كيف تصبح إنساناً سعيداً؟

كل إنسان في هذه الدنيا يقوم بالبحث عن السعادة في حياته، فمع وجود الاختلاف بين البشر في أحسابهم وأنسابهم، فإنَّهم يتفقون في هذه الفكرة، وهي السعي من أجل السعادة، فهل السعادة ممكنة التحقيق؟ وما هي طرائق تحقيقها يا ترى؟



سنرى في هذا المقال مفهوم السعادة وأسبابها وما الذي يمكننا فعله في سبيل الحصول عليها.

تعريف السعادة:

يختلف معنى السعادة من إنسان لآخر، لكنَّها إحساس عميق يدركه الإنسان ويتشارك به مع الناس؛ أي إنَّ السعادة موجودة في أيدي الجميع، فالبشر يختلفون عن بعضهم في طبيعتهم وتوجهاتهم، فقد يعرِّف بعض الناس السعادة بالأموال، وقد يعرِّفها بعضهم الآخر بتحقيق الإنجازات والنجاحات.

وأيضاً من الممكن أنَّ الإنسان نفسه قد تختلف رؤيته للحياة باختلاف الحقب الزمنية والظروف المحيطة به؛ حيث تتقلَّب حالته النفسية من حين لآخر، ولكل مرحلة زمنية أو فترة عمرية مجالاتها الخاصة، وعندما يستطيع الإنسان أن يحصل على ما يناسبه وما يصبو إليه، فإنَّه يشعر بهذا التكيف بشكل من أشكال السعادة؛ وذلك بتحصيله الإنجاز الذي كان يحلم به على الرغم من التحديات الكثيرة التي تعترضه.

وعموماً، فإنَّ السعادة هي إحساس نسبي يرتبط باستطاعة الإنسان وقدراته وبيئته المحيطة، إلا أنَّ السعادة تُعَدُّ السبب الرئيس في عيش الإنسان حياة هنيئة مليئة بالرفاه، وأيضاً السعادة هي أن تمضي كل يوم بحلم جديد وبإنجاز جديد، وأن تقضي وقتك دون أن تندم على شيء فعلتَه وألا تتذكر إلا الأحداث الجميلة، وسعادة الفرد تكون بالإكثار من الصبر والشكر والاستغفار.

والسعادة هي أن تشعر أنَّ كل شيء في هذه الحياة حتى الجماد يقول لك إنَّك تستحق الحياة وأن تدرك يقيناً أنَّك ببساطتك تقدر على تبديل أقسى الأشياء وأهمها، وألا تيأس من السعي من أجل تحقيق طموحك، وأنت تبدي على وجهك فرحة لا تخفيها مصائب الدهر أبداً، وتحب التكلم مع ذاتك لوقت طويل دون الشعور بالملل والوحدة، فالحب ليس مركبة تمشي في درب شائك؛ إنَّما الحب الضحكة الكبيرة في قلبك الصغير.

أسباب السعادة:

  1. شعور الإنسان بحالة من الرضا المطلَق بالقضاء والقدر سواء بالخير أم بالشر، فهو يعطيه سكوناً داخلياً وهدوءاً تاماً ليتأكَّد الإنسان أنَّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، فكل ذلك يجعل الإنسان فرحاً بما يتوافر من معطيات دون البحث في سواها.
  2. الوجه المبتسم في أثناء التعامل مع الناس، فالابتسامة في الإسلام صدقة، وهي في الواقع تجلب السعادة إلى قلب مبديها، وبسبب ذلك يقال: "لا تبتسم في الوقت الذي تكون به سعيداً؛ بل ابتسم لتصبح سعيداً".
  3. رمي السلام للناس عامةً، فالسلام ليس عبارة عن تحية فقط؛ بل هو أيضاً دعاء لمن تصادفه بالسلامة والحفظ من كل شر؛ وبذلك فإنَّ السلام دعوة للسلامة في المجتمع.
  4. جعل العطاء عادةً ملازمة للإنسان عبر القيام بأعمال تطوعية دون مبادرة الآخر، مثل مساعدة اليتامى والعطف عليهم، وهذا أيضاً يتطلب مساعدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، ومساعدة المريض سواء بتقديم المال أم بدعمه نفسياً، ويبرز معنى هذا العطاء في إحساس الإنسان بأهمية حياته، وأنَّه يقوم بدور هام في هذه الدنيا.
  5. المعاملة الجيدة مع الأقارب، فهي أساس في الأخلاق والفرح، وأحد أسباب الترف وسعة الرزق، والعيش بحياة خالية من المشكلات والمشاحنات.
  6. الجلوس مع السعداء الذين يزرعون التفاؤل في قلبك، ويجعلونك تشعر أنَّ للحياة مذاقاً جميلاً جداً، ويشجعونك على تحقيق ما تصبو إليه، فهذا النوع من الناس يمنحونك جرعة من التفاؤل.
  7. الابتعاد عن البشر المتشائمين الذين يحاولون قبر أحلامك وإقناعك بأنَّها صعبة التحقيق، وزرع فكرة أنَّك مجرد حالم لا تدري ما تقول، وأنَّ الحياة أصعب مما تظن، فهذا النوع من البشر مدمر لكل ما هو جميل في الحياة.
  8. قراءة الكتب التي تروي قصص نجاح لأفراد بسيطين؛ فإنَّ ذلك يولِّد ثقة في نفسك، وتصبح مدركاً أنَّ المثابرة هي السبيل الوحيد لتصل إلى ما تريد؛ مما يقوي من عزيمتك ويجدد نشاطك.
  9. القيام بتمرينات رياضية بأشكالها كافة؛ وذلك إما بالمشي أو بالركض في الهواء النقي أو غير ذلك، فإنَّ الرياضة تؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية في الجسم، وتمنحك قوة ونشاطاً.
  10. العناية بالغذاء الصحي كثيراً، والإكثار من السكريات؛ لأنَّها تعطينا طاقة واندفاعاً تجاه أحلامنا التي نطمح لها.
إقرأ أيضاً: 5 طرق بسيطة للوصول إلى السعادة النفسية

آثار السعادة في الصحة:

  1. شعورك بالسعادة يعود بنتائج إيجابية على حالة القلب الصحية، فالإحساس بالسعادة يجعل عضلة القلب قوية، ويقلل من خطورة الإصابة بالاختلاجات القلبية.
  2. السعادة تقوم بتقوية جهاز الهضم عند الإنسان، وأيضاً تقوم بتسهيل عملية التمثيل الغذائي؛ الأمر الذي يجعلك تشعر بأنَّ جسدك خفيف في جميع الأوقات.
  3. في الوقت الذي تكون فيه سعيداً، تستطيع أن تنام بسهولة تامة وبشكل مريح، وتستطيع أيضاً أن تتخلص من الأرق، فالإنسان الإيجابي عادةً لا يتعب نفسه في التفكير ولا يقضي الليل مستيقظاً مرتبكاً.
  4. الإحساس بالسعادة يخفف من حالة التوتر والقلق؛ الأمر الذي يؤدي إلى استرخاء الأعصاب وعضلات الجسم.
  5. الشعور بالسعادة يجعل بشرتك نقية نضرة وخالية من البثور والتجاعيد والبقع الداكنة؛ لأنَّه كما هو معروف، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى ظهور البثور هي الحزن الشديد والضغط النفسي.
  6. وأيضاً من أهم النتائج الإيجابية للسعادة على صحة الجسد أنَّها تجعله ممتلئاً بالطاقة الإيجابية والاندفاع نحو تحقيق الأهداف؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة نشاطك واستطاعتك الإنتاجية.
  7. وكذلك الإحساس بالسعادة يعطي لمناعة الجسم قوة، وهذا يجعلك قليل الإصابة بنزلات البرد وأمراض الإنفلونزا وغير ذلك من الأمراض الأخرى.
  8. السعادة دواء تجعلك قادراً على التخلص من الصداع وآلام الرأس، فعندما تشعر بإحساس السعادة، يقوم الجسم بإفراز هرمون الإندورفين الذي يعمل على تخفيف الألم.

أشياء تمنحك السعادة:

1. كن ذاتك:

إنَّ تسليط التركيز على نفسك دون الاهتمام بالآخرين له أثر كبير في الوصول إلى السعادة، فعندما تعرف عن ذاتك ماهيَّتها تصبح ممتلكاً القدرة على إسعادها، وتبعد درب اليأس والانزعاج عنك، وتبتعد عن مشكلة مقارنة ذاتك بالناس الآخرين.

شاهد بالفيديو: 10 أمور تجعلك تحب ذاتك أكثر

2. اختر أهدافك بواقعية:

إذا قمت بالجلوس وحدك بهدوء وتركيز، وحددتَ غاياتك بمنطقية، ومدة زمنية محددة لتحقيق ما تريد، وخطة ثانية للاستعانة بها إن لم تنجح الأولى، فكن متأكداً من أنَّك تتجه نحو دربك للسعادة، فإحساس الفرد بأنَّه ناجح وبارع وقادر على التغيير هو طريقه للسعادة، فيصبح متمتعاً بالحرية منطلقاً دون تقييد، يسيِّر حياته ويقودها بالطريق الذي يريده.

ولكن انتبه، يجب عليك أن تختار غاياتك بدقة كبيرة، فقد أكدت الدراسات أنَّ اختيار الأهداف يساعد على جعلك تشعر بالرضا والسعادة، بسبب ما أنجزتَ وتغييرك الدائم.

3. ابقَ مبتسماً:

ابتسامتك سر بقائك واستمرارك، فعندما تكون مبتسماً وتحارب الوجع بالابتسامة والرضا، تتبدل حالتك وتشعر بالسعادة المطلقة؛ ولذلك يجب عليك أن تبقى مبتسماً بصدق، فقم بإسعاد نفسك بنفسك، وتذكَّر ما الذي يجعلك تبتسم من قلبك عندما تتألم، فإنَّ هذا سيعزز إحساسك بالسلام والفرح، ويمكن أن يكون هذا الذي يجعلك سعيداً ابتسامة طفل صغير، أو هدية من صاحب، أو لحظة جميلة قضيتَها مع صديق، أو القيام بنزهة في الطبيعة، أو عند نجاحك، أو لحظة إكمالك لأي إنجاز كنتَ تصبو إليه، وكل ما قد يرسم الابتسامة على فمك بصدق.

4. كن متسامحاً:

أخرِج من صدرك تلك الأشياء السوداء التي تمنعك من النوم، وسامح وتجاوز عن الأخطاء، فالجميع يخطئون والجميع بحاجة إلى مَن يسامحهم، ففي الوقت الذي تسامح وتُخرِج من قلبك كل ما يؤذيه ستفرح حقاً، وستدرك أنَّ لهذا العالم إلهاً يدرك ما ألمَّ بك ويذكرك دائماً، وستدرك أنَّه يراقبك في وقت ما ولو بعد حين، فالضغينة درب شائك لا روح فيه؛ لذلك اهرب منه كالذي يهرب من الحيوانات الضارية.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح مهمة للتسامح ونسيان الهموم والمشاكل

5. سجل مشاعرك:

لقد أظهرت الدراسات بشكل واضح أنَّ تسجيلك لمشاعرك غير الإيجابية يساعد على التخفيف منها وتجنب آثارها، وتسجيل مشاعرك الإيجابية يدعمها ويثبتها في أعماقك وفي حياتك، ولقد قام باحثون بعملية مسح للدماغ لتسجيل النشاط العصبي لبعض الناس الذين قاموا بتسجيل مشاعرهم لمدة 20 دقيقة يومياً لمدة سبعة أيام، فأدركوا أنَّ مشاعرهم صارت أحسن حالاً، وخاطرهم أهدأ وأقوى على التحمل.

6. اهتم بأصدقائك:

بيَّنَت الأبحاث أنَّ إحساسك بالسعادة مع رفاقك يفوق سعادتك مع أسرتك، فالرفاق يعينونك على التخلص من مصائب الحياة ومشكلاتها، ويبادرون بالدعم النفسي المطلوب بالتحدث أو المشاركة أو حتى القيام بنزهة ومغادرة مشكلات العمل والمسؤوليات الكثيرة.

7. مارس التأمل:

لا يوجد أي خلاف على أهمية التأمل للخروج من حالة القلق والتوتر والوصول إلى السعادة، فلقد كان البشر منذ بداية الخلق متأملين، حتى إنَّ الرياضات الروحية في الأديان السماوية وغيرها تقوم بشكل أساسي على التأمل، فالتفكير ساعة خير من صلاة سنة كما قيل، ويعود ذلك إلى أنَّ التأمل يزرع بداخلك مقدرة أكبر على الفهم والسيطرة على المشاعر، والوصول إلى الغاية من وجود كل مخلوق، ومحاولة التفكير بباطن الأمور وظاهرها لا ظاهرها فقط؛ إذن فهي تنشط الذاكرة وتزيد إدراك الإنسان لذاته.

وبذلك نرى أنَّ السعادة كنز لا نستطيع العيش دونه، فهو كالأوكسجين الذي يعيش من خلاله الإنسان؛ لذلك حافظوا على حالتكم النفسية واجعلوها ممتلئة بالسعادة، واقضوا حياةً هنيئة مع الأحباب والأصحاب.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة