كيف تتواصل مع الآخرين بطريقة متعاطفة؟

يرى معظم الناس أنَّ اللطف في التواصل مع الآخرين هو نوع من السذاجة والضعف في الشخصية، ولكنَّهم لا يدركون أنَّ التواصل مع الآخرين بلطف يؤثر إيجاباً في الصحة النفسية للفرد، فقد أكَّدت الدراسات أنَّ الطيبة في التواصل واللطف تؤثر إيجاباً في إنتاج هرمون السيروتونين في الدماغ الذي يحارب الشعور بالقلق والتوتر عند الشخص الذي يقوم بالتعامل اللطيف وعند الشخص الذي يستقبله أيضاً.



كما أنَّ التعامل اللطيف يولِّد عند الإنسان شعوراً بالرضى عن النفس، وكلما قام الإنسان بتصرف لطيف شعر بالرضى واللذة أكثر، وتلك اللذة تساعد على تخفيض هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر عند الإنسان، ويزداد الشعور باللذة والرضى عند التعامل بلطف في حال لم يكن الإنسان ينتظر من الآخرين المقابل من ذلك التعامل أو الفائدة المادية.

لا تستغرب إن قلنا إنَّ التعامل بلطف يحسن من صحة قلب الإنسان، فقد أثبتت العديد من الدراسات التي أُجريت على مجموعة من الأشخاص المصابين بارتفاع في ضغط الدم أنَّ إنفاقهم لمبلغ من المال ومساعدتهم للفقراء حسَّن من صحة قلوبهم؛ لأنَّه أدى إلى انخفاض ضغط الدم لديهم.

إضافة إلى ما سبق فإنَّ التواصل بلطف مع الآخرين ينقذ دائماً العلاقات الاجتماعية من الذوبان والدمار، كما يزيد من قوَّتها وازدهارها؛ لذلك من الضروري جداً تعلُّم كيفية التواصل مع الآخرين بلطف، ومقالنا الحالي سيقدم لك أهم النقاط التي تفيد في ذلك لتصبح حياتك أكثر استقراراً وهدوءاً وراحة أيضاً.

كيف تتواصل مع الآخرين بطريقة متعاطفة؟

يمكن تطبيق النقاط الآتية في مختلف التعاملات مع الآخرين سواء في المنزل أم المدرسة أم في مؤسسات العمل أم في المفاوضات الدبلوماسية، كما يمكن تطبيقها لحل الخلافات بين الأفراد والابتعاد عن التوتر في العلاقات:

1. الابتسام:

أفضل ما يبدأ الإنسان يومه به هو تزيين وجهه بابتسامة جميلة تُظهر حيويته وإقباله على الحياة، حتى إن كنت تحمل هموماً فكل إنسان يحمل بداخله هماً ولا يرى ذلك مبرراً للغضب والتشاؤم؛ وذلك لأنَّ الابتسامة تجلب السعادة لقلوب الآخرين وتشجعهم على الابتسام أيضاً فيصبح الحديث بينهم أكثر لطفاً، وحتى الأشخاص الذين تختلف معهم في الآراء ووجهات النظر إن رؤوا البسمة على وجهك يصبحون أكثر تقبلاً لرأيك المخالف مقارنة بطرح رأيك بطريقة غاضبة.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتعزيز مهارات التواصل مع الآخرين

2. دعم الآخرين:

يمكن للإنسان دعم الآخرين بطرائق بسيطة ضمن التعاملات اليومية، كأن تقوم بمساعدة أخ على حل واجبه المنزلي من خلال شرح طريقة الحل، أو مساعدة زميلك على إنجاز مهمة صعبة ضمن العمل، وليس بالضرورة من خلال العمل معه؛ إنَّما بتقديم النصائح المتعلقة بالأمور الواجب فعلها والأمور الواجب تجنبها ليكون الطريق نحو النجاح سهلاً أمامه.

حتى إنَّ الإنسان يمكنه مساعدة الآخرين بطرائق أبسط أيضاً مثل السماح لشخص متأخر بالتقدم عليه عند وقوفه في طابور ما، فربما ستضطر إلى التأخر أنت بضع دقائق إضافية ولكنَّك ستساهم في حل مشكلة شخص ما، فكل ما عليك التفكير به أنَّك يوماً ما قد تكون في مكانه وحينها ستجد من يساعدك بنفس الطريقة.

3. الإنصات إلى الآخرين:

كثيراً ما يحتاج الإنسان إلى شخص موثوق ينصت إليه فقط؛ لذلك من أساسيات التعامل بلطف مع الآخرين هو الاستماع لأحاديثهم الذي يمكن إظهاره من خلال لغة الجسد، كأن تكون مقابل الشخص المتحدث وتنظر إليه باهتمام دون الانشغال بشيء ما كاستخدام الهاتف في أثناء الاستماع إليه.

أيضاً من أساسيات التعامل بلطف مع الآخرين التحدث معهم بصدق وصراحة كي تزدهر العلاقة التي تجمعهم، فأكثر ما يضمن استمرار العلاقات بين البشر هو الصدق في التعامل، كما أنَّ الاستماع وحده لا يكفي فالناس لن يجدوا اللطف في شخصيتك وتعاطفك إن لم تشاركهم في الحديث.

4. إظهار الاهتمام بالآخرين:

يمكنك إظهار الاهتمام بالآخرين من خلال طرح الأسئلة عن أعمالهم وحياتهم وحتى أحلامهم، فالإنسان متمركز دائماً حول ذاته ويحب التحدث عنها ويفرح عند وجود من يهتم بذلك ويراه شخصاً لطيفاً فينجذب إليه حتماً.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتكون ذكيّاً في التعامل مع الناس

5. تجنُّب النقد:

اللطف في التعامل لا يجتمع مع الأفكار السلبية المتعلقة بالآخرين، ولا يعني ذلك أنَّنا نطلب منك الكذب في رأيك الشخصي؛ بل كل ما نطلبه هو تجميل الحقيقة السيئة، فمثلاً عندما تريد عتاب شخص لا يتواصل معك بدلاً من أن تقول له: "لا أذكر أنَّك اتصلت بي" يمكنك القول: "منذ 5 أشهر لم تتصل بي ولا أعلم ما هي أخبارك".

في حال كان صديقاً أو شخصاً مقرباً يمكنك التعبير عن اشتياقك له فوراً وليس الغضب منه؛ وذلك لأنَّ طريقتك اللطيفة في التعامل ستجعله يشعر بالندم على عدم التواصل معك، بينما الغضب سيخلق مشكلة وقد يتسبب في إنهاء علاقتكما نتيجة الفهم الخاطئ لمشاعرك الناتجة عن طريقتك الخاطئة في التعبير.

في حال أردت التعبير لصديق بأنَّ ألوان الملابس التي يختارها لا تناسب لون بشرته، بدلاً من السخرية من ذوقه في انتقاء الملابس يمكنك أن تقول له إنَّه شخص أنيق لكن لو تراجع عن ارتداء هذه الألوان سيصبح أكثر أناقة وبالطبع مع تحديد الألوان غير المناسبة له.

6. الرقة في الرفض:

اللطف في التعامل لا يتطلب قبول الأشياء غير المرغوبة بالنسبة إليك أو الموافقة على مختلف الطلبات الموجهة إليك من الآخرين خوفاً من إزعاج الطرف الآخر؛ إنَّما يتطلب منك الرقة في رفض الطلبات واختيار الكلمات المهذبة التي تدل على احترامك للطالب، ولكنَّ طلبه صعب بالنسبة إليك عندها لن يشعر الطرف الآخر بعدم لطفك؛ بل بخلاف ذلك وعلى الرغم من رفضك سيشعر بتهذيبك ورقتك.

7. الذهن المتفتح:

الحياة مليئة بالنماذج المختلفة والغريبة أحياناً من البشر؛ لذلك ستقابل كثيراً أشخاصاً تختلف معهم في الأفكار ووجهات النظر، وربما تكون أفكارهم غير مألوفة أبداً بالنسبة إليك، فيجعل ذلك التعامل معهم بلطف أمراً صعباً بعض الشيء؛ وذلك لأنَّ الإنسان يسارع في إصدار الأحكام على الآخرين، وحتى إنَّه يلقي اللوم والإهانات ويطلق الصفات السيئة على الأشخاص ممن يتصرفون بطريقة لا تنسجم مع المبادئ التي تعلمها منذ طفولته، ومن ثم يرفض إطلاقاً التعاطف معهم؛ لذلك يعدُّ انفتاح الذهن أساساً لاستيعاب الأشياء الجديدة والأشخاص غير المألوفين وتقبلهم ليتمكن الإنسان من التواصل معهم بلطف.

8. التعبير عن الطلبات بوعي:

اللطف في التعامل يتطلب منك توجيه الطلبات للآخرين بوعي؛ أي إدراك مدى إمكانية تحقيق الطلب والابتعاد عن أسلوب الأوامر، فالطلب يصبح أمراً إن قام المتحدث بانتقاد المستمع أو أصدر الأحكام عليه، وفي حال لم ينفذ طلبه عندها يصبح المستمع أمام خيارين إما الرضوخ لرغبة الآخر أو التمرد عليه.

بينما يكون الطلب ليس أمراً إن أظهر الطالب أهمية تنفيذ هذا الشيء بالنسبة إليه، والأسباب التي دفعته إلى هذا الطلب برقة وهدوء، عندها سيتعاطف الطرف الآخر معك لأنَّه شعر بلطفك وخاصة إن لم تكن الغاية من الطلب هي تغيير سلوك أو فرض وجهة نظر.

شاهد بالفيديو: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

9. تقدير الأشخاص الداعمين:

لن تكون إنساناً لطيفاً في حال نسيت من وقف إلى جانبك وساندك في لحظات ضعفك وعند مواجهتك للمشكلات والعقبات؛ لذلك قدِّر من دعمك من خلال معاملته برحمة وحنان دائماً والوقوف إلى جانبه عند مروره في أوقات صعبة.

10. الابتعاد عن الانتقام:

جميعنا عند المرور في أوقات سيئة قام بها أحدهم بلومنا أو انتقادنا أو ظلمنا بأيَّة طريقة نرغب في أخذ حقوقنا ورد السيئة له، لكن عندها تصبح إنساناً سيئاً أيضاً؛ لذلك من اللطف معاملة الآخرين معاملة جيدة سواء الجيدين أم السيئين وعدم الرد على المعاملة السيئة أبداً؛ بل تذكر أنَّ الله تعالى يأخذ حقنا الضائع دائماً ويعيد إلينا العمل الجيد والمعاملة الطيبة، فهو يقدِّر ذلك إن لم يقدِّره الطرف الآخر.

11. طلب النصيحة من الآخرين:

من اللطف أن تبدي احترامك للآخرين وخاصة المقربين من خلال تقدير آرائهم؛ فيمكنك طلب النصيحة منهم في بعض الأمور التي تشعر بالحيرة حيالها أو الأمور التي تؤثر فيهم بشكل ما.

إقرأ أيضاً: أثر اللطف مع الآخرين في العناية الذاتية

12. الالتزام بالمواعيد:

احترام المواعيد والقدوم في الوقت المناسب لمناسبة أو موعد معين سواء كان موعد عمل أم لقاء حبيب أم أصدقاء يُظهر مدى تقديرك لقيمة وقت الطرف الآخر واحترامك لحياته والتزاماته، ومن ثم يُظهر ذلك لطفك في التعامل، وخلاف ذلك تماماً فالتأخر يدل على الإهمال وعدم احترام الآخر.

في الختام:

اللطف في التعامل أمر ضروري لعلاقة الإنسان بأفراد أسرته وزملاء العمل وأصدقائه؛ أي اللطف هو أساس ازدهار العلاقات الاجتماعية، ويبدأ التواصل اللطيف مع الآخرين برسم ابتسامة جميلة على الوجه تبعث الراحة والسعادة في نفس من يشاهدها، كما يرتبط التواصل اللطيف بدعم الآخرين ومساعدة المحتاج سواء في التعاملات اليومية البسيطة أم عند وقوع شخص مقرب بمشكلة ما، والاستماع للآخرين باهتمام والتحدث إليهم بصدق وصراحة بعيداً عن الانتقادات الجارحة؛ إنَّما يجب على الإنسان الانتقاد بطريقة لطيفة قدر الإمكان وبأسلوب بعيد عن السخرية.

إضافة إلى ذلك فيجب إظهار الاهتمام بالآخرين من خلال السؤال عن أحوالهم وحياتهم وطلب النصيحة منهم حول حياتك، وتقدير آرائهم، والالتزام بالمواعيد التي تجمعكم، وعدم نسيان الأشخاص الداعمين ممن وقفوا إلى جانبك في أصعب الأوقات، وأما الأشخاص السيئون فمهما كانت الإساءة الموجهة إليك منهم يجب الابتعاد عن الانتقام وتجنب رد الإساءة بالإساءة.




مقالات مرتبطة