كيف تحسن من مهاراتك التعاونية في مكان العمل؟

يُعدُّ التعاون أحد أهم العوامل التي تسهم في نجاح أيِّ فريق؛ إلا أنَّ تطبيقه على أرض الواقع ليس بالأمر السهل دوماً؛ فالتعاون والعمل بروح الفريق مهارة مكتسَبة تتطلب تضافر جهود الجميع لتنميتها؛ حيث نجمع بين وقتنا ومواهبنا ومهاراتنا لنصل إلى الهدف المنشود.



ويتمحور التطور المهني حول طريقة تحسين مهارات التعاون؛ وذلك لأنَّها تفضي في النهاية إلى تحقيق الأهداف، والذي يرتبط بدوره بالقدرة على تسوية خلافاتنا والتغلب على أنانيتنا والتحديات التي نواجهها بما يكفي لتشكيل فريق متآزر يضمن تحقيق النجاح للمنظمة.

وحينما نتعمق في فهمنا لكيفية تحسين مهارات التعاون في العمل، من الضروري أن نفرِّق بين العمل الجماعي والتعاون؛ فقد يظن الغالبية أنَّهما مفهومان متشابهان، إلا أنَّ ذلك غير صحيح؛ حيث يتضمن العمل الجماعي والتعاون مجموعة متنوعة من الأشخاص الذين يتكاتفون معاً لتحقيق هدف مشترك.

ومع ذلك هناك فَرق بينهما، فبينما يجمع العمل الجماعي بين جهود أعضاء الفريق الفردية للوصول إلى غاية ما، يقتضي التعاون تكاتف الناس معاً لإنجاز مشروع إنجازاً جماعياً؛ ولا يعمل الفريق المتعاون تحت إمرة أي قائد أو ضمن بنية هرمية؛ بل يجمع الأعضاء أفكارهم ومواهبهم معاً لتحقيق الهدف، أما في العمل الجماعي، يترأس القائد مجموعة من الناس في ظلِّ بنية هرمية، ويفوِّض مهام فردية لهم تسهم في تحقيق الهدف النهائي للفريق.

أما الفرق الأساسي بينهما هو أنَّ أحدهما يركِّز على تطوير القادة، بينما يركز الآخر على تطوير الموظفين؛ فعندما نطوِّر القادة، نحقق الفائدة للجميع، أما عندما نسعى لتطوير الموظفين، فإنَّنا نحد من قدرتنا على النمو. خلاصة القول هي أنَّك إذا أردت تطوير منظمتك، فعليك التركيز على تعزيز فريقك؛ أما إذا رغبت في توسيع منظمتك، فعليك توجيه اهتمامك إلى بناء بيئة تعاونية.

تنجح الفِرق عادة في العمل عندما يتعاضد قادة البيئة المتعاونة لتحقيق الإنجازات؛ وكلاهما هام في الحقيقة؛ ولكن إذا وجَّهت اهتمامك إلى بناء مهارات التعاون، فذلك تصريح واضح برغبتك في تطوير القادة، وخاصَّة إذا كان فريقك يعمل عن بُعد. إذاً، ما هي المهارات الأساسية التي يتعيَّن على كل مجتمع تعاوني أن يطوِّرها كي ينجح؟

شاهد بالفيديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

مهارات التعاون الأساسية التي عليك تطويرها:

هناك مهارات تعاونية عديدة يمكن تطويرها، ومنها:

ورغم أنَّ القائمة هذه ليست شاملة، فهي تزوِّد منظمتك بمهارات التعاون المطلوبة؛ فلا يمكن الاستغناء عنها أبداً؛ بل ينبغي تطويرها وتحسينها في مكان العمل، وإلا فإنَّنا نخاطر بأن تتحول المنظمة إلى مكان غير فعال.

وبغض النظر عن القيم التي يعود بها التعاون علينا، إلا أنَّه ينبغي عليك تحسين مهارات التعاون، وإلا ستفقدها عند إهمالها، كما يصبح النجاح بعيد المنال إذا فشلت في إنشاء بيئة متعاونة.

إقرأ أيضاً: 4 طرق فعالة لتعزيز التعاون بين أعضاء فريقك

3 طرق لتحسين مهارات التعاون في العمل:

1. بناء الثقة:

ربما قد مر على مسمعك أنَّ الثقة لا تُمنح بل تُكتسب، إلا أنَّ العكس هو الصحيح، والعبارة الشائعة ما هي إلا نصيحة غير مُجدية وتحمل في طياتها انعدام الثقة اتجاه الآخرين؛ إذ لن تتمكن من تمكين شخص لا تمنحه الثقة؛ لذا ينبغي أن تُمنح بذلك الثقة لا أن تُكتسب، وحتى لو واجهت أناساً لا يستحقونها.

ورغم تناقض الكلام، إلا أنَّ السؤال المطروح هو: أيجدر بنا البقاء في دائرة الأمان أم تطوير أنفسنا؟ وينبغي أن نعلم أنَّ التطوير يستدعي المخاطرة، ويظهر ذلك جلياً في التخلي عن جزء من السلطة ومنحه إلى فريقك؛ وإذا لم تثق به فلن تنجح في تفويض المهام بفاعلية، ومن ثم لن تحقق الأهداف المرجوة.

وينبغي أن تعمل الأوساط المهنية دائماً على بناء مهارات الثقة باستمرار، فهي تزيد من فهم الناس لبعضها؛ لذا أظهِر الاهتمام لفريقك بصدق وتأكد من معرفتهم أنَّك تقدِّر ما يقدِّمونه، وأنَّهم ليسوا مجرد أدوات لإنجاز المهام؛ بل هم مجموعة متكاملة تبني شيئاً عظيماً؛ وفي اللحظة التي يتحقق فيها هذا الأمر فإنَّ الفريق ينتقل إلى مستوى جديد من الإنتاجية.

2. رفع مستوى الوعي الذاتي:

من الأمور الحتمية لتطوير مهاراتك التعاونية هي فهم شخصيتك ونقاط قوَّتك وضعفك ومشكلاتك، وما تعانيه الفِرق هو أنَّهم يعملون كجماعة من الأفراد بدلاً من التعاون فيما بينهم؛ وهو أمر جيد إذا كنت ضمن فريق وليس في مجتمع متعاون.

ويكمن سر قدرتك على تطوير مهاراتك ضمن ذلك المجتمع في مستوى وعيك الذاتي، فمعظم الناس لا يملكون من الوعي الذاتي سوى ما يكفي لإنجاز مهمة وحسب؛ وهو ما يُعدُّ أدنى مستوياته؛ حيث يقل الإبداع والتواصل مع الذات، ومن ثم تفقد تركيزك ورغبتك في القيادة أو تطويرها.

إضافة إلى ذلك فإنَّ رفع مستوى وعيك يساعدك على فهم ذاتك وكيف ستتلاءم مع المجتمع بصورة صحيحة، وعليك الانتباه لهذه النقطة؛ فكلما زاد فهمك لذاتك، أصبحت عنصراً فاعلاً في المجتمع.

ورغم أنَّ العمل على المهارات التعاونية وبناءها يستغرق جهداً ووقتاً، إلا أنَّ استخدام أدوات مثل اختبارات الشخصية أو اكتشاف نقاط القوة أو حتى الاستعانة بمنتورز قد يساعد على تسريع العملية.

3. تقبُّل التغيير:

إنَّ التغيير هو الأمر الثابت الوحيد داخل مكان العمل، وبدلاً من الخوف منه اجعله ميزة تنافسية خاصة بك، واسمح له أن يحفزك بدلاً من استنزاف طاقتك، والأفضل أن تحوِّل تفكيرك من شخص يتفاعل مع التغيير إلى مَن يبدأ به.

وأولئك الذين يتبنُّون التغيير هم ذاتهم مَن يتكيَّفون مع كل الأحداث داخل مكان العمل والذي يُعدُّ أمراً ضرورياً في تطوير مهارات التعاون، بينما يُعدُّ التوتر خطراً محدقاً بالفِرق المحترفة والمجتمعات التعاونية.

ويعني تبنِّي التغيير اكتساب المرونة وقابلية التكيف في العمل؛ وهو ما ينبغي أن يتحلى به الموظفون في المجتمع التعاوني، وإذا أخفقنا فيه سيؤدي بنا المطاف إلى الإخفاق في تطوير مهارات التعاون اللازمة للإسهام في تكوين مجتمع ناجح، ويتطلب ذلك الثقة والوعي على حد سواء واتباع الحدس والحكمة؛ كما يتحتم عليك أحياناً أن تثق في حدس وآراء أفراد فريقك، فضلاً عن قدرتك على التعامل مع التوتر والإجهاد؛ وهذا يولِّد التقارب في بيئة العمل، مما يؤدي إلى التعاون الحقيقي؛ حيث يثق الجميع ببعضهم بعضاً، ويتعلَّمون ويعملون معاً لإنجاز المهمة المشتركة.

إقرأ أيضاً: المفاتيح العشرة لفريق العمل المتناغم

ماذا سيحدث إذا لم تحسِّن مهاراتك في التعاون؟

والآن بعد معرفة مهارات التعاون الأساسية وكيفية اكتسابها، قد تراودك أسئلة عما سيحدث إذا لم تطوِّر تلك المهارات، وإليك بعض الحالات:

1. فشل المشاريع:

يؤدي عدم التعاون في مكان العمل إلى فشلك في إنجاز المهام، كما تزداد فرص عدم إكمال المشاريع ازياداً كبيراً.

2. عدم تحقيق الأهداف المنشودة:

لا يضمن تحديد هدفٍ الوصول إليه وتحقيقه؛ لذا فالغرض من بناء مجتمع تعاوني هو إكمال المهام الموكلة إليهم، والفريق الذي لا يطور مهاراته التعاونية لا يصل إلى مبتغاه.

3. فريق غير منتج وغير راضٍ:

إذا لم يتمكن المجتمع التعاوني من تخطي عقبات التعاون، فقد يؤدي إلى إثارة سخط الفِرق وعدم فاعليتها؛ وإذا لم يكن الفريق راضياً، فلن يكون منتجاً خاصة عندما لا يكون الهدف من عمله واضحاً أمامه؛ كما يعطيك تحسين مهاراتك التعاونية الميزة لتعزيز معنويات الفريق العالية.

الخلاصة:

إذا أردت النجاح، عليك تطوير مهارات التعاون؛ وذلك لأنَّ التغييرات البسيطة تخلق نجاحاً هائلاً، ولا تكن الشخص الذي يسمح لفريقه بالإخفاق لمجرد إخفاقك في تطويرها. ولا تنتظر حتى تكون مستعداً؛ بل ابدأ اليوم وطوِّر المهارات اللازمة لتحقق النجاح الذي تتوقعه، وتذكَّر أنَّ عبء إكمال المهمة لا يقع على عاتقك وحدك؛ إنَّما على جهد وتعاون الفريق مجتمِعاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة