قيمة الحياة في أهدافها

لم يخلُق الله سبحانه وتعالى الحياة عبثاً ولم يوجد الإنسان هملاً، قال الله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا)، وقال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، والعاقل يدرك بما وهبه الله من عقل وما أودع فيه من فطرة أن الكون الذي بني على نظام دقيق والإنسان الذي خلق في أحسن تقويم لابدّ أن يكون وراء خلقهما هدف عظيم وغاية سامية، وبالتالي فإنّ إضاعة الإنسان لأي وقت من حياته وإبقائه في دائرة الفراغ والضياع يتنافى مع هذه الحقائق فلابدّ أن يجعل الإنسان لكل وقت من حياته هدفاً ولكل عمل غاية وأن يبرمج حياته على هذا الأساس ولو تأمّلت في سير الناجحين في الحياة لرأيت أنّ النجاح في حياتهم كان بمقدار ما كانوا يرسمون لحياتهم من أهداف.



قال الحسن البصري عن عمر بن عبد العزيز رحمهم الله: (ما ظننت عمر خطا خطوة إلّا وله فيها نية)، وقال سلمان رضي الله عنه: (إني لأحتسب نومتي كما احتسب قومتي).

والأهداف في حياة الإنسان تنقسم إلى قسمين:

1- أهداف كبرى كلية دائمة أو الأهداف الاستراتيجية كما يقال.

2- أهداف صغرى جزئية مرحلية أو أهداف تكتيكية.

ولابدّ أن تكون الأهداف الصغرى خادمة للأهداف الكبرى ودائرة في فلكها ووسيلة لها وطريقاً للوصول إليها.

وأكبر هدف وأعظم غاية وأسمى مقصد يُمكن أن يسعى له الإنسان في الحياة، هو السعي لرضوان رب العالمين بالوسائل التي شرعها الله لذلك.

أهم الأفكار التي تساعد في تحديد الأهداف:

في هذا المبحث سأحاول أن أضع بعض الأفكار التي تساعد الإنسان على تحديد أهدافه في جوانب حياته المختلفة، وهذه الأفكار هي:

1- حذار أن تعود نفسك على القيام بأعمال لا هدف لها، فالنفس كالطفل إذا تعودت على شيء لزمته.

وقد يتساءل البعض هل يعني أن تكون الحياة كلّها عمل وكد لا مكان فيها للترويح والاستجمام؟

والجواب: لا بالطبع، فالنفس لا تطيق ذلك، ولكن ليكن طلبك للاستجمام في وقته المناسب، وبالكيفية المناسبة فيصبح هدفاً مقصوداً ومشروعاً وضمن منظومة الأهداف المطلوبة.

إقرأ أيضاً: 4 دلائل تُشير إلى أنّ الإنسان بحاجة إلى إجازة وراحة

مثلاً تريد أن تسافر إلى القرية في يوم الأحد وستبقى في القرية ثلاثة أيام. فما هي أهدافك من هذا السفر؟

لتكن مثلاً:

  • زيارة لأختك وزوجها وأطفالها، وتقديم بعض الهدايا لهم.
  • الذهاب إلى مسجد في قرية قريبة طُلب منك المساعدة في ترميمه.
  • التعرّف على متنزه قريب في القرية ذكر لك جماله.
  • المرور على رجل كبير السن في القرية وسؤاله عن بعض الأحداث التاريخية التي عايشها والاستفادة من تجاربه في الحياة.
  • استطلاع إمكانية إقامة عمل استثماري في القرية بالاشتراك مع بعض أصدقائك فيها.
  • إلقاء درس أو موعظة في مسجد القرية إذا كان ذلك مناسباً.

وهكذا كل عمل تريد القيام به لابدّ أن يسبقه بلورة هدف أو أكثر لهذا العمل وتقوم بعملية ترتيب لها حسب أهميتها ثم تقسم وقت العمل لتحقيقها مرتبة، ثم في نهاية العمل تنظر كم نسبة ما أنجزته من أهداف العمل إلى مجموعها.

وحين تعوَّد نفسك على هذا النمط من الحياة ستصبح حياتك تلقائياً حياة منظمة، وذات أهداف لا تقبل بالفوضى ولا يسيطر عليها الفراغ ولا تضيع فيها الأوقات (الحياة).

2- عند تحديد الأهداف يجب مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة ثم تحديد الأهداف على مقدارها فلا تكون الأهداف خيالية في طموحها بينما الإمكانات المعدة لها أو تلك التي يُمكن إعدادها متواضعة جداً أي أن يكون الهدف ممكن الحصول والتحقيق فمثلاً عندما تريد إقامة عمل تجاري يجب أن تنظر كم المال الذي يمكنك توفيرها لهذا العمل التجاري، ثم حدّد حجم هذا العمل بناءاً على مقدار هذا المال.

أو عندما تريد البحث عن وظيفة فانظر ما هي الشهادة الدراسية التي تحملها والخبرات العملية التي تتمتع بها ثم على ضوء ذلك حدّد نوعية ومرتبة الوظيفة التي تسعى لها.

وفي المقابل يجب الحذر من إهداء أو تجميد الموارد والإمكانات المتاحة والإنشغال بأهداف متواضعة جداً مع إمكان القيام بغيرها، فكلا الأمرين "التعلق بالأهداف الخيالية أو الإنشغال بالأهداف المتواضعة" مضيعة للوقت وإهدار للطاقات.

إقرأ أيضاً: 6 مضيعات للوقت عليك تجنّبها

3- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه مناسباً للزمن الذين قدرته لإنجازه، لأن من أخطر مقاتل الأهداف الجيدة عدم وجود الوقت الكافي لإنجازها كمن يريد أن يحصل على الشهادة الجامعية في تخصص الطب مثلاً خلال عام واحد بعد تخرجه من الثانوية.

ومن ذلك أيضاً من يسرف ويبذّر في إعطاء الأوقات الواسعة جداً للأهداف التي يُمكن إنجازها في أقل من ذلك كمن يُمكنه التخرج من الجامعة مثلاً خلال أربع سنوات ولكنّه يماطل ويسوف ويتأخر فلا يحقّق هذا الهدف إلّا في ثمان سنوات!

والإحساس بقيمة الزمن وأهميته هو بداية تحريك النفوس وبعث الهمم لاستدراك الفائت أو اغتنام الحاضر والاستعداد للمستقبل، وليس هناك خسارة أشد من خسارة الوقت وهي خسارة لا يمكن تعويضها والزمن قيمة تتضاءل أمامها قيمة المال والدرهم والدينار في نظر أصحاب العقول الراجحة والبصائر النافذة.

4- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هدفاً مشروعاً فالأهداف الممكنة كثيرة ولا تضيق الحياة إلّا على العاجزين ولم يمتنع يونس عليه السلام من العمل، وهو في بطن الحوت إذ كان من المسبحين.

ولكن من الأهداف ما يجوز أن يتصدى الإنسان لتحقيقه وإنجازه ومنها ما لا يجوز له أن يسعى له أو يفكّر فيه فكل سعي في الأرض للفساد والإفساد وإن كان هدفاً ممكناً وقد يعود على فاعله بلذة أو نفع عاجل لكنّه في موازين الحق والهدى مردود وباطل، كما قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا)، وقال عليه الصلاة والسلام:  من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

وهذا لا يتأتى إلّا إذا عاش الإنسان في ظلال الإيمان وأنوار الوحي منطلقاً بجهده لعمارة الدنيا حتى ينال جزاء سعيه في الآخرة.

فالسعي لكسب المال وتنمية الثروة للتمتع بطيبات الحياة والإنفاق في وجوه البر هدف ممكن لكل من بذل جهده في ذلك ولكن يُمكن أن يكون عن طريق مشروع في تجارة أو زارعة أو صناعة ، ويمكن أن يكون عن طريق الغش والرشوة والاحتيال والربا والمخدرات.

فالجميع جمع الثورة وحصَّل المال، لكن أين الثرى من الثريا، الأول جمع ماله من الحلال فهو سعادة له في الدنيا ونجاة له في الآخرة إن أحسن إنفاقه أيضاً، والآخر جمعه من الحرام فهو شقاء له في الدنيا وجحيم وعذاب في الآخرة.

ومثال آخر من يريد أن النجاح في الدراسة بالجد والاجتهاد والمثابرة والاعتماد على النفس بعد التوكل على الله ودعائه واللجوء إليه، وفي مقابله من يريد أن ينجح ولكن بالغش والاحتيال والاعتماد على زملائه، وشتان بين الصورتين.

5- يجب أن يكون الهدف محدّداً وواضحاً، لا غموض فيه ولا لبس، لأن عدم تحديد الهدف أو عدم وضوحه يجعل الإنسان غير قادر على الوصول إلى ما يريد أو عدم معرفة ما يريد فمثلاً من يريد أن يتخرج من الجامعة لكنه لم يحدد أي تخصص يريد، ولا في أي جامعة، ولا متى سيكون ذلك فيكون هدفه غير محدّد ويصعب عليه الوصل إليه.

إقرأ أيضاً: الأهداف الذكية (SMART): كل ما تحتاج إلى معرفته عنها

وكمن يريد إيجاد بديل لعمله الوظيفي إذا تقاعد ويقف عند هذا فقط، أو يريد السفر فقط دون أن يحدّد وجهته أو طبيعة العمل الذي يسعى لتحقيقه في سفره.

إذاً فلابدّ من وضوح الهدف وتحديده بدقة حتى لا يختلط بغيره ويتعذر تحقيقه والسعي له.

ومن وضوح الهدف أن يكون إيجابياً لا سلبياً، أي أن تحدّد ما تريده بوضوح، إذ إنّ من الأخطاء التي تقع فيها كثير من الناس عند سؤاله عن هدفه أنّه يذكر لك ما لا يريده، أمّا ما يريده فهو غير واضح في ذهنه أو لم يفكّر فيه أصلاً، ومن وضوح الهدف أن تتخيّل أكبر قدر ممكن من تفاصيله كأنّه منجز متحقق حاصل بين يديك.

6- من شروط تحقّق الأهداف وضع خطة عملية للوصول إليها، فالهدف مهما كان عظيماً وممكناً ومشروعاً ومحدّداً ما لم يبين سبيل الوصول إليه يبقى أفكاراً وآمالاً فقط، أمّا تحققّه في الواقع فلابدّ له من خطة توصل إليه.

وهذا هو مفترق الطريق بين الجادين والهازلين في الحياة أنّ الهدف عند أهل الجد والعزائم بمجرد أن يتحدّد يتبعه التفكير والإعداد لكيفية تحقيقه والوصول إليه وما هو مدى البعد والقرب منه، وما هي العوائق الموجودة في الطريق أو التي يتوقع حصولها؟ وكيف يُمكن تجاوز هذه العوائق والتغلب عليها، أمَّا أهل التسويف والبطالة فما أكثر الأهداف الخيالية عندهم التي لا يخطون خطوة واحدة في سبيل تحقيقها.

فمن يضع له هدفاً مثلاً أن يوجد له منزلاً سكنياً خلال سنتين فلابدّ له من وضع خطة للوصول إلى هذا الهدف تشتمل على توفير المبالغ المالية والبحث عن الأرض المناسبة ووضع التصاميم الهندسية اللازمة والتعاقد مع المقاول وشراء الاحتياجات ورسم جميع هذه الخطوات بالدقة والتفصيل، وهذا يختلف عمّن يريد أن يبني منزلاً سكنياً فقط ثم لا يفكّر في شيء بعد ذلك.

ومن وضع له هدف تأليفِ كتاب مثلاً فلابدّ له من تحديد موضوعه ثم الاطلاع الأولي على مصادره ثم وضع مخطط له يحتوي على أبوابه وفصوله ومباحثه ومسائلة وأمثلته وغير ذلك.

وينبغي عند وضع خطة تحقيق الهدف مراعاة أن تكون عملية مرنة منطقية.

7- بعد إنجاز الخطة وتوفير الاحتياجات وتحديد زمن التنفيذ يكون التنفيذ للخطة من أجل الوصول للهدف وتحدّد جهة التنفيذ وجهة الإشراف ومعيار قياس التقدم نحو الهدف وقد تكون جهة التنفيذ هي جهة الإشراف، وسيواجه الإنسان أثناء تقدّمه نحو هدفه كثيراً من العقبات التي قد تستدعي منه تعديل بعض خططه والنظر في الأهداف المرحلية التي توصله للهدف الرئيسي من العملية كلّها.

ولابدّ أن تكون مؤمناً بهدفك به إيماناً جازماً، وأن تعقد العزم على الوصول إليه بلا أدنى تردّد، وأن تعقد العزم على أنّك المسؤول عن تحقيقك لا غيرك.

8- يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هدفاً محتاجاً إليه وأولى من غيره بالعمل.

إقرأ أيضاً: تحديد الأولويات: أفضل استثمار للجهد والوقت

فقد يكون الإنسان يسعى لأهداف تتوفّّر بها جميع الشروع السابقة لكنّه لا يحتاج إليها بل حاجته لأهداف أخرى أكثر إلحاحاً كمن يريد أن يعدَّ له استراحة يقيم فيها أسبوعياً في إجازة نصف العام وهو لم يبني منزلاً سكنياً يقيم في طوال العام.

وهذا اختلال في الأوليات عنده حيث يقدم ما حققه التأخير ويؤخّر ما حققه التقديم، وربَّما تمادى الحال بمن هذه صفته إلى أن يقضي حياته في توافه الأمور وصغارها بينما كان يُمكن أن يعمل غير ذلك ويترك أثر بل آثاراً يناله نفعها وينال غيره في الدنيا والآخرة.

وهذا يقودنا إلى الإشارة إلى قضية أخرى وهي أن الإنسان لابدّ أن يكون في تحديد أهدافه والسعي لتحقيقها صاحب طموح ونفس توَّاقه لمعالي الأمور، فالحياة محدودة والفرص قد لا تتكرر، ومن قضى أوقاته ومضت حياته في الاشتغال بتوافه الحياة وصغارها عاش في قاعها، ولم يتسنى له الرقي إلى ذراها وقممها.

فمثلاً إنسان يتمتع بذكاء عال جداً ويتخرج من الثانوية بتقدير ممتاز ولديه قدرات أن يواصل دراسته حتى يحصل على شهادة الدكتوراه، لكنّه يرضى بما تحقّق له في الثانوية ويبحث له عن وظيفة محدّدة، هذا قد قتل قدراته ووأد إمكاناته ، والسبب أنّ أهدافه متواضعة، وطموحه محدود.

وإنسان آخر يقضي أوقاته في اللهو والبطالة ومجالسة الكسالي والفارغين، ولو قضى هذه الأوقات في عبادة ربه من صلاة وقراءة وذكر وسعي على الأرملة والمساكين واليتيم، وفي مزاولة حرفة واكتساب رزق حلال لكان حاله غير حالة لكنّه عدم الطموح والرضى بالدون (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ).

9- إذا حدّدت هدفك العام وتوافرت فيه المواصفات والشروط المتقدمة، فالواجب عليك أن تجزّئ هذا الهدف العام إلى أهداف جزئية مرحلية صغيرة وكلّما حقّقت هدف منها اقتربت أكثر نحو استكمال هدفك حتى يتم تحقيقه باستكمال تحقيق الأهداف المرحلية الصغرى، وهذا يستدعي منك تقسيم هدفك الرئيسي العام إلى أهداف مرحلية صغرى، وأن تحدد الخطوات العملية التي يتم من خلالها تحقيق كل هدف مرحلي على حدى.

إقرأ أيضاً: الفرق بين وضع الأهداف وتحقيقها: 3 خطوات لتبدأ بتحقيق أهدافك

فمثلاً من أراد أن يؤلّف كتاباً في فن معين في موضوع محدّد يلزمه لتحقيق ذلك عدد من الأهداف المرحلية وهي:

  1. وضع مخطط للكتاب.
  2. حصر مصادرة ومراجعه.
  3. كتابته وإعداده.
  4. نشره وطباعته.

وكل هدف من هذه الأهداف المرحلية يحتاج لعدة خطوات عملية لتحقيقه.

فمثلاً هدف وضع مخطط الكتاب يحتاج للخطوات الآتية:

  1. أن يطّلع على الأبحاث السابقة في الموضوع نفسه.
  2. أن يسجّل ما يلقاه من مباحث ومسائل ممّا له علاقة بموضوعه.
  3. أن يطّلع على الكتب المتخصّصة في طرائق البحث ويسجل ما له علاقة بموضوعه.
  4. أن يجمع شتات ما كتبه وينسّقه وينظّمه ويصيغه.
  5. أن يعرض ما كتبه من مخطط على بعض المتخصصين في هذا الفن ممّن هم أعلم منه بذلك.
  6. أن يستفيد من ملحوظاتهم وتوجيهاتهم ويعد مخطط كتابه على الصورة النهائية.

وهدف حصر مصادر ومراجع الكتاب يحتاج منه إلى الخطوات الآتية:

  1. أن يقوم بالبحث والتفتيش في مكتبته الخاصة ويسجل ما له علاقة ببحثه من المصادر.
  2. أن يقوم بزيارة أكبر قدر ممكن من المكتبات التجارية للبحث فيها وشراء ما يحتاجه منها.
  3. أن يطّلع على موجودات المكتبات العامة وفهارسها ويسجل ويحصر ما له علاقة بكتابه.
  4. يقوم بزيارة المكتبات الخاصة لزملائه وأصدقائه ويبحث فيها ويستعير ما له علاقة ببحثه.
  5. يطالع فهارس المصادر في الأبحاث المشابهة ويسجل ما له علاقة ببحثه.
  6. يبحث في فهارس دور النشر والرسائل الجامعية فقد يجد ما يصلح مصدراً لكتابه.

ثم ينتقل للهدف المرحلي الثالث وهو كتابه المؤلف وإعداده، وله أيضاً خطوات عملية تؤدي إليه.

ينتقل للهدف المرحلي الرابع وهو طباعة الكتاب ونشره، وله أيضاً خطوات عملية تؤدي إليه.

وقد آثرت عدم ذكر الخطوات العملية لهذين الهدفين اختصاراً واكتفاءاً بالتمثيل بما تقدم، فإذا تحققت الأربعة الأهداف المرحلية من خلال خطواتها العملية فقد وصلت لهدفك الرئيسي في الموضوع وهو تأليف كتاب في موضوع محدّد في علم من العلوم.

وممّا ينبغي ملاحظته في الأهداف المرحلية والخطوات العملية المؤدية إليها أن يكون لكل خطوة بديل أو أكثر بحيث لو لم تتمكّن من هذه الخطوة لحاولت التقدّم عن طريق البديل الآخر لها، بل لو رأيت أنّ الهدف العام لا يمكن تحقيقه فليكن لك أهدفاً بديلة تستثمر في تحقيقها ما بذلت من جهد.

فمثلاً لو رأيت أنّ الموضوع كُتب فيه ولم تطّلع على ذلك إلّا بعد البحث والعمل والتعب، أو ظهر لك أنّ المعلومات المتوافرة لا تكفي لتأليف كتاب فيمكنك حينئذٍ أن تستعيض عن ذلك بكتابة مقال أو بحث علمي حول الموضوع في إحدى الدوريات المتخصصة.

وهذا المثال الذي أسهبت في بيانه بعض الشيء يمكن أن يطبق على أي هدف تسعى له في الحياة ولكن بالصورة المناسبة له.

10- من عوامل النجاح في تحقيق الأهداف أن يكتم أمرها وأمر السعي والعمل لتحقيقها عمّن لا حاجة إلى علمه بها، وكما ورد في الأثر (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)، ومن عجز عن حفظ سره فلا يلوم غيره إذا أفشاه، وكم من الأهداف ضاعت وفشل في تحقيقها أو سرقت بسبب إفشاء أسرارها عن أصحابها.

 

المصدر: كتاب حتى لا تكون كلّاً - عوض بن محمد القرني




مقالات مرتبطة