الشركات العائلية: أنواعها ومشاكلها

يعجُّ عالم الأعمال بأنواع وأشكال وأحجام مختلفة من الوحدات الاقتصادية، وهي موزعة في كل البلدان، والتي تختص بعدد لا حصر له من المجالات والنشاطات الاقتصادية، بما فيها الشركات العائلية التي يدور حولها مقالنا هذا.



نجد أنواع عدة من الشركات، إلَّا أنَّ القوانين والتشريعات التجارية المحلية والعالمية، قد لا تتطرق إلى تسميتها بالمسمى العامي الشائع لها، وإنَّما تكتفي بتسميتها باسمها القانوني، مع وضع توضيح لاختصاصها ومعاييرها وكل ما يتعلق بها؛ فنجد مثلاً: المشروع الفردي (الشركة الفردية)، والشركات المساهمة العامة، وشركات التضامن، وشركات التوصية، والشركات ذات المسؤولية المحدودة، والشركات القابضة، وغيرها الكثير.

أمَّا بالنسبة إلى الشركات العائلية ذات الثقل النوعي الهائل، سواء في العالم العربي، أم في باقي بلدان العالم، فهي أحد أهم وأكبر أنواع الشركات التي يمكن الحديث عنها.

وعلى الرغم من انتشارها وأهميتها العظيمة بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، إلَّا أنَّها لم تأخذ بَعْد شكلها القانوني النهائي، على الأقل في العالم العربي.

ولمزيد من التوضيح عن الشركات العائلية، سنتناول النقاط التالية:

  1. مفهوم الشركات العائلية.
  2. أنواع الشركات العائلية.
  3. مشكلات الشركات العائلية.

مفهوم الشركات العائلية:

يمكننا استيضاح مفهوم الشركات العائلية من خلال التعريفات التالية:

فقد تُعرَّف على أنَّها تلك الأعمال التجارية التي تكون مملوكةً بالكامل لأسرة ما، أو ذاك العمل الذي يتشارك في إنشائه وتمويله فردان أو أكثر من العائلة نفسها، فيتملَّكونه تملكاً تاماً، ويسيطرون على الإدارة واتخاذ القرارات سيطرة حاسمة واحتكارية، بهدف ضمان الاستمرارية، وتوريثها للأجيال القادمة.

كما يمكن تعريفها بأنَّها شركة ذات مسؤولية محدودة، فهي بذلك لها خصائص وعيوب وميزات ذلك النوع من الشركات نفسها، ولكن متخذو القرار فيها هم المُلَّاك الذين ينتمون لعائلة واحدة، أو يجمعهم رابط القرابة.

فهي تلك الشركات التي تكون فيها نسبة ملكية العائلة الواحدة أكثر أو تساوي 51%، ويكون من أعضاء مجلس إدارتها اثنين أو أكثر من أفراد هذه العائلة.

كما يمكننا تصنيف شركة ما على أنَّها شركة عائلية، إذا حقَّقَت الشروط التالية:

  1. النسبة الفعَّالة للمساهمة في رأس المال من قِبل أفراد العائلة.
  2. النسبة الأكبر من حقوق التصويت في مجلس الإدارة مملوكة من قِبل أفراد العائلة.
  3. التوجه الاستراتيجي للشركة ككل، مملوك من قِبل أفراد العائلة.
  4. يوجد جيل واحد على الأقل مشارك في إدارة الشركة.
  5. نية أفراد العائلة على الاستمرارية في نشاط الشركة.
إقرأ أيضاً: الشركات: مفهومها، وأنواعها، وأهميتها

أنواع الشركات العائلية:

يوجد العديد من الأشكال للشركات العائلية، نعرض منها ما يلي:

1. الشركة العائلية البسيطة:

هي الشركة التي تركز نشاطها على نوع واحد من النشاطات الاقتصادية، ويتم فيها انتقال الملكية والقيادة إلى الابن الأكبر من كل جيل، وهكذا دواليك، ويكون دوره واضحاً، ويجسد من خلال هذا الدور التزام العائلة بضمان تحقيق النجاح للشركة، وبذلك لا تحتاج هذه الشركات إلى حوكمة معقدة، وإنَّما يتم تطبيق نظام إداري يتصف بالمركزية والمرونة.

2. الشركة العائلية ذات الإدارة المشتركة:

في هذا النوع من الشركات العائلية، يكون مجلس إدارتها فيه العديد من أفراد العائلة، بحيث يشاركون في الإدارة والملكية معاً، وينافسون غيرهم للحصول على ما لا يتناسب مع مؤهلاتهم.

3. الشركات العائلية متنوعة الأعمال:

يتصف هذا النوع من الشركات العائلية بوجود عدد محدود من أفراد العائلة الواحدة، وتكون نشاطاتها الاقتصادية متنوعة ومعقَّدة إدارياً، وذات نشاط واسع في الأسواق الكبيرة، فيأخذ المؤسس على عاتقه مهمة ضمان استمرارية الشركة، عن طريق جذب المواهب المتميزة من غير أفراد العائلة.

وذلك لأنَّه مدرك بأنَّ نضج الشركة يحتاج إلى مؤهلات إدارية فائقة لتطويرها، ويسعى أيضاً إلى إضفاء الطابع المهني على أعمال الشركة، بهدف الحد من اعتمادها على أفراد العائلة فقط.

4. الشركات العائلية ذات الطابع الأسري والتجاري المعقد:

يغلب على هذا النوع من الشركات العائلية اعتمادها على الاستثمارات الكبيرة والمعقَّدة، على أن تمتد إلى أكثر من 3 أجيال متعاقبة، وتدعو إلى تأييد إشراك الأجيال الجديدة في الشركة، من أجل تطويرهم في مجال ريادة الأعمال، وما يحمله ذلك لهم من تطوير لمؤهلاتهم الإدارية، بالإضافة إلى زيادة الترابط المتين للعائلة.

وهذا النوع من الشركات العائلية قد يحتاج إلى أنظمة حوكمة متطورة، قادرة على وضع الاستراتيجيات المناسبة لقيادة أعمالها وتحفيز المواهب القيادية.

إقرأ أيضاً: كيف تنجح في تطوير القيم الجوهرية لشركتك وتتأكد من تطبيقها؟

مشكلات الشركات العائلية:

من الواضح والجلي أنَّ الشركات العائلية تتمتع بميزات عدة وإيجابيات متنوعة؛ وذلك عند مقارنتها بالأنواع الأخرى من الشركات، وأهم العوامل التي تضعها بتلك المرتبة هو تركيزها على الأمد الطويل، بالإضافة إلى التزامها بتقديم أفضل جودة ممكنة لرفع اسم العائلة، وأيضاً الرعاية والاهتمام بالموظفين.

لكن كل ذلك لا يضمن لها عدم مواجهة مجموعة من المشكلات والتحديات التي تنتج أساساً عن تداخل قضايا العائلة مع الأعمال، ومن أهم هذه المشكلات:

  1. عدم توفر المواهب الإدارية، مما يؤدي إلى خسارتها لفرص ذات قيمة عالية.
  2. هيمنة مؤسس الشركة وسيطرته على جميع التفاصيل.
  3. مقاومة الشركة للتغير، وعدم انتقالها لمراحل متقدمة أكثر حداثةً وتطوراً.
  4. الإفراط في الإدارة، مما يؤدي إلى التفريط في القيادة والحكم والتوجيه، ويترافق مع افتقار أفراد العائلة إلى القواد والسياسات الكافية.
  5. الصراع على السلطة والإدارة، ونشوب الخلافات والمشاجرات؛ وذلك بسبب عدم وجود شروط تحدد مواصفات الشخص الأحق بمنصب معيَّن.
  6. التأثير المباشر في العلاقات الشخصية بين أفراد العائلة؛ وذلك بسبب انتقال الخلافات من الشركة إلى المنزل.
  7. الافتقار إلى الخصوصية الشخصية عند أفراد العائلة؛ وذلك بسبب وجودهم مع بعضهم أغلب الأوقات، مما يسبب لهم الضيق.
  8. عدم رضا باقي الموظفين في الشركة وكثرة تذمرهم؛ وذلك بسبب المحسوبية التي يتعامل بها معهم أفراد العائلة المالكة.
  9. عدم وجود تخطيط استراتيجي لأهداف الشركة؛ وذلك بسبب عدم كفاءة الإدارة التنفيذية.
  10. عدم وضع الحدود والقوانين التي تفصل الملكية عن الإدارة في بعض المواقف التي تحتاج ذلك.
  11. عدم وجود هيكلية إدارية ومالية ومحاسبية سليمة في الشركة.

 وفي الختام، يجب علينا التأكيد على أهمية ودور الشركات العائلية في دوران العجلة الاقتصادية في أي بلد من بلدان العالم، لما لها من تأثير في جميع المجالات الاقتصادية، وقد يصل تأثيرها أحياناً إلى القضايا السياسية والإنسانية؛ وذلك بسبب ثقلها النوعي في البلاد، والمرجعية القوية والراسخة لدى القيادات السياسية والاجتماعية التي تكون مكان القيادة واتخاذ القرارات الهامة والمصيرية في البلد.

ويجب التنويه إلى أنَّ هذا المقال حول الشركات العائلية، ما هو إلا بداية لمقالات أخرى، نتحدث فيها عن جوانب عدة ومتنوعة تخص هذا النوع من الشركات، ونلقي الضوء من خلالها على بعض الحلول المقترحة لحل مشكلاتها، مع ذكر أمثلة عن أكبر وأهم الشركات العائلية على مستوى العالم، وعلى مستوى البلدان العربية أيضاً.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة