الخوف من الوقت هو السبب الأساسي لجميع المشاعر السلبية

كل شخص لديه أمر أو بعض الأمور التي يخاف منها، وعادةً ما تكون هذه المخاوف تخص الشخص نفسه دون غيره، ومع ذلك، نحن نشترك جميعنا بخوف واحد وهو الخوف من نفاد الوقت.



نحن لا نتحدث عن رهاب النظر إلى الساعات أو الخوف من رنين المنبه عند الساعة السادسة صباحاً؛ بل نتحدث عن الخوف من استنزاف الوقت، إنَّه خوف من الموت أو خوف من نفاد الوقت.

يناقش هذا المقال فكرة أنَّ كل قلق أو توتر تشعر به ينبع من الخوف من الوقت الضائع؛ إذ تفشَّى هذا الخوف العالمي في جميع أنحاء مجتمعنا، ويؤثر في الناس تأثيراً أعمق بكثير ممَّا يتصورون.

وقد لا تصدق هذا الأمر، حسناً، واصل القراءة لكي تُدرِك أنَّ جميع مخاوفك متشابكة، وستعرف أيضاً كيفية التعامل مع السبب الأساسي والشائع وراء هذا الخوف، وتتمكن بعد ذلك من القضاء على مشاعرك السلبية؛ إذ سنناقش في هذا المقال:

  1. لماذا يُعَدُّ الوقت أثمن مواردنا؟
  2. لماذا نخاف من الوقت؟
  3. كيف يتحول خوفك من الوقت إلى خوف من الموت؟
  4. طرائق التغلب على خوفك من الموت.

لماذا يُعَدُّ الوقت أهم مواردنا؟

إنَّ أول أمر يجب علينا القيام به هو عدُّ الوقت مورداً؛ فوفقاً لقاموس "ويبستر" (Webster): "المورد هو مخزون أو إمداد بالمال والمواد والموظفين والميزات الأخرى، التي يمكن للشخص أو المنظمة الاعتماد عليها من أجل العمل بفاعلية".

ويندرج الوقت تحت هذا التعريف؛ إذ يمكن للشخص أن يعتمد على وقته ليعمل عملاً فعَّالاً، وبالإضافة إلى ذلك، إنَّ الوقت له قيمة؛ فإذا كنت موظفاً، فأنت تقايض وقتك حرفياً مقابل المال؛ لذلك، بحسب تعريف "ويبستر"، يمكن تصنيف الوقت مورداً دون تردد.

لكن يوضح لنا هذا التعريف في حد ذاته مشكلة في طريقة تقديرنا لمواردنا، فقد كان المال والأدوات أول مصدرين ذكرهما قاموس "ويبستر"، ويبدو الأمر متوقعاً، فلقد اعتدنا التفكير في أنَّ المال هو أثمن مواردنا، لكنَّه ليس كذلك؛ فالمال والأدوات قابلان للتجديد، أما الوقت فهو غير متجدد.

ويُستنزَف الوقت باستمرار، ولا يمكنك استعادة الوقت الضائع؛ إذ ستكون دائماً قادراً على جني مزيدٍ من المال، لكن لن تستطيع كسب مزيدٍ من الوقت؛ لذلك، مع أنَّ الوقت يُعَدُّ من أهم الميزات غير الملموسة وسريعة الزوال، إلا أنَّه أثمن مواردنا، ويجب ألا يُقدَّر الوقت بثمن، فهذا أمر محزن بالنظر إلى سهولة ضياعه.

إقرأ أيضاً: النجاح في إدارة الوقت: 8 خطوات كفيلة بإدارة وقتك والتخلّص من التسويف

لماذا نخاف من الوقت؟

يأتي خوفنا من الوقت من حقيقة أنَّه محدود، وسنكون أقل خوفاً من ضياع الوقت المتاح بين أيدينا لو كانت لدينا فرصة لكسب مزيدٍ منه، لكنَّنا لا نملك هذه فرصة، الأمر الذي يجعل من مرور الوقت حدثاً مقلقاً جداً بالنسبة إلينا بصفتنا بشراً.

تخيَّل حبات الرمل تتساقط ببطء عبر عنق الساعة الرملية، وتخيَّل الآن أنَّ هذه الساعة تُمثل حياتك؛ إنَّه أمر مخيف، أليس كذلك؟ هذا هو التشبيه المثالي لخوفنا من الوقت، فنحن نشعر بالخوف حينما نرى الوقت ينقضي ونحن نشاهد تلك الساعة، سواء أدركنا ذلك أم لا.

لذلك، فإنَّ خوفنا من الوقت هو في الحقيقة خوف من ضياعه، ومن أنَّنا لا نستفيد من الوقت المتاح أمامنا لأقصى حد ممكن، وهذا الخوف هو نتيجة مباشرة لحقيقة أنَّ الوقت غير متجدد؛ فإنَّ الوقت أمر أساسي، مثله مثل الماء أو الهواء، فإذا علمت أنَّ الهواء الذي تستطيع تنفسه لا يكفيك سوى للعشرين عاماً القادمة، فإنَّك ستأخذ أنفاسك بحكمة؛ فلماذا إذاً لا نتعامل مع وقتنا بنفس الطريقة؟

شاهد بالفيديو: 8 علامات تشير إلى أنَّك لا تدير وقتك بشكل فعّال

كيف يتحول خوفنا من الوقت إلى خوف من الموت؟

الموت هو التاريخ المحدد للنهاية، ومن الناحية المالية، نسمي ذلك بالقيمة النهائية أو الأجل، ويمثل الموت نهاية الزمن كما نعرف؛ لذلك، في حال كنَّا نخشى إضاعة الوقت، فإنَّ خوفنا المطلق يصل إلى ذروته عندما تسقط آخر حبة رمل في ساعتنا الرملية الشخصية.

لكن نحن نخشى الموت لأنَّه بمنزلة الساعة التي تمثِّل مباراة الحياة، وبخلاف ساعة المباراة، فإنَّ مقدار الوقت الذي نمتلكه غير معروف تماماً بالنسبة إلينا.

مثال عن خوفنا من الموت:

إنَّ "ليبرون جيمس" (Lebron James) لاعب كرة سلة استثنائي، ويمكن القول إنَّه أفضل لاعب كرة سلة على مر العصور، لكن يوجد جدل في هذا الأمر؛ لذلك عليه أولاً تجاوز "مايكل جوردان" (Michael Jordan)، وليفعل ذلك، يجب عليه إضافة عدد قليل من البطولات إلى سيرته الذاتية.

وقد بدأت تصيب "ليبرون" اللعنة البشرية التي تُعرَف بالعمر؛ فهو يكبر في السن ويقترب وقت هيمنته وسيطرته من الزوال ببطء، ولم يعد أمامه سوى بضع سنوات ليترك إرثاً، ويمكننا القول إنَّ "ليبرون" يشعر بالضغط؛ إذ يوجد شعور بالاستعجال في الطريقة التي يلعب ويتحدث بها.

والآن، تخيَّل للحظة أنَّ جسم الإنسان لا ينهار أبداً، وتخيَّل أنَّ الرياضيين مثل "ليبرون" لديهم وقت غير محدود لبناء سيرة ذاتية، ألا تظن أنَّه لن يكون مستعجلاً جداً؟ أليس ممكناً أنَّه سيكون أكثر استرخاءً؟ ألن يتعامل مع مسيرته تعاملاً مختلفاً تماماً؟

بالعودة إلى موضوعنا: يتجلى الخوف من الوقت في خشية الموت، وباستثناء التقدم في العمر المهني، إنَّ الشعور بالإلحاح الذي يشعر به "ليبرون" هو نفس الشعور بالإلحاح الذي نشعر به كل يوم، فإنَّ استعجالنا يأتي من التاريخ المطلق المحدد للنهاية؛ أي الموت.

لذا، فكر في الأمر، لماذا أنت مُصِر على الحصول على هذه الترقية الآن وليس فيما بعد؟ ولماذا تريد أن تُطلِق شركتك اليوم وليس غداً؟ ربما لأنَّك تعلم أنَّك لن تمتلك كثيراً من الوقت لتتمكن من تحقيق النجاح الذي تطمح إليه إلا في حال بدأت اليوم.

لنفترض الآن أنَّك تمتلك وقتاً غير محدود، وأنَّه لا يوجد شيء يُدعى الموت، هل ستشعر بنفس الضغوطات للحصول على تلك الترقية أو إطلاق تلك الشركة؟ ربما لا؛ وذلك لأنَّه في حال لم يوجد موت يمكنك دائماً أن تفعل ما تريده غداً، ولن توجد عقوبة لكونك كسولاً أو لسوء تنظيم وقتك.

لكن لا يمكنك أن تفعل ما تريده غداً؛ إنَّما يجب عليك أن تفعل ذلك اليوم، أو أن تخاطر بضياع الحياة التي تريد أن تعيشها، وكما تلاحظ، يمثِّل الموت نهاية مسيرتنا المهنية، ومثل "ليبرون" نحن عازمون جداً على بناء سيرتنا الذاتية قبل أن نغادر الحياة.

شاهد بالفيديو: 6 أسرار لإتقان إدارة الوقت

طرائق التغلب على خوفك من الموت:

إنَّ خوفنا من الموت هو في الواقع الدافع الرئيس لنجاحنا، ونحن نملك فرصة جيدة لنحقق مزيداً من الإنجازات إذا تمكَّنَّا من تغيير منظورنا لنتقبل فكرة الموت، بدلاً من أن نهرب منه.

وذلك لأنَّ أجل حياتنا يمنحنا شعوراً بالإلحاح؛ إذ إنَّ معرفتنا أنَّ وقتنا محدود وجهلنا متى ينفد، يمنحنا حافزاً، ويساعدنا على ركوب المخاطر، كوننا لا نمتلك الوقت الكافي للسعي في الطريق الآمن للوصول إلى القمة، وإنَّ الشعور بالإلحاح يحثنا على التصرف العفوي اليوم بدلاً من انتظار الغد الغامض.

وقد يُثير شخص مثل "ليبرون" الحماسة فينا، ويشجعنا على بناء سيرتنا الذاتية لأنَّنا ما زلنا نستطيع ذلك، ويمكن أن تتضمن هذه السيرة الذاتية أيَّ شيء، سواء كان هدفاً محدداً أم شعوراً تريد اختباره أم رحلة ممتعة أم طموحاً وظيفياً جاداً.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح هامة لاستثمار الوقت بشكل فعّال

الخلاصة:

بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يعرفون، يُحسَب مؤقت التسديد في كرة السلة كل استحواذ للكرة، وهذا يُجبر خط الهجوم على مهاجمة السلة وتحقيق نقاط، ولم يوجد مؤقت للتسديد في كرة السلة من قبل، وقد كانت اللعبة بطيئةً ومملةً، ولكن بعد ذلك أُضيف هذا المؤقت، وزادت شراسة اللعبة وشدتها 10 أضعاف، إن لم يكن أكثر.

إذا لم توجد ساعة في الحياة، فسنلعب لعبة الحياة لعباً مختلفاً كثيراً، وستكون مملةً مثل لعبة كرة السلة دون المؤقت، ولن يوجد سبب للتحرك أو لمنح أهمية للحظة؛ وذلك لأنَّه يمكنك دائماً القيام بذلك غداً، لكنَّك إن كنت ترغب في إنجاز الأمور اليوم وليس غداً، سينبغي عليك النظر إلى الموت على أنَّه صديقك وليس عدوك.

المصدر




مقالات مرتبطة