كيف تتخلص من التوتر وتشحن طاقتك؟ - (الجزء الأول)

لن تُحقِّق شيئاً من النجاح ما لم تتعلم كيفية الحد من التوتر خلال مسيرتك في الحياة. فإنَّ مجرد تعرُّضك للمواقف الصعبة نفسها التي تعرضتَ لها من قَبْل لا يعني بالضرورة أنَّها ستكون أسهل هذه المرة، ومن المحتمل أن تكون تجربتك الطويلة في الحياة قد علَّمَتك أنَّك ستتخطى هذه العقبة أيضاً كما تخطيتَ غيرها؛ ولكن من المحتمَل أيضاً أن تكون التجربة نفسها قد علَّمَتك شيئاً عن الدور الفاعل الذي عليك القيام به للتخلص من التوتر من حين لآخر، وكيف يمكِن للصبر على الشدائد والتحمُّل أن يساعدك على الاستفادة من حالة الإنعاش التي تخلصك من التوتر.



من المحتمَل أنَّنا جميعاً قد اختبرنا الآثار الجانبية الخطيرة عند التعرض لكمٍّ كبير من التوتر في حياتنا، والذي يُعدُّ أحد أبرز مسببات المشكلات الصحية مثل: مرض السكري، وزيادة الوزن، وارتفاع ضغط الدم، وضعف الذاكرة، ومجموعة كاملة من مشكلات الصحة النفسية. ولهذا السبب، يجب إعادة النظر في كيفية التخلص من التوتر في حياتنا بطرائق جديدة ومن منظور جديد، تماماً كما نفعل عندما ننظف خزانة ملابسنا ونجددها ونتخلص من الأغراض عديمة النفع التي تتكدس فيها بين الفينة والأخرى دون أن تترك مجالاً يتسع للضروريات.

فيما يلي أفضل 10 استراتيجيات لتخفيف التوتر وشحنِ الطاقة بالوسائل القديمة نفسها لكن بحلةٍ جديدة، والتي تضمن لك تحسين صحتك وتمنحك السعادة جسداً وذهناً وروحاً:

1. الإقصاء وتحديد الأولويات:

يفكر الناس في خطة الإقصاء بشتى الطرائق؛ لكن يُربط هذا المصطلح عادةً ببعض السلبيات. ومع ذلك، يتمثَّل الإقصاء لمعالجة التوتر أو حتى تخفيفه في أن تُبعِد جوانب حياتك التي تشتت انتباهك عن فعل ما هو ضروري في حياتك اليومية.

مثلاً، قد تكون في العمل وبالك مشغول ببعض المشكلات الطارئة في حياتك الخاصة؛ كأن يكون والداك مريضين وأنت الوحيد الموجود من بين أخوتك للاعتناء بهما. فإنَّ التعامل مع هذا الوضع - إلى جانب مسؤولياتك العائلية والمهنية التي تكفيك وحدها هماً - يُثقل كاهلك بصورة لا تُحتمل.

إنَّ إقصاء بعض شؤون الحياة، كمثلِ مَن يضع غِمامة على عيني الحصان فلا ينحرف عن الطريق؛ لكنَّك تضعها على ذهنك لتساعدك على التركيز فقط على المهمة التي يبن يديك دون تشتيت، وذلك بأن توقن -كما في مثالنا السابق- أنَّ الاهتمام بوالديك أمر ستقوم به في الوقت المناسب بعد أن تفرغ من عملك وتعود إلى المنزل.

سيساعدك تعلُّم كيفية شغلِ ذهنك عن التفكير في الصعاب التي تمر بها في حياتك على تحديد أولويات العمل الذي بين يديك وإدارتها.

2. التنزه علاج مفيد للتوتر:

يساعد التنزه في الهواء الطلق في خفض مستويات التوتر لديك تلقائياً، واستعادة بعض الطاقة التي خسرتَها، حيث تُثبت الأبحاث في هذا المجال الآخذ بالانتشار والمعروف باسم العلاج بالطبيعة مجدداً مدى قوة الطبيعة، وكيف يمكِننا تحسين صحتنا النفسية إلى جانب صحتنا الجسدية والروحية عند قضاء الوقت في الهواء الطلق.

عندما نتنزه في الخارج، من المرجح أن يتعزز نشاطنا، كما يحسِّن التعرض لأشعة الشمس مزاجنا، مما يحفز إنتاج فيتامين (د) في أجسامنا، حيث تشير الأبحاث التي أُجريت على فيتامين (د) إلى أنَّ الذين يعانون من نقصِ هذا الفيتامين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والاكتئاب والتوتر بسرعة، وللأسف يعاني الآن كثير من الأشخاص القاطنين في المناطق الباردة من نقصِه.

يمكِن أن يكون التنزه لعشر دقائق في الخارج يومياً كافياً لتحسين الحالة المزاجية والتركيز الذهني وخفضِ ضغط الدم، وبالنتيجة يزداد التركيز والكفاءة مما يحسِّن قدراتك ومواقفك في الحياة. 

إقرأ أيضاً: كيف نتخلص من التوتر في ظل الأجواء الصعبة التي نعيشها؟

3. إنعاش نفسك لتنظيم حياتك:

من المعروف أنَّ سرَّ النجاح يتعلق بالتنظيم أو بعضاً من صورِه، والتنظيم عملية نرتِّب من خلالها المعلومات وأحداث حياتنا بطريقة تتناسب ومتطلباتنا الحالية. وعلى مدار حياتك، تتغير تلك المتطلبات وربما تزداد حين تمسي حياتك أكثر تعقيداً؛ مما سيجبرك على الابتكار وتغيير الأشياء على طول الطريق.

ما كان كافياً في الجامعة أو وظيفتك الأولى قد لا يكون كافياً في مراحل قادمة من حياتك. علاوة على ذلك، يمكِن أن تساعدنا العديد من النظم في عملية التنظيم، ويمكِن للكثير منها أن يقلل من الفوائد المرجوة المبتغاة.

قد يكون تقييم النظم غير الضرورية والتخلص منها أو دمج مجموعة منها في نظام واحدة هو الحل الأنسب؛ فمثلاً: إن كان تقويم غوغل (Google) الذي تتَّبعه العائلة أكثر فاعلية من التقويم الورقي، فلا تفترِض أنَّ التكنولوجيا هي الأنسب لكم. وفي بعض الأحيان، تكون حيازة قلم وورقة كما اعتدنا في الماضي أكثر عملية، وقد يكونان أيضاً بمثابة تذكير ملموس أفضل، فقارِن بين لوح الملاحظات وقائمة المهام المخفية على هاتفك الذكي التي لا تنجز أيَّة مهمة منها أبداً، وستجد أنَّ الطريقة الاعتيادية للتنظيم فاعلة أكثر.

يُعدُّ التقييم الذاتي التنظيمي استراتيجية أخرى لإنعاش التنظيم لديك. أولاً، عليك أن تحدد ما المطلوب ليساعدك في التنظيم، وما النتيجة المرجوة منه، وما إن كان يهدف إلى التواصل كي يكون الجميع على وفاق؛ أم ليساعدك في معالجة عبء العمل الذي بين يديك والتفكير في كيفية إيجاد حل له، حيث ستساعدك الإجابة عن هذين السؤالين على المضي قدماً بينما تفكر فيما هو أكثر منطقية بالنسبة إليك أو لعائلتك أو لفريقك في العمل.

هناك طريقة أخرى للتعامل مع إنعاش النظم، وهي سؤال الآخرين عن كيفية قدرتهم على تنظيم أمورهم، كما تَظهر فائدة هذا خاصة عند تحمُّل مسؤوليات جديدة قد تترافق مع تغيير الوظيفة أو وضعٍ عائلي جديد.

يمكِنك فعلُ ذلك عندما تشغل منصباً جديداً؛ ومن خلال جمعِ المعلومات حول كيفية تعامُل الأشخاص الآخرين مع عملهم، يمكِنك التوصُّل إلى "أفضل طريقة" تساعدك على تنظيم أمورك وعرضهِ على زملائك؛ حيث ستنال بذلك الثناء وتكسب استحسان زملائك ومديرك، مما سيفيدك خاصة عندما تكون موظفاً جديداً في الشركة.

4. إشراك ذهنك المبدع:

عندما نشرك الأجزاء الإبداعية من أنفسنا، فإنَّنا نستفيد من جزء الدماغ الذي يطلق هرمون الدوبامين، والذي له تأثير علاجي مهدئ طبيعياً. ولا شك أنَّ هذا سيساعدنا على الفور على الاسترخاء وسيقلل من مستويات التوتر لدينا، وهنا يظهر الأثر العظيم للعلاج بالفن.

وُجِد في إحدى الدراسات، أنَّه بعد 45 دقيقة فقط من المشاركة في الأعمال الفنية، وبغضِّ النظر عن مستوى الإنتاج أو الموهبة الفنية التي يمتلكها الشخص، حدثَ انخفاض ملحوظ في الكورتيزول  لدى 75% من المشاركين.

العلاج بالموسيقى هو شكلٌ آخر من أشكال الفن الإبداعي الذي يمكِنه تخفيف التوتر وشحنِ الطاقة؛ فيلجأ الكثير منا إلى الموسيقى لمساعدتنا في التخلص من الضغط أو الانتقال إلى جانب آخر من يومنا أو نشاطنا، وتتغلغل الموسيقى أيضاً في هذا الجزء من دماغنا الذي يزيد من التركيز ويساعدنا في محاكاة الشعور الذي نلمسه في الموسيقى، ومن المعروف أنَّ الموسيقى المبهجة تمنحك الشعور بمزيد من الإيجابية؛ في حين يمكِن أن تساعدك الموسيقى الهادئة على الشعور بمزيد من الاسترخاء عن طريق تخفيف بعض التوتر في جسمك.

هناك الكثير من الأغاني الرائعة التي تهدف إلى تخفيف التوتر؛ لذا ابحث عنها على الإنترنت، واختر منها ما يعجبك، ولا شك أنَّ الموسيقى هي أحد تلك الأشياء التي يمكِن لنا الاستمتاع بها في أثناء المضي قدماً في جوانب أخرى من يومنا.

إقرأ أيضاً: العلاج بالموسيقى: هل يمكن استخدام الموسيقى بديلاً عن الدواء؟

الخلاصة:

نتعرض في حياتنا الشخصية والمهنية لشتَّى أنواع الضغوط التي تؤثِّر بمرور الوقت في صحتنا النفسية والذهنية والجسدية؛ لذا يجب ألا نغفل الاهتمام بصحتنا لأنَّها أغلى ما لدينا. كان هذا الجزء الأول من الخطوات نحو عيش حياة خالية من التوتر، وإن رغبتَ بمعرفة المزيد؛ فانتظِرنا في الجزء الثاني من مقالنا.

 

المصدر




مقالات مرتبطة