الكفاءة الذاتية: أنواعها وطرق قياسها

تُعَدُّ الكفاءة الذاتية أو ما يُعرَف بفاعلية الذات من أهم العوامل المؤثرة في أداء الفرد عموماً، فهي إحدى أبعاد الشخصية التي تحدد طبيعة الأفعال والسلوك الذي سيؤديه الفرد في مختلف المواقف الحياتية، فما هو مفهوم الكفاءة الذاتية؟ وما هي أنواعها؟ وكيف يمكن قياسها؟ سنتعرَّف إلى ذلك في هذا المقال.



أولاً: مفهوم الكفاءة الذاتية

انتشر مفهوم الكفاءة الذاتية مع نشر عالِم النفس "ألبرت باندورا" مقالاً بعنوان: "الكفاءة الذاتية نحو نظرية موحَّدة لتغيير السلوك الإنساني" وذلك في عام 1977.

وقد عرَّف "باندورا" الكفاءة الذاتية بأنَّها: "مجموعة الأحكام الصادرة عن الفرد، التي تُعبِّر عن معتقداته حول قدرته على تأدية سلوكات معیَّنة، ومرونته في التعامل مع المواقف الصعبة والمعقَّدة، وتحدي الصعاب، ومدى مثابرته على إنجاز المهمات المُكلَّف بها".

كما عرَّفها "شفارتر" في 1996 بأنَّها: "بُعد من أبعاد الشخصية متمثلة في قناعات ذاتية حول قدرة الفرد على التغلُّب على المهمات والمشكلات الصعبة التي تواجهه من خلال توجیه سلوكه ثم ضبطه والتخطيط المناسب له".

تعريف (Zimmerman ,2000): تُشير الكفاءة الذاتية إلى إدراكات الشخص لقدرته على تنظيم وتنفيذ الأعمال الضرورية للحصول على الأداء المحدَّد للمهارة من أجل تنفيذ المهمات والأهداف الأكاديمية مثل: الدرجات والتقدير الاجتماعي أو فرص العمل بعد التخرُّج، فكلها تتنوع بصورة واسعة في طبيعة ووقت إنجازاتها.

وعرَّفها "علاء شعراوي" بأنَّها: مجموعة الأحكام الصادرة عن الفرد، التي تُعبِّر عن معتقداته حول قدرته على القيام بسلوكات معيَّنة، ومرونته في التعامل مع المواقف الصعبة والمعقدة وتحدي الصعاب ومدى مثابرته على الإنجاز".

كما عرَّفها "أنور عبد الغفار" بأنَّها: "الإدراك الواقعي لإمكانات الفرد المعرفية والانفعالية والاجتماعية، وقدرته على حل المشكلات، ونمط تفكيره المُفضَّل، وثقته بنفسه، وبصيرته في التعامل مع النشاطات الحياتية المرغوبة والصعبة وكفاءة أدائه".

ومن خلال التعريفات السابقة يمكن تحديد أهم النقاط التي تدور حولها الكفاءة الذاتية:

  1. تعكس الكفاءة الذاتية ثقة الفرد بقدراته وبنفسه.
  2. تحفز الفرد على مواجهة مشكلاته وحلها بشكل سليم.
  3. توقعات الفرد حول أدائه للمهمات المختلفة.
  4. نقطة مرجعية لتقييم الفرد لأعماله.

ثانياً: أنواع الكفاءة الذاتية

1. الكفاءة الذاتية السلوكية:

وترتبط بالمهارات الاجتماعية بما فيها التواصل والتفاعل مع الأفراد الآخرين في المجتمع.

2. الكفاءة الذاتية المعرفية:

وترتبط بالأفكار والسيطرة عليها، فغالباً ما يؤثر تحديد الفرد لأهدافه الذاتية في تقييمه للقدرات التي يمتلكها، فكلَّما كان تقيم هذه القدرات مرتفعاً، ارتفع مستوى الطموح في وضع الأهداف وزاد الالتزام بتحقيقها.

3. الكفاءة الذاتية الانفعالية:

وترتبط بالعواطف والمشاعر وإدارتها والسيطرة عليها في مختلَف مواقف الحياة، فيكون الأفراد الذين يمتلكون تصوراً بنجاحهم في ضبط انفعالاتهم وعدم إثارة مشاعرهم تجاه الأحداث مهما كانت، هادئين هدوءاً أكبر من الأفراد الذين يعتقدون أنَّهم لا يملكون القدرة على إدارة مشاعرهم بالشكل الصحيح.

شاهد: تحدّي 30 يوم لتطوّر ذاتك بنجاح

ثالثاً: أبعاد الكفاءة الذاتية

حدَّد عالم النفس "ألبرت باندورا" ثلاثة أبعاد تتأثر فيها الكفاءة الذاتية؛ وهذه الأبعاد هي:

1. قدرة الكفاءة الذاتية:

ويُقصَد بها مستوى الصعوبة الموجود في المهمة المراد إنجازها، الذي يظهر عندما ترتب المهمات من الأسهل إلى الأصعب.

2. العمومية:

أي إمكانية نقل الكفاءة من موقف إلى موقف آخر مشابه له.

3. القوة:

قوة الشعور بالكفاءة الذاتية تُعبِّر عن القدرة المرتفعة في اختيار النشاطات التي سوف تُنجَز بنجاح.

رابعاً: مصادر الكفاءة الذاتية

1. الخبرات الشخصية "تجارب الإتقان":

أي تجربة الفرد الشخصية في تحقيق النجاح؛ إذ إنَّ تحقيق الفرد لأهدافه ولا سيما الصعبة منها يمنحه ثقة كبرى بنفسه.

2. خبرات الآخرين أو ما يُسمى التجارب غير المباشرة أو الخبرات البديلة:

رؤية الفرد لأشخاص آخرين قد حققوا أهدافهم، وهذه الأهداف مشابهة لأهدافهم الشخصية قد تمثل عاملاً محفزاً لهم لزيادة الاعتقاد لديهم بأنَّهم قادرون أيضاً على تحقيق أهدافهم، فملاحظة الآخرين وهم ينجحون، ترفع من الكفاءة الذاتية، وملاحظة فرد آخر يخفق، يؤثر سلباً في الكفاءة.

3. التحفيز الاجتماعي:

يؤدي المحيط العائلي والاجتماعي للفرد دوراً كبيراً في التأثير في كفاءته الذاتية، فكلمات التحفيز والإقناع والتشجيع للمثابرة والتطور تدفع الفرد إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيق النجاح.

4. استجابات الفرد الانفعالية:

تؤثر الحالة المزاجية للفرد وطريقة تعاطيه مع المواقف الحياتية المختلفة في كفاءته؛ لذا من الهام جداً التدريب على تحمُّل الضغوطات المختلفة وعلى إدارة المشاعر وضبطها.

خامساً: كيف يمكن تطوير الكفاءة الذاتية؟

1. التركيز في الحصول على الخبرات من خلال تجارب الإتقان: يمكن للفرد التدريب على القيام بالمهمات حتى بلوغ النجاح؛ إذ يصبح الفرد واثقاً بنفسه وبقدراته وإمكاناته بشكل كبير ويدفعه نحو اكتساب المزيد من الخبرات.

2. تجزئة المهمة الواحدة إلى مهمات فرعية عدَّة ليسهل القيام بها بنجاح، فالقيام بذلك يعمل على تذليل الصعوبات أولاً، وثانياً يخفف من التعب والإرهاق في القيام بالأشياء.

3. الإقناع الاجتماعي: من الطرائق الهامة في تقوية معتقدات الناس بأنَّ لديهم ما يلزم للنجاح؛ لذا، يمكن للفرد الاعتماد على الأشخاص المقربين منه، الذين يثق برأيهم وحكمتهم في الحياة، فسماع عبارات التشجيع والتحفيز له تأثير كبير في بذل المزيد من الجهد لبلوغ النجاح.

4. البحث عن الشخص القدوة: ملاحظة ومتابعة فرد ما يُحقِّق أهدافه بنجاح، يُعَدُّ طريقة فعَّالة في تحقيق الكفاءة الذاتية، ويمكن اتخاذه مثالاً يُحتذى به للسير نحو تحقيق الأهداف واكتساب الثقة بالنفس.

5. تعديل الأفكار والتخلُّص من الأفكار السلبية: يهدف الفرد إلى تحقيق النجاح في مجالات حياته كافة؛ لذا، يتعيَّن عليه تحسين طريقة تفكيره والتخلُّص من الأفكار السلبية التي تدفع الفرد إلى التعامل مع المشكلات التي تعترضه بطريقة سطحية خالية من المنطق؛ لذا لا بدَّ من اتِّباع التفكير الإيجابي الذي يقود إلى نتائج منطقية.

6. التدريب على السيطرة وإدارة المشاعر: إذ إنَّ القلق والتوتر والمشاعر السلبية الأخرى التي قد تصيب الفرد في المواقف المختلفة تؤثر في ثقته بنفسه وكفاءته عموماً؛ لذا، لا بدَّ من إيجاد الطرائق الكفيلة بالتخلص من هذه المشاعر.

7. تقييم الفرد لكفاءته كلَّما تقدم بالعمر.

8. بالنسبة إلى الأطفال تؤدي المدرسة دوراً هاماً في تكوين الكفاءة الذاتية؛ إذ تُعَدُّ المدرسة المكان الذي يُطوِّر فيه الأطفال الكفاءات المعرفية ويكتسبون المعرفة ومهارات حل المشكلات الضرورية للمشاركة بفاعلية في المجتمع الأكبر.

إقرأ أيضاً: 13 نصيحة لتطوير الذات وتنميتها

سادساً: طرائق قياس الكفاءة الذاتية

1. مقياس الكفاءة الذاتية العام (Gse):

بدأ استخدام هذا المقياس في عام 1955 ويتكون المقياس من 10 بنود صُنِّفَت على مقياس (1 "ليس صحيحاً على الإطلاق" إلى 4 "صحيح تماماً") وهذه البنود هي:

  • يمكنني دائماً حل المشكلات الصعبة إذا حاولت بجدية كافية.
  • إذا عارضني شخص ما، فيمكنني إيجاد الوسائل والطرائق للحصول على ما أريد.
  • من السهل عليَّ التمسك بأهداف وتحقيقها.
  • أنا واثق بأنَّني أستطيع التعامل بكفاءة مع الأحداث غير المُتوقَّعة.
  • يمكنني حل معظم المشكلات إذا بذلت الجهد اللازم.
  • يمكنني أن أبقى هادئاً عند مواجهة الصعوبات؛ وذلك لأنَّني أستطيع الاعتماد على قدراتي في التأقلم.
  • عندما أواجه مشكلة، عادةً ما أجد حلولاً عدَّة.
  • إذا كنتُ في مشكلة، فيمكنني إعادة التفكير في حل.
  • يمكنني التعامل مع كل ما يأتي في طريقي.
  • يمكنني معرفة أي شيء إذا حاولت بجد بما فيه الكفاية.

شاهد أيضاً: 7 مهارات اجتماعية تجعلك شخصاً محبوباً

2. مقياس الكفاءة الذاتية العام الجديد (NGSE):

يتكون هذا المقياس من 5 نقاط (1 = لا أوافق بشدة، 2 = أوافق، 3 = محايد، 4 = موافق، 5 = موافق بشدة).

3. استبيان الكفاءة الذاتية:

وُضِعَ هذا الاستبيان ليشمل كلَّاً من المعلمين والطلاب؛ إذ يتألف من 13 عنصراً على مقياس من 5 درجات، وهذه العناصر هي:

  • أستطيع أن أتعلم ما يُدرَّس في الفصل هذا العام.
  • يمكنني معرفة أي شيء إذا حاولت بجد بما فيه الكفاية.
  • إذا مارست مهارة معيَّنة كل يوم، يمكن تطوير أيَّة مهارة تقريباً.
  • مجرد أن أقرر إنجاز شيء هام بالنسبة إليَّ، أحاول تحقيقه باستمرار حتى لو كان أصعب مما كنت أعتقد.
إقرأ أيضاً: أسباب الإرهاق أثناء العمل وطرق التخلص منه

الخلاصة:

إنَّ الكفاءة الذاتية مفهوم ضمني يعطي ملخصاً عن ثقة الفرد بنفسه وقدرته على الأداء الجيد والنجاح بما يقوم به، فهي مفتاح النجاح الذي يملكه الفرد ويستخدمه لمواجهة المشكلات والتحديات ومختلف المواقف الحياتية التي يمر بها؛ لذا يجب البحث في السبل التي تدعم وتقوي هذه الكفاءة.

المصادر: حوراء عباس كرماش، الكفاءة الذاتية الأكاديمية المدركة لدى طلبة كلية التربية الأساسية في جامعة بابل، كلية التربية، جامعة بابل، العراق.

  1. وردة بلحسني وابتسام حدان، الكفاءة الذاتية المفهوم والبناء النظري، جامعة ورقلة، الجزائر.
  2. المرسال
  3. فلسفة الحياة وتطوير الذات   
  4. Self-Efficacy 
  5. تريندات 2022  



مقالات مرتبطة