديداً ببطء في المحادثة، واجعله يتحدث مع الشخص الذي يشعر بالراحة معه أولاً وشق طريقه للتحدث مع الشخص الأقل ثقة، ومع مرور الوقت سوف يتلاشى القلق ويتغلب بذلك على الصمت الانتقائي.
هذا هو السبب في أنَّ هذه التقنية تسمى "تلاشي التوتر"؛ إذ يقل الانزعاج تدريجياً ويعتاد طفلك على التفاعلات التي كانت تسبب له القلق مع مرور الوقت جنباً إلى جنب مع الأشخاص الذين يرتاح معهم.
إقرأ أيضاً: 7 تصرفات تفسد تربية الطفل حاول أن تتجنبها
4. اجعل طفلك يتقن فنون الحديث جيداً:
شجع طفلك على التواصل مع الآخرين من خلال تعليمه الإيماءات وأصوات الحروف، وفي النهاية اجعله يتقن الكلام الكامل، وساعده على التدرب بانتظام حتى يصبح أكثر جرأة في التواصل مع مرور الوقت، فيمكن لأشخاص آخرين مساعدة طفلك على تمرينات الكلام أيضاً، فتحدَّث إلى أفراد الأسرة والمعلمين عن هذا الأمر حتى يتمكنوا من تقديم التشجيع له دائماً.
5. اسأل طفلك أسئلة قائمة على الاختيار:
تأكد من أنَّ كل سؤال يتطلب من الطفل إعطاء إجابة تتجاوز "نعم" أو "لا"، لكن لا تجبره أيضاً على التحدُّث بإسهاب، فهذا يجعله معتاداً على التواصل بأكثر من مجرد إيماءة أو هز رأسه، وبعد الإجابة اشكر طفلك بحرارة على التواصل معك، فجرِّب أسئلة مثل: "هل تفضل السندويشات أم البيتزا؟"، و"هل تفضل الذهاب إلى الحديقة أم المتحف اليوم؟" وهكذا.
6. اجعل البيئات التي تثير القلق أكثر راحة له:
عرِّف طفلك إلى مجموعات كبيرة من الناس، لكن افعل ذلك تدريجياً (شخص واحد في كل مرة)، وخذ الأمر ببطء حتى يتمكن من الاعتياد على كل شخص قبل الانتقال إلى الشخص الآخر، وابقَ معه إذا طلب ذلك منك؛ لأنَّ ذلك سوف يُشعره أنَّ لديه شخصية داعمة للتدخل إذا شعر بالخوف أو التوتر، وعلِّم طفلك أنَّه لا يتعين عليه تجنب كل مصدر للقلق في حياته؛ لأنَّ هذا سيعزز سلوك التجنب العام لديه.
7. استمتع مع طفلك الذي يعاني من الصمت الانتقائي بالنشاطات المشتركة التي لا تتطلب التحدث:
جرِّب إشراك طفلك في الفنون والحرف اليدوية أو العب لعبة الصيد أو الفريسبي أو اطلب منه مشاهدة فيلم معك؛ إذ تتيح النشاطات غير اللفظية لطفلك الاسترخاء والاستمتاع وتقوية روابطه معك دون الحاجة إلى القلق بشأن التواصل اللفظي المباشر، وتأكد من أنَّ طفلك يعرف أنَّ عدم القدرة على الكلام ليس فشلاً من جانبه وأنَّه ما يزال بإمكانه الاستمتاع بالحياة دون استخدام التواصل اللفظي.
شاهد بالفيديو: 8 خطوات لتقوية علاقتك مع أبنائك
8. كن صبوراً مع طفلك:
امنح طفلك وقتاً للتفكير في إجاباته، ودعه يتردد إذا احتاج إلى ذلك، ولا تطالبه برد على الفور، ولا تقاطعه وامضِ قدماً في مساعدته إذا كان يواجه صعوبة في الإجابة، وأنشئ مساحة آمنة من خلال توضيح أنَّك تقبل طفلك كما هو وأنَّك سعيد بالانتظار ومشتاق للإجابة، فهذا سيساعده على الاسترخاء والشعور بالراحة في التحدث معك.
تقبَّل التواصل غير اللفظي دون توقع المزيد من طفلك أو فرض إطار زمني على تحسنه؛ إذ يُعَدُّ تعزيز الراحة لدى الطفل خطوة أساسية في التغلب على الصمت الانتقائي؛ لذا خذ الوقت الكافي للتأكد من أنَّ طفلك مرتاح معك.
9. شجع طفلك على استخدام التفكير الإيجابي وإعادة الصياغة المعرفية:
الفكرة وراء إعادة الصياغة المعرفية هي أنَّ الأفكار السلبية تؤدي إلى سلوك سلبي؛ وبعبارة أخرى إذا قال طفلك لنفسه فقط: "لا أستطيع التحدث"، فمن الصعب عكس تأثيرات الصمت الانتقائي، ومع ذلك يمكنه إعادة صياغة هذا المنظور من خلال بناء موقف أكثر إيجابية، على سبيل المثال، اجعله يقول: "يمكنني أن أحاول التحدث وإذا لم أنجح في ذلك فسوف أنجح يوماً ما".
ذكِّر طفلك بأن يمسك نفسه عندما يفكر في شيء سلبي، فإذا بدأ بالتفكير بجمل مثل "هذا مستحيل" يمكنه تصحيح ذلك والقول: "هذا ممكن ويمكنني أن أفعله"، وفي النهاية ستكون إعادة صياغة أفكاره طريقة جيدة وستلاحظ تغيراً في سلوك طفلك مع تحسُّن نظرته، كما أنَّ تعلُّم هذه التقنية يجعل الطفل يفكر ويحلل أفكاره ومشاعره، وهي مهارة مفيدة جداً.
ما هي أبرز الخطوات الطبية اللازمة لمعالجة الصمت الانتقائي؟
1. التحدث إلى طبيب للحصول على تشخيص رسمي:
بينما يمكنك مقارنة الأعراض وتحديدها بشكل مستقل، يمكن فقط لمتخصص مؤهَّل أن يحدد في نهاية المطاف ما إذا كان طفلك يعاني من الصمت الانتقائي أم لا؛ إذ يشتمل تشخيص الصمت الانتقائي على تقييم الكلام والمقابلات مع الأسرة أو المعلمين والتعاون مع متخصصي الرعاية الصحية الآخرين، ومن ذلك اختصاصي علم النفس وطبيب الأطفال ومستشار التوجيه، كما تساعد مقابلات الأسرة مع المتخصصين على فهم أعراض الطفل بشكل أفضل والتعرف إلى البيئة المنزلية المناسبة للطفل.
إقرأ أيضاً: 8 طرق لتنمية الذكاء الاجتماعي للطفل
2. استشارة طبيب نفسي عن دواء القلق للأطفال الأكبر سناً:
نظراً لأنَّ الصمت الانتقائي هو اضطراب قلق، فإنَّ مضادات الاكتئاب (تسمى مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية أو مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية) تُستخدم أحياناً لعلاجه، ومع ذلك تذكر أنَّه ليس من المفترض أن يحلَّ الدواء محلَّ العلاج الداعم المقدَّم له من قِبل الأسرة، فأي طفل يتناول دواء للصمت الانتقائي يجب أن يكون لديه أيضاً علاج معرفي سلوكي، وعادةً ما يتم وصف مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات وما فوق والذين لديهم حالة صعبة من الصمت الانتقائي.
في الختام:
نحن نجد أنَّ الطب والعلم قد تطورا، وأصبح بإمكان الإنسان أن يكون على مستوى جيد من الوعي الطبي والصحي، وخاصةً مع توفُّر آلاف المواقع والمؤلفات التي تُنشَر عن الأمراض؛ لذلك ننصح الجميع برفع مستوى الثقافة الطبية لديهم، مع التأكيد أنَّه من الضروري جداً استشارة الطبيب دائماً.
أضف تعليقاً