كيف تتقن فن التَّفاوض؟

هل تنظر إلى عملية التَّفاوض بوصفها شرَّاً لا بدَّ منه أم تحدٍّ ممتع؟ لقد حان الوقت للاستمتاع بعملية التَّفاوض، فيمكنك النجاح في عملية التَّفاوض إذا امتلكت الأدوات المناسبة والعقلية الصحيحة.



استخدم هذا المقال بوصفه دليلَ التَّفاوض الشخصي الخاص بك، فهو يتضمن أفضل أساليب التَّفاوض لتعلُّم كيفية التَّفاوض على الراتب أو عرض عمل وغير ذلك.

لمَ عليك إتقان فن التَّفاوض؟

جميعنا بارعون بالتَّفاوض بالفطرة، حتى لو كنا لا ندرك ذلك، فسواء كنت تريد شراء سيارة أم الحصول على ترقية في العمل أم البحث عن بعض الصفقات المناسبة، فأنت دائماً تحاول أن تحظى بأفضل صفقة ممكنة، ولكن لا يجيد معظمنا التَّفاوض.

نشعر بالفضول حيال موهبة بعض الأشخاص في الحصول على ما يريدون، بينما لا يحالف الحظ بعضهم الآخر؛ لذلك لقد جمعنا أفضل الأبحاث عن استراتيجيات التَّفاوض لمعرفة رأي العلم في ذلك، ومن خلال قراءتك لهذا المقال، ستتمكن من الفوز بكل صفقة.

هل تعتقد حقاً أنَّك تستطيع تطوير مهاراتك في التَّفاوض؟

هذا السؤال هام للغاية، إذ يجب أن تكون إجابتك "نعم" بلا تردد؛ لماذا؟ من خلال قراءتك لهذا المقال ستكون في طريقك لتصبح مفاوضاً رائعاً، فقد وجد الباحثون في جامعة كاليفورنيا بيركلي (University of California Berkeley) أنَّ الأشخاص الذين يعتقدون أنَّ مهاراتهم التَّفاوضية يمكن أن تتحسن بمرور الوقت والتعلُّم أكثر نجاحاً من أولئك الذين يعتقدون أنَّ مهارات التَّفاوض تستند إلى سمات شخصية ثابتة.

خلاصة الأمر، إذا كنت تعتقد أنَّك تستطيع تطوير مهاراتك في التَّفاوض، فمن المرجح أنَّك ستنجح في ذلك.

إذا كنت شخصاً خجولاً أو غير اجتماعي وتعتقد أنَّك لن تصبح مفاوضاً بارعاً على الإطلاق، فمن الممكن أن يتحقق هذا بالفعل، وفي المقابل، إذا كنت تعتقد أنَّك تستطيع التطور وقضاء الوقت في قراءة مقالات مشابهة لهذا والتقيُّد في تنفيذ النصائح المذكورة، ستتمكن من إتقان فن المفاوضات؛ الأمر بهذه البساطة.

خطوات عملية: أتريد رفع معنوياتك؟ قد تحتاج إلى بعض تمرينات الإحماء، فهي عادة يمارسها الفنانون أو الرياضيون لتحسين أدائهم وتصفية ذهنهم والتخلص من التوتر، وتمرينات الإحماء تتناسب للغاية مع المواقف التي تتسبب في كثيرٍ من الإجهاد أو التوتر أو القلق، وبالنسبة إلى معظمنا، تندرج المفاوضات ضمن هذه الفئة من المواقف.

تتمثل إحدى تمرينات الإحماء قبل التَّفاوض في تسخير تجارب الماضي الإيجابية لمصلحتك؛ لذا دعونا نجرِّب هذا، أحضر ورقة وقلماً، واكتب بضع جمل عن الوقت الذي شعرت فيه بالقوة؛ كيف تشعر الآن؟

وفقاً لبحث أجراه البروفيسور "آدم جالينسكي" (Adam Galinsky) من كلية كولومبيا للأعمال (Columbia Business School)، قد يكون هذا التمرين الموجز أحد أفضل الطرائق لتهيئة نفسك للنجاح قبل حدث مرهق.

في هذا البحث، طُلب من مجموعة من المشاركين الكتابة لبضع دقائق قبل المشاركة في مقابلة وهمية، فقد كتبت إحدى المجموعات عن الأوقات التي شعروا فيها بالقوة (كما فعلت أنت للتو)، بينما كتبت المجموعة الأخرى عن الأوقات التي شعروا فيها بالعجز.

بالطبع، كانت النتيجة واضحة، أولئك الذين كتبوا عن الشعور بالقوة تصرفوا بهدوء في أثناء مقابلتهم وحصلوا على تقييم أعلى من قبل المحاورين؛ إذ إنَّ استخدامك لذكريات الماضي الإيجابية لرفع معنوياتك هو أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها.

شاهد بالفيديو: 10 نصائح تساعدك على امتلاك مهارات التفاوض

فيما يأتي 11 نصيحة مدعومة بإثباتات علمية لمساعدتك على إتقان فن التَّفاوض:

1. كن حازماً:

إلى أي مدى أنت حازم في المفاوضات؟ تُظهِر الأبحاث أنَّك ربما لا تستطيع الإجابة عن هذا السؤال، فقد وجدت دراسة أجرتها كلية كولومبيا للأعمال (Columbia Business School) أنَّ "التحدِّي المتمثل في التَّفاوض يزداد صعوبة بسبب حقيقة أنَّ الناس غالباً لا يعلمون كيف ينظر الآخرون إلى إصرارهم".

سواء كنت تبدو شديد الحزم أم متساهلاً، يُخيل لك في الغالب أنَّك عكس ما تبدو عليه، وأسهل طريقة للتغلب على ذلك هي ممارسة التَّفاوض مع الأشخاص المقربين منك، ثم طلب التغذية الراجعة منهم، بالطبع قد يبدو ذلك مخيفاً، ولكنَّه عامل جوهري يساعدك على إتقان فن المفاوضة.

على سبيل المثال، حاول التَّفاوض مع أصدقائك لاختيار المسؤول عن تنظيم إجازتك المقبلة، أو اجعل شخصاً ما يستمع إليك تتفاوض هاتفياً للحصول على صفقة أفضل للاشتراك بالإنترنت؛ الهدف من ذلك هو معرفة ما إن كنت لحوحاً أم لا، إضافةً إلى ذلك تأكد من أنَّ الأشخاص الذين تسألهم صادقون.

مثال: لنفترض أنَّك تريد طلب زيادة على الراتب من رب عملك، فاطلب من صديق لك أو فرد من عائلتك لديه شخصية مشابهة لتلك التي لدى رب عملك مساعدتك على محاكاة بيئة اجتماع حقيقية، الأمر الذي سيجعلك تتدرب على طرح أفكارك بطريقة أسهل عند مقابلتك لرب عملك.

من الهام أن تختبر مهاراتك التَّفاوضية في أثناء التعلم، فقد وجد الباحثون أنَّ تعلُّم مهارات التَّفاوض والمشاركة في مفاوضات وهمية يمكن أن يعزز ثقتك بنفسك ويطور أساليب التَّفاوض وأنماط إدارة النزاعات.

خطوة عملية: تتمثل إحدى الطرائق التي يمكنك من خلالها تعزيز إصرارك في أن تبدو واثقاً من نفسك وأن تتحدث بشكل أفضل، إذ سيتعين عليك معرفة طبقة صوتك المناسبة.

إقرأ أيضاً: كيف تكون حازماً، طلب ما تريد بصرامة وعدل

2. اعرض خدمة مُقدَّماً:

أظهرت دراسة أجرتها جامعة سانتا كلارا (Santa Clara University) أنَّ الأشخاص الذين تلقوا مساعدة لم يطلبوها كانوا يميلون لمساعدة الشخص الذي قدمها لهم أكثر من الأشخاص الذين لم تُقدَّم لهم المساعدة.

يُظهر تحليل العديد من الدراسات أنَّ الناس يميلون للمعاملة بالمثل، فإذا أعطاك شخص ما شيئاً، فأنت تشعر أنَّ عليك منحه شيئاً ما في المقابل، ويدل هذا على أنَّ إحدى الطرائق الأكثر فاعلية للحصول على ما تريد - إن كنت تريد زيادة على الراتب أو ترقية على سبيل المثال - هي تقديم خدمة لرب عملك قبل التقدم بطلبك، وبهذه الطريقة، سيشعر أنَّه مجبر على مساعدتك.

مثال: لنفترض أنَّك تريد التَّفاوض بشأن ساعات عملك حتى تتمكن من قضاء مزيدٍ من الوقت مع أطفالك، سوف يتعيَّن عليك، قبل مقابلة رب عملك، بذل قصارى جهدك لمساعدته على القيام بأشياء لا تتعلق بمهامك الوظيفية، وهو سيتذكر تلك الجهود في أثناء تفاوضك معه ممَّا سيدفعه لمساعدتك في المقابل.

خطوة عملية: أسْدِ معروفاً لشخص ما تخطط للتفاوض معه قريباً.

3. اختر يوماً ملائماً للتفاوض:

ربما يكون الطقس هو آخر شيء تفكر فيه عند الاستعداد للمفاوضات، ولكنَّه من الممكن أن يؤدي دوراً جوهرياً في نجاحك، فقد حلل باحثون في جامعة "ساوثيرن بريتاني" (Southern Brittany University) العديد من الدراسات المتعلقة بالطقس وتأثيره في المزاج، ووجدوا أنَّ الناس يصبحون أكثر كرماً في الأيام المشمسة.

مثال: لنفترض أنَّك بحاجة إلى شراء معدات جديدة، ولأنَّها باهظة الثمن؛ فأنت تخطط للتفاوض للحصول على أفضل صفقة ممكنة؛ لذا اذهب للتسوق في يوم مشمس ولطيف، فمن المحتمل أن تكون أنت ومندوب المبيعات في حالة مزاجية جيدة، ومن شأن هذه الظروف الإيجابية أن تلهمه لمنحك صفقة لم تكن تتوقعها حتى.

خطوة عملية: إن كان بإمكانك اختيار موعد التَّفاوض، اختر القيام بذلك في الأيام ذات الطقس اللطيف.

4. قدِّم الطعام أولاً ثم ابدأ بالتَّفاوض:

قد يبدو هذا غريباً، لكنَّه هام للغاية، فيظن معظم الناس أنَّ المفاوضات تبدأ بمجرد دخولهم إلى مكتب رب عملهم أو في يوم التَّفاوض، ولكن في الواقع، يمكن أن تبدأ المفاوضات قبل ذلك بوقت طويل، من خلال القيام ببعض النشاطات التي تسبق عملية بناء الألفة.

توصَّلت معظم الدراسات إلى أنَّ مشاركة وجبة خفيفة قبل التَّفاوض، تجعل الناس يشعرون بمزيد من الألفة، إليك بعض الحقائق:

  • في بحث يُدعى "هل يجب أن تأكل في أثناء التَّفاوض؟" درست الباحثة "لاكشمي بالاتشاندرا" (Lakshmi Balachandra) مجموعة مكونة من 132 طالب ماجستير في إدارة الأعمال من خلال المفاوضات، ووجدت أنَّ الطلاب الذين تناولوا وجبة معاً في أثناء التَّفاوض، إما في مطعم أو في غرفة الاجتماعات، قد حققوا أرباحاً متزايدة بشكل ملحوظ مقارنة بأولئك الذين تفاوضوا دون تناول الطعام معاً، وتشير النتائج التي توصلت إليها إلى أنَّ "تناول الطعام في أثناء اتخاذ قرارات هامة يوفر فوائد مربحة وملحوظة من خلال المناقشات المثمرة للطرفين".
  • في بحث "وصفة للصداقة: الاستهلاك الغذائي المتشابه يعزز الثقة والتعاون"، وجد الباحثون أنَّ تناول الطعام ذاته من شأنه أن يدفع الشركاء إلى التعاون بشكل أكبر.
  • بالنظر إلى طبيعة مفاوضاتك، هل هي مفاوضات تنافسية (كالتَّفاوض على فرصة عمل) أم تعاونية (كالتَّفاوض على مكان قضاء الإجازة مع الأصدقاء)؟ وجد الباحثان مارغريت نيل (Margaret Neale) وطالب الدكتوراه بيتر بيلمي (Peter Belmi) أنَّ مشاركة الطعام تساعد على إنشاء صفقات قيِّمة في المفاوضات التنافسية، "ولكن في المواقف التعاونية، كالتي بين الأصدقاء، فإنَّ مشاركة الوجبة تقلل من القيمة الإجمالية للصفقة".

خطوة عملية: هل يمكنك تناول وجبة قبل التَّفاوض؟ هل يمكنك تناول الطعام مع أحد ما؟ هل يمكنك توفير بعض الوقت للدردشة قبل الشروع في العمل؟ هذا من شأنه مساعدة شريكك في التَّفاوض بالنظر إليك بصفتك زميلاً وليس منافساً.

إقرأ أيضاً: فن التفاوض

5. حدِّد نيتك بوضوح:

كما ذكرنا في النصيحة رقم 1، يمكن للمفاوضات أن تسبب كثيراً من التوتر والقلق، فإذا كنت قلقاً بشأن فقدان السيطرة في أثناء مفاوضاتك القادمة، فلا بد من تحديد نية واضحة مسبقة لاجتماعك.

إليك هذه النصيحة من كتاب "كيفية التغلب على مخاوفك" (Fight Your Fear and Win) للكاتب "دون غريني" (Don Greene).

لتحديد نية لمفاوضاتك، عليك اختيار دافع يتناسب مع أهدافك، فما هي تطلعاتك المتعلقة بهذا التَّفاوض؟ ما هو هدفك الرئيس؟ إلى ماذا تطمح من هذا التَّفاوض؟

فكر ملياً في هذا قبل التَّفاوض بمجرد تحديد نيتك، في أثناء ذهابك للعمل وبينما تنظف أسنانك وحتى قبل الخلود إلى النوم، وأهم ما في الأمر هو أنَّ تحديد نية معيَّنة سيمحو أو يكبت مؤقتاً أفكارك السلبية وشعورك بالقلق، وعادة ما تكون النية الجيدة بسيطة وسهلة التذكُّر.

على سبيل المثال "إبرام صفقة مع عميل والإصرار على المبلغ الذي حددته"، أو "الحصول على زيادة على الراتب بنسبة 20%".

مثال: تغلَّب على قلقك من التَّفاوض من خلال تحديد نيتك، فمن الهام للغاية تحديد نية إيجابية، ومن المحبَّذ تجنُّب الأفكار السلبية، على سبيل المثال، بدلاً من أن تقول: "إياك أن تفشل" قل: "ابق واثقاً"، واكتب ذلك على ورقة ورددها باستمرار.

6. سخِّر لغة جسدك في أثناء التَّفاوض:

هذه واحدة من أهم نصائح التَّفاوض، وغالباً ما يفكر الناس قبل التَّفاوض فيما يريدون قوله عوضاً عن التفكير بطريقة التعبير عما يريدون قوله، فمن الضروري التفكير بلغة جسدك للتأكد من توافق أفعالك اللفظية وغير اللفظية وإيصال أفكارك ورغباتك بوضوح وفاعلية.

إن كنت تتفاوض على فرصة عمل مع عدة شركات في الوقت ذاته وتستخدم عدة طرائق مختلفة للتفاوض على الراتب، فإنَّ إرسالك لإشارات هادفة مستخدماً لغة الجسد هو أفضل شيء يمكنك القيام به.

فيما يأتي بعض الأفكار المتعلقة بلغة الجسد لتبدأ بها:

اختيار وضعية مناسبة للجلوس:

توصي "تراسي براون" (Traci Brown)، خبيرة لغة الجسد بالجلوس منحنياً إلى الأمام بعض الشيء في أثناء مخاطبة شركائك في التَّفاوض، بدلاً من الجلوس منتصباً.

عندما نجلس أمام الآخرين بشكل مباشر، تتشكل غمامة من الطاقة السلبية في الغرفة من الممكن أن تولِّد شعوراً بالمواجهة؛ لذلك من الأفضل اختيار وضعية جلوس مناسبة تجعلك تبدو أكثر انفتاحاً وتقبُّلاً.

إرخاء اليدين:

وجدت الأبحاث التي أُجريت على دراسة "تأثير القبضة في مكان العمل" (Palm Power in the Workplace) أنَّ القبضة المشدودة هي إشارة سلبية غير لفظية، ووجدوا أنَّ البشر يميلون إلى إغلاق قبضتهم عندما يشعرون بالتهديد، فترى أحدهم يمسك بذراعي الكرسي على سبيل المثال؛ لذا من المحبَّذ إبقاء يديك ظاهرتان ومسترخيتان.

عدم حمل العديد من الأشياء:

تُظهِر الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يحملون أكثر من عنصر واحد يُنظر إليهم على أنَّهم غير مسؤولين أو كسالى؛ لذا اترك معطفك مع موظف الاستقبال واترك غداءك في السيارة، بهذه الطريقة، ستبدو أنيقاً ومستعداً للتفاوض.

ملحوظة هامة: هل تفكر في إجراء مفاوضات عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني؟ حاول ألا تفعل ذلك، فقد وجد الباحثون أنَّ التواصل وجهاً لوجه يعزز الوئام ويؤدي إلى نتائج تفاوض إيجابية؛ لذا قم بمفاوضاتك وجهاً لوجه أو باستخدام مكالمة الفيديو على الأقل كلما أمكن ذلك.

شاهد بالفيديو: 14 أمراً لتحسين مهارات لغة الجسد لديك

7. تفاعَل مع لغة جسد الآخرين:

الآن، وبعد أن أتقنت طرائق توظيف لغد جسدك في التَّفاوض، دعنا نناقش ما الذي عليك ملاحظته في لغة جسد شريكك في التَّفاوض.

في أثناء مناقشة نقاط مختلفة في مفاوضاتك، دوِّن بعض الملاحظات الذهنية المتعلقة بسلوك الآخرين، فقد تكون بعض إشارات لغة الجسد إيجابية، بمعنى أنَّها تشير إلى توافق ورغبة في التشارك، بينما تكون الإشارات الأخرى سلبية، مما يدل على الخلاف وعدم الاهتمام.

إليك بعض الإشارات الإيجابية:

الإيماء:

إذا أومأ رب عملك برأسه في أثناء شرحك لسبب استحقاقك لزيادة في الراتب أو سبب رغبتك في الحصول على إجازة، فهذا يعني أنَّه يتفق مع أسبابك، ومن المحتمل أن تحصل على ما تريده.

الانحناء:

إن بدؤوا في الانحناء نحوك وأنت تتحدَّث، فهذه إشارة غير لفظية تدل على الشراكة والود؛ لذلك، واصل التحدُّث.

في المقابل، إليك بعض الإشارات السلبية:

التجاهل:

إن لاحظت أنَّهم يتجاهلون ما تقوله من خلال الانشغال بحمل فنجان القهوة على سبيل المثال، فهذه علامة تحذير على أنَّهم لا يوافقونك الرأي، ويمكنك تفادي ذلك من خلال إعطائهم شيء ما، كتقرير على سبيل المثال، فهذا سيجبرهم على التركيز فيما تقوله.

الازدراء:

كن حذراً إن بدا عليهم بأنَّهم يبتسمون بتكلف أو باستهزاء، فهذا تعبير عن الازدراء والكراهية والاحتقار؛ فتوقف حيثما وصلت في حديثك لإعادة النظر في الفكرة الأخيرة التي كنت تتحدَّث عنها لتوضحها بشكل أفضل.

خطوة عملية: إنَّ معرفة ما إذا كان نظيرك في التَّفاوض يوافق على طلبك قبل الإدلاء بإجابته النهائية هي طريقة رائعة لمعرفة ما إذا كنت بحاجة إلى تجربة نهج مختلف في مفاوضاتك، أو ما إذا كان ما تقوله جيد بما فيه الكفاية.

8. اختر المقعد المناسب:

ناقشنا في النصيحة رقم 6 كيفية الجلوس بشكل مناسب للحدِّ من المواجهة في المفاوضات، ولكن ماذا لو تعيَّن عليك الاختيار بين مجموعة من المقاعد؟

ليست كل المقاعد متشابهة، فالأمر ليس محدود فقط بالجلوس على طاولة المؤتمرات، فعند دخولك لأي مكتب، ستلاحظ وجود مجموعة من المقاعد المتنوعة، على سبيل المثال:

الأريكة المنخفضة:

إياك الجلوس عليها؛ لأنَّها أسوأ خيار في أثناء التَّفاوض؛ وذلك لأنَّها تجعلك تحت مستوى نظر الشخص الآخر، ممّا يمنحه أفضلية جسدية ونفسية، ويمكنك اختيار الأريكة المنخفضة إن كان نظيرك يجلس على واحدة مشابهة بجوارك.

أكد الكاتب "آلان بيس" (Allan Pease) في كتابه "لغة الجسد: كيف تقرأ أفكار الآخرين من خلال إيماءاتهم" (Body Language: How to Read Others’ Thoughts by Their Gestures) أنَّ أصحاب السلطة غالباً ما يختارون كرسياً أكبر أو أعلى، إذ يُنظر إلى الأشخاص الذي يشغلون مساحة أكبر على أنَّهم أكثر أهمية، واقترح أيضاً أنَّه كلما ارتفع ظهر الكرسي، ازدادت أهمية الشخص الجالس عليها، على سبيل المثال، كرسي العرش الملكي.

الكرسي الدوار:

الكراسي الدوارة رائعة للغاية كونها تسهِّل التواصل البصري، ولكن إن كنت متوتراً أو تفضِّل التأرجح على كرسيك، تجنَّب الكرسي الدوار أو حاول الثبات في مكانك إن اضطررت إلى استخدامها، فالحركة المستمرة من شأنها أن تجعلك تبدو مشتتاً.

الوسادات والأغراض الأخرى:

نحن نفضِّل من الناحية النفسية عدم وجود أي حواجز بيننا وبين الشخص الذي نتحدَّث معه، فاحذر من وضع الوسائد أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو ألواح الكتابة أمامك في أثناء التَّفاوض، فأنت بالتأكيد لا تريد أن تتجاهل ما يقوله ذلك الشخص، كما ذكرنا في النصيحة السابقة.

عنصر إضافي: الطاولات:

إذا كان بإمكانك اختيار مساحة التَّفاوض ونوع الطاولة، فقد وجد الباحث يون تشو (Yun Chu) وزملاؤه أنَّ الطاولة المستديرة تسِّهل الاجتماعات وتعطيها نتائج إيجابية، فقد فضَّل 54% من المشاركين الطاولات المستديرة في المفاوضات، بينما رأى 57% أنَّ شكل الطاولة الدائرية يساهم في تخفيف حدة التوتر، وفي دراسة أخرى، وجد الباحثون أنَّ عدم وجود طاولة بين شخصين يساعدهم على الشعور بالتقارب.

9. تحكَّم بصوتك:

تؤدي طبقة صوتك دوراً هاماً في مفاوضاتك، فتُظهِر الأبحاث أنَّ الناس يقررون مدى جدارتك بالثقة أو هيمنتك في غضون ثوانٍ من سماع صوتك، ومع إطلاق الناس للأحكام بهذه السرعة، ليس لديك الوقت للإحماء قبل مفاوضاتك.

إذا كنت تريد أن يستمع الناس إليك ويحترموا أفكارك، فيجب أن تتحكَّم بطبقة صوتك، إليك طريقة القيام بذلك:

محاكاة الأصوات:

اختبر الباحثان "أليكس بينتلاند" (Alex Pentland) و"جاريد كورهان" (Jared Curhan) مجموعة متنوعة من المتغيرات، على أمل التأثير في نتائج التَّفاوض، ووجدوا أنَّه عندما يقلِّد المديرون ما يقوله المحاور، فإنَّهم ينجحون أكثر في تحقيق أهدافهم من المفاوضات.

خطوة عملية: يمكنك تطبيق ذلك من خلال محاكاة طريقة ونبرة ومستوى صوت شخص ما بمهارة، ولا تبالغ في ذلك، فالإفراط في تقليد شخص ما قد يجعلك تبدو متكلفاً أو مخفياً.

عبر عن نفسك:

قاس "أليكس بينتلاند" أيضاً مدة الحديث والقدرة على التواصل الاجتماعي ووجد أنَّ كلاهما يعملان بتناغم ليحققا نتيجة أفضل للمفاوضين.

خطوة عملية: لا يمكنك تغيير مستوى قدرتك على التواصل الاجتماعي، لكن لا تخف من التحدث عمَّا يدور في ذهنك، فالمفاوضون البارعون يجيدون التعبير عن أنفسهم.

إقرأ أيضاً: أهمية الصوت في التواصل وحديث الهاتف

نبرة الصوت:

إضافة إلى ذلك، قدَّم "أليكس بينتلاند" وفريقه أبحاثاً متعلقة بنبرة الصوت، فنبرة الصوت هي الاختلاف بين طبقة ومستوى الصوت، ووجد "أليكس" وفريقه أنَّ استخدام نبرة صوت عالية جداً في الدقائق الخمس الأولى من المفاوضات تضفي كثيراً من العاطفة إليها، ما يمثل عائقاً للمفاوض، وهذا اكتشاف هام، ومن الممكن أن يكون لدينا تباين صوتي، لكن يجب أن يكون مستقراً عاطفياً.

خطوة عملية: في الدقائق الخمس الأولى من المفاوضات، من الأفضل أن تبدو قوياً ومتوازناً بدلاً من أن تبدو متردداً وعاطفياً.

شاهد بالفيديو: مهارات الاتصال الفعال

10. استخدم الفيديو قبل وبعد التَّفاوض:

يعد استخدام الفيديو قبل التَّفاوض وبعده أداة رائعة لبناء العلاقات، فإذا كنت تترقب بعض المفاوضات الصعبة، فقد ترغب في التخفيف من حدة التوتر قبل دخول نظيرك في المفاوضات إلى الغرفة، ومن ناحية أخرى، إن كنت بالفعل تواجه مفاوضات متوترة، فقد ترغب في إرسال بريد إلكتروني بوصفه مبادرة لطلب التسوية وإيضاح بعض النقاط، والهدف من ذلك هو الحدُّ من أي توترات قد تنشأ في أثناء المفاوضات، فالفيديو هو طريقة سهلة ومناسبة للقيام بذلك.

11. وسِّع خياراتك:

وجد باحثون من جامعة "ساوثيرن كاليفورنيا" (Southern California University) وجامعة ستانفورد (Stanford University) أنَّ الأفراد الذين جهزوا خيارات أخرى قبل المفاوضات أظهروا زيادة ملحوظة في قدراتهم على المساومة؛ إذ إنَّ وجود بدائل يمنعك من الاعتماد على الطرف الذي تفاوضه بحيث يمكنك التهديد في العمل مع أحد غيره.

مثال: عليك استشارة عدة وكلاء إن كنت تريد شراء سيارة، ففي أثناء مفاوضاتك للحصول على المنتج الذي تريده بسعر أقل، من المرجح أن تحصل على عرض أفضل إن ذكرت أن ثمة وكيلاً آخراً يقدِّم خصماً أفضل على سيارة مشابهة.

خطوة عملية: قبل التَّفاوض على المنتج الذي ترغب في الحصول عليه، اجمع التقديرات التي تتعلق بالثمن من عدة وكلاء آخرين يمكنك طرحها إن كان الشخص الذي تتفاوض معك لا يتسم بالمرونة.

تحذير: لا تستخدم هذا الأسلوب إلا إذا كنت تشعر بالرضى حيال البدائل المتاحة لك؛ وذلك لأنَّك إن فشلت في أثناء مفاوضاتك للحصول على المنتج الرئيس، فلن يبقى أمامك إلا تلك البدائل.

في الختام:

احفظ هذا المقال واستخدمه بوصفه دافعاً يذكِّرك بأنَّك تستطيع أن تصبح مفاوضاً بارعاً، وأنشئ مجلداً يحتوي على أهم النصائح في أثناء بحثك عن معلومات تخص التَّفاوض، واحفظ التزكيات أو رسائل البريد الإلكتروني من أرباب العمل أو العملاء أو الطلاب السابقين لتذكيرك بالعمل الرائع الذي سبق أن قمت به قبل الدخول في مفاوضات جديدة.




مقالات مرتبطة