كيف يؤثر التوتر الذي تعايشه في حياتك المنزلية في عملك؟

لقد مررنا جميعاً بالتجربة ذاتها؛ تلك التي نخرج عقبها من المنزل بعد معركة طاحنة مع شريكنا، ومع أنَّنا نحاول أن نُبعد الأمر عن تفكيرنا، إلا أنَّ محاولاتنا تبوء بالفشل؛ بل على العكس تماماً تبقى عالقة في أذهاننا، بالإضافة إلى أنَّها تُحوِّل انتباهنا وطاقتنا عن إنجاز المهام المطلوبة منا.



ولذلك نبذل قصارى جهدنا لنتجنب التفكير في الأمر، لكنَّ عقلك يأبى أن ينصاع لرغباتك، ويبدأ في إعادة شريط الشجار مراراً وتكراراً إلى أن يتلاشى تركيزك، وستحسد بعدها غير المتزوجين لأنَّهم أحرار، ويستطيعون القيام بما يشاؤون ساعة ما يرغبون من غير أن يضطروا إلى أخذ إذن أحد، ومع ذلك، لا يجدون أحداً بانتظارهم عند عودتهم إلى المنزل، ويشعرون أنَّ هناك ما ينقصهم.

تؤثر كل من هذه السيناريوهات بطريقتها الخاصة في سلوكك ومزاجك وتركيزك، فضلاً عن قدرتك على التواصل مع الآخرين.

وتكمن المشكلة في محاولة استخدام الناس للمهارات نفسها التي أدت إلى نجاح أعمالهم التجارية مع الأشخاص الهامين لهم في حياتهم الشخصية، حيث يتبعون طريقة التفكير ذاتها، التي تركز على النتائج والتي تنجح مع زملاء عملهم وعملائهم، ورغم ذلك، ليس بالضرورة أن يكون كل ما ينجح في العمل مناسباً في المنزل؛ ذلك لأنَّ العلاقات الحميمة لا تتمحور حول النتائج؛ إنَّما حول الوجود؛ والذي يعني التركيز الكامل على اللحظة الحالية لا العيش في الماضي أو التوهم والتخوف من المستقبل الذي لم يحدث بَعْد.

وفي كثير من الأحيان - خاصة عندما نؤدي المهام الروتينية - فإنَّ عقولنا تنجرف نحو الأشياء التي سبق وحصلَت لنا؛ أي تلك المشكلات التي ما زال يتعين علينا حلها أو القلق حيال المستقبل، وتجتمع هذه الأشياء كلها متآمرةً لانتشالنا من اللحظة الآنية.

تُسبب المشكلات المرتبطة بالمال توتراً في العلاقة، ورغم ذلك تتعلق هذه المسألة بالمستقبل، ذلك لأنَّنا نقلق حول ما قد يحدث مستقبلاً إذا لم يكن بحوزتنا القدر الكافي من المال، لكن بالنظر في كل ما ذُكر وبالتفكير في اللحظة الحالية، فإنَّنا نملك كل ما نحتاجه؛ حيث إنَّنا بصحة جيدة وما زلنا نتنفس فضلاً عن أنَّنا نعيش مع شركائنا الذين نحبهم ويحبوننا.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لبناء الثقة في العلاقات

ونتيجة لذلك، فهناك طريقة لإعادة إحياء العلاقة مرة ثانية، مما يعطيك الطاقة والشخصية الجذابة التي تحتاجها للارتقاء بعملك إلى المستوى التالي.

يقضي رواد الأعمال ساعات طويلة في العمل تتراوح بين 8 إلى 15 ساعة وهم يقومون بواجباتهم؛ ولذا فمن غير المنطقي أن يظلوا بكامل تركيزهم عند عودتهم لمنازلهم، ولكن كي ينعموا بالحياة المنزلية التي يحلمون بها، لا بُدَّ من أن يتعملوا كيف يحولون تفكيرهم من ذلك الموجَّه نحو تحقيق النتائج التي يريدونها إلى الحضور بكل كيانهم في اللحظة الراهنة.

إليك فيما يلي طريقتان: تستطيع فعل الأولى وحدك والثانية مع شريكك، لتتمكن من الحضور بكل وعيك في اللحظة الراهنة:

1. مع نفسك:

  • خذ نفساً عميقاً، واحرص على الشهيق من أنفك والزفير من فمك.
  • كن شاهداً على ذاتك، وسجِّل ملاحظاتك عن مكان حضورك وما الذي تفعله؛ أي راقِب ذاتك وأفعالك وأفكارك.
  • كن مرناً ودع ما مضى يمضي؛ أي لا تتشبث بفكرة واحدة؛ لأنَّ الأفكار تأتي وتختفي؛ لذا اسمح لها بالذهاب أدراج الرياح كما جاءت.
  • تنفَّس مرة ثانية، وخذ شهيقاً من أنفك وأخرِجه من فمك.
إقرأ أيضاً: ما مفهوم العلاقة الزوجية الناجحة وما الذي يعيق وصولنا إلى شريك الحياة؟

2. مع شريكك:

يمكِنك القيام بهذه الممارسات مع شريكك بمجرد عودتك إلى المنزل؛ فهي تتيح لك أن ترتاح بعد يوم عمل مرهق وتنسى ما حدث فيه، كما تساعدك على التواصل بشكل أعمق مع جسدك وخلق نوع من الحميمية مع شريكك:

  • عانِق شريكك بكل قوة؛ لأنَّ ذلك يبعث على الراحة والاطمئنان بعد يوم طويل ومرهق من العمل.
  • تنفَّسا معاً في الوقت ذاته؛ وذلك بضبط تنفُّس شريكك مع تنفُّسك؛ أي خُذا نفساً عميقاً في اللحظة ذاتها، وأخرجاه في الوقت نفسه، وليكن تنفساً بطيئاً.
  • ركِّز على التنفس العميق؛ فهو يسمح لجسدك بالاسترخاء ولعقلك بالهدوء شيئاً فشيئاً، ذلك لأنَّه يساعد على تهدئة جهازك العصبي.
  • اشعر بنبضات قلب شريكك، واستشعِر دفء جسديكما سويةً.
  • لاحِظ متى تبدأ الأفكار التي تدور في عقلك بالتلاشي والظهور وحدِّدها، ثمَّ أعِد انتباهك إلى تنفُّسك وتنفُّس شريكك معاً.

يستغرق كل ما سبق خمس دقائق وحسب، لكنَّه يعزز وجودك ويعيد تنظيم أمسيتك بالكامل، مما يخلق إحساساً أعمق بالارتباط والحميمية بينكما.

وهناك طرائق عدَّة تستطيع بممارستها أن تبعد تلك الأفكار من رأسك؛ فقد تختار أن تمارس اليوغا أو أي نشاط آخر يساعدك.

أن تكون عازباً وتبحث عن شريك تكمل حياتك معه هو سبب كافٍ لتطوير حضورك ووعيك باللحظة الراهنة، فعندما تكون دائم القلق حول أمر ما ومشتت الذهن، سيخفِّض ذلك من جاذبيتك، والتي تظهر عندما تكون حاضراً بكل جوارحك؛ فهو ما يسعد الآخرين ويهيئ فرصاً لمزيد من التواصل والدعم والرضا.

إقرأ أيضاً: دورة الحبّ في العلاقة الزوجية

وهناك أمر هام آخر، فكما أنَّ التوتر الحاصل في علاقاتك الشخصية قد يمتد ليطال عملك، فإنَّ الإحساس المُطلق بالثقة ينعكس في حياتك المنزلية أيضاً، وبالتالي عملك؛ فبقدر ما تستثمر في حياتك الشخصية وتجعلها ممتعة بقدر ما تحصد الانفتاح في تفكيرك، وتستطيع بذلك أن ترى حلولاً عوضاً عن المشكلات فقط؛ بل وعلاوة على ذلك، فإنَّ وجودك في المنزل يحفز وجودك في العمل، حيث تتحسن تفاعلاتك مع الآخرين عندما تعيش اللحظة الراهنة ولا تربطها بنتيجة معيَّنة، وقد تلاحظ أنَّه عندما تبتعد عن التركيز في النتيجة، فإنَّك تُحقِّق المزيد من النتائج التي ترغب فيها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة