كيف تنجح في القيادة إن كنت انطوائياً؟

تُعدُّ إدارة شركة في ظل جائحة كورونا والحفاظ على تنظيم الفِرق - على الرغم من الاضطرابات الاجتماعية - مَهمةً شاقةً فعلاً، ومع حلول عام 2021 الذي نأمل أن يكون أفضل من عام 2020، ستزداد التحديات دائماً بالنسبة إلى القادة؛ لهذا السبب نحتاج إلى قادة أقوياء لاستلام دفة القيادة في أي شركة أو فريق، لكن يوجد مجموعة معينة من القادة لا يحظون بنفس القدر من الاعتراف بالقوة كما البقية؛ وهم القادة الانطوائيون.



يعرِفُ العديد من القادة الرائعين مجالات عملهم حق المعرفة؛ ولكنَّهم يُفضِّلون الاحتفاظ بمعرفتهم لأنفسهم بدلاً من التحدث بصراحة عن عملهم، في حين أنَّ القادة أصحاب الشخصية الجذابة والمفعمون بالحيوية غالباً ما يتصدَّرون المرتبة الأولى، ويمكن للقادة الانطوائيين أن يحققوا نفس القدر من النجاح، كما يمكنهم تصدُّر المراتب الأولى أيضاً.

لا توجد صيغة سرية لنجاح القيادة الانطوائية، فكل ما عليك القيام به هو كسب الاعتراف بما تقدمه من أعمال جيدة؛ لذا سنقدم لك فيما يلي دليلاً يساعدك على إظهار أفضل ما لديك لتصبح أفضل قائد انطوائي.

1. التركيز على نقاط القوة لديك:

يتصف الأشخاص الانطوائيون بمجموعة من المهارات والتي لا تعد نموذجية بالنسبة إلى نظرائهم المنفتحين، حيث سيمنحك التركيز على نقاط القوة هذه فرصةً للنجاح مثل أي شخص آخر، وقد تجد أنَّك تتفوق عليهم في بعض الصفات، مثل:

1. 1. الإصغاء:

نظراً لأنَّ الأشخاص الانطوائيون يترددون في التحدث، فهم يميلون إلى الإصغاء بشكل أفضل من غيرهم؛ حيث تُعد القدرة على الإصغاء إلى الموظفين والعملاء وأصحاب المصلحة مهارة عظيمة؛ ومن ناحية أخرى يرغب الأشخاص الانطوائيون أن يُسمع صوتهم، لكن في عالمنا اليوم المليء بالضجيج والصخب، يُمنَحُ القليل منهم الفرصة.

دع قوة الإصغاء تظهر من خلال التركيز أكثر على الإصغاء إلى فريقك كقائد انطوائي، حيث سيكون هذا هو الجانب الأكثر تأثيراً في أسلوب قيادتك.

عندما تصغي جيداً إلى موظفيك، ستكون أكثر تقبُّلاً لاهتماماتهم وأفكارهم، وبهذه الحالة لن يُقدموا الاقتراحات الجيدة لتحسين العمل فحسب؛ وإنَّما سيقومون بغرس ثقافة أكثر إيجابية في الشركة أيضاً.

1. 2. التعاطف مع الآخرين:

يقضي القادة الانطوائيون وقتاً أطول ليصبحوا أكثر تفهُماً، فهم يفكرون في الأشخاص الذين يشرفون عليهم قبل إيلاء اهتمام بأي شيء آخر؛ حيث يمكن لإظهار التعاطف أن يؤكد لأعضاء فريقك بأنَّهم ذوو أهمية كبيرة.

سيسمح لك التعاطف مع الآخرين بوضع نفسك في مكان الشخص الآخر، فعندما تحاول أن ترى وجهة نظر الآخرين، فإنََّك تصبح أكثر تفهماً، وأقل إصداراً للأحكام، وأكثر استعداداً للعمل معهم، وتعد هذه السمة قيِّمة للغاية للقادة؛ لأنَّها مريحة ومُحفزة للأشخاص الذين تعمل معهم عن كثب.

إقرأ أيضاً: ما هو التعاطف؟ وكيف يمكن أن يكون مفيداً للقادة؟

1. 3. التفكير النقدي:

تساعد القدرة على التروي ومعالجة الأمور بهدوء الانطوائيين على اكتساب التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات، حيث إنَّ الاندفاع في أي موقف حساس للغاية يجعله أسوأ مما هو عليه بالفعل.

غالباً ما يكون القادة مسؤولين عن اتخاذ أكبر وأصعب القرارات؛ ومن المريح أن يكون لديك قائد مستعد ويمكنه حل مشكلة ما والتعامل معها بمنتهى الدقة؛ فبينما يلزم اتخاذ بعض القرارات السرعة، غالباً ما يكون التفكير النقدي هاماً جداً ويأتي في مقدمة المهارات المطلوبة للنجاح.

2. الخروج من منطقة راحتك:

لا تستكن وتعتمد اعتماداً كلياً على نقاط قوتك وحدها؛ حيث يجب أن تبذل جهداً مستمراً للخروج من منطقة الراحة الخاصة بك أيضاً، بالإضافة إلى التركيز على نقاط ضعفك والعمل على تحسينها، أما بالنسبة لمعظم القادة الانطوائيين فيعني هذا الأمر أن يكونوا أكثر استعداداً للتحدث في سيناريوهات معينة، مثل الاجتماعات والعروض التقديمية.

ليست القدرة على التحدث أمام الناس نقطة الضعف الوحيدة التي يجب على الانطوائيين إدراكها؛ ففي الواقع بالنسبة للعديد من الانطوائيين، لا يعد هذا الأمر ضعفاً على الإطلاق؛ فكل شخص فريد من نوعه، بمعنى أنَّ مجموعة نقاط القوة والضعف تخصه تماماً.

سيجد بعض القادة الانطوائيين صعوبة في بناء العلاقات مع أعضاء فريقهم، وسيعاني الآخرون من فكرة الانضباط والمواجهة، بينما سيواجه آخرون مشكلات في اتخاذ قرارات سريعة دون التفكير فيها مراراً؛ أياً كان ما قد يؤثر فيك، ابحث عن فرص للعمل على تحسين نقاط الضعف هذه من خلال الخروج من منطقة الراحة هذه نهائياً، وتأكَّد أنَّ هذا سيصب في مصلحتك.

شاهد بالفيديو: 20 طريقة بسيطة للخروج من منطقة راحتك

3. أن تكون صادقاً مع نفسك:

بينما تسعى جاهداً للتغلب على نقاط ضعفك، لا تنسَ أن تتقبَّل ذاتك الحقيقية، فأنت قائد انطوائي، ولكنَّ ذلك لا يعني التظاهر بأنَّك شخص منفتح لتحقيق النجاح كقائد، وفي واقع الأمر إنَّ التمسك بما أنت عليه بالفعل هو أفضل صيغة تتَّبعها لنجاحك الشخصي.

سيُقدِّر فريقك مصداقيتك، وبصفتك انطوائياً، من المحتمل أن يدركوا شخصيتك الحقيقية مهما حاولت تغيير تصرفاتك لمجرد إثارة إعجابهم؛ لذا سيكون العمل مع القائد الذي يبدو مُتصنعاً أكثر صعوبةً من القائد الذي يتقبَّل شخصيته الحقيقة كما هي.

كما يوجد جانب هام من كونك انطوائياً، وهو تحديد مستوى الانطوائية لديك؛ فالكثير من الأشخاص الانطوائيين لا يخجلون ولا يتجنبون الناس مهما كلف الأمر، وبدلاً من ذلك يعطي الانطوائيون الأولوية القصوى لقضاء بعض الوقت بمفردهم؛ ذلك لأنَّ التفاعل الاجتماعي يستنزف طاقتهم أكثر من الأشخاص المنفتحين، فإذا فهم فريقك ذلك الأمر، فسيكونون أكثر دعماً لاحتياجاتك بكل تأكيد.

4. بناء الفريق المثالي:

لن تتغلب على نقاط ضعفك بسهولة، وبعضها سيرافقك طوال حياتك؛ لذا في هذه الأثناء يمكنك التغلب على تحدياتك الشخصية من خلال إحاطة نفسك بالكفاءات المطلوبة؛ ومن هنا يأتي دور بناء الفريق المثالي الذي يُكمِّل مهاراتك ويساعدك في التغلب على نقاط ضعفك، وهذا سيفيد المؤسسة ككل.

بيَّنت دراسة أجرتها أكاديمية الإدارة (Academy of Management) أنَّ القادة المنفتحين يتفوقون عند قيادة فريق لا يتحلى أفراده بروح المبادرة، وعلى العكس من ذلك، لا تنسجم الفِرق المبادِرة أيضاً مع القادة المنفتحين، ولكنَّها تزدهر في ظل الإدارة الانطوائية.

يمكن للأساليب المختلفة للقيادة والفريق أن تكمِّل بعضها بعضاً؛ لذا عندما تصل إلى منصب قيادي، حاول تكوين فريق يجعلك تشعر بالثقة، فالقائد الانطوائي هو الأفضل في تحفيز الابتكار والإبداع لدى أعضاء فريقه.

إقرأ أيضاً: تعزيز الإبداع والابتكار في فريق عملك

5. بناء العلاقات مع فريقك:

قد يكون بناء علاقات متينة مع أعضاء فريقك أمراً صعباً إذا كنت قائداً انطوائياً، ومع ذلك يميل الأشخاص الانطوائيون إلى بناء علاقات شخصية وثيقة، وكلما اقتربت من فريقك على المستوى الشخصي أكثر، كان بإمكانك توجيههم توجيهاً أفضل وفقاً لأسلوبك الخاص، وبذلك ستكون قادراً على إدراك احتياجاتهم كما يعرفون احتياجاتك، وستكون قادراً على العمل معهم بسلاسة أكثر.

ربما كنت تفكر في هذا الأمر عند تخيل التحديات التي ستتغلب عليها، ولكن عندما تضع بعض الأهداف ستتمكن من التواصل مع فريقك بنجاح، ويمكن أن يكون هذا الهدف هو طرح المزيد من الأسئلة الشخصية على كل عضو كل أسبوع أو حضور المزيد من الأنشطة بعيداً عن العمل، وبذلك ستفوق الفوائد التي ستجنيها من هذه العلاقات المعاناة التي ستواجهها من خلال القيام بذلك.

6. الحصول على النصائح من الأشخاص المنفتحين:

على الرغم من أنَّه لا يجب إقناعك بتغيير أسلوبك الانطوائي في القيادة، إلا أنَّه بإمكانك الاستفادة من نصائح زملائك المنفتحين؛ حيث يمكن للقائد الانطوائي أن يتعلم من القادة المنفتحين أيضاً، فقد يكون التحدث معهم لمعرفة طريقة تعاملهم مع المواقف بشكل مختلف عما تفعله أمراً مفيداً، وبمساعدتهم ستكون مُجهَّزاً جيداً لمواجهة جميع تحديات القيادة التي قد تواجهك.

على سبيل المثال، يمكنك إلقاء نظرة على سيناريو افتراضي ومشاركة طريقة تعاملك معه؛ لنفترض أنَّ السيناريو عبارة عن نزاع بين زميلين في العمل بحيث يؤثر في الإنتاجية الإجمالية للفريق، وبصفتك انطوائياً قد تحاول حل النزاع حلاً غير مباشر من خلال تغيير الجداول الزمنية للفريق.

لكن ماذا سيفعل صديقك المنفتح في هذه الحالة؟ ربما سيدعو الطرفين المتنازعين إلى مكتبه لمناقشة المشكلة معهما وجهاً لوجه، على الرغم من أنَّ هذا الأمر قد يبدو غير مريح بالنسبة إليك، إلا أنَّ مهارات الإصغاء التي تمتلكها قد تكون مفيدة للغاية؛ وبعد سماع نصيحة صديقك المنفتح، حاول تطبيقها لترى كيف ستساعدك.

7. توظيف التكنولوجيا:

يمكنك إنجاز الكثير دون التخلي عن أساليبك الانطوائية بالاعتماد على التكنولوجيا؛ وهذا لا يعني أنَّه يجب عليك استخدام التكنولوجيا كوسيلة لحماية منطقة الراحة الخاصة بك، فبدلاً من ذلك يمكن أن تساعدك التكنولوجيا في إيجاد أرضية لأكثر مستويات القيادة فاعلية.

يمنحك برنامج إدارة المشاريع (Project management software) نفس القدر من التحكم الذي تريد امتلاكه مع فريقك ومهامهم، كما يتيح لك إرسال الرسائل عبر الإنترنت التواصل مع فريقك تواصلاً أفضل من قدرتك الحالية على التواصل شخصياً.

وفي ظل جائحة كورونا، سيكون إجراء بعض المؤتمرات عبر الفيديو مفيداً في العديد من السيناريوهات، وقد يكون الاتصال عبر الفيديو أكثر صعوبة بالنسبة لبعض الأشخاص من التواصل الشخصي، لكن مع زيادة أعداد الفِرق التي تعمل عن بعد وقيود التباعد الاجتماعي، ليس هناك وقت أفضل لصقل هذه المهارة من الآن.

أفكار أخيرة:

توقف عن الشعور بالخجل وابدأ في إظهار شخصيتك الحقيقية بثقة؛ حيث يحتاج فريقك إلى أفضل قائد انطوائي يمكنك أن تكونه؛ لذا استخدم هذا الدليل للتحرر من حالة الانطواء تلك؛ كطريقة للنجاح بدلاً من محاولة أن تكون شخصاً آخر، عندها ستبدأ في ملاحظة كيف يستفيد فريقك من قيادتك الحقيقية وستدرك عاجلاً كمية سعادتك بنفسك كقائد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة