كيف تُحسِّن روتينك المسائي لنوم أفضل في الليل؟

جرى الحديث مؤخراً عن تنظيم الروتين الصباحي، ولكنَّني لا أريد تجاهل الروتين المسائي الذي لا يقل أهمية عنه؛ فالروتين المسائي هو روتين يومي أساسي؛ وذلك لأنَّه على عكس الروتين الصباحي، يهيئنا لأمرين: تلخيص ما حدث معنا خلال النهار؛ وبالنتيجة، الحصول على ليلة نوم رائعة؛ ثمَّ في المقابل، سيؤدي الحصول على نوم رائع في الليل إلى إعدادك مرة أخرى لليوم التالي بنشاط؛ إذ يمكنك البدء بروتين الصباح المثالي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "فانيسان فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، تُخبرنا فيه عن تجربتها في تحسين الروتين المسائي.

نحن نعلم جميعاً أنَّه مع تقدُّمنا ​​في العمر، يتغيَّر نومنا؛ لكن هل تعلم كيف يتغيَّر ذلك تغيُّراً جذرياً؟ إذ يحصل الأفراد وسطياً في سن 20 على قُرابة 7.5 ساعة من النوم، ويحصل الأشخاص الذين يبلغون من العمر 80 عاماً على 5.8 ساعة فقط من النوم؛ وأيضاً في سن العشرين، يقضي الأشخاص 20% من وقت نومهم في نوم الموجة البطيئة المنشطة، وفي سن الثمانين، يكون 7.5% فقط من هذا الوقت الثمين في حركة العين السريعة (REM).

لهذا من الضروري جداً أن نختتم أمسياتنا بروتين صحيح؛ وتذكَّر أنَّ الروتين المسائي قابلاً للتغيير مع مرور الوقت، وما يناسبنا في سن العشرين ليس بالضرورة أن يناسبنا في سن الـ 30 و40 و50 وما بعدها.

لكن عندما تُفكِّر وتبدأ بالعناية بروتينك المسائي، يجب أن يكون لهذا الروتين هدفان أساسيان:

  1. كيف نصل إلى نهاية النهار ونترك كل ما حدث معنا خلاله وراءنا بذهنٍ صافٍ؟
  2. كيف يمكننا أن نهيئ أنفسنا لهذا النوم العميق العظيم الذي نحتاجه جميعنا بشدة؟

إذ لا يوجد أسوأ من أن تتسارع الأفكار في ذهنك، بعد أن تستلقي وتستعد للنوم والاسترخاء وتغلق عينيك، دافعة دماغك للمرور بكل الأشياء التي قلتها، أو التي لم تقلها، أو المهام التي عليك إكمالها وما شابه ذلك؛ لكن مع هذه الخطوات الخمس نحو روتين مسائي مثالي، لن يتكرر ذلك مرة أخرى:

1. وضع قائمة مهام مناسبة:

دعونا ننسى قوائم "المهام المنجزة"، وقوائم المهام الأخرى غير المنجزة، ونجرب بدلاً من ذلك شيئاً جديداً، فقد ذكر الكاتب والفيلسوف الأمريكي "بنجامين فرانكلين" (Benjamin Franklin) في مذكَّراته أنَّه كان لديه طريقة كلاسيكية للحديث عن روتينه المسائي، ففي بداية كل يوم، كان يسأل نفسه: "ما هو الخير الذي يمكنني أن أفعله اليوم؟" وفي نهاية يومه، كان يسأل نفسه مرة أخرى: "ما هو الخير الذي فعلته اليوم؟".

فبدلاً من التأكيد على ما أُنجِز خلال اليوم، ومقدار إنتاجيتك، أو على ما يزال يتعيَّن عليك القيام به، دعنا نركِّز على نوع التأثير الإيجابي الذي تركته في هذا اليوم؛ إذ يمكن لهذا الروتين البسيط أن يحوِّل عقليتك إلى عقلية أكثر إيجابية ورضى، وسواء كنت تفكِّر في هذا الأمر وحدك في أثناء تنظيف أسنانك، أم مع شريكك، أم عائلتك في أثناء استرخائك ليلاً، يمكن أن يساعدك ذلك على الشعور براحة نفسية قبل النوم.

2. تهدئة الدماغ:

لا أعرف ما هو روتينك الذي تتبعه كل مساء، لكن بالنسبة إليَّ، كان روتيني المسائي عادةً يستغرق من 10 إلى 15 دقيقة، ويتضمَّن غسل وجهي، وتنظيف أسناني، ثمَّ الاستلقاء في السرير مع كتاب، لكن وجد الباحثون أنَّ هذا الوقت ليس كافياً، فمن المُثير للدهشة أنَّ أدمغتنا تحتاج إلى نحو ساعتين لتهدأ قبل أن تدخل في نوم عميق.

هذا يعني أنَّك يجب أن تبدأ بتهدئة دماغك قبل النوم بساعتين تقريباً، وقد وجدت "مجلة أدفانسيد نيرسينغ" (The Journal of Advanced Nursing) أنَّ الموسيقى الكلاسيكية تُعَدُّ طريقةً رائعة للتهدئة، وكذلك التأمُّل، أو كتابة اليوميات، أو النشاطات المهدئة الأخرى، كما يوصى أيضاً بتجنُّب الأطعمة الغنية بالتوابل؛ إذ أثبتت العلوم أنَّ الأطعمة الحارة تؤدي إلى تمديد وقت التهدئة.

وتذكَّر أنَّ نشاطات الاسترخاء في المساء تختلف من شخص لآخر؛ لذلك، قد يعني هذا أيضاً عدم مشاهدة منصة "نتفلكس" (Netflix)، أو إرسال رسائل نصية بالنسبة إلى بعض الناس.

ربما تبدو الساعتين فترة طويلة من الزمن، وهذا هو سبب تأكيدي بأن تهتم أكثر، وتستثمر هذا الوقت المسائي الثمين، فإذا وجدت نفسك تواجه مشكلة في النوم، أو أنَّك لم تدخل في فترة "حركة النوم السريع" (REM)، فمن المُحتمل أنَّك لا تمنح نفسك ساعتين كاملتين حتى تهدأ.

شاهد: 10 خطوات للتخلّص من روتين الحياة اليومية

3. الوضوح:

كان للكاتب الشهير "هنري جيمس" (Henry James) روتين مسائي كامل، يمكننا تعلُّم الكثير منه، ففي كل ليلة، كان يفكِّر في جميع المهام التي قام بها اليوم، والمهام التي عليه القيام بها في اليوم التالي، ويُعِدُّ بها قائمة.

ففي كثير من الأحيان، وحالما نستيقظ، تُرهِقنا كثرة الأفكار والمهام التي سنواجهها في اليوم، ويمكن أن يؤثر هذا القلق سلباً في ساعات النوم الثمينة الأخيرة؛ لذا إذا قمت بتحضير قائمة مهامك في الليلة السابقة، فستساعد هذه الخطوة على تصفية ذهنك والدخول في حالة من الهدوء، كما يمكنك بهذه الطريقة حماية هاتين الساعتين قبل النوم، وتلك الساعتين عند الاستيقاظ؛ وهذا ما سيجعل من صباحك أكثر سهولة؛ وهذا بدوره سيساعدك على الراحة والاسترخاء أيضاً.

إقرأ أيضاً: 11 تعديلاً على روتينك اليومي سيجعل يومك أكثر إنتاجية

4. توفير بيئة مناسبة للنوم:

أجرى المركز الطبي "مايو كلينك" (Mayo Clinic) كثيراً من أبحاث النوم المذهلة، ووجد أنَّنا نحتاج إلى البدء بالتفكير في تهيئة غرفة نومنا بما يشبه الكهف إذا أردنا الحصول على قدر جيد من النوم، ومن المثير للاهتمام أنَّ الأمر لا يتعلَّق فقط بالظلام، فدرجة الحرارة والنوم هامَّان بنفس القدر بالنسبة إلينا؛ إذ إنَّ الكهوف حالكة السواد، باردة وهادئة، وهذا هو بالضبط نوع البيئة التي نحتاج إليها للنوم.

كما وجد مركز "مايو كلينك" أنَّ درجة حرارة غرفة النوم المثالية تتراوح بين 18-22 درجة مئوية؛ لذا تذكَّر هذا في الشتاء عندما تزيد حرارتك، وتتساءل لماذا تشعر بالضيق الشديد وعدم القدرة على النوم؟

إقرأ أيضاً: تعزيز الإنتاجية: كيف تبدأ نهارك الساعة الخامسة صباحاً؟

5. الاعتماد على بعض التطبيقات:

توجد عدة تطبيقات رائعة مصمَّمة خصوصاً لمساعدتك على النوم، أو مراقبة نومك حتى يتحسَّن؛ وواحدة من التطبيقات المفضَّلة هي "سليب سايكل" (Sleep Cycle)؛ إذ يمكنك وضعه على وسادتك، وسيراقب عدد المرات التي تتقلب فيها محاولاً النوم؛ كما يساعدك على معرفة كيف تسير دورات نومك، وأي نوع من الهدوء في المساء يمنحك نوم أفضل.

إذا كنت ترغب في التأمُّل، فإنَّ تطبيق "هيدسبيس" (HeadSpace) يُعَدُّ تقنيةً رائعة أخرى؛ فبصرف النظر عن تجربة التأمُّل الخاصة بك، يمكن لهذا التطبيق إرشادك خلال 5 و10 و20 دقيقة من التأمُّل لمساعدتك على تصفية ذهنك والاسترخاء قبل النوم، كما يحتوي أيضاً تمرينات رائعة للذهن، والامتنان لمساعدتك كل يوم.

أخيراً وليس آخراً، حاول استخدام الأضواء من دون الطيف الأزرق؛ فقد توصَّلت الأبحاث إلى أنَّ الطيف الأزرق في الأضواء وعلى شاشات الأجهزة الإلكترونية يبقينا مستيقظين، ويمكن أن يعطِّل نومنا؛ إذ يمكنك بدلاً من ذلك استخدام تجهيزات إضاءة تُعطي إضاءة خافتة وطبيعية وأكثر هدوءاً، بالإضافة إلى إمكانية ضبط إعدادات هاتفك وجهاز الحاسوب فتُعطِّل الضوء الأزرق لإراحة عينيك.

معظم الناس ليس لديهم فكرة أنَّ روتين المساء يُعَدُّ هاماً بقدر أهمية روتين الصباح؛ لذا تعرَّف إلى كيفية إتقان كل من روتين الصباح والمساء لتحظى بيوم أكثر إنتاجية وصحة ونجاحاً.

المصدر




مقالات مرتبطة