زيت السمك أم زيت بذر الكتان: أيهما أفضل لصحتك؟

زيت بذور الكتان ومكملات زيت السمك هما مصادر لـ "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids) المعروفة لفوائدها العديدة، مثل تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وأنواع معيَّنة من السرطان والمياه الزرقاء والسكتة الدماغية، فهذه المادة الغذائية ضرورية ليؤدي الجسم وظائفه، لكنَّ أجسامنا غير قادرة على إنتاجها بنفسها، لهذا نحتاج إلى الحصول عليها من مصادر خارجية، وسنتحدث هنا عن اثنين من تلك المصادر هما زيت بذور الكتان وزيت السمك وسنقارن فوائدهما وعيوبهما المختلفة كي تتمكن من اتخاذ قرار حكيم يحدد أيُّهما أنسب لك.

الأعراض الجانبية والمخاطر:

وفقاً لـ "معاهد الصحة الوطنية" (National Institutes of Health) الأمريكية، الآثار الجانبية التي يعاني منها الأشخاص الذين يتناولون مكملات زيت السمك عادةً ما تكون خفيفةً، هذا إن وُجِدَت؛ وهي طعم غير مستحب في الفم ورائحة الفم الكريهة والصداع وأعراض الجهاز الهضمي مثل الغثيان أو الإسهال أو حرقة المعدة، وفيما يتعلق بالتداخلات الدوائية المحتملة، قد تتداخل مكملات زيت السمك مع أدوية منع تجلط الدم؛ لذا إن كنتَ تتناول أحد أنواع تلك الأدوية أو إذا كنتَ تعاني من حساسية تجاه المأكولات البحرية، فمن الضروري التحدث مع طبيبك قبل تناول مكملات "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids).

وفقاً لمركز "مايو كلينك" (Mayo Clinic)، يُعَدُّ تناول مكملات زيت بذور الكتان آمناً بشكل عام، ومع ذلك، يذكر المركز أنَّ الإفراط في تناولها دون شرب كميات كافية من الماء قد يسبب أمراضاً مختلفة في المعدة والأمعاء مثل الانتفاخ والغازات والإسهال، كما تنصح "المعاهد الوطنية للصحة" (National Institutes of Health) النساء الحوامل بعدم تناول هذه المكملات؛ وذلك لأنَّ بعض الدراسات تشير إلى أنَّ تناول زيت بذور الكتان خلال الفترات المتأخرة من الحمل قد يزيد من خطر الولادة المبكرة، ويذكر مركز "مايو كلينك" (Mayo Clinic) أنَّ مكملات زيت بذور الكتان قد تتداخل مع بعض الأدوية، ومن الهام استشارة طبيبك قبل استخدامها خصوصاً إذا كنتَ تتناول أدويةً لمنع تخثر الدم أو خفض ضغط الدم أو علاج مرض السكري.

الجرعات:

مشكلة هذه المكملات هي أنَّ ما من جرعة محدَّدة موصى بها؛ لذا من باب الحذر، يُنصَح بقراءة الملصق الموجود على المكمل الذي تشتريه والتأكد من تناول الجرعة الموصى بها عليه لا أكثر، بغضِّ النظر عما إذا كنتَ تتناول مكمل زيت السمك أم مكمل زيت بذور الكتان، ومن الأفضل استشارة طبيبك لتحديد الجرعة المناسبة لك بحيث تتلافى الآثار الجانبية غير المرغوبة.

مقارنة بين زيت السمك وزيت بذر الكتان:

قبل التحدث عن الفوائد المختلفة لمكملات زيت السمك ومكملات زيت بذور الكتان، من الهام أن تكون يكون لديك فكرة عن "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids)؛ فهناك ثلاثة أنواع من "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids) هي: "حمض الإيكوسابنتاينويك" (Eicosapentaenoic acid)، و"حمض الدوكوساهيكسانويك" (Docosahexaenoic acid)، و"حمض ألفا لينولينيك" (Alpha-linolenic acid)، المصدر الرئيس لحمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك هو الأسماك، بينما يوجد حمض ألفا لينولينيك بشكل رئيس في المصادر النباتية مثل بذور الكتان والجوز؛ مما يعني أنَّ نوع المكملات التي تختار تناولها سيحدد نوع الأحماض التي ستحصل عليها.

فوائد زيت السمك:

تحتوي مكملات زيت السمك عادةً على زيت استُخرِج من الأسماك الدهنية، مثل سمك الرنجة أو التونة أو الأنشوجة، وتُعَدُّ "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids) الموجودة في زيت السمك هامةً جداً لصحة القلب، حيث تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والجلطات الدموية، كما تخفض ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاعه، وهو أمر شائع بين البالغين، وتخفض نسبة الكوليسترول وتمنع تصلب الشرايين، كما تخفض من خطر الوفاة بسبب توقُّف القلب المفاجئ، والذي يحصل بسبب اضطراب النظم القلبي؛ أي حين ينبض القلب بشكل غير منتظم أو غير فعَّال مما يمنعه من ضخ الدم كما يجب إلى بقية أعضائك الحيوية.

قد يكون لهذه المكملات فوائد أخرى أيضاً، حيث تشير الدراسات إلى أنَّها يمكِن أن تقلل من خطر الإصابة بالمياه الزرقاء وأنواع معيَّنة من السرطان وبعض الاضطرابات النفسية، وأظهرَت بعض الدراسات أيضاً أنَّ تناول "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids) الموجودة في زيت السمك قد يساعد على فقدان الوزن حين يقترن بنظام غذائي صحي.

فوائد زيت بذر الكتان:

يحتوي زيت بذور الكتان على حمض ألفا لينولينيك، وهو النوع الثالث من "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids)، ومن المثير للاهتمام جداً أنَّ الجسم يحوِّل هذا الحمض عند حصوله عليه إلى حمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك، وهما "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids) الموجودة في زيت السمك، لكن من الهام ملاحظة أنَّ الجسم غير قادر على تحويل حمض ألفا لينولينيك إلى حمض إيكوسابنتاينويك وحمض ألفا لينولينيك بكفاءة؛ أي إنَّ فوائد تناول حمض ألفا لينولينيك لا تعادل بالضرورة الفوائد التي تحصل عليها من تناول حمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك مباشرة.

الدراسات متضاربة بشكل عام حول ما إذا كان تناول زيت بذور الكتان له الفوائد نفسها للقلب مثل زيت السمك، ومن غير الواضح ما إذا كانت مكملات زيت بذور الكتان يمكِن أن تخفض الكوليسترول أو تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب أم لا.

وفقاً لـ "معاهد الصحة الوطنية" (National Institutes of Health) الأمريكية، أظهرَت الدراسات أنَّ تناول بذور الكتان قد يساعد الأفراد المصابين بداء السكري من النوع الثاني على ضبط مستويات السكر في الدم، ومع ذلك، من الهام ملاحظة أنَّ هذه هي نتائج تناول بذور الكتان، وليس زيت بذور الكتان، حيث إنَّه من غير الواضح ما إذا كان زيت بذور الكتان له الفوائد نفسها.

إحدى أكبر الفوائد الصحية لزيت بذور الكتان هي قدرته على مكافحة السرطان، حيث أظهرَت الدراسات أنَّ تناول زيت بذور الكتان يمكِن أن يوقف نمو الخلايا السرطانية وكذلك يسبب الاستماتة (apoptosis) أو موت الخلايا السرطانية لأنواع معيَّنة من السرطان، ووجدَت إحدى الدراسات أنَّ أنواع السرطان التي لوحِظ تحسُّنها بعد تناول زيت بذور الكتان تشمل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان الدم وسرطان الجلد.

الاختيار بين زيت السمك وزيت بذر الكتان:

عند اتخاذ قرار بشأن تناول زيت بذور الكتان أم مكملات زيت السمك، هناك بعض الأشياء الهامة التي يجب مراعاتها، كما ذكرنا، مكملات زيت السمك هي مصدر لحمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك، بينما تحتوي مكملات زيت بذور الكتان على حمض ألفا لينولينيك الذي يحوله الجسم إلى حمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك، لكن بشكل غير فعَّال.

إضافة إلى ذلك، دُرِسَت فوائد زيت السمك بشكل أفضل ونتائجها مؤكَّدة بشكل عام أكثر من فوائد زيت بذور الكتان، وثَبتَ أنَّ لمكملات زيت السمك العديد من الفوائد، مثل تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والمياه الزرقاء وبعض أنواع السرطان واضطرابات نفسية مختلفة، في المقابل، فإنَّ الأبحاث حول فوائد مكملات زيت بذور الكتان قليلة، وفي حين قد يكون لهذه المكملات خصائص مضادة للسرطان، لكنَّ النتائج المتعلقة بالفوائد الأخرى غير مؤكَّدة بشكل عام، فمن حيث السلامة، هذان المكملان متعادلان نسبياً؛ إذ يُعَدُّ كلاهما آمناً بشكل عام، لكنَّ كليهما قد يسبب تداخلات مع الأدوية المختلفة، الأمر الذي يجب أخذه في الحسبان قبل تناول أيٍّ منهما.

إذا كنتَ تحاول اختيار مكمل "أحماض أوميغا 3 الدهنية" (Omega-3 fatty acids)، نوصيك بتجربة مكملات زيت السمك؛ إذ يحتوي زيت السمك على العديد من الفوائد المؤكَّدة، بينما لا توجد نتائج حاسمة عن فوائد عن زيت بذور الكتان، كما يقدِّم لك زيت السمك حمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك مباشرةً دون أن يضطر جسمك إلى تحويل حمض ألفا لينولينيك للحصول عليهما، وحين تختار تناول مكملات زيت السمك، فأنت تخفض من خطر إصابتك بأمراض مزمنة مختلفة، واحرص دائماً على مراجعة طبيبك قبل تناول أي نوع من المكملات لتلافي الآثار الجانبية السلبية أو التداخلات الدوائية.

المصدر