كيف تبدأ مشروعاً بأفضل طريقة ممكنة؟

هذا المقال مأخوذ عن الصحفية الكندية "سوزان كريج" (Susan Craig)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في البدء بمشروع بصورة صحيحة.



عندما يتعلق الأمر ببدء مشروع، يوجد نوعان من مديري المشاريع: أولئك الكسالى الذين يميلون إلى المماطلة والتأجيل، وأولئك الذين يُنجزون كل شيء في عجلة. بالنسبة إلى النوع الأول، فمن المرجح أن يبدؤوا بلوم أنفسهم في أثناء مرحلة إنجاز المشروع؛ لأنَّ المواعيد النهائية والاندفاع لتحقيق التزامهم بها يسبب لهم التوتر، بينما يكون النوع الثاني قد سئم بالفعل من المشروع؛ وذلك لأنَّهم اختبروا مسبقاً نوعاً من الاحتراق الوظيفي في مرحلة التحضير.

علينا إذاً الموازنة بين هذين الأمرين، وذلك من خلال نوع ثالث من مديري المشاريع الذي يعتمد على العادات والروتين، فيجب ألَّا تكون بداية المشروع مجهدة ولا حتى بطيئة، ولتحقيق التوازن، هناك 5 خطوات بسيطة إذا اتبعتَها عند البدء بالمشروع، فلن يصعب عليك الالتزام بالموعد النهائي الخاص بك خلال المرحلة التالية، وفي الوقت نفسه، ستكون لديك خطة واضحة حتى لا تضطر إلى التنقل بسرعة من مهمة إلى أخرى، فدعونا نتعلم كيفية إنشاء أساس متين لنجاح مشروعك.

الخطوة الأولى، توظيف الفريق:

يُعَدُّ الفريق من أهم عوامل النجاح في إدارة المشروع؛ إذ إنَّ مهاراتهم وقدرتهم على العمل ضمن فريق ستحدد كيف ستكون النتيجة، وقد تكون لديك ميزانية غير محدودة وفترات طويلة من الوقت، لكن لن يساعدك هذا الأمر إذا لم يتمكن الفريق من تنفيذ المشروع.

بالنظر إلى هذه الحقيقة، من الضروري أن تمنح نفسك وقتاً كافياً وتتأنى في العثور على أفراد الفريق المناسبين، فهناك بعض النصائح حول كيفية العثور عليهم، وما الذي تبحث عنه، ومنها:

1. راجِع المشروع:

أهم وأول ما يجب عليك فعله هو أن تقرأ وتراجع مشروعك، ثم تحدد أموراً عدَّة مثل: ما هي الوظائف التي تحتاج إليها؟ وكم عدد الأشخاص الذين تحتاج إليهم؟ وما هي مهاراتهم التي ينبغي أن يتمتعوا بها؟ سيكون حينها من السهل بكثير تشكيل فريق عمل إذا كنتَ تعرف من تحتاج إليه بالضبط.

2. تأكَّد من الميزانية المالية:

تُعَدُّ الميزانية عنصراً هاماً وضرورياً في إدارة المشروع، وعليك أن تكون ماهراً في التخطيط للحفاظ عليها، ولتضييق نطاق البحث، ابحث عن زملائك في الفريق وفقاً لميزانيتك؛ حيث إنَّك بخلاف ذلك، قد تكتشف في خضم المشروع أنَّه لا يمكنك تحمُّل تكاليف أحد المحترفين، فإمَّا أن تتجاوز الميزانية، أو تضطر إلى تغيير فرد من أفراد الفريق في منتصف مسار العمل.

يمكنك أيضاً تحديد أولويات المتخصصين لديك، فعادة ما تكون هناك مجالات عمل أكثر أهمية من غيرها، لذلك اختر المزيد من المحترفين المؤهلين في المجالات التي تحدد النجاح.

3. تحقَّق من الوقت المتاح:

يجب أن تبحث أيضاً عن مدى توافر أعضاء الفريق، فإذا كان أحد الأشخاص يشك فيما إذا كان لديه وقت كافٍ، أو لا يمكنه التنبؤ بما يمكن أن يطرأ من تغييرات في جدول أعماله، فمن الأفضل التحقق من المرشحين الآخرين لهذا العمل؛ لذا من الضروري العثور على أعضاء لديهم الوقت والطاقة بالفعل.

4. تعامَل مع المرشحين للعمل كفريق واحد:

يحدث أن يكون جميع الأشخاص في الفريق بالفعل محترفين بارعين، ولكن لا يعملون معاً بروح الفريق، بينما في الفريق، يكون كل عضو مكملاً للآخر ومستعداً للتواصل معه.

إذا كان جميع الموظفين لديك من مؤسسة ما، فتعرَّف إلى علاقاتهم في الشركة؛ إذ قد يكون وضع منافسَين اثنين في المهمة نفسها فكرة سيئة، فلا تتردد في اختيار الشخص الأكثر ملاءمة خلال العمل؛ إذ إنَّه بخلاف ذلك، سيكون من الصعب إكمال المهام البسيطة وسيكون فريقك أقل تحفيزاً عموماً.

أعطِ اهتماماً أكبر لتوزيع المهام على أفراد الفريق، واهتماماً أقل بمجالات العمل، فربما لا يكون الشخص مؤهلاً تأهيلاً كبيراً في هذا المجال، ولكنَّه ماهرٌ في مهام معيَّنة ضمن هذا المجال.

إقرأ أيضاً: توزيع المهام على أعضاء الفريق

الخطوة الثانية، تحديد الأدوار والمسؤوليات:

بعد أن يتم فرز فريقك، يأتي دور تحديد الأدوار والمسؤوليات، فمن الضروري أن يعرف ويفهم كل عضو دوره في المشروع، على سبيل المثال: سيصعب عليك البدء بفعل شيء ما عندما يُكتفَى بإخبارك أنَّك تنتمي إلى الفريق المسؤول عن تغطية وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث سيقضي الفريق وقته في مناقشة من سيقوم بالمهام المختلفة، ولا يوظفون إمكاناتهم على أكمل وجه، ووفقاً لتقرير أعدَّه معهد إدارة المشاريع (PMI)، فإنَّ 47% من المشاريع تفشل بسبب عدم وجود متطلبات واضحة.

يجب على مدير المشروع تحديد من هو أكثر ملاءمة لمهمة معيَّنة في المشروع، وفقاً لقدراته ومهاراته الشخصية، على سبيل المثال: في المشاريع الكبيرة، يجب أن يكون هناك قائد في كل فريق يمكنه تنظيم العمل داخل الفريق وتتبع تقدُّمه.

وكما ناقشنا آنفاً، هناك أيضاً أشخاص ليسوا خبراء في مجالهم ولكنَّهم ماهرون حقاً في بعض المهام، فعليك التأكد من أدائهم للمهام القادرين على إنجازها بشكلٍ أفضل، وفي النهاية، يجب على كل عضو في المشروع أن يعرف الأمور الآتية:

  • دوره.
  • ما يمكن أن يُطلَب منه وما عليه القيام به.
  • مع من يجب عليه التواصل للحصول على التقارير ونتائج العمل.
  • الميزانية المتاحة.

يضمن هذا النشاط الصغير والهام الالتزام بجميع المواعيد النهائية، وعدم وجود مهام مكررة أو مواقف يعتقد فيها الأشخاص أنَّ الأعضاء الآخرين يقومون بالمهام وهم لا يفعلون ذلك، ويكون تتبع مسار التقدم في العمل أسهل.

الخطوة الثالثة، تحديد مواعيد نهائية:

تحديد المواعيد النهائية ليس بالأمر السهل؛ حيث يتعين عليك مراعاة الكثير من الأشياء، فعادةً ما يتوجب وضع تاريخ نهائي لإتمام المشروع، ولكن من الضروري أن تقوم بتقسيمه إلى مراحل صغيرة مع موعد نهائي لكل مرحلة، وبخلاف ذلك، ستقع أنت وفريقك في فخ المماطلة حتى اللحظة الأخيرة، ويتحول حينها المشروع إلى جحيم ويصبح من الصعب إتمامه.

يجب على مدير المشروع أيضاً في أثناء تقسيمه إلى مجموعات أصغر من المهام، أن يتواصل مع الشخص المسؤول، وفي بعض الأحيان، يكون من المستحيل فعلياً إكمال المهمة خلال فترة زمنية قصيرة؛ لذا يجب عليك دائماً أن تسأل الشخص عمَّا إذا كان الموعد النهائي مناسباً أم لا.

في الوقت نفسه، إذا لاحظتَ أنَّ بعض أعضاء الفريق يطلبون مواعيد نهائية طويلة جداً، فلربما عليك حينها التحقق من سبب استغراقهم وقتاً طويلاً للقيام بمهام بسيطة، وإذا كنتَ قد عملتَ بالفعل كمدير مشروع، فيجب أن تكون قد أدركتَ أنَّه ربما تحتاج المواعيد النهائية أحياناً إلى التمديد، وهناك أسباب عدَّة وراء ذلك:

  • لم تقسِّم المشروع إلى مهام أصغر (لديك موعد نهائي كبير لمهمة كبيرة وفريقك يماطل حتى اللحظة الأخيرة).
  • شخص ما في الفريق مريض.
  • المناسبات وأيام العطل.
  • تحديد مواعيد نهائية خاطئة.
  • رداءة جودة النتيجة (على سبيل المثال: 80% من المؤسسات تدَّعي أنَّها تقضي نصف الوقت في إعادة العمل).
  • نسيان مهمة من المهام.

يكون هذا في بعض الأحيان خطأ من مدير المشروع، وأحياناً يتوقف الفريق عن العمل، وأحياناً أخرى لا تكون لديك أيُّ سيطرة على الموقف (على سبيل المثال: المرض)، لذلك يجب عليك دائماً الاحتياط بخطة إنقاذ للموقف.

تعني هذه الخطة أن يضيف مدير المشروع وقتاً إضافياً إلى المهام - دون إخبار الفريق بذلك - بحيث إذا حدث أمر مفاجئ في مسار المشروع، فلن يتأثر الجدول الزمني الكلي.

من أجل تحديد ما يكفي من الوقت، عليك معرفة العديد من الأشياء، ففكِّر قبل كل شيء فيما سيحدث إذا لم يتم الالتزام بالموعد النهائي، هل سيؤثر ذلك حقاً في الجدول الزمني الإجمالي؟ إذا كانت الإجابة "لا"، فلستَ بحاجة إلى تمديد الوقت هذا.

ثانياً، فكِّر في الخطأ الذي يمكن أن يحدث في المهمة، ومقدار الوقت الذي ستحتاج إليه لإصلاح الخطأ، وثالثاً، ضع في الحسبان الشخص الذي يقوم بأداء المهمة، وقدِّر ما إذا كان بإمكانه تقديم نتائج رائعة في المحاولة الأولى أم أنَّك ستضطر إلى إعادة ترتيب المهام؛ إذ ستكون أفضل في تقدير الوقت الإضافي الذي ستحتاج إليه بعد اكتساب المزيد من الخبرة في إدارة المشاريع.

إقرأ أيضاً: لا تمارس تعدد المهام، بل أتقن التبديل فيما بينها

الخطوة الرابعة، مناقشة الخطة مع الشركاء:

الشركاء هم الأشخاص الذين يشاركون أو يؤثرون ويتأثرون في المشروع، فهُم مثل أيِّ شخص مشارك في المشروع؛ لذا قبل التخطيط للمناقشة، من الجيد أن تجد شركاء.

من أجل تعيين شركاء، اسأل نفسك عن تأثيرهم في المشروع، وما تريده منهم، وما إذا كان يمكنك استبدالهم؛ حيث يمكن أن يشغل الشركاء أيَّ منصب في المشروع، كالمديرين أو أعضاء فريق الدعم أو العملاء.

بعد تعيين من تريد التواصل معهم، يجب أن يكون لديك برنامج بشأن المعلومات التي تريد الحصول عليها منهم، فعادة ما يتضمن نقاطاً مثل:

  • حل المشكلات.
  • المخاطر.
  • تعريف نجاح المشروع.
  • المنافسون.
  • الميزانية.
  • الجودة.
  • المواعيد النهائية.
  • التغييرات التي سيجريها المشروع.

من الجيد إجراء المناقشات مع الشركاء بالترتيب، بخلاف ذلك، قد تجد نفسك في اجتماع طويل جداً دون الوصول حقيقةً إلى تعريف جيد للمشروع، ففي منصة "بريبلاي" (Preply)، لديهم دائماً أجندة يلتزمون بها بغضِّ النظر عمَّا إذا كان من الهام أن يخرجوا بأفكار جديدة، لكنَّهم لا يعطونها أكثر من 20 دقيقة في الاجتماع.

يُعَدُّ الإصغاء أيضاً من الأمور الهامة أكثر من التحدث؛ إذ إنَّه الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها رؤية المشروع من وجهات نظر مختلفة ومعرفة ما يجب القيام به، بدلاً من افتراض ما عليك القيام به وتوضيحه لشركاء العمل.

الخطوة الخامسة، التواصل:

يُعَدُّ التواصل أحد المسؤوليات الرئيسة لمدير المشروع، وهو جزء أساسي آخر من النجاح، فإذا كانت لديك خطة تواصل جيدة، فسوف تكون قادراً على إدارة فريقك بكفاءة أكبر، وتكون لديك علاقة أفضل مع الشركاء، ومن المرجح أن تلتزم وتفي بالمواعيد النهائية، على سبيل المثال: يمكن أن يكلف ضعف التواصل خسارة بمقدار 62.4 مليون للشركات الكبيرة سنوياً، وتتضمن خطة التواصل خطواتٍ عدة:

شاهد بالفديو: 6 نصائح لإدارة فرق العمل بشكل فعال

1. تحديد مع من يمكنك التواصل:

دوِّن قائمة بالأشخاص الذين يجب أن تتواصل معهم، على سبيل المثال: الشركاء والفِرق ومديرو الفريق والأعضاء المسؤولون عن المهام الأساسية؛ حيث ستحدد لك هذه الطريقة الهدف وصيغة العمل؛ إذ من المرجح أن يقرأ شخص ما البريد الإلكتروني، بينما يمكن الوصول إلى الآخرين من خلال المكالمات الهاتفية فحسب.

2. تحديد أهداف التواصل:

يجب أن تحدد في كل رسالة الهدف من التواصل، فربما يكون تقديم معلومات، أو الاستفسار، أو المناقشة، أو حل المشكلات؛ حيث يحدد الهدف صيغة الرسالة.

3. تحديد الصيغة المناسبة لك:

يعتمد هذا على الهدف والمتلقِّي، فربما قد تستخدم تطبيق "سلاك" (Slack) أو أيَّ أداة عمل أخرى، ورسائل البريد الإلكتروني، والاجتماعات الأسبوعية، والعروض التقديمية، والتقارير، والاستطلاعات، وما إلى ذلك.

4. تحديد المواعيد:

من الأفضل أن يكون لكل شيء روتين، على سبيل المثال: إذا علم الشركاء أنَّك سترسل إليهم تقارير كل يوم ثلاثاء، فمن المحتمل أن يقدموا تغذيتهم الراجعة بصورة أسرع، ومن المرجح أن يحضر المزيد من الأشخاص الاجتماعات إذا علموا أنَّها تُجرَى مرتين في الأسبوع؛ حيث سيُخصصون هذا الوقت لحضورها.

تحديات بدء المشروع:

سنلقي نظرة الآن على التحديات المحددة التي قد تواجهها في البداية وكيفية التغلب عليها.

1. التخطيط ببطء:

يحدث كثيراً أن يقضي مديرو المشروع الكثير من الوقت في التخطيط للمشروع، فهم يعتقدون أنَّ لديهم الكثير من الوقت حتى الموعد النهائي، ويستهلكون وقتهم الثمين في البداية؛ لذا، قد يؤدي ذلك إلى التسرع في أثناء مرحلة الإنجاز؛ مما يؤثِّر في جودة المشروع، وللتخطيط بشكل أسرع، حاول أن:

  • تحدد موعداً نهائياً للتخطيط.
  • تبادر بإجراء مكالمة أو اجتماعات بدلاً من انتظار الرد على كل بريد إلكتروني.
  • تعتمد روتيناً للتخطيط.
  • تشرك الناس في المشروع منذ بدايته.

2. التأخير:

بعد أن تخطط لكل شيء، يبدأ الشركاء أو أعضاء الفريق تأجيل تاريخ البدء بالمشروع، فعليك في هذه الحالة القيام بما يأتي:

  • اكتشاف السبب الذي يدفعهم إلى تأجيل العمل.
  • المفاوضة بشأن ما يمكنك القيام به لتقليل الميزانية، أو توضيح سبب وجوب أن تكون بهذا القدر بالضبط.
  • توضيح كيف يمكن أن يؤثِّر ذلك في المشروع.
  • استثمار الوقت في بناء الفريق وتحفيز الأفراد.

3. الافتقار إلى الوضوح والفهم:

قد يرتبك كل من الشركاء وأفراد الفريق قليلاً في بداية المشروع، فقد لا يفهمون الجدول الزمني أو الميزانية أو المهام، ولكن يمكن معالجة الأمر بسهولة من خلال:

  • زيادة المناقشات مع العملاء حول المشروع.
  • تدوين قائمة بالمتطلبات للفريق والأهداف الرئيسة للمشروع.

في الختام:

يحميك بدء المشروع بصورة صحيحة من الإرهاق والتسرع في كل شيء لاحقاً، وكما ذكرنا، هناك 5 خطوات نحو بداية ناجحة، وهي: العثور على الفريق المناسب، وتعيين أدوار ومهام واضحة لهم، وتحديد المواعيد النهائية، والتخطيط للمناقشة مع الشركاء، وتحديد خطتك للتواصل مع الآخرين، وإذا كنتَ قد انتهيتَ من جميع الخطوات، فمن المحتمل أن تبدأ المشروع بسهولة، ومع ذلك، لا تنسَ أن تبذل جهداً في المشروع لاحقاً، ولا تخف من إجراء تغييرات في أثناء العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة