عقلية الحتمية: كيف تحقق أي شيء تريده دون قوة الإرادة؟

عندما يتعلق الأمر بتعلُّم عادات جديدة، والحفاظ على استمرار العادات والحفاظ على الأنظمة الشخصية، فإنَّنا نميل إلى الاعتقاد بأنَّنا بحاجة إلى الكثير من قوة الإرادة والقوة المطلقة، لكنَّني هنا لأخبرك أنَّ هناك طريقة أفضل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "ثان فام" (Thanh Pham)، مؤسِّس موقع "آسيان إيفيشنسي" (asianefficiency)، ويخبرنا فيه عن تجربته في كيفية تحقيق الأشياء دون الحاجة إلى قوة الإرادة.

إنَّها ليست تقنية خيالية، ولا خدعة مبتكرة؛ إنَّها فقط تغيير طفيف في طريقة التفكير. ولقد تعلَّمتُ هذه التقنية من منتور وهو يسميها عقلية الحتمية "The Inevitability Mindset".

الحلقة الأضعف:

تسمح لك عقلية الحتمية بالتوصل إلى حلول منهجية تساعدك في كل ما تريد تحقيقه دون الاعتماد على قوة الإرادة. أعتقد حقاً أنَّ هذه الميزة تجعلك كفؤاً جداً؛ وذلك لأنَّك تستفيد من نظام لا يعتمد عليك.

دعني أشرح. داخل أي نظام، يكون العنصر البشري دائماً هو الحلقة الأضعف؛ وذلك لأنَّنا مخلوقات معقدة. لدينا مشاعر، ولدينا تقلُّبات مزاجية، ولدينا إرادة محدودة.

يمكن أن تختلف كل هذه العوامل من يوم لآخر. فقد تكون رائعاً في بعض الأيام في إنجاز الأشياء، ومواكبة جميع عاداتك الجيدة والحفاظ على نظرة إيجابية للحياة. ثم تأتي أيام تريد فيها فقط الاستلقاء في السرير، والمماطلة وتناول المثلجات في أثناء مشاهدة منصة "نتفلكس" (Netflix) على الجهاز اللوحي "الآيباد" (iPad).

هذا لا يضع في الحسبان حتى كل الأشياء الأخرى التي تحدث في الحياة؛ حيث يكون لدينا تحديات في العلاقات، ويحتاج الأشخاص الآخرون في حياتنا إلى اهتمامنا، وهناك الفواتير التي تُسبب لنا الضغط؛ وكل هذه المتغيرات تؤثر في شيء واحد هام وكبير وهو: قوة إرادتنا.

عندما لا تشعر أنَّك بخير، تقل قوَّتك وإرادتك للقيام بالأشياء الهامة؛ وعندما تكون متوتراً، فإنَّك تدمِّر قوة إرادتك أكثر من المعتاد، وعندما تعاني من بعض المشكلات في العلاقات في حياتك، فإنَّ قوة الإرادة تكاد تكون معدومة.

عندما تفتر قوة إرادتنا، تسوء الأمور وتتدهور، وتعود أفكارنا وعاداتنا وسلوكاتنا السلبية إلى سابق عهدها؛ وهذا هو بالضبط سبب تفضيلي دائماً للحلول المنهجية على أي حل يعتمد على قوة الإرادة أو القوة المطلقة. الحلول المنهجية متسقة، لكنَّ الناس ليسوا كذلك.

عندما يمكنك إخراج العنصر البشري من العملية أو النظام، فإنَّك تقلِّل فرص حدوث الأخطاء؛ أو بعبارة أخرى: إنَّك تزيد من فرصة الحصول على ما تبحث عنه.

إقرأ أيضاً: ما هي العقلية الثابتة؟ وهل يمكن تغييرها؟

أمثلة عن الحياة الواقعية:

ما تفعله عقلية الحتمية هي أنَّها تجبر على التفكير تفكيراً تتجاهل فيه العنصر البشري من العملية. بدلاً من التفكير في "كيف يمكنني الحصول على هذه النتيجة باستمرار؟" - قوة الإرادة - قل: "كيف يمكنني أن أكون في وضع يكون فيه من المحتم أن يحدث ذلك؟".

أنا لا أثق دائماً بنفسي في اتخاذ القرار الصحيح، خاصةً عندما أكون متعباً أو لست في مزاج جيد. ومع ذلك، إذا كنت دائماً في وضع يسمح لي بفعل الشيء الصحيح للدرجة التي يكون معها فعل الشيء الصحيح حتمياً، فسأفعل ذلك.

الفكرة هي أن تضع نفسك في موقف يكون فيه فعل الشيء الصحيح أمراً حتمياً. وهناك طريقة أخرى للتفكير في هذا الأمر وهي تأثير القوى الخارجية في دفعي دائماً لفعل الشيء الصحيح.

في العقليات العشر للإنتاجية تحدثت عن النظام البيئي للإنتاجية الشخصية. عندما تصمم محيطك الخاص، ونظامك البيئي المناسب للإنتاجية، لا يمكنك إلا أن تكون منتجاً. إذا كنت تعيش في مدينة تحبها؛ حيث الطقس فيها رائع دائماً، وكنت محاطاً بجميع الأدوات التي تساعدك على تحقيق أقصى درجات الإنتاجية، وشريكك يلهمك، وتحب ما تفعله، فلا مفر من أن تكون منتجاً. كل هذه القوى الخارجية تضعك في موقف يكون فيه من الحتمي أن تنجز الأشياء.

أنت لا تعتمد على نفسك أو قوة إرادتك أو مزاجك لإنجاز الأشياء. وفي حالتك هذه هناك طريقة واحدة فقط، وهي المضي قدماً؛ سواء كان ذلك اتخاذ قرار، أم تعلُّم عادة جديدة، أم الحفاظ على عادة ما، أم إنجاز الأشياء، فإنَّ هذه العقلية توجِّهك للقيام بالشيء الصحيح.

مثال شخصي هو عندما اكتسبت عادة تنظيف أسناني بالخيط. لم أكن أبداً ملتزماً مع تنظيف الأسنان بالخيط كل يوم؛ وذلك لأنَّني كنت أنسى دائماً القيام بذلك بعد تنظيف أسناني بالفرشاة؛ لذا بدأت أفكر: "كيف يمكنني أن أجعل عملية تنظيف أسناني بالخيط بعد تنظيف الأسنان بالفرشاة عملية حتمية؟".

الجواب في الواقع سهل جداً: أضع الخيط بجانب المكان الذي أضع فيه فرشاة الأسنان دائماً. في كل مرة أنتهي من تنظيف أسناني بالفرشاة أضعها حيث كنت أضع خيط التنظيف، كنت أراه ويذكِّرني بأن أبدأ بتنظيف الأسنان به. لم يكن عليَّ حفظ أي شيء، ولم يكن عليَّ استعمال أي قوة إرادة. كان هناك التزام، وكان لا مفر من تحقيقه.

مثال شخصي آخر هو عندما غيَّرت نظامي الغذائي إلى الأكل الصحي. في الماضي، كانت ثلاجتي مليئة بالبيتزا المجمدة، وبقايا الطعام مما أتناوله خارج المنزل وما شابه.

عندما تكون ثلاجتك مليئة بالطعام، فلا مفر من أن تأكل مما فيها؛ وخاصةً عندما تكون جائعاً حقاً ستأكل أي شيء متوفر؛ لذا فإنَّ الحل الشامل السهل هو عدم الاحتفاظ بالوجبات السريعة في ثلاجتك. لقد غيرت متاجر البقالة، واستبدلت الوجبات الصحية بالوجبات السريعة جميعها، ولم تعد تلك مشكلة بالنسبة إليَّ بعد الآن.

والآن عندما أشعر بالجوع، من المحتم أن أتناول الأطعمة الصحية الموجودة في انتظاري. مرة أخرى، أنا لا أعتمد على قوة الإرادة لاتخاذ القرار الصحيح. لكن ليس لدي أي بدائل أخرى سوى تناول الأطعمة الصحية.

شاهد بالفديو: 5 طرق تفكير سلبية عليك تجنبها اليوم

يمكنك تطبيق عقلية الحتمية هذه على أي عادة ترغب في اكتسابها أو أي من الأنظمة التي تريد الحفاظ عليها. فمثلاً:

  • إذا كنت تريد الالتزام بعادة ما مثل: التأمل، أو تناول المكملات، أو كتابة المذكرات، وما إلى ذلك، فكل يوم، أنشئ تذكيرات استراتيجية في التقويم الخاص بك.
  • إذا كنت تريد الإقلاع عن التدخين، فلا تلتقِ بمدخنين آخرين.
  • إذا كنت تريد أن تعتاد شرب الماء كل صباح، فاملأ زجاجة من الماء في الليلة السابقة وضعها بجوار سريرك.
  • إذا كنت تريد ممارسة مزيدٍ من التمرينات الرياضية، فاقترب أكثر من صالة الألعاب الرياضية، أو اشترِ معدات تستعملها في المنزل.
  • إذا كنت ترغب في أن تكون أكثر إنتاجية، فاقتنِ جهاز "ماك" (Mac)؛ إذ لا يمكنك ممارسة الألعاب الرائعة عليه.
  • إذا كنت ترغب في حياة خالية من المشكلات، فابحث عن الشريك الرومانسي المناسب.
  • إذا كنت تريد أن تكون ملتزماً دائماً بمواعيدك في الوقت المحدد، فاضبط التنبيه التلقائي لجميع أحداث التقويم الخاصة بك، وسينبِّهك قبل ساعتين.
  • إذا كنت ترغب في اعتياد الركض كل صباح، فنم بملابس الرياضة وضع حذاء الجري بجوار سريرك.

الاحتمالات لا حصر لها؛ لذا ابدأ التفكير في الحلول المنهجية الخاصة بعقلية الحتمية، وبالطريقة التي يمكنك من خلالها أن تجعل اتخاذ القرار الصحيح أمراً حتمياً.

المصدر




مقالات مرتبطة