طرق اكتساب الحكمة وأهميتها في حياتنا
في حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجلٌ أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجلٌ أتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلمها). وفي هذا المقال أعزاءنا القرَّاء سنقدِّم إليكم سرداً عن أهم طرائق اكتساب الحكمة، وسنتحدث عن صفات الحكماء، وأهمية الحكمة في حياتنا؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.
طرق اكتساب الحكمة:
توجد عدة طرائق لاكتساب الحكمة، ومن أهم هذه الطرائق نذكر لكم:
1. اكتساب الخبرة والحصول عليها:
هناك عدة نصائح تساعدك على اكتساب الخبرة والحصول عليها، وفيما يلي بعض من أهم هذه النصائح:
1. 1. التغلب على المخاوف وعدم البقاء في المكان نفسه:
إذا أردت اكتساب الحكمة، واجه مخاوفك وتحدَّاها، إن أنت شعرت بالتردد من القيام بعملٍ ما؛ حيثُ إنَّ مواجهة الخوف من الموقف، وعدم تركها تتغلب عليك، أمورٌ لها دورٌ مهمٌ جداً في اكتساب القوة والخبرة لمواجهتها إن صادفتك في المرات القادمة.
1. 2. تجريب الأشياء الجديدة:
لا يمكن لأي شخصٍ كان، اكتساب الحكمة والخبرة وهو جالسٌ في منزله يمارس أنشطته الروتينية اليومية المعتادة؛ لذا من الضروري منح نفسك فرصة ممارسة كل ما هو جديد، وارتكاب الأخطاء والتعلم والاستفادة منها، فكل تجربة جديدة تعطي فرصة جديدة للتعلم واكتساب الحكمة.
1. 3. التفهُّم:
إنَّ بناء الآراء بالاعتماد على الخبرة المحدودة والبسيطة في الحياة، أمرٌ في غاية السهولة، لكنَّه لا يُعدُّ من الحكمة على الإطلاق؛ لذا وبدلاً من الحكم على الأشياء والأمور التي لا تعرفها، حاول أن تنظر إليها من أكثر من زاوية، وأن تفهمها من كل الجوانب، وتُحللها بطريقةٍ عقلانيةٍ ومنطقية.
1. 4. التعرُّف على أشخاصٍ جدد والتحدث إليهم:
حاول دائماً التعرف على أشخاص من مختلف الطبقات الاجتماعية، ولا تحكم عليهم بناءً على خلفياتهم أو آرائهم، بل حاول أن تفهمهم وتتعاطف معهم، وتأخذ بعين الاعتبار الخبرة التي يمكن أن تكتسبها منهم؛ كل ذلك يساهم في اكتساب الحكمة.
2. مرافقة أهل الحكمة والتعلم منهم:
ويتم ذلك من خلال:
2. 1. البحث عن مرشدين حكماء:
عندما تفكر وتبحث عن شخصٍ حكيمٍ من حولك، قد يخطر ببالك أناسٌ عدة؛ إذ قد يكون:
- مدرس قادر على توجيه الطلاب وإلهامهم عن طريق ما يملكه من علمٍ وخبرةٍ.
- رجل دين ينصح الناس من حوله، ويوجه تفكيرهم إلى قضايا مهمة جداً في المجتمع.
- أحد أفراد الأسرة الذي يمتلك القدرة على حل جميع المشكلات الحياتية التي تواجه مَن حوله، والجميع بلا استثناء يلجؤون إليه ليدلهم على طريق الصواب، ويعطيهم نصائح رائعة.
وبعد ذلك فكِّر ما الذي يمكنك أن تتعلمه من هذا الشخص. وفي حال واجهتك مشكلة ما، حاول أن تفكر وتتوقع ما ردة فعل هذا الشخص الحكيم لو كان مكانك.
2. 2. قراءة الكتب بكثرة:
عليك بالقراءة لمساعدتك على تكوين آراء منطقية، واتخاذ قرارات مبنية على أسس صحيحة؛ حيثُ إنَّ للقراءة دوراً فعَّالاً جداً في استيعاب وفهم وجهة نظر الآخرين وآرائهم، فضلاً عن أنَّها ستمنحك جميع المعلومات التي تحتاج إليها في أي موضوع.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح تساعدك على قراءة الكتب بفعالية
2. 3. إدراك أنَّه لا يوجد أي شخص معصوم عن الخطأ:
لا يوجد إنسانٌ معصومٌ عن الخطأ في هذه الحياة، هذا ما يجب عليك يقينه وإدراكه بشكلٍ جيد؛ إذ حتى الشخص الحكيم الذي اخترته ليكون قدوتك، وتعلَّمت منه مبادئ الحكمة، قد يُخطئ أيضاً. لا تمنح الناس قدراً كبيراً جداً من المعايير الأخلاقية العالية، فتصاب بصدمةٍ عندما يرتكبون الأخطاء.
3. ممارسة الحكمة:
وتكون ممارسة الحكمة من خلال الآتي:
3. 1. التفكير جيداً قبل اتخاذ القرار:
قبل اتخاذ أي قرار في أي أمر، يجب عليك التمعُّن والتفكير في سلبياته وإيجابياته، والنتائج المترتبة عليه، ولا تتردد في طلب العون والنصيحة من الأشخاص الذين تعدُّهم مرجعاً لك. ادرس الموضوع من جميع الاتجاهات، وتحت جميع الظروف المتاحة والمستحيلة، ثم اتخذ قرارك بحكمة.
3. 2. التعلم من الأخطاء التي ترتكبها:
كما قلنا سابقاً، لا أحد معصوم عن الخطأ؛ إذ على الرغم من التفكير الدقيق ودراسة الحقائق جيداً، يمكن أن يكون قرارك خاطئاً؛ لذا ننصحك، وبعد مرورك بأي تجربة، أن تجلس إلى نفسك وتحدد أسباب النجاح وأسباب الفشل، وأن تحاول دائماً التعلم من أخطائك، من غير القسوة على ذاتك.
3. 3. مشاركة الحكمة مع الأشخاص الآخرين:
كن قدوةً لمن حولك؛ اشرح لهم كل ما يتعلق بالحكمة، ووضِّح لهم أنَّها تتجلى في التفكير ملياً في جميع المواقف والأحداث التي يعيشونها، وأنَّها لا تعني أنَّنا يجب أن نُملي على الآخرين آراءنا وأفكارنا، فهي انفتاحٌ ذهني. وكن حيادياً عندما يطلب أحد ما المساعدة منك، ولا تسمح لرغبتك الشخصية بالتأثير في نصائحك.
ما أهمية الحكمة في حياتنا؟
تتجلى أهمية الحكمة في حياتنا بما يأتي:
- الحكمة تؤثر في نتيجة القرارات المتخذة. ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّ القرارات التي تم اتخاذها في السابق، هي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه حالياً، مثلما أنَّ القرارات التي نأخذها في الوقت الحاضر، هي التي ستحدد ما سنكون عليه مستقبلاً، وما نتخذه من قراراتٍ في المستقبل، هي التي ستحدد وضعنا في النهاية.
- الحكمة عطية ونعمة من الله سبحانه وتعالى، وهذا ما أكَّدَته جميع الأديان السماوية. ومن يتمتع بالحكمة، يتمتع بالقوة.
- الحكمة تجعل الفرد أكثر قدرة على التحكم في انفعالاته، واكتشاف جوهر الأشياء بشكلٍ أعمقٍ وأدق.
- الحكمة تجعل صاحبها مرتاحاً وسعيداً، مثلما أنَّها تمنح الراحة للأشخاص المحيطين به أيضاً.
- الحكمة من أهم صفات الأنبياء والصالحين.
- الحكمة تقف رادعاً أمام صاحبها، فتمنعه من ارتكاب المحظورات، والتجنِّي على الناس.
- الحكمة تجعل صاحبها محبوباً قريباً من الناس، لأنَّها تدل على كمال عقله، وسلامة تفكيره.
- إنَّ الحكمة ترفع من درجات صاحبها، وتزيده قدراً، وهيبةً، ووقاراً بين الناس.
صفات الشخص الحكيم:
يمتلك الحكيم كثيراً من الصفات الحسنة. وفيما يلي، نذكر لكم أهم هذه الصفات:
- القدرة على النظر إلى مختلف الأمور بشكلٍ إيجابي، والاعتقاد بأنَّ الهموم والمشاكل الحالية هي من أسرار السعادة المستقبلية.
- القدرة على تغيير الوضع الحالي للأمور، فهو يستطيع وضع قواعد جديدة، وإيجاد أفضل الطرائق للتغيير نحو الأفضل.
- القدرة على تحليل الأمور، واستنباط الدروس، من التجارب والمواقف التي يمر بها.
- القدرة على التفكير ملياً قبل التحدث مع الآخرين وتقديم النصح والعون إليهم.
- تقبُّل جميع الأشخاص المحيطين به.
- الاعتماد على المنطق والحدس في اتخاذ القرارات، والحرص على عدم التسرع.
- التعلم من الأخطاء التي يرتكبها، ومن أخطاء الأشخاص المحيطين به.
- القدرة على الموازنة ما بين الصالح العام والذاتي في الوقت نفسه، وعدم تفضيل مصلحته الشخصية على المصلحة العامة.
أقسام الحكمة:
تقسم الحكمة إلى قسمين؛ هما:
1. الحكمة الفطرية:
هي الحكمة التي يمنحها الله عزَّ وجلَّ مَن يشاء، ويؤتيها مَن يريد، ولا يمكن للبشر التدخل فيها. وهي كما قال عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنَّ الحكمة ليست عن كِبَر السِّن، ولكنَّه عطاء الله يعطيه من يشاء، فإيَّاك ودناءة الأمور، ومُراق الأخلاق".
2. الحكمة المُكتسبة:
هي الحكمة التي يكتسبها الإنسان من خلال تجنب وترك موانعها، والقيام بفعل أسبابها، فيصبح من أصحابها، وتظهر في ألفاظه التي ينطقها، وأعماله التي يفعلها، ويشهدها الآخرون في حركاته وسكناته.
حكم وأقوال عن الحكمة:
- الحكمة الحقيقية للأمم هي التجربة. "نابليون بونابرت".
- أمران سيجعلانك أكثر حكمة: الكتب التي تقرؤها، والأشخاص الذين تلتقي بهم. "أحمد الشقيري".
- الحُكم نتيجة الحكمة، والعلم نتيجة المعرفة، فمن لا حكمة له لا حُكمَ له، ومن لا معرفة له لا علم له. "ابن العربي".
- إنَّ الحكمة هي النظر في الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان. "ابن رشد".
- الحواس تخدعُ من آنٍ إلى آخر، ومن الحكمة ألَّا تثق تماماً بما خدعك، ولو مرةً واحدة. "رينيه ديكارت".
- الفلسفة هي أب المعرفة، وأم العلوم، وتُنجب الحكمة. "حمدي البارو".
- الأخطاء دروسٌ في الحكمة، فلا يمكن أن تغيَّر الماضي، ولكن لا يزال المستقبل تحت سيطرتك. "هيوج وايت".
- تعلَّمت الحكمة من الرجل الضرير؛ لأنَّه لا يضع قدمه على الأرض، إلا بعد أن يختبر الطريق بعصاه.
- هل فهمت الآن الحكمة من كون عمر الإنسان لا يتجاوز الثمانين على الأغلب؟ لو عاش الإنسان مائتي عام، لجُنَّ من فرط الحنين إلى أشياء لم يعد لها مكان. "أحمد خالد توفيق".
- ليس من الحكمة أن يكون الإنسان متأكداً من حكمته؛ إذ إنَّه أمرٌ صحي أن يتم تذكيره بأنَّ الأقوى يمكن أن يضعف، والأكثر حكمة يمكن أن يخطئ. "المهاتما غاندي".
- يا بُنيَّ جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإنَّ الله تبارك وتعالى ليُحيي القلوب بنور الحكمة، كما يُحيي الأرض الميتة بوابل السماء. "لقمان الحكيم".
- من يملكون الحكمة يملكوها لأنَّهم يحبون، والحمقى حمقى لأنَّهم يظنون أنَّهم يفهمون الحب. "باولو كويلو".
- يمكن أن أقول لكم ما إذا كان الرجل ذكياً من إجاباته، يمكن أن أقول لكم ما إذا كان الرجل حكيماً من أسئلته. "نجيب محفوظ".
- طريق البرهان هو طريق الحكمة؛ إذ إنَّ الحكمة هي النظر إلى الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان. "مراد وهبة".
- الحكمة أن تعرف ما الذي تفعله، والمهارة أن تعرف كيف تفعله، والنجاح هو أن تفعله. "إبراهيم الفقي".
وبذلك أعزاءنا القرَّاء نكون قد قدَّمنا إليكم شرحاً عن أهم الطرائق في اكتساب الحكمة، وتحدثنا عن أهم صفات الحكماء، وأهمية الحكمة في حياتنا.