كيف يطور حس الدعابة حياتك المهنية؟

بالنسبة إلى أحد الطلاب المشاركين في دورة أسس السعادة في العمل (Foundations of Happiness at Work) المُقامة في جامعة كاليفورنيا (UC)، تَظهر الفكاهة في أي موقف اجتماعي يومياً؛ وقد شارك أحدهم قصة حصلت خلال اجتماع قائلاً: "لقد أثنى مديري على زميلنا قائلاً: "كم هو وسيم" وقد شعر الفريق حينها بالدهشة الشديدة، إلى أنَّه شرحَ مقصده بأنَّه منبهر بعمله، وقد ضحك الجميع مما خفف من حدة الاجتماع، ليعود ويضيف بأنَّه وسيم كذلك، وضحك الجميع مرة أخرى.



قد يبدو العمل مكاناً جدياً، ولكن وفقاً للبحوث، فإنَّ إدخال جو من الضحك إلى حياة العمل يمكن أن يعزز سلامتنا وإنتاجيتنا، وفي الواقع، إنَّ الفكاهة هي إحدى المهارات التي يتعلمها الطلاب عن طريق دورات على الإنترنت.

فوائد حس الدعابة في العمل:

تخلق الفكاهة جواً من الخفة، مما يزيل التوتر، ويحمينا بدوره من الإجهاد في العمل، ويفيد صحتنا، وتشير الأبحاث إلى أنَّ الأشخاص الذين يلقون الدعابات عندما يتحاورون مع زملائهم، يشعرون بالسعادة والرضا عن وظيفتهم شعوراً أكبر.

يعمل الضحك على خلق وتعزيز الروابط الاجتماعية بين البشر، وكذلك بين قرود الشمبانزي؛ حيث صرَّحت إحدى نظريات التطور بظهور الضحك لأول مرة عندهم كإيماءة للشعور بالسلامة والارتياح عقب حدوث شيء غير متوقع، وهذا قد يفسر سبب ميل الزملاء الذين يضحكون معاً إلى الشعور بالأمان والراحة أكثر في مكان العمل، والشعور بالتماسك بين أفراد الفِرَق.

ويفسر أستاذ علم النفس داشر كيلتنر (Dacher Keltner) أنَّه عندما يضحك الأصدقاء في انسجام، تكون استجابة الكر أو الفر لديهم هادئة، مثل زيادة ضغط الدم، مما يؤدي إلى إطلاق الخلايا العصبية المرآتية؛ حيث يتحول الضحك بذلك إلى تجربة جماعية.

ويمكن للشعور بالراحة في بيئة عملنا أن يدفعنا للتعبير عن أفكارنا والمجازفة مما يشكِّل أساساً لإيجاد حلول إبداعية في العمل، ومن ثم الإسهام في زيادة الإنتاجية، قد وجدت إحدى الدراسات أنَّ القادة الذين استخدموا الفكاهة في العمل، كانوا أكثر عرضة للوصول إلى أهدافهم والحصول على درجة أعلى من الأداء من مرؤوسيهم وذلك بعد عام واحد فقط؛ وذلك لأنَّ تَحلِّي القادة بالفكاهة في أسلوب قيادتهم يجعلهم محبوبين مع محافظتهم على الاحترام والتأثير.

وقد توصلت إحدى الدراسات الاستقصائية إلى أنَّ الموظفين الذين يعترفون بقدرة مديرهم على إضحاكهم - حتى عندما يكونون جادين للغاية - أو استخدام أسلوب الفكاهة لتخفيف الضغط والإجهاد؛ من المرجح أن يثقوا بمديرهم وأن يشعروا بانتمائهم للعمل.

ويمكن أيضاً أن تكون الدعابات القائمة على استنكار الذات أداة مفيدة للقادة وغيرهم من الموظفين في محاولة لجعل أنفسهم أكثر قرباً مع غيرهم؛ فقد كشفت إحدى الدراسات أنَّه عند استخدام المديرين والموظفين لهذا النوع من المزاح؛ يميل الموظفون إلى اكتساب المزيد من الاحترام المهني للقادة، وهي النتيجة المعاكسة لأولئك الذين يخشون إظهار الضعف.

ومع ذلك؛ هناك بعض أنواع الفكاهة التي قد تؤدي إلى نتائج عكسية وعلى وجه التحديد تلك التي تقلل من قيمة الناس أو مركزهم، وهذا يختلف تماماً عن المزاح اللطيف الذي يساعد على الترابط بين الزملاء وخلق جو من العفوية.

إقرأ أيضاً: 7 مهارات اجتماعية بسيطة تجعلك شخصاً محبّباً لدى الآخرين

كيف تجد الفكاهة في العمل؟

هناك طريقة واحدة لضمان مزيد من اللحظات المضحكة في العمل وهو عن طريق كتابتها، فقد وجدت دراسة عام 2016 أنَّ المشاركين الذين كانوا يدونون ثلاثة أشياء مضحكة كل مساء لمدة أسبوع، قد قلَّ شعورهم بالاكتئاب بعد ذلك؛ بل وغمرتهم السعادة بعد مضي ستة أشهر من هذه الممارسة مقارنة بأولئك الذين اعتادوا تدوين ذكرياتهم فحسب.

وقد طُلب من الناس في دورة أسس السعادة في العمل أن يجربوا هذا، مع فحص استجاباتهم لمعرفة ما يجدونه مضحكاً في العمل، وفي حين أنَّ بعض اللحظات المضحكة قد تكون عفوية، من الممكن خلق أكثر اللحظات إضحاكاً عبر القليل من الممارسة، وغالباً ما تنتج عن إلقاء النكات المتعلقة بحياة العمل اليومية.

كما يمكن أن نضيف الفكاهة إلى مهام العمل؛ حيث شارك أحدهم ما حصل معه في العمل قائلاً: "لقد غنَّت إدارة الموارد البشرية أغنية راب خاصة بهم خلال اجتماع القيادة وكان ذلك مضحكاً جداً، وخفف من حدة الاجتماع".

إنَّ إضافة حس الفكاهة إلى الموقف عندما نكون قادرين على ذلك، من شأنه أن يساعد حتى عندما يكون العمل مرهقاً، وقد كتبت إحداهن: "كنت أتحدث مع زميل عن الوقت الذي تستغرقه الإدارة لتقرير ما إذا كانوا يريدون مني أن أقود مشروعاً، وقد استغرق بعضهم وقتاً طويلاً لاتخاذ القرار والنظر في المسألة، ولم أجد أفضل من إلقاء الدعابات والمزاح قليلاً حول ذلك، مما خفف من عبء انتظار قرارهم النهائي".

لا شكَّ أنَّ الفكاهة ليست أمراً محموداً دوماً، خاصة إذا كانت تُشتتنا عن مهامنا أو تمنعنا من رؤية ومعالجة المشكلات الحقيقية في العمل، ولكن في العديد من المواقف يمكن لتبادل النكات مع الزملاء وإيجاد الفكاهة في خضم الفوضى والضغط أن تجعل العمل أكثر متعة قليلاً.

المصدر




مقالات مرتبطة