كيف تمارس التأمل؟

قد تبدو ممارسة التأمل أمراً بسيطاً، وهي كذلك بالفعل، لكنَّ الناس غالباً يكونون في حيرة من أين يبدؤون وما إذا كانوا يطبقونها تطبيقاً صحيحاً؛ لذا لمساعدتك على تعلُّم كيف تتأمل وكيف تجعله عادة، تابع معنا في هذه السطور إجابات خبيري التأمل عن 10 من أكثر الأسئلة شيوعاً عن التأمل.



إذا كنتَ تتساءل ما هو التأمل وكيف يمكنك ممارسته، فذلك غالباً لأنَّك سمعتَ عنه وعن فوائده كثيراً؛ إذ يحب الناس أن يقترحوا ممارسة التأمل للعديد من الأسباب، فهو يبدد القلق والتوتر ويخفف من حدة الاكتئاب والأرق ويساعدك على التركيز في اللحظة الراهنة، ويجعلك شخصاً أفضل، فادعاءات فوائده لا تنتهي، وفي حين أنَّ هناك مبالغة كبيرة، إِلاَّ أنَّ العديد من الناس يجدون أنَّه يستحق الممارسة، وفي خضم كل ما يحصل في العالم، هذا وقت مناسب لاستكشاف التأمل وما إذا كان مفيداً لك أيضاً.

1. ما هو التأمل بالضبط؟

أولاً يجب أن تعرف أنَّ هناك العديد من أنواع التأمل المختلفة، يقول عالم الأعصاب "ويندي هاسينكامب" (Wendy Hasenkamp) الحائز على شهادة الدكتوراه ومدير قسم العلوم في معهد "مايند آند لايف إنستيتيوت" (Mind & Life Institute) وأستاذ العلوم التأملية في "جامعة فيرجينيا" (University of Virginia): "يُستخدَم التأمل عادةً كمصطلح شامل يغطي مجموعةً واسعة من الممارسات التأملية، والكثير منها مُستمَد من التقاليد القديمة التي عُدِّل عليها لتناسب المجتمع الغربي".

مع أخذ ذلك بالحسبان، يتضح أنَّ الأسئلة حول ماهيَّة التأمل وكيفية التأمل ليست أسئلةً يمكن الإجابة عنها ببساطة، ترى "ديانا وينستون" (Diana Winston) مديرة تعليم اليقظة الذهنية في "مركز مايندفل اويرنس ريسيرتش" (Mindful Awareness Research Center) في "جامعة كاليفورنيا ولوس أنجلوس" (UCLA) ومؤلفة كتاب "كتاب الوجود" (The Little Book of Being) أنَّ  ذلك يشبه السؤال عن كيفية ممارسة الرياضة، وتقول: "كما توجد أنواع عدَّة من الرياضات، هناك أنواع عدة للتأمل"، وكما تتشارك الرياضات المختلفة بصفات محددة مثل روح المنافسة والنشاط البدني، كذلك للتأمل مبادئ أساسية أيضاً، تقول "ونستون": "أُعرِّف التأمل على أنَّه كل ممارسة تُنمِّي القدرة على البحث عن مصدر المشكلة داخلك".

سنركز في هذا المقال على التأمل اليقظ لأسباب عدَّة، أولاً، اليقظة الذهنية هي جوهر العديد من أنواع التأمل، كما يسهل الوصول إلى مصادر تعلُّمها بالنسبة إلى المبتدئين، إضافة إلى ذلك، تدعم فوائدها للصحة العقلية أكثر الأدلة إقناعاً، وهي أيضاً نمط رائج جداً من أنماط التأمل، خاصةً في السنوات الأخيرة، وغالباً، إذا كنتَ مهتماً بتطوير ممارسة التأمل لتعزيز صحتك العقلية، فأنت تبحث عن التأمل اليقظ.

ليس هناك تعريف ثابت لليقظة، مثل التأمل، ولكنَّ الخبيرين يتفقون عموماً على جوهرها، وهو: التركيز على اللحظة الراهنة بانفتاح ودون إطلاق الأحكام، تقول "وينستون": "إذا تفقدتَ تفكيرك في أيَّة لحظة خلال اليوم، فسوف تلاحظ غالباً أنَّك تفكر في الماضي أو المستقبل، أو أنَّك تخطط أو تفكر بهوس في موضوع أو تقلق أو تهوِّل المصائب، فاليقظة هي ممارسة إبعاد تفكيرنا عن تلك الأمور والعودة إلى الحاضر"؛ أي إنَّ التأمل اليقظ هو ممارسة لتنمية اليقظة الذهنية.

إذا كان كل ذلك الكلام يبدو كأفكار مجردة بالنسبة إليك، فخذ بحسبانك أنَّك غالباً مارستَ التأمل أو على الأقل شعرتَ أنَّك في حالة تأمل في مرحلة من حياتك، تقول مدرِّبة التأمل واليقظة "لوراسيا ماتينجلي" (Laurasia Mattingly): "في جلساتي، أطلب من المبتدئين المشككين دائماً مشاركة هوايتهم المفضلة، ثمَّ أُخبرهم أنَّهم مارسوا التأمل من قبل؛ وذلك لأنَّ أي نشاط يتيح لك أن تكون حاضراً تماماً دون أن تقلق بشأن المستقبل أو الماضي هو مدخل إلى التأمل".

2. ما هي فوائد التأمل؟

هنا تصبح الأمور معقدةً بعض الشيء؛ حيث يصعب تلخيص الفوائد العلمية المثبتة للتأمل اليقظ؛ باختصار، هناك ثلاثة اضطرابات أثبتَت مجموعة قوية ومقنعة من الأدلة تأثيرات التأمل في تحسينها، وهي الاكتئاب والقلق والألم المزمن؛ أي وجدَت كمية كبيرة من المراجعات والتحليلات أنَّ التأمل اليقظ قد يساعد على تخفيف الأعراض المرتبطة بهذه الحالات، أو في تحمُّلها في حالة الألم المزمن.

لكن بغض النظر عن الأبحاث، يمكنك إلقاء نظرة على الأدلة المتناقلة ما دمتَ لا تصدق أنَّ التأمل علاج سحري لكل العلل، ويجد الناس أنَّ التأمل يستحق ممارسته لأسباب مختلفة، فتقول "وينستون" التي تُدرِّب على ممارسة اليقظة الذهنية لتحسين الصحة والعافية منذ عام 1993: "يقول الناس إنَّهم يصبحون قادرين على التواصل تواصلاً أفضل ويشعرون بالامتنان ويقدِّرون الحياة أكثر حين يمارسون اليقظة".

3. لماذا يجب أن أُجرب ممارسة التأمل؟

بغض النظر عن الفوائد المحتملة العديدة، يساعدك السؤال عن سبب ممارسة التأمل في المواظبة على ممارسته؛ لذا فهو سؤال وجيه تجيب عنه بعض أنواع التأمل كونها تمتلك هدفاً واضحاً، على سبيل المثال: حين تتأمل كي تحظى بنوم أفضل، ولكنَّ هناك مجموعة متنوعة من الأسباب التي قد تدفعك إلى تجربة التأمل، وقد يكون بعضها عملياً وبعضها الآخر شخصياً.

تقول "وينستون": "إذا كنتَ تشعر وكأنَّك تعيش حياتك دون تفكير وتريد الشعور بالاتصال مع نفسك والحياة، فعليك تجريب التأمل اليقظ، فهو مفيد جداً لتنظيم المشاعر السلبية وتنمية المشاعر الإيجابية مثل اللطف والعطف"، وليس من الضروري أن يكون السبب عميقاً، فقد يكون ببساطة أمراً يثير اهتمامك عن التأمل، على سبيل المثال: لماذا تقرأ هذا المقال اليوم؟ قد تكون تلك هي إجابتك.

شاهد بالفديو: 7 فوائد للمشي التأملي

4. ما هي أساسيات التأمل؟

 يعتقد الناس أنَّ هناك العديد من القواعد للتأمل تأمُّلاً صحيحاً، لكنَّ المغزى من التأمل هو أن يكون مرناً وقابلاً للتخصيص، تقول "وينستون": "يعتقد الكثير من الناس أنَّه يجب عليهم الجلوس بطريقة معيَّنة، مثل الجلوس في وضع القرفصاء على الأرض، وذلك غير صحيح على الإطلاق؛ إذ يمكنك الجلوس على كرسي أو على الأريكة، أو يمكنك الاستلقاء، أو كيفما ترتاح"، وتلاحظ "وينستون" أنَّ الناس يعتقدون أيضاً أنَّه يجب عليهم التأمل لفترة طويلة من الوقت، ولكنَّ هذا مفهوم خاطئ آخر، فبضع دقائق كافية.

لتوضيح كيف تبدو ممارسة تأمل اليقظة عملياً، تطرح "وينستون" هذا المثال الأساسي: "طريقة بسيطة جداً للتأمل هي الجلوس في مكان مريح حيث لن تُقاطَع والتركيز على جسدك، فحاول ملاحظة تنفُّسك، والشعور بأنفاسك تتحرك في بطنك وتَحرُّك صدرك صعوداً وهبوطاً، وقد تلاحظ أنَّ الهواء يتحرك داخل أنفك، ثمَّ اختر نقطةً وركِّز نظرك عليها واشعر بأنفاسك، وحين تلاحظ أنَّ ذهنك يشرد، أعد انتباهك إلى تنفُّسك والنقطة التي تراقبها، ثمَّ كرِّر ذلك، وإذا مارستَ هذا التمرين لمدة خمس دقائق يومياً فذلك كافٍ"، وقد يبدو الأمر سهلاً للغاية، وقد يكون هو كل ما تحتاج إليه لإضافة روتين تأمل مُرضٍ إلى حياتك.

5. كيف أُمارس التأمل؟

على الرغم من بساطة المثال الآنف الذِّكر، إلا أنَّ العديد من الأشخاص يجدون صعوبةً في تطبيقه وحدهم دون أن يشعروا بالملل والضجر، وهنا يأتي دور "التأمل الاسترشادي" (guided meditations)، تقول "وينستون": "الحصول على إرشادات مفيد جداً؛ وذلك لأنَّ الناس يفقدون حماستهم حين يحاولون أن يتأملوا؛ وذلك لأنَّهم يحتارون ماذا يجب أن يفعلوا بعد أن يجلسوا".

إضافةً إلى تسهيل التأمل في البداية، ستعرِّفك التأملات الاسترشادية أيضاً على مجموعة متنوعة من جلسات التأمل المحددة غير التركيز على تنفُّسك، مثل تأملات اللطف المُحبَّة التي تتضمن إرسال أفكار إيجابية إلى الآخرين، أو تأملات الجسم التي تتضمن التركيز على أحاسيس جسدك من رأسك حتى أخمص قدمك، إليك بعض الموارد وتطبيقات التأمل الاسترشادي لتبدأ بها:

  • تطبيق "إنسايت تايمر" (Insight Timer): يمكنك تحميله من موقع "غوغل بلي" (Google Play) أو لأنظمة "آي أو إس" (iOS)، ويمكنك استخدامه مجاناً أو استخداماً مدفوعاً بسعر 10 دولارات شهرياً أو 60 دولاراً سنوياً؛ حيث يحتوي على أكثر من 55000 مقطع تأمل مجاني يستهدف العديد منها المبتدئين، كما يحتوي دورات تدريبية، مثل دورة "تعلَّم كيف تتأمل في 7 أيام" (Learn How to Meditate in Seven Days).
  • تطبيق "يو سي إل إيه مايندفول" (UCLA Mindful): يمكنك تحميله من موقع "غوغل بلي" (Google Play) أو لأنظمة "آي أو إس" (iOS)، ويمكنك استخدامه مجاناً؛ حيث صَمم هذا التطبيق سهل الاستخدام "مركز أبحاث الوعي اليقظ" (Mindful Awareness Research Center) في "جامعة كاليفورنيا ولوس أنجلوس" (UCLA) ويضم تسجيلات من "وينستون" نفسها، ويحتوي على تأملات أساسية للمبتدئين وتأملات العافية الموجهة للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية صعبة، وإذا لم ترغب في تحميله، فيمكنك الاستماع لبعض جلساتهم المجانية للتأمل على موقعهم الإلكتروني.
  • تطبيق "هيدسبيس" (Headspace): يمكنك تحميله من موقع "غوغل بلي" (Google Play) أو لأنظمة "آي أو إس" (iOS)، ويمكنك استخدامه مجاناً أو استخداماً مدفوعاً بسعر 13 دولاراً شهرياً أو 70 دولاراً سنوياً، يُنصَح باستخدام تطبيق "هيدسبيس" (Headspace) للمبتدئين، وذلك بفضل مجموعته الواسعة من جلسات التأمل لكل الحالات المزاجية أو الأهداف التي قد تخطر لك، كما يقدِّم العديد من الموارد التعليمية الحصرية.
  • تطبيق "كالم" (Calm): يمكنك تحميله من موقع "غوغل بلي" (Google Play) أو لأنظمة "آي أو إس" (iOS)، ويمكنك استخدامه استخداماً مدفوعاً بسعر 70 دولاراً سنوياً، وهو تطبيق آخر يوصى به للمبتدئين، فهو مناسب للبدء بممارسة التأمل الاسترشادي، وقد يعجبك هذا التطبيق إذا كنتَ تحب سماع أصوات الطبيعة في الخلفية عوضاً عن الهدوء التام.
  • تطبيق "هيلثي مايندز بروغرام" (Healthy Minds Program): يمكنك تحميله من موقع "غوغل بلي" (Google Play) أو لأنظمة "آي أو إس" (iOS)، ويمكنك استخدامه مجاناً؛ حيث أطلقَته منظمة غير ربحية تابعة لـ "مركز العقل السليم" (Center for Healthy Minds) في "جامعة ويسكونسن - ماديسون" (University of Wisconsin-Madison)، ويحتوي التطبيق على جلسات تأمل وتمرينات ودروس بأسلوب المدونات الصوتية مصممة لتعليم مهارات اليقظة الأساسية.
  • المدوَّنة الصوتية لمدربة التأمل "تارا براش" (Tara Brach): متوافرة لأنظمة "آندرويد" (Android) و"آي أو إس" (iOS)، "تارا براش" هي عالمة نفس ومعلمة تأمل ومؤلفة كتابي "القبول الراديكالي" (Radical Acceptance) و"التعاطف الراديكالي" (Radical Compassio)؛ حيث تشارك "تارا" في مدوَّنتها الصوتية جلسات تأمل استرشادي أسبوعية، ويحب معجبوها الحميمية التي تتسم بها جلسات التأمل التي ترشدها؛ وذلك لشعورهم بأنَّهم يتدربون مع منتور متعاطف، ويمكنك العثور على جلساتها للتأمل أيضاً على موقعها الإلكتروني.
إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: كيف تتأمل يومياً وتجعل من يقظة عقلك عادة يومية

6. كيف أُهدئ أفكاري وأمنع تشتت انتباهي؟

هذا المفهوم الخاطئ الأكثر شيوعاً عن التأمل، على الرغم من الاعتقاد السائد، فهدف التأمل ليس الوصول إلى حالة ذهنية تخلو من الأفكار تماماً، تقول "ماتينجلي": "التأمل لا يعني إيقاف الأفكار؛ بل تعلُّم تقبلها بوعي وفضول"، وينطبق الأمر نفسه على الشرود الذهني، فلستَ مضطراً للتركيز تماماً، وفي الحالتين، المفتاح هو الملاحظة.

تقول "وينستون": "حين يتشتت انتباهنا أو تتبادر إلى أذهاننا أفكار أخرى، يجب أن نلاحظ ذلك ثمَّ نعيد انتباهنا إلى الأمر الذي كنا نركز عليه خلال التأمل اليقظ، وقد يكون ذلك تنفُّسنا، ثمَّ نكرر ذلك، وسندرك أنَّ تلك ليست مشكلةً؛ بل هي جزء من العملية".

لا يعني ذلك أنَّ التطبيق آنف الذِّكر سهل طبعاً؛ إذ قد يسبب الانتباه لأفكارنا وعواطفنا شعورنا بالقلق ويدفعنا إلى إطلاق الأحكام والقيام بأمور أخرى قد تتعارض مع اليقظة الذهنية، ولكن مع الممارسة، يمكنك أن تتعلم ألا تسمح لهذه الأمور بالاستحواذ عليك، ودمج هذه اللحظات عوضاً عن ذلك في تأملك، تقول "ماتينجلي": "يسمح لنا التأمل بالرجوع خطوةً إلى الخلف لنصبح المراقب، وحين نسمح لأنفسنا بالشعور بالفضول، سنتمكن من ملاحظة الطبيعة المتغيرة للمشاعر وإدراك أنَّها متقلبة بالنسبة إلى الجميع".

7. كيف لي أن أعرف ما إذا كنتُ أتأمل تأملاً صحيحاً؟

الهدف من التأمل ليس تطبيقه تطبيقاً "صحيحاً" أو "خاطئاً"، وبالطبع، من الناحية التقنية، قد تمارس التأمل على نحوٍ خاطئ، والسبب غالباً هو عدم المحاولة حقاً، فالشيء الوحيد الذي يجب أن تقوم به هو بذل الجهد، تقول "وينستون": "إذا تجاهلتَ صوت المرشد في جلسة التأمل تماماً، وقررتَ عوضاً عن ذلك قضاء الوقت في التفكير في قائمة مهامك لليوم، فأنت لا تتأمل حقاً، ولكن إذا توقفتَ للحظة في أثناء التفكير في كل الأمور التي يجب عليك فعلها لتحويل انتباهك مجدداً إلى تنفسك ومحاولة التركيز على الحاضر، فأنت تقوم بعمل رائع".

لكن عموماً، تقترح "وينستون" عدم القلق بشأن هذا الموضوع كثيراً، وتقول: "الأمر الهام فعلاً هو أن تكون لطيفاً مع نفسك كي لا تحوِّل التأمل إلى أمر آخر تظن أنَّك تفشل فيه، وحاول ألا تطلق الأحكام، فمن المستحيل أن تتأمل تأمُّلاً مثالياً تلقائياً، فممارسة التأمل عملية تتطلب وقتاً".

8. كيف أحوِّل ممارسة التأمل إلى عادة؟

كما هو حال اكتساب أيَّة عادة، ليس هناك نصيحة سحرية لتحفزك على التأمل يومياً، فذلك يتطلب الإصرار والالتزام، ولكنَّ هناك أموراً يمكنك فعلها لتسهيل تحويل ممارسة التأمل إلى عادة، على سبيل المثال: يمكن أن تستخدم التطبيقات التي ذكرناها آنفاً كأداة لمحاسبة نفسك، فهي تسمح لك بتتبُّع تقدُّمك وترسل لك إشعارات لتذكيرك أنَّه حان وقت التأمل.

ستفيدك جميع أنواع النصائح المعتادة هنا أيضاً؛ لذا ضع هدفاً محدداً عوضاً عن تقرير أنَّك ستبدأ بممارسة التأمل، على سبيل المثال: قرِّر أنَّك ستمارس جلسة تأمل واحدة حالما تستيقظ ثمَّ أضفها إلى روتينك تدريجياً، وابدأ ببضع دقائق واضبط المنبهات، وابحث عن صديق يريد أن يبدأ ممارسة التأمل أيضاً لتشعرا بالمسؤولية، وفي النهاية، كل ما تحتاج إليه لممارسة التأمل بانتظام هو بذل جهد والالتزام بالممارسة.

تنصح "وينستون" بممارسة التأمل بالتزامن مع عادة أخرى تفعلها بانتظام، وهو ما يُعرَف باسم "تكديس العادات" (habit stacking)، على سبيل المثال: تأمل بعد تنظيف أسنانك بالفرشاة يومياً أو ريثما تجهز قهوتك، فيمكن أن تصبح عادةً أخرى تمارسها دون التفكير فيها حتى بمنزلة نقطة ارتكاز وتذكير لممارسة العادة الجديدة التي تحاول اكتسابها، وهي في هذه الحالة ممارسة التأمل.

إقرأ أيضاً: 5 عادات صباحية تجعلك سعيداً كل يوم

9. ماذا أفعل إن لم يكن لدي متسع من الوقت؟

تكمن روعة التأمل بأنَّ من غير الضروري أن يستغرق وقتاً طويلاً؛ حيث تستغرق العديد من جلسات التأمل الاسترشادي خمس دقائق أو أقل، تقول "وينستون": "كل شخص لديه خمس دقائق من الفراغ في وقته، فالتأمل قابل للتكيف ولا يجب أن تشعر بأنَّه التزام كبير".

إضافةً إلى الانفتاح على إيجاد فترات قصيرة خلال يومك للتأمل، يمكنك أيضاً إضافة اليقظة الذهنية إلى حياتك، فحين يتعلق الأمر بالتأمل اليقظ، هناك طريقة رسمية لممارسته وطريقة غير رسمية، ويمكنك تطبيق المهارات التي تعلَّمتَها خلال ممارستك الرسمية متى شئتَ، تقول "وينستون": "يمكنك تطبيقها خلال اليوم، على سبيل المثال: يمكنك تنظيف أسنانك بتركيز أو تذكُّر أخذ نفسٍ يقظ حين تشعر بالقلق أو أن تكون يقظاً خلال نزهتك اليومية، فهناك العديد من الطرائق لإفساح المجال لليقظة الذهنية حتى حين تشعر وكأنَّه لا وقت لديك لها".

كما توصي "ماتينجلي" بتقنية "توقَّف" (S.T.O.P) للتأمل السريع حين تكون على عجلة، وتشير أحرفها إلى طريقة تطبيقها كالتالي: توقَّف عما تفعله وخذ نفساً وراقِب دون إطلاق حكم ثمَّ تابِع، وتقول: "تُعلِّمنا هذه الممارسة أن نراجع أنفسنا دون الحكم على تجربتنا، وفكرة "دون حكم" هي أهم جزء من هذه الممارسة، على سبيل المثال: إذا كنا نقوم بنشاط ولاحظنا أنَّنا نشعر بالغضب أو الحزن أو أيَّة عاطفة مشابهة، يجب أن نحاول السماح لأنفسنا بالاعتراف بتلك المشاعر دون البحث عن طريقة لتغييرها أو إزالتها"، فتقنية تأمل "المطر" (R.A.I.N) مشابهة أيضاً، وخطواتها: الإدراك والسماح والبحث ثمَّ التنمية.

10. كيف سأعرف أنَّني أستفيد؟

يعتمد هذا على تعريفك للاستفادة، فليس هناك من علامة تنطبق على الجميع تشير إلى أنَّ الشخص يجني فوائد التأمل، تقول "ونستون": "التأمل ليس وصفةً طبية، والذي يحصل ليس أنَّك إذا تأملتَ لفترة محددة من الوقت ولعدد معين من الأيام، فسوف تحصل على النتيجة، فذهن كل شخص فريد".

ولهذا السبب، يستسلم الكثير من الناس قبل محاولة التأمل بما فيه الكفاية، وتنصح "وينستون" بأمرين أساسيين حين يتعلق الأمر بالحكم ما إذا كان التأمل مفيداً لك أم لا، وهما: مراجعة نفسك والالتزام به لفترة كافية من الوقت، تقول "وينستون": "لا تجرب ممارسة التأمل مرةً واحدة؛ بل جرِّبها لمدة من الوقت ثمَّ راجع نفسك لتعرف كيف تشعر، واسألها ما إذا كنتَ تستفيد، وهل تلاحظ التأثيرات؟ وهل لاحظتَ أنَّك أهدأ قليلاً؟ وهل أنت ألطف مع نفسك ومع الآخرين؟ وهل تنام نوماً أفضل؟ وهل تستمتع بلحظات حياتك؟".

لكن بعد معرفة كل تلك الأمور وتجربتها، إن وجدتَ أنَّ التأمل غير مناسب لك فالأمر كذلك؛ حيث رُوِّج للتأمل اليقظ على أنَّه عادة عالمية سيستفيد منها الجميع؛ لذا من السهل إلقاء اللوم على نفسك إذا كنتَ لا تشعر بفوائده، لكن يجب أن تتخلى عن تلك التوقعات، تقول "وينستون": "التأمل اليقظ ليس مناسباً للجميع، فهو مفيد للغاية بالنسبة إلى بعض الأشخاص، ولكن غير مفيد لآخرين على الإطلاق".

إذا كنتَ لا تعرف متى تتوقف عن المحاولة، تنصح "وينستون" وفقاً لخبرتها في التدريب على مر السنين، بتجريب التأمل لستة أسابيع تقريباً، لكنَّ ذلك ليس رقماً سحرياً يجب أن تلتزم به تماماً؛ بل هي فترة طويلة بما يكفي لتعرف كيف تحب ممارسة التأمل وما إذا كان فعالاً بالنسبة إليك.

تذكَّر أيضاً أنَّ هناك أنواع عدَّة للتأمل، فإذا كان التأمل اليقظ لا يناسبك، فلا داعي لأن تتخلى عنه تماماً، وقد تكون المشكلة ببساطة أنَّك لم تعثر على النوع المناسب لك، فقد تحتاج إلى التأمل بالحركة أو ربما تشعر أنَّ تأمل المانترا هو الذي كنتَ تبحث عنه أو تأمل الشفاء، أو نوع آخر تماماً، فلن تعرف حتى تجرب.

المصدر




مقالات مرتبطة