المشاعر المرهفة وكيفية السيطرة عليها

كثيراً ما نسمع عن شخص ما أنَّه مرهف الإحساس ويُعامَل معاملة مختلفة عن الآخرين على الرغم من أنَّ المشاعر والأحاسيس موجودة لدى جميع البشر، لكن لكل إنسان شخصية خاصة تجعله مختلفاً عن غيره من حيث سلوكه وتصرفه في المواقف ومشاعره أيضاً، والشخصية الحساسة موجودة بكثرة وعادةً ما تكون لدى الإناث أكثر من الذكور ولها صفات إيجابية وسلبية عديدة؛ لذا سنتعرف في هذا المقال إلى الشخصية مرهفة المشاعر.



تعريف المشاعر المرهفة:

هي عبارة عن الأحاسيس المبالغ فيها تجاه أشياء أو أماكن أو أشخاص أو أحداث معينة، والشخصية الحساسة تحمل الكثير من الرقة والمشاعر الجياشة، وتميل إلى التفكير بعاطفية أكثر من غيرها، ويُقسَم الأشخاص الذين لديهم أحاسيس مرهفة إلى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى:

الأفراد الحسَّاسون تجاه أنفسهم، ويتميزون بما يأتي:

  1. شخص يعاني غالباً من القلق أو التوتر ويشعر بالغضب والاستياء من المجتمع أو من مواقف الحياة التي قد تحصل مع جميع البشر بشكل اعتيادي، ويواجه صعوبة كبيرة في التخلص من هذه الأفكار والمشاعر السلبية، كما أنَّه يخشى دائماً من رفضه حتى في أبسط المواقف.
  2. شخص يميل إلى إلقاء اللوم على نفسه عندما لا يحقق ما يريد وينتقد نفسه دائماً حتى إن كان اللوم على غيره.
  3. شخص يقارن نفسه بغيره كثيراً من ناحية الشكل أو في العمل أو الحالة الاجتماعية أو الحالة المادية، ويشعر بالاستياء نتيجة هذه المقارنات.
  4. شخص يعاني غالباً من أعراض جسدية؛ مثل اضطراب في الأكل أو النوم، أو الإرهاق، أو الأرق، أو الصداع عندما يمر بموقف سيئ، وقد يعاني من الأعراض كلها معاً.

المجموعة الثانية:

الأفراد الحساسون تجاه الآخرين، ويتصفون بالآتي:

  1. شخص يشعر بالإحراج في المواقف الاجتماعية وغير قادر على التصرف بشكل طبيعي أو على سجيته، ويشعر بالخجل في المواقف العاطفية أو الحميمية، ويخاف بشكل غير منطقي من عدم رضى شريكه العاطفي أو انتقاده له.
  2. شخص بسهل استفزازه وينفعل بسرعة إذا تعرض لإهانة أو اعتقد أنَّ شخصاً يهينه لأنَّ مشاعره تُجرح بسهولة كبيرة، فيجد صعوبة كبيرة في تجاهل الإساءة حتى لو كانت بسيطة ويمكن التغاضي عنها، ومن الصعب تقبُّله التعليقات النقدية حتى إن كان نقداً بنَّاءً ومنطقياً، ويشعر غالباً أنَّ الآخرين أشخاص انتقاديون دون وجود مبرر لشعوره هذا.
  3. يخفي مشاعره السلبية غالباً ويعتقد أنَّه من الضعف والإحراج الاعتراف بالمشاعر السلبية فتبقى بداخله.

المجموعة الثالثة:

الأفراد الحساسون تجاه مجتمعهم أو بيئتهم أو محيطهم، ويتصفون بما يأتي:

  1. شخص يشعر بعدم الراحة في الأماكن العامة، التي توجد فيها حشود كبيرة أو في مكان مليء بأشخاص يتحدثون أحاديث عدة معاً، ويستاء عند حدوث أشياء عدة في نفس الوقت.
  2. شخص يشعر بأنَّه غير مرتاح إذا تعرض للأضواء الساطعة أو أصوات صاخبة أو حتى عندما يشم روائح قوية واخزة.
  3. شخص يخاف من الأصوات أو الحركة المفاجئة وقت الهدوء أو حركة المرور السريعة.
  4. شخص يحزن ويستاء عند سماع الأخبار السيئة حتى إن كانت لا تتعلق به أو عند قراءة الأخبار العامة أو مشاهدة منشورات الناس على مواقع التواصل الاجتماعي.

الصفات الإيجابية في الشخص مرهف الإحساس:

  1. هو شخص يكره العنف أو القسوة، فيتأثر كثيراً عند تعنيف أحد أمامه ويستاء عند سماعه قصص وحوادث مفجعة، وغالباً لا يمكنه مشاهدة الأفلام المخيفة أو الدامية والمرعبة، ويتأثر بالقسوة على الحيوانات ويَعُدُّها أعمالاً وحشية.
  2. يتمتع بمستوى عالٍ من التعاطف مع الآخرين حتى لو كان شخصاً غريباً لا يعرفه؛ وهذا يجعله مُعرَّضاً للإرهاق العاطفي بشكل كبير، ويُعَدُّ مستشاراً جيداً لمن حوله.
  3. يتأثر تأثراً كبيراً ومبالغاً فيه بالأشياء الجميلة؛ مثل منظر طبيعي أو لوحة فنية أو أغنية جميلة أو حتى أكلة شهية؛ إذ ينبهر لحد الصدمة بالوقت الذي لا يشعر غيره بهذه المشاعر تجاه نفس الأشياء، وغالباً هو شخص مبدع في مختلف أشكال الفنون والآداب، فإنَّ أكثر الأدباء والشعراء هم أشخاص مرهفو الحس.
  4. شخص ذو حدس قوي يشعر بحالات الآخرين لأنَّه يركز في جميع التفاصيل، مثل نبرة الصوت ونظرة العين، كما أنَّه أول من يكتشف الأشياء بسبب انتباهه القوي.
  5. هو شخص وجداني وضميره حي؛ إذ يفعل ما يريح ضميره دائماً.
  6. شخص مسالم يبتعد عن الخلافات والصراعات؛ وذلك لأنَّه يتأثر بها تأثراً كبيراً إلى حد الشعور بمرض جسدي عندما يختلف مع أحد يهمه أمره أو يحدث توتر في عمله مثلاً؛ فنجده يحرص دائماً على إرضاء الآخرين؛ لذلك يمكن القول إنَّه شخص حيادي في الكثير من الأمور.
  7. هو شخص يدقق كثيراً في تجاربه الماضية ويتعلم منها ويحرص على عدم تكرار الخطأ.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لإظهار التعاطف ومراعاة الآخرين

كيفية السيطرة على المشاعر المرهفة:

على الرغم من الإيجابيات الكثيرة التي ذكرناها آنفاً للشخصية مرهفة الأحاسيس، ولكنَّ السلبيات أكثر وتنعكس هذه السلبيات على الشخص الحساس وعلى المحيطين به؛ وذلك لأنَّ طبيعته تجعل حياته صعبة والتعامل معه صعباً وتحدُّ من قدرته على النجاح عملياً وسعادته في حياته الشخصية؛ لذلك ينصح الاختصاصيون النفسيون بضرورة السيطرة على المشاعر المرهفة؛ وذلك باتباع ما يأتي:

  1. التنفس بعمق عند الانفعالات الحادة، ومن الطرائق المجرَّبة للتحكم بلحظة الانفعال هي الشهيق ثم الزفير بشكل متكرر من 5 إلى 10 مرات؛ وذلك لأنَّ هذه الطريقة تخفف من معدل ضربات القلب المرتفع وخاصة عند الانفعالات العاطفية؛ كأن ترى شخصاً تحبه ولكنَّكما متخاصمان، فيجب أن تتنفس بعمق إلى أن تهدأ مشاعرك.
  2. التحرُّك من مكانك عند الانفعال، فيجب أن تركز على حواس جسدك وليس على عقلك فقط؛ فيمكنك مثلاً النهوض والمشي لفترة من الزمن ومن الأفضل أن تمشي في الطبيعة؛ وذلك لأنَّ لها دوراً فعالاً في تهدئة الأعصاب، وفي حال كان لديك وقت كافٍ، يمكنك ممارسة اليوغا؛ وذلك لأنَّ اليوغا تساعدك على الاسترخاء.
  3. مساعدة نفسك على الاسترخاء العصبي بالانعزال لفترة قصيرة والنظر إلى المرآة، فعندما تنظر إلى نفسك في المرآة تعاطف معها، وفكر في الأمور الجيدة في حياتك، وتقبَّل ظروفك الحالية لتستعيد طاقتك الإيجابية، ويُعَدُّ هذا الأسلوب جيداً خلال الضغط في العمل أو عندما تتوتر في التجمعات العامة لتخفيف الضغط النفسي الذي تشعر به.
  4. التفكير بجملة بسيطة تحبها وتعطيك طاقة إيجابية عندما تشعر بالإرهاق العاطفي فتكررها على مسمعك مثل جملة "هذا الوقت سيمر"، فلهذا الأمر مفعول كبير في التحكم بالمشاعر والسيطرة عليها.
  5. اختيار نشاط يساعدك على تشتيت نفسك ويبقي عقلك مشغولاً بشكل ممتع، مثل قراءة كتاب جديد أو تعلُّم لغة جديدة أو ممارسة هواية تحبها، فهذه النشاطات تقلل فرصة خضوعك لمشاعرك، ومن الضروري أن يكون للنشاط الذي تختاره تأثير إيجابي فيك ولا يُشعرك بضغط نفسي.
  6. تجنُّب كل ما يثير مشاعرك قدر الإمكان؛ فعندما تشعر بالإرهاق بسبب عمل معين عليك تغييره، أو عندما تشعر أنَّ شخصاً يحفز مشاعرك السلبية عليك تجنب الأماكن التي يمكن أن تصادفه بها، وفي حال كنت تغضب من نفسك إذا تأخرت عن موعد مثلاً أو فشلت بعمل ما فعليك أن تخطط جيداً وتنظم وقتك لتتجنب المشاعر السلبية لاحقاً.
  7. التفكير بعقلانية أكثر؛ فعندما تعتقد أنَّ شخصاً ما يوجه لك إهانة، فاسأل نفسك أولاً "هل هذا حقيقي فعلاً؟"، أو إن شعرت أنَّ شخصاً تتقرب منه عاطفياً سوف يرفضك، فاسأل نفسك "هل يوجد دليل لذلك؟"، أو مثلاً إن توقعت أنَّك سوف تفشل في عمل أو مشروع جديد، فاسأل نفسك "كيف يمكن معرفة ذلك دون المحاولة؟ وهل يوجد نجاح دون محاولة واجتهاد؟"، فبهذه الطريقة تقاوم مشاعرك السلبية وتمنعها من السيطرة عليك.
  8. التعامُل مع مشاعرك بطريقة مغايرة؛ فعندما تغضب مثلاً من زميل لك في العمل لأنَّه لم ينجز عمله بالشكل المطلوب، تذكَّر أنَّ هذا الغضب هو بسبب التزامك وحبك لعملك وحرصك على نجاح الشركة التي تعمل بها، أو عندما تحزن لأنَّك رأيت شخصاً متخاصماً معه، تذكَّر أنَّ ذلك بسبب حبك وإخلاصك الكبير، ومن ثمَّ أنت شخص جيد جداً ولكنَّ الطرف الآخر لم يقدِّر ذلك فانتهت علاقتكما.
  9. عدم الانشغال بهموم الآخرين، فمن الجميل مساعدة الآخرين والإنصات لهمومهم، لكن اجعل الأولوية لنفسك، فإن كنت تحزن لسماع مشكلات الآخرين ويسبب لك هذا إرهاقاً عصبياً، فعليك أن تضع حاجزاً بينك وبين مشكلات الآخرين وتتجنب سماع همومهم، فمن الممكن أن تخبر صديقك أنَّك تحب الحديث معه ولكنَّك متعب نفسياً ولا تستطيع سماع مشكلاته أو لا تستطيع تقديم النصائح له.
  10. التركيز على حياتك الحالية بدلاً من التفكير المستمر في الماضي؛ وذلك لأنَّك لا تستطيع تغييره ولا يمكنك استرجاع الفرص التي خسرتها أو الأشخاص الذين فقدتهم، وتذكَّر أنَّ الكوارث وموت الأحبة هي سنَّة الحياة التي لا يمكن الهروب منها، فيجب التركيز على اللحظة الحالية بدءاً من التركيز على الحواس الخمس، فانظر إلى ما تراه بدقة واشعر بما تشمه وما تتذوقه وما تسمعه وما تلمسه؛ وذلك لأنَّ هذا يُشعرك باندماج كبير مع الواقع الحالي.
  11. النوم يومياً لمدة لا تقل عن 8 ساعات لتحرص على الاستيقاظ بنشاط وباستعداد للقيام بمهامك اليومية بطاقة كبيرة؛ وذلك لأنَّ حصول جسدك على راحة كافية يجعلك أكثر هدوءاً ومشاعرك أكثر استقراراً خلال النهار؛ وهذا يساعدك على التفكير بعقلانية أكثر بعيداً عن سيطرة مشاعرك المرهفة عليك، ويخفف من انفعالاتك العصبية تجاه المواقف التي تتعرض لها أو أخبار الآخرين التي تسمعها.
  12. الابتعاد عن وسائل تهدئة المشاعر أو تخفيف الحزن، مثل الكحوليات أو المخدرات وحتى الأدوية المهدئة؛ وذلك لأنَّه خيار غير نافع على الأمد البعيد؛ بل يجب أن تحافظ على صحتك الجسدية وتواجه حزنك وتتقبل الظروف التي تُجبَر عليها، وتواجه مشكلات وضغوطات الحياة وتعمل جاهداً على حلها والسعي بحياتك نحو الأفضل.
  13. تقدير نفسك وعدم التخلِّي عن حقوقك من أجل إرضاء أحد، والتغلُّب على خجلك أو خوفك من الناس والمواقف، فيجب أن تكون جريئاً عند المطالبة بحقوقك؛ وذلك لأنَّ الشخصية مرهفة الأحاسيس غالباً ما تكون ضعيفة تخاف من مواجهة أحد ومطالبته بحق لها، ومن الضروري أيضاً أن تعزز ثقتك بنفسك وتعترف بخطئك وتعتذر لمن أخطأت بحقه؛ وذلك لأنَّ الاعتذار قوة وليس ضعفاً، فيمكن أن نخطئ جميعنا؛ لذلك تعلَّم أيضاً مسامحة الآخرين على أخطائهم.
  14. الابتعاد عن العزلة؛ وذلك لأنَّها تزيد من الاضطرابات النفسية ومن التفكير في الجوانب السيئة في الحياة، ومن ثمَّ تزيد حساسية الفرد تجاه محيطه؛ لذلك من الهام تطوير العلاقات الاجتماعية والانخراط بالمحيط بشكل أكبر.
إقرأ أيضاً: 10 طرق بسيطة لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

في الختام:

الأحاسيس والمشاعر لها دور كبير في حياتنا وليست هماً أو عبئاً علينا، وكل ما علينا فعله هو فهم مشاعرنا والعمل على التحكم بها والسيطرة على أنفسنا وإدارتها عند الانفعالات كي لا تسيطر مشاعرنا على عقولنا؛ وإنَّما نحقق التوازن بين عقلنا وعواطفنا في جميع مجالات حياتنا.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة