كيف يمكِن لمبدأ التصميم الأول لـ "ستيف جوبز" أن يُغيِّر حياتك اليومية؟

آمنَ "ستيف جوبز" بالبساطة، فهي أقوى ممَّا تظن. وعندما التقى فريق من أفضل مصممي المنتجات في شركة "آبل" (Apple) مع "ستيف جوبز" (Steve Jobs) لتقديم تصميمهم الذي أصبح فيما بعد "آي دي في دي" (iDVD) - وهو تطبيق لم يَعُد موجوداً الآن كانت وظيفته السماح للمستخدمين بنسخ ملفات الموسيقى والأفلام والصور الرقمية المخزَّنة على أجهزة الكمبيوتر على قرص (DVD) - وتوقعوا أن ينبهر مديرهم، فلقد كان التصميم جميلاً وأنيقاً، وعلى الرغم من احتوائه على عدد من الميزات والوظائف، إلا أنَّهم كانوا فخورين بكيفية تبسيط الإصدار الأصلي من المنتج، والتي كانت تتطلَّب دليل مستخدم من ألف صفحة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "كريغ ماكيون" (Greg McKeown)، والذي يُحدِّثنا فيه عن أهمية تبسيط الأمور في مجالات الحياة كافةً.

ولكن سرعان ما علمَ الفريق أنَّ "جوبز" يُفكر في شيء آخر، حيث اتَّجهَ نحو السبورة ورسم مستطيلاً، ثمَّ قال: "هذا هو التطبيق الجديد، فيه نافذة واحدة، حيث يسحب المستخدم الفيديو إلى النافذة، ثمَّ يضغط على زر النسخ، فهذا كل ما في الأمر، وهذا ما علينا القيام به".

بالنسبة إلى رواد الأعمال، البساطة هي أهم شيء، فنحن نسعى جاهدين إلى تصميم منتجات سهلة الاستخدام، ونُقدِّم خدماتٍ يسهل الوصول إليها، ومواقع ويب وتطبيقات يسهل تصفُّحها، وما إلى ذلك، وعندما يتعلق الأمر بالمنتَج النهائي أو خدمة العميل، نرتقي بالبساطة إلى شكل فني.

إذاً، لماذا ما يزال الكثير ممَّا نقوم به يومياً مليئاً بالكثير من التعقيد؟

لقد اعتدنا على تعقيد العمليات في حياتنا، وبالكاد نلاحظ ذلك، والأسوأ من ذلك أنَّنا نخلق التعقيد عن غير قصد، فعندما نواجه مشكلاتٍ بسيطة، نسعى إلى حلول أكثر تعقيداً لمعالجتها، ثمَّ نشعر بالإحباط بسبب تلك الحلول المعقَّدة، فنبحث عن أساليب جديدة لجعل هذه المشكلة المعقَّدة بسيطة مرة أخرى.

ومع استمرار هذه الحلقة المفرغة، نضيف طبقةً فوق طبقة من التعقيد.

يحدث الشيء نفسه عند محاولة توسيع أعمال مؤسسة ما، فتكون النتيجة الحتمية أن يتوسع التعقيد في كل مكان، وتزداد صعوبة العمليات، ويستغرق التنسيق داخل الفِرَق وفيما بينها مزيداً من الوقت والجهد، ويصبح العمل البسيط فجأةً معقَّداً بصورة جنونية وغير ضرورية.

ولكن بمجرد أن نزيل طبقات التعقيد غير الضرورية، تتحول فجأةً المهام ذات الأولوية التي كانت تبدو صعبة التحقيق إلى مهام سهلة التحقيق، وينطبق هذا على كل شيء تقريباً، بدءاً من تصميم منتج جديد وإطلاقه، إلى دخول سوق جديد، وقيادة فريق سريع النمو.

في أول كتاب ألفتُه، قلتُ إنَّ تحديد الأشياء الأساسية يتطلب نظاماً صارماً لتحديد الأولويات، ولكن كتبتُ في كتابي الجديد: لإنجاز هذه الأشياء الأساسية، نحتاج إلى تبسيط صارم. والآن إليك بعض النصائح:

1. ابدأ من الصفر:

أطلقتُ في العام الماضي تدويناً صوتياً. في الأصل، كانت التعليمات التي كان من المفترض أن أرسلها إلى كل ضيف انضمَّ إليَّ في التدوين الصوتي تتكون من 15 خطوة، ولقد وجدتُ صعوبةً حتى في قراءتها، فكيف الحال مع الضيوف الذين يتوجب عليهم تتبُّعها وتطبيقها.

لذلك بدأتُ من الصفر، وسألتُ نفسي: "ما هو الحد الأدنى لعدد الخطوات التي يمكِن لشخص ما أن يتخذها للدردشة معي عبر هذا البرنامج؟" فتوصلتُ إلى حل مكَّنني من تقليص الخطوات إلى خطوتين بسيطتين.

عندما نواجه مشروعاً معقَّداً للغاية، نميل بالفطرة إلى تبسيطه، ولكن ماذا لو لم ننظر إليه على أنَّه معقَّد أساساً، وبدأنا من الصفر؟ ستندهش من عدد الأهداف التي تبدو معقَّدةً ويمكِن تحقيقها، وعدد المهام التي تبدو معقَّدةً ويمكِن إنجازها في بضع خطوات فقط؛ لذا، ابدأ من الصفر، وحدِّد أقل عدد من الخطوات.

إقرأ أيضاً: مفهوم القنفذ: استخدام البساطة بوصفها قوةً لتحقيق النجاح

2. تخلص من العناصر الكمالية:

في لحظة من اللحظات المحورية في التحول الأسطوري لشركة "آي بي إم" (IBM)، دعا "لو غيرستنر" (Lou Gerstner) المدير التنفيذي آنذاك، أحد قادته التنفيذيين ويدعى "نيك دونوفريو" (Nick Donofrio) للتحدث في اجتماع على مستوى الشركة. في ذلك الوقت، كان التنظيم القياسي لأي عرض تقديمي هام للشركة، ويتضمن أجهزة إسقاط عالية ورسومات على ورق شفاف يُطلقُ عليها الموظفون اسم "رقائق".

كما يقول "غيرستنر": "كان "نيك" يقرأ من الرقاقة الثانية عندما توجهتُ نحو الطاولة وأطفأتُ جهاز الإسقاط أمام فريقه بأدب واحترام، وبعد لحظة طويلة من الصمت المحرِج، قلتُ ببساطة: "دعنا نتحدث عن عملك فقط".

هذا ما يُفترَض أن يكون الهدف من معظم العروض التقديمية: "التحدث عن عملك فقط"؛ لذا في المرة القادمة التي يتعين عليك فيها إنشاء عرض تقديمي أو تقديم أرقام المبيعات أو تقرير عن التقدم، قاوِم إغراء إضافة المزيد من العناصر الكمالية، فهي ليست مصدر تشتيت لك فحسب، بل لجمهورك أيضاً؛ لهذا السبب، عندما أُقدِّم عروضاً، أستخدم ست شرائح، بإجمالي أقل من عشر كلمات.

ربما تكون قد ألغيتَ بالفعل العناصر غير الضرورية في منتجك نفسه، افعل الآن الشيء ذاته مع عملياتك وعروضك التقديمية وكل شيء آخر.

إقرأ أيضاً: منظور جديد يقدمه ستيف جوبز لإدارة الوقت وتعزيز الإنتاجية

3. تخلص من الخطوات غير الضرورية:

نحاول تبسيط عملياتنا في كثير من الأحيان من خلال تبسيط الخطوات الفردية، ولكن ماذا لو تخلصنا منها بدلاً من ذلك؟

الخطوات غير الضرورية هي فقط غير ضرورية، حيث يتيح لك التخلص منها توجيه طاقتك كلها نحو إنجاز المشروع الهام. وفي كل مجال تقريباً، يكون إنجاز المهمة الأساسية أفضل بكثير من إنجاز الخطوات الزائدة التي لا تضيف قيمة.

ينص أحد المبادئ الإثني عشر للبيان المرن (Agile Manifesto) على أنَّ "البساطة - فن تقليص حجم العمل - أمر أساسي". والمقصود هنا هو أنَّ الهدف هو خلق قيمة للعميل، وإذا كان من الممكن القيام بذلك باستخدام خطوات أقل وميزات أقل، فهذا هو بالضبط ما يجب القيام به.

بينما يشير هذا إلى عملية تطوير البرامج، يمكِننا تطبيقه على أيَّة عملية يومية، وبغضِّ النظر عن هدفك النهائي، تذكَّر: أبسط الخطوات هي تلك التي لا تتَّخذها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة