الوثوق بالعملية: 3 نصائح بسيطة لتحقيق المزيد من النجاح في الحياة

إذا سبق لك أن تعلمت السباحة، فلا بُدَّ أنَّك تفهم عبارة "ثق في العملية"، فعندما تبدأ تعلُّم السباحة، تغطس في بركة السباحة وتحاول جاهداً إبقاء رأسك فوق سطح الماء.



ملاجظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "ميك" (Mick)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن فوائد الثقة بالعملية لتحقيق النجاح.

وعلى الرغم من أنَّك لا تتعلم السباحة بسرعة، إلَّا أنَّك تؤمن بأنَّ خبرة المُعلِّم وتوجيهاته ستوصلك إلى النتيجة التي تريدها؛ أي إنَّك تثق بالعملية التي وضعها لك المعلم.

وهذا هو السبب في أنَّ وجود كوتش أو مُعلِّم مفيد دائماً لمساعدتك على اكتساب المهارات بشكل أسرع، ولكنَّ هذا الخيار ليس متاحاً دائماً، فتضطر إلى أن تتعلم بمفردك، وهذا أمر صعب لا سيما حين يبدأ عقلك إقناعك بعدم جدارة ما تفعله كونك لا ترى النتائج بالسرعة التي تتوقعها، فينفد صبرك وتشك في نفسك في ظل غياب أي تقدم ملموس.

في هذا المقال ستتعرَّف إلى الطريقة التي يمكنك من خلالها مواجهة هذه الحالة والتغلُّب عليها، وستتعرف إلى الأشياء التي تعوقك وتتعلم كيف يمكنك أن تثق بالعملية من خلال 3 نصائح بسيطة.

ما الذي تعنيه عبارة "ثق في العملية"؟

عندما تثق بالعملية فإنَّك تبذل جهداً مستمراً في التمرين دون أن تولي الكثير من الاهتمام بالنتائج الآنية.

في عالمنا المعاصر أصبح من النادر أن يتقن أحدهم مهارة ما، فنحن نتوقع حصول النتائج بسرعة هائلة وعندما لا نرى النتائج تحدث بالسرعة التي نريدها، فإنَّنا ننكفِئ ونعتقد أنَّ عملنا لا يؤتي ثماره؛ أي إنَّ التزاماتنا لا تستمر الوقت الكافي حتى نصل إلى النجاح.
طبعاً لا تُختزل جميع عناصر النجاح بالثقة بالعملية فحسب؛ بل هناك عناصر أخرى، ولكنَّ الاستمرارية عنصر هام والثقة بالعملية هي إحدى الطرائق لتحويل تركيزك إلى الإجراءات بدلاً من النتيجة.

إذاً، الناس لا تُركِّز في العملية؛ والسبب أنَّ معظمهم يعتقدون أنَّ النجاح أمر مرتبط بالجهود المبذولة فحسب؛ إذ يعتقدون أنَّ النجاح يتناسب طرداً مع الجهود فكلَّما تضاعفت الجهود، كان النجاح أكبر؛ إذ إنَّهم يهملون عامل الزمن تماماً.

نحن في الواقع نعلم أنَّ الأمر ليس خطأً بيانياً يتصاعد فيه النجاح كلَّما تصاعد الجهد، ومع ذلك لا نزال نعتقد أنَّه هكذا بمجرد أن نبدأ العمل، ولأنَّ الواقع لا يتوافق مع هذا التوقع، فإنَّنا نشعر بأنَّ لا شيء مما نفعله مُجدٍ لمجرد أنَّنا لا نرى النتائج بالسرعة التي نريد.

هذه الطريقة في التفكير هدامة، وهي تتعارض مع مبدأ الثقة بالعملية، والسبب أنَّها عملية موجَّهة نحو النتائج، وعندما نعطي النتائج تقديراً أكثر من العملية، فإنَّنا نتعرَّض إلى خطر التقلبات العاطفية، ويمكن شرح هذا على النحو التالي:

عندما تفوق النتائج توقعاتك، فإنَّك تُصاب بالدهشة وتشعر بأنَّك امتلكتَ العالم، لكن ماذا سيحدث عندما تكون النتائج أقل مما توقعت؟ بسهولة، إنَّك ستشعر بالإحباط؛ وهذا يُضعِف حماستك ويجعل من الصعب عليك اتِّخاذ إجراءات في سياق العملية.

والآن لك أن تتخيل ما ينتج عن الشعور بالإحباط عند كل انتكاسة، إنَّ الأمر عبارة عن تقلُّب عنيف في العواطف، فقد تتغلب على إحباطك في المرة الأولى وتعيد المحاولة وترفع من حماستك، وقد تتمكن من ذلك في المرات الأولى، ولكنَّ تكرار الإخفاقات يجعل العودة إلى المسار الصحيح صعبة جداً.

لكنَّك عندما تثق بالعملية، فإنَّك ستواجه هذه التقلبات العاطفية عند كل إخفاق بعقلانية أكثر، لا نقول إنَّك لن تشعر بمشاعر سلبية، ولكنَّك ستكون أكثر اعتدالاً عند الشعور بها، وبعد كل ما سبق، فإنَّه قد يكون من الضروري تعديل مفهومك عن النجاح.

شاهد بالفديو: 10 مفاتيح لتحقيق النجاح في الحياة

النجاح مُرتبط بعلاقة وثيقة مع الزمن، وهو لا يعتمد على الجهد فقط؛ بل إنَّ الجهود تتراكم مع مرور الوقت لتوصلك إلى النتيجة الكبيرة؛ وهذا يعني أنَّ الزمن عامل أساسي في الوصول إلى النجاح.

النجاح والفشل سيكونان رفيقان لكل عملية وكل مجهود، ولكن إذا سمحتَ للنجاح والفشل بالتحكم بمشاعرك تجاه ما تبذله من جهود، فإنَّ طريقك ستكون وعرة تماماً، لكن عندما تبدأ الوثوق بالعملية، فإنَّك لن تسمح للنتائج أن تحدد مشاعرك.

وهذه 3 نصائح ستساعدك على الوثوق بالعملية:

1. افعل ما يُشعرك بقليل من عدم الارتياح:

إذا كان هناك سر للنجاح، فهو أنَّ أكثر شيء يخيفك هو غالباً أكثر الأشياء قيمة؛ لذلك فكِّر في شيء تحاول جاهداً تجنُّبه ولكنَّك في الوقت نفسه تعلم أنَّك إذا امتلكت مهارة القيام به، فإنَّ نوعية حياتك ستتحسن.

افعل هذا الشيء دون تردد؛ والسبب في هذا هو أنَّك حتى لو حصلت على نتيجة سيئة بعد تجربة هذا الشيء، فإنَّك حصلت أيضاً على تجربة قيِّمة عندما اتَّخذت هذه الخطوة وتغلَّبت على الخوف.

وإحدى الأمثلة عن ذلك هو التحدُّث أمام الجمهور، ولك أن تتخيَّل ما ستشعر به بعد أن تتحدَّث أمام الجمهور لأول مرة، فربما ستكون النتيجة سيئة لدرجة أنَّك تُقسِم على أنَّك لن تجرب ذلك ثانية، ولكن تخيَّل أنَّك فعلتَ ذلك 10 مرات.

قد لا تزال هذه التجربة مخيفة بالنسبة إليك على الرغم من القيام بهذا العدد من المرات، ولكنَّك تفعل ذلك على الرغم من كل شيء، وتشعر بأنَّ المرة العاشرة ليست مقلقة كما كانت التجربة الأولى، وغني عن القول إنَّك عندما تفعل ذلك للمرة الخمسين مثلاً، فإنَّك تخرج أكثر من منطقة الراحة الخاصة بك، وتصبح أكثر ثقة بأدائك على الرغم من أنَّك قد لا تزال تعاني من بعض التوتر.

وحتى بعد القيام بذلك لمئة مرة، قد لا تزال تعاني من بعض التوتر قبل التحدُّث أمام الجمهور، ولكنَّك وسَّعتَ منطقة الراحة الخاصة بك كثيراً من جراء تكرار الممارسة وأصبحتَ تعلم أنَّك تُجيد ما تفعله وبهذه الطريقة تُنمِّي ثقتك بنفسك.

وكنصيحة تَخُصُّ التحدُّث أمام الجمهور، إذا كنتَ تخشى القيام بذلك، فلا تبدأ التحدُّث أمام عدد كبير من الناس؛ بل ابدأ بشخصين أو ثلاثة وخذ وقتك حتى تُنمِّي ثقتك بهذه العملية.

حاول تجاوز حدود منطقة الراحة الخاصة بك قليلاً؛ فهذه الطريقة رائعة لتنمية ثقتك بنفسك، والنتائج التي تحققها تستحق أن تشعر من أجلها ببعض الانزعاج، فالثقة التي تجنيها من جراء هذه الممارسة تمتد إلى جميع جوانب حياتك.

إقرأ أيضاً: 10 خطوات كي تخرج من منطقة راحتك وتتغلب على مخاوفك

2. قدِّر فشلك كما تُقِّدر نجاحك:

يحتفي معظم الناس بنجاحاتهم، ولكنَّهم يصابون بالإحباط بسبب الفشل، وإذا كنتَ من هذا النوع، فقد تجد أنَّك تلجأ إلى المبالغة في التفكير أكثر مما ينبغي.

والسبب في ذلك أنَّنا نرغب جميعاً في تجنُّب الفشل المُحتمل أكثر من رغبتنا في الحصول على النتيجة المُحتملة، وعندما تشعر بالإحباط بسبب الفشل، فإنَّك تفعل أي شيء لتجعل دماغك ينشغل عن هذا التفكير.

وما يحدث بعد ذلك هو أنَّك في كل مرة تواجه فيها تحدياً، فإنَّ عقلك يبدأ تقييم ما يجب القيام به؛ إذ إنَّه يريد أن يضمن أنَّك ستنجح وإلَّا فإنَّك ستختبر الشعور بالخيبة مجدداً.

من المؤكَّد أنَّك نادراً ما تكون متأكداً من النجاح، وخاصةً عندما لا ترغم نفسك على الخروج من منطقة راحتك كما تحدثنا عن ذلك في النصيحة الأولى، وهذا ما يمنعك من تحقيق المزيد من النجاح في حياتك.

إذا كنت تريد النجاح، فيجب أن ترى الصورة بأبعد من ذلك، وهذا يقتضي أن تَعُدَّ الإخفاقات بمنزلة نقاط انطلاق هامة نحو تطوير الذات، وتجارب تؤهلك للنجاح في المستقبل.

من المؤكَّد أنَّ النجاح هو الغاية، ولكن لا بدَّ من الفشل حتى نتمكن من تطوير أنفسنا بشكل أسرع؛ إذ يوفر الفشل التغذية الراجعة اللازمة لتحقيق النجاح بشكل أسرع.

عندما تدرك هذه الحقائق، فإنَّ حياتك ستتغير وعندما تبدأ الوثوق بما تقوم به وتتخلى عن الارتباط الوجداني بالنتيجة؛ فإنَّك ستشعر بمتعة اختبار تجربة أكثر استقراراً.

وعلى الرغم من أنَّك ستواجه الإخفاقات دائماً، إلَّا أنَّك لن تختبر نوع المشاعر السلبية التي تسحبك نحو الهاوية.

3. ثابر على أداء مهنتك:

يمكننا هنا أن نعطي تشبيهاً يشرح أهمية الثقة بالعملية في الواقع يشبه النجاح شجرة مُثمرة أنت تنتظر قطافها بفارغ الصبر، ولكن لن ترى أياً من الثمار حتى تبدأ التساقط من تلقاء نفسها، وربما تكون قد لاحظت هذه الآلية في تحقيق النجاح من خلال مهارات عدة حاولت تعلُّمها.

أحاول الآن أن أتعلَّم مهارة الوقوف على اليدين، وكنت أحاول أن أتعلمها على مدار العامين الماضيين وكنتُ أواظب على التمرين خلال الشهور السبعة الماضية؛ وهي عملية صعبة جداً.

غالباً ما أتدرب لأسابيع دون أن أرى أي تقدُّم وعندما أفكر في الأشخاص الذين أتقنوا هذه العمليَّة في غضون أسابيع أو أشهر، فإنَّني أُصاب بشيء من الإحباط.

لكنَّني تعلمت أن أثق بالعملية وأستمر فيما أفعله؛ لأنَّه على الرغم من أنَّك لن ترى النجاح دائماً يتحقق بسرعة، ولكنَّك تعلم أنَّك تحرز تقدماً طالما أنَّك تحافظ على استمرارية الأداء.

مؤخراً بدأتُ الوقوف على يدي لمدة عشرين ثانية وبشكل أكثر ثباتاً، وفجأةَ بدأت ألاحظ أنَّني أمتلك المزيد من السيطرة.

من المؤكد أنَّ هذه النتيجة هي ثمار شهور من التدريب والمواظبة على العملية حتى عندما لا أرى أي تقدم أبداً؛ وهذا هو السبب في أنَّ المواظبة على فعل الشيء أمر هام جداً لتحقيق النجاح.

وعلى الرغم من بساطة هذا المبدأ؛ إلَّا أنَّه من الصعب الالتزام به، ولكن من خلال اتباع بعض الخطوات ستصبح أكثر التزاماً بهذا المبدأ، فأولاً وقبل كل شيء يجب أن تواظب على ما تفعله - وبغض النظر عن الظروف - يجب أن تواظب وتتدرَّب على مهنتك إذا كنت ترغب في النجاح بها، خاصةً في الأيام التي لا تشعر فيها برغبة في ذلك.

وإحدى الطرائق الرائعة لتتعلَّم الاستمرارية في الأداء؛ هي من خلال وضع أهداف صغيرة وتحقيقها، فابدأ بهدف بسيط جداً وليكن ترتيب سريرك، ثمَّ فكِّر في شيء آخر يمكنك فعله في الصباح يساعدك على المضي قدماً؛ فكِّر في هدف صغير يتماهى مع ما تريد تحقيقه.

إذا كانت مهارة الخطابة تساعدك على تحقيق هدفك الكبير، فيمكنك البدء بتسجيل كلمة لك على هاتفك، فإذا كنت تريد تعلُّم الكتابة، فابدأ بكتابة مدوِّنة قصيرة وشاركها على الإنترنت؛ فهذه الطريقة رائعة لتواظب على هذه الممارسة وحتى لو لم يقرأها أحد، إلَّا أنَّها تساعدك على أن تُصبح أكثر مثابرة.

تشبه المثابرة العضلات؛ إذ يمكنك تطويرها في أيَّة مهارة.

إقرأ أيضاً: 13 طريقة مذهلة تساعدك على الاستمرار في تحقيق أهدافك

الوثوق بالعملية:

نريد أن نشير أخيراً إلى الأشخاص السلبيين؛ وهذا النوع من الأشخاص هو الذي يخبرك أنَّ ما تفعله هو مضيعة للوقت أو حماقة، فيجب أن تسأل نفسك، كيف يملك أحد الحق في إخبارك ما هو الصحيح وما هو الخاطئ؟

هؤلاء الأشخاص غالباً ما يكونون قد تخلوا عن أحلامهم ووقعوا فريسة الإحباط، فلا تدع مخاوف شخص آخر تعوقك عن تحقيق ما تحلم به، فالشخص الوحيد الذي يعرف ما يناسبك هو أنت، وطالما أنَّك تستمتع فيما تفعله، فواظِب عليه، فعندما تحافظ على الاستمرارية في الأداء وتثق بالعملية، فإنَّك ستحقق النجاح.

المصدر




مقالات مرتبطة